كيف نستعد لرمضان

خطبة الجمعة

الشيخ: محمد أبو النصر
التاريخ: 25/ شعبان /1436هـ
الموافق: 12/ حزيران/2015م
في أحد مساجد حلب المحررة
المدة: 24 دقيقة

الأفكار الأساسية الواردة في الخطبة الأولى
1- التهنئة باستقبال رمضان وأسباب الاستبشار بمقدمه.
2- إِلاَّ الصَّوْمَ فَإنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ.
3- الصوم سِرٌ بين العبد وربه، ولا يكون إلا من مؤمن.
4- أهم فوائد الصيام على الجسد والروح والنفس والهمَّة.
5- من ليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامه وشرابه !!

الأفكار الأساسية الواردة في الخطبة الثانية
6- كيف يكون الاستعداد لرمضان؟؟
7- وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا
8- رمضان الذي يروجون له … ورمضان الذي يريده الله منّا
9- قصيدة ( يا ذا الذي ما كفاهُ الذنب في رجب)
رابط الخطبة على صفحة الفيسبوك

لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF

لتحميل الخطبة صوتيا بصيغة MP3

* ملاحظة: ما بين معكوفتين [ ] فهو شرح مُدرج في سياق ذِكرِ الدليل.

الخطبة الأولى:
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ونستهديهِ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَنَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ نبيّنا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، أَرْسَلَهُ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًّا إلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا، فَهَدَى بِنُورِهِ مِنْ الضَّلالَةِ، وَبَصَّرَ بِهِ مِنْ الْعَمَى، وَأَرْشَدَ بِهِ مِنْ الْغَيِّ، وَفَتَحَ بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا، إذ بلَّغَ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصحَ الأمَّةَ، وكشف اللهُ بهِ الغُمّة وجاهدَ في اللهِ حقَّ جهادِه، وَعَبَدَ ربَّهُ حتى أتاهُ اليقين، فجزاه الله عنَّا أفضلَ ما جزى نبيًّا عن أمته وصلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أمّا بعد عباد الله.

يقول الله تعالى وهو أحكم القائلين: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)) (البقرة:185-186)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – قَالَ: لَمَّا حَضَرَ رَمَضَانُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -: ” قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا، فَقَدْ حُرِمَ “.[أخرجه أحمد والنسائي بإسنادٍ صحيح]

إخوة الإيمان: كيف لا يستبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان؟ كيف لا يستبشر المذنِبُ بغلق أبواب النيران؟ كيف لا يستبشر العاقل بوقتٍ تُغلُّ فيه الشياطين؟ أيّ زمانٍ يُشبه هذا الزمان؟

أي زمانٍ تُضاعف فيه الحسنات؟ وتزداد فيه البركات؟ وتغفَر فيه السيّئات كهذا الزمان؟

هذا الشهر الذي افترض الله صيامه وسنَّ نبيُّه قيامه، وعَظُمَ أجر ذلك فيه

ورَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» البخاري

وفي مسلم ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»

وعن أَبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قَالَ : قَالَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْماً في سَبِيلِ اللهِ إِلاَّ بَاعَدَ اللهُ بِذَلِكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفَاً” [والحديث متفقٌ عَلَيْهِ].

وفي البخاري ومسلم واللَّفظ لمسلم، يقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ((كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يضاعَفُ، الحسنةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِئَةِ ضِعْفٍ. قَالَ الله تَعَالَى: “إِلاَّ الصَّوْمَ فَإنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ؛ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أجْلِي”. للصَّائِمِ فَرْحَتَانِ : فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ. وَلَخُلُوفُ فِيهِ أطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ )).

كيف لا يكون هذا إخوة الإيمان؟ وكيف لا يكون جزاءُ الصائم لا يعلمه إلّا الله وحده؟ والصيام سرٌّ بين العبد وربِّه لا يطلع عليه غيره، لأنّه مركَّبٌ من نيَّة باطنة لا يطلِع عليها إلا الله، وتركٌ لتناول الشهوات التي يُستخفى بتناولها عادةً.

إخوة الإيمان: إنّ اشتداد توقان النفس إلى ما تشتهيه مع قدرتها عليه، ثمَّ ترك ذلِكَ لله وحده في موضع لا يطَّلِعُ عليه إلَّا الله. لهو من أعظمِ الأدِلَّةِ على صحة الإيمان، فالصائم يعلم أن له ربَّا يطَّلِعُ عليه في خلوته، وقد حرَّم عليه شهواته من الطعام والشراب والجماع، فأطاع ربَّه وامتثل أمره، واجتنب نهيهُ خوفًا من عقابه، ورغبةً في ثوابه، فشكر الله تعالى له ذلك، واختص لنفسه عمله هذا من بين سائر أعماله يجزيه الله بما هو أهلُه

إخوة الإيمان ونحن نتحدَّثُ عن الصيام لابدَّ أن نعلم أنَّ الصيام مدرسةٌ عظيمة يربِّي الله فيها عباده المؤمنين ويدربهم ليكونوا بحق أهلا لعظام الأمور ليكونوا أهلا لنصرة الله سبحانه، ولو أردنا أن نحصي فوائد الصيام على الجسدِ والروحِ والنفسِ والهمَّة والعزيمة لما وسعتنا ساعاتٌ في ذلك، ولكنَّ من أهمِّ تلكَ الفوائد: كسر النفس، وتعويدها على عدم التطلع والسعي لكلِّ ما تشتهيه، فإن الشبع والري ومباشرة النساء تحمل النفس على الأشر والبطر والغفلة، فيغفل عن ربِّه.

