صفة النار

خطبة الجمعة

الشيخ: محمد أبو النصر
التاريخ: 19/ رجب /1436هـ
الموافق: 8/ أيار/2015م
في أحد مساجد حلب المحررة
المدة: 32 دقيقة

الأفكار الأساسية الواردة في الخطبة الأولى
1- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ
2- صفة حرها
3- سدنة النار
4- طعام أهل النار وشرابهم
5- ذق إنك أنت العزيز الكريم

الأفكار الأساسية الواردة في الخطبة الثانية
6- من مشاهد المعذبين في النار وأسباب عذابهم

رابط الخطبة على صفحة الفيسبوك

لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF

لتحميل الخطبة صوتيا بصيغة MP3
* ملاحظة: ما بين معكوفتين [ ] فهو شرح مُدرج في سياق ذِكرِ الدليل.
الخطبة الأولى:
الحمد لله مُعِزِّ الإسلام بنصره، ومذلِّ الكُفرِ بقهره ومصرِّف الأمور بأمره، ومُديم النِّعمِ بشكره. الذي قدَّر الأيام دُولًا بعدله فاستدرج الكُفَّار بمكرِه، وجعل العاقبة للمتقين بفضلهِ، وأظهر دينه على الدين كُلِّهِ.

القاهرُ فوق عبادهِ فلا يُمانع، والظاهر عليهم فلا يُنازع، والآمرُ بما يشاء والحاكِم بما يريد فلا يُدافع ولا يُراجع، أحمَدُه جلَّت قدرته وعزّ سلطانه وأعوذ به مما أحاط به علمه وأحصاه كتابه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، شهادة من طهَّر بالتوحيد قلبه، وأرضى بها ربَّه، وأشهد أنَّ نبيّنا محمداً عبده ورسوله رافِعُ الشكِّ وداحِضُ الشِّرك بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمّة وكشف الله به الغُمّة، وأقام في الناس كلمة التوحيد من آمن بها وعمل بمُقتضاها فقد أفلح وفاز فوزاً عظيماً، فصلوات ربِّي وسلامه عليه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه الغُرِّ المحجَّلين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين أمّا بعد عباد الله:
يقول الله تعالى وهو أحكم القائلين:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (التحريم:6)

إخوة الإيمان والعقيدة بعد أن تحدّثنا في اللقاءات الماضية عن القارعة وشدّتها والآخرة وأهوالها، بعد أن عرَفنا الميزان ودقيق حساباته والصراط وخطورة منزلقاته، (ذاك الصراط الأدق من الشعرة والأحد من السيف، الجسر المنصوب على متن جهