لقد طالعتنا العصابة الحاكمة في سوريا بعفو شمل المتخلفين عن أداء الخدمة العسكرية الإلزامية بعد أن حاولوا كثيراً إيهام العوام بأن الأمر استتب لهم وأن الأمور عادت إلى سابق عهدها غايتهم من ذلك رفد جيشهم بالجنود بالذات بعدما وصلت إليه حالة قواتهم العسكرية من تسيب وتشرذم نتيجة الانشقاقات عنها وامتناع الشباب الواعي عن الالتحاق بها.
لذا فإننا في تجمع دعاة الشام نؤكد لكافة الأخوة المواطنين عدم جواز الالتحاق بخدمة العلم الإلزامية طوعاً في إطار الظروف الحالية في سوريا وذلك للأسباب الشرعية التالية:
أولا : سقوط ولاية هذا الحاكم وبطلان شرعيته
لأسباب شرعية عديدة بيناها في بيان سابق يرجع إليه (شباط 2012)- ونذكر في هذا الباب على سبيل التذكير: عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” كَيْفَ بِكَ يَا عَبْدَ اللهِ، إِذَا كَانَ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يُضَيِّعُونَ السُّنَّةَ، وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مِيقَاتِهَا؟ ” قَالَ: كَيْفَ تَأْمُرُنِي يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: “تَسْأَلُنِي ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ، كَيْفَ تَفْعَلُ؟! لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ” رواه أحمد والبيهقي في الكبرى.
وعن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ :أَنَّ مُعَاذاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ لَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِكَ، وَلَا يَأْخُذُونَ بِأَمْرِكَ،فَمَا تَأْمُرُ فِي أَمْرِهِمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
” لَا طَاعَةَ لِمَنْ لَمْ يُطِعِ اللهَ ” حديث صحيح رواه أحمد و أبو يعلى .
هذا لمن أضاع سنته صلى الله عليه وسلم فكيف بمن حارب الدين؟؟؟؟ وهذا لمن أخر الصلاة فكيف بمن يعتبر الصلاة جريمة ويعاقب عليها – وهذا يعرفه جيداً كل من خدم في الجيش أو أُدخل أقبية المخابرات ـ
ثانيا : غلبة الظن بتعرض المجند لقتل إخوانه من المسلمين طوعا أو كرها
وقد يوضع في موضع لا يملك فيه زمام أمره فيبتلى بقتل مسلم وقد قال تعالى في محكم تنزيله: “وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا” (النساء 93)
وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: “لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم ” رواه مسلم والنسائي والترمذي
ثالثاً : واجبٌ شرعاً ترك الوظائف الحكومية التي يبنى عليها ظلم مباشر للناس
فكيف بمن يسَلِّم نفسه ليكون آلة للقتل بيد السفيه الظالم: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لَيَأْتِيَنَّ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يُقرِّبون شِرَارَ النَّاسِ وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مَوَاقِيتِهَا فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلَا يَكُونَنَّ عَرِيفًا وَلَا شُرْطِيًا ولا جابيا ولا خازنا” حديث صحيح أخرجه ابن حبان في صحيحه وابن أبي شيبة في مصنفه وأبو يعلى في مسنده ورجاله ثقات.
رابعا:إن الالتحاق بالخدمة الإلزامية طوعاً في إطار الظروف الحالية هو عون مباشر للظالم
على ظلمه وفاعل ذلك مشمول بقوله صلى الله عليه وسلم: “من أعان ظالما بباطل ليدحض بباطله حقا فقد برء من ذمة الله عز وجل وذِمة رسوله” حديث صحيح رواه السيوطي والطبراني في الثلاث.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لكعب بن عجرة: “أعاذك الله من إمارة السفهاء قال وما إمارة السفهاء قال أمراء يكونون بعدي لا يهتدون بهدي ولا يستنون بسنتي فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فأولئك ليسوا مني ولست منهم ولا يردون على حوضي ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فأولئك مني وأنا منهم وسيردون على حوضي” رواه أحمد واللفظ له والبزار ورواتهما محتج بهم في الصحيح ورواه ابن حبان في صحيحه وغيرهم
خامساً : إن من يلتحق بالخدمة الإلزامية في هذه الظروف عدا أنه يكثّر سواد جيش الظلمة ولكنه يرضى بأن يساهم في قمع الآمنين وترويعهم – فغالب الظن أنه سيستخدم في هذاوقد ورد في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :”لا يحل لمسلم أن يروع مسلما” وقد روى السيوطي وغيره عَنْ أَنَسِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” من سوَّد مع قوم فهو منهم و من روع مسلما لرضا سلطان جيء به يوم القيامة معه”.
سادساً : إن مجرد الإشارة بالسلاح على مؤمن ولو بقطعة حديد هو كبيرة من الكبائر الموبقة
فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : “من حمل السلاح علينا فليس مِني” رواه أحمد في المسند وهو صحيح
وفي رواية لمسلم قال : قال أبو القاسم – صلى الله عليه وسلم – : “مَنْ أشَارَ إلَى أخِيهِ بِحَدِيدَةٍ ، فَإنَّ المَلاَئِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى يَنْزعَ ، وَإنْ كَانَ أخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ”.
فكيف بمن يسلّم نفسه ليوضع حارسا للظلمة ولمراكز سلطتهم شاهراً سلاحه على الآمنين العزّل.
وختاماً فإننا نعود ونؤكِّد عدم جواز الالتحاق طوعاً بخدمة العلم الإلزامية في إطار الظروف الحالية في سورية بأي شكلٍ من الأشكال وتحت أي مبررٍ من المبررات.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
حرر في شام رسول الله بتاريخ
19/جمادى الآخر/1433.
10/أيـــــــــــــار/2012.