ومن ذلِكَ أيضًا: تخلِّي القلب للفكر والذكر، فإن تناول هذه الشهوات قد تقسي القلب وتعميه (وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا)

ومن أهمِّ ما في الصيام من فوائد: أنك أيُّها الغني تتعرف إلى قَدْرِ نعمة الله سبحانه وإلى عظيمَ امتنانه عليك، عندما تعاين وتُجرِّبُ حال من يجوع أو يعطش أو يبقى عازِبا، فكم من فقراء المسلمين يقضي يومه جائعا لا يجد ما يسدُّ به رمقه، وكم ممن أصابهم المحل والقحط لا يجد أحدهم في اليوم كأس ماء، أين أنت من التعرف على عظيم نعمة الله ؟ أين أنت من التعرف على عظيم نعمة الله عندما تترك شهوتك لله ساعاتٍ لا تكتملُ نهارًا كاملا فتشعرُ بشعورٍ ذلك الشاب وتلك الفتاة ممن لا يجدون إلى الزواجِ سبيلا ، عسى الله أن يدفعك أيُّها الغني لتعين شابًّا على الزواج أو تيسر عليه إن خطب مِن عندك، فتسهِّل زواج ابنتك وتخفِّفَ عنه وعنها ما بهما من ضنك وتوقٍ للزواج
ومن فوائد الصيام أيضًا: أن الصيام يُضيِّقُ مجاري الدم التي هي مجاري الشيطان من ابن آدم، فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فتسكن بالصيام وساوس الشيطان، وتنكسر سورة الشهوة والغضب، ولهذا قال النبي – صلى الله عليه وسلم – (الصوم وِجاء) أي عن الشهوة.

ولنعلم عباد الله أن التقرب إلى الله تعالى بترك هذه الشهوات المباحة في غير حالة الصيام إلا بعد التقرب إليه سبحانه، بترك ما حرَّم الله في كل حال من الكذب والظلم والعدوان على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، ولهذا قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: (من لم يدع قولَ الزورِ والعملَ به فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامه وشرابه) [أخرجه البخاري]

فما بالنا إخوة الإيمان بحال من يصوم ويفطرُ على ما حرَّمَ الله ؟!! يصوم عمّا أحل الله، ويفطر على ما حرَّم الله، ويقضي يوم صومه فيما حرَّمَ الله، أيظنُّ ذلك أنَّ دعاءه يُستجاب وأنَّ صيامه سيُقبل !!؟ ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – حدّثنا عن ذلك الذي يطيل السفر، يمد يديه إلى السماء: يقول: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذّي بالحرام، فأنى يستجاب له!!

اللهم اجعلنا ممن يُحسنون الصوم وارزقنا توبةً نصوحة تبلِّغنا بها رمضان وأنت راضٍ عنَّا ، اللهم أعنّا في رمضان على الصيامِ والقيامِ وغضِّ البصر وحفظِ اللسان برحمتك يا حنَّان يا منَّان …

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفا وصلاةً وسلامًا على عبده الذي اصطفى عباد الله، خير الوصايا وصيّة رب البرايا:
(وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء:131]، فاتقوا الله عباد الله، فبتقوى الله العِصمة من الفتن، والسلامة من المِحَن.

إخوة الإيمان: وقد تحدَّثنا كيف كان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يزف لأصحابه البشرى بقدوم رمضان… يزفُّ لهم البشرى بقدوم الحبيب الذي طال انتظاره، حتى استبدَّ الشوق بالقلوب، أتاك الحبيب وقد علمت بموعد قدومه. فيا ترى كيف تستعدُّ لاستقبال هذا الضيف الحبيب الكريم، بل كيف كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يستعد لهذا الموكب الكريم؟

رسول الله- صلى الله عليه وسلم – كان يكثر الصيام في شعبان استعدادًا لرمضان رسول الله- صلى الله عليه وسلم – والصحابة – رضي الله عنهم -كانوا إذا دخل رمضان يعتكفون على مصاحفهم ويتهيَّؤن لها للإكثارِ من وردهم لا لأنهم كانوا يهجرون كتاب الله سائر العام

رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وصحبُهُ الكرام كانوا يستغلُّون رمضان وما فيه من مضاعفة الحسنات بالإكثارِ من القرُبات فقد روى البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: “كَانَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – أَجْوَدَ النَّاسِ بِالخَيْر، وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، لِأَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، حَتَّى يَنْسَلِخَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- القُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ أَجْوَدَ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ”

إخوة الإيمان لابدَّ لرمضان من استعداد ولابدَّ له من تهيُّؤ، ليس في المحلّات والبقّاليات للاستكثار من شراء ألوان الطعام والشراب …

الاستعداد لرمضان يكون من الآن بإكثارِ الدعاء لكي يبلِّغنا الله رمضان ولكي يعيننا على صيامه وقيامه وأن يتقبل ذلك منا.

