خطبة الجمعة التي نحلم بها
بقلم: محمد بايزيد
عن خطبة الجمعة أتحدث:
شخصياً سئمت من حضور خطب جمعة مكررة ومستهلكة.. سئمت من رؤية الوجوه الناعسة.. سئمت من عدّ تثاؤبات الحضور والتهاء الناس بجوالاتهم وتسابقهم للأماكن التي تمنحك ميزة الاستناد إلى الحائط أو العمود وغيرها من فرص النوم المميزة!
وسئمت كذلك من اعتبار بعض الخطباء أن الناس جهلة وعلى خطأ وضلال وهذا سبب عدم اهتمامهم!
خطبة الجمعة هي حدث استثنائي فريد يجتمع فيه جميع المسلمون في مكان واحد، وهي فرصة استثنائية لحصول حوار مجتمعي إصلاحي، لمناقشة قضايا الساعة وتوحيد الصفوف واستنهاض الهمم ووضع خطط استراتيجية وتكتيكية لمسلمي المدينة أو القرية أو الحيّ لما يمكن فعله في الفترة القادمة لتنمية المجتمع وإصلاحه.
الجميع يجلس بصمت وإصغاء وهدوء لما سيقوله الخطيب، فإذا به يردد كلاماً عاماً شاملاً مكرراً ليصاب الجميع بالنعاس والسأم!
النبي عليه أفضل الصلاة والتسليم قام بأفضل ما يمكن أن يتم في عصره، وقف في مكان عال وخطب في الناس، فهل يعقل وبعد 14 قرناً أننا لم نحسن تطوير هذا الأمر مستفيدين من التقنية وبما يناسب عصرنا؟!
تخيلوا لو أن الخطيب يستخدم “الداتا شو” في كل خطبه فإذا تحدث عن أمر ظهر على الشاشة إنفوغرافكيس (Info Graphics) متحرّك وجذّاب يشرح ما يودّ إيصاله إلى المصلّين، تخيلوا مقدار الاهتمام الذي سيحدث! الجميع سيحرص على حضور الخطبة من بدايتها تماماً كما يحرصون على دخول السينما قبل بداية الفيلم!
تخيلوا لو أن الخطيب قام بعرض فيديوهات تعرض للمصلّين مثلاً ما يحدث في سوريا أو العراق أو غزّة أو مصر أو اليمن وغيرها، فيديو مصنوع بحرفية وبشكل مكثّف ومدروس ليختصر كل الصراخ والعويل في دقيقة واحدة، ثم يعلّق بعدها الخطيب على ما تم عرضه مخاطباً نفوساً ووجوهاً متأثرة!
تخيلوا لو أن إضاءة المسجد تخفت قبل بداية الخطبة وتحلّ إضاءة أقوى مركّزة على الخطيب، تماماً كالسينما، عزل إضاءة يجعل العيون تتجه أتوماتيكياً للخطيب (المضيء كالشاشة) بدلاً من العيون التائهة في كل مكان ما بين السجادة وأرجل المصلّين وأوجه النائمين.
تخيلوا لو استخدمنا بوابات لعدّ المصلّين (تماماً كمحطة المترو أو بوابات المتاحف)، بحيث يظهر للمصلّي قبل دخوله للحرم (أو أحد توسعاته) عدد الأماكن المتبقية بدلاً من “حشر” المزيد في مكان لا يحتمل أو المشهد التقليدي لمصلّين يدخلون الحرم ويدعسون على أرجل المصلّين ثم لا يجدون مكاناً ويخرجون أو يحشرون أنفسهم في مكان يزعج جميع الجيران!
تخيلوا لو تصلنا رسائل على الجوّال قبل عدة أيام بموضوع خطبة الجمعة في المساجد المحيطة بنا (أو المساجد التي اشتركنا بها)، لتختار أخي المصلّي الخطبة التي يشّدك موضوعها فالناس أطباع!
تخيلوا لو أن هناك مسابقة لأفضل خطبة وأفضل محتوى وأفضل عرض، ليتسابق الخطباء على مدار العام للحصول عليها، فالجوائز والمسابقات تنمّي حس التنافس وتدفع الخطيب لبذل أفضل ما عنده، أما الوضع الحالي فلا يدعو إلى أي تطوير فالمصلين (المعاقَبين) سيأتون إلى الجامع على أية حال ولو قرأ لهم الخطيب سورة الفاتحة!
تخيلوا لو أن هناك دورات اختصاصية عصرية للخطباء، تعلّمهم كيفية إيصال فكرة ورسالة ضمن 10 دقائق، ودورات لصنّاع المحتوى (إنفوغرافيكس وفيديوهات وغيرها) ليعمل جنباً إلى جنب مع الخطيب لإعداد الفيديوهات التي ستظهر جنباً إلى جنب مع الخطبة، الأمر قد يحتاج إلى أسبوع كامل من العمل المضني لكن النتيجة ستستحق كل هذا التعب وأكثر!
تخيلّوا لو رافق كلام الخطيب في أماكن معينة مؤثرات صوتية، فعندما يتحدث عن المعركة نسمع صوت الخيول والسيوف في الخلفية، وعندما يتصاعد كلامه تدخل آهات بشرية في الخلفية، المصلّون كلهم سيجلسون على ركبهم بمنتهى الاهتمام!
لا ينقصنا مال ولا مهارات لكن تنقصنا الإرادة، تنقصنا مَلَكَة التفكير خارج صندوق لا علاقة له بالدين لا من قريب ولا من بعيد.. بالعكس تماماً فإن هذا الصندوق هو أكثر من يؤذي الدين حالياً.
(همسة: إلى من سيردّ علي بقول أن ما أقوله بدعة، سأقول له كيف تتحدث بالدين باستخدام بدعة الكمبيوتر أو الجوال، مستخدماً بدعة الإنترنت وبدعة الفيسبوك التي صنعها الكفار؟!)
بالنسبة للإضاءة ،الخطيب اظن ليس الخطيب هو الهدف بل محتوى كلامه ،والداتا شو والفيديوهات تكفي