الاستعداد لرمضان يكون بالتوبة : فإنَّ المولى -سبحانهُ- يقول : (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور: 31] فلا فلاح ولا قبول مع الإصرار على المعاصي.

عندما نتحدَّثُ عن الاستعدادِ لرمضان فنحن نتحدَّث عمَّن يستعدُّ لفعل الخير بتحضير ما سينفقه في رمضان

عندما نتحدّث عن الاستعداد لرمضان نتحدَّث عن الاستعداد لقيام الليل ولو بركعات قليلة.

الاستعداد لرمضان يكون بالتنافسِ في كسب الأجر وتحصيل الحسنات والله تعالى يقول:
(وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)[آل عمران: 133]

عندما نتحدَّث عن الاستعداد لرمضان فنحن نتحدَّث عن التوبة والتقوى لأن الله تعالى يقول: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) لذلك كان الصحابة – رضي الله عنهم – وكانوا يتفرغون في هذا الشهر للعبادة والطاعة والجهاد ويقلِّلون الكلام في غيرِ طاعةِ الله وذكره وتلاوة كتابه.

أيها الأخوة الكرام، نحن عندما نذكرُ هذا في مطلع قدوم شهر رمضان فما ذاك إلا لأننا نعلم من خلال ما يحيط بنا، من البيئة التي نعيشها، سوءَ العادات والتقاليد التي ألِفناها ونألفها في شهر رمضان فأصبح رمضان عندنا شهر السهرات، شهر الولائم، شهر المسلسلات، شهر الأعمال الفاجرة التي يسمونها أعمالًا فنية، تلك التي تصنع خصيصاً لرمضان…

نعم، تُصنع خصيصا لصرف الناس عن العبادة والطاعة والجهاد، لصرفهم عما يريده الله منَّا في رمضان!!

(وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا) (النساء:27)

فالله يريد رمضان منَّا: شهر عبادة، شهر إنابة، شهر تقوى، شهر قرآن، شهر إنفاق، شهر قرب، شهر غزوات وفتوحات وانتصارات، هكذا أراده الله عز وجل منّا أن يكون، أراده لنا فُرصةً نصطلح فيها مع الله، ونفتح معه صفحة جديدة

وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا، يريدونه شهر مسلسلات، شهر أغاني، شهر أفلام، شهر فوازير، شهر فجور ومجون، شهرَ طعامِ وشراب، فقط ننقلُ فيه طعامنا من العصرِ إلى المغرِب

(وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا) (النساء:27)

أيها الإخوة الكرام، هذه العادات تكبِّلُنا، وتعيق انطلاقنا إلى الله عز وجل.

إخوة الإيمان متى نصوم كما أراد الله، متى نرقى كما أراد الله، متى ندع قول الزور والعمل به، متى نكف عن الغيبة والنميمة، متى نغضُّ أبصارنا عمَّا حرَّم الله، متى ننتقل للعبادة الحقيقية – عبادة المؤمنين – ونكف عن العبادة الشعائرية التي غدونا فيها نقلد اليهود والنصارى ، حتى يكون صيامنا مقبولا وحتى نرى أثر رمضان وحتى يتقبله الله منّا وحتى يستجاب لنا فيه، عسى الله أن يكتب لنا فيه فتحًا مؤزَّرا ونصرا قريبا عاجلا ويكشف عنّا ما نحن فيه

طريقان لا ثالث لهما طريق (الله) طريقُ التوبة والغفران والعزِّ والنصر أو طريق الذين يتبعون الشهوات ويريدون منا أن نميل ميلا عظيما طريق الفجور والمعاصي، طريقُ الذلِّ والهزيمةِ والخُسران المُبين
فلتحددوا إخوة الإيمان خياركم ولتستعدوا لشهركم، أطيعوا ربكم يكشف ما حلَّ بكم

يا ذا الذي ما كفاهُ الذنب في رجب … حتى عصى ربَّه في شهرِ شعبانِ

لقد أظلَّك شهرُ الصومِ بعدهُما *** فلا تصيرنَّهُ أيضًا شهر عِصيان
واتل القران وسبِّح فيه مجتهدًا *** فإنَّه شهر تسبيحٍ وقرآن
فاحمل على جسدٍ ترجو النجاةَ له *** فسوف تُضرَمُ أجسادٌ بنيرانِ

اللهم إنّا نعوذ بك من سخطك والنار ونسألك رضاك والجنّة…

إنِّي داعٍ فأمِّنوا

0%

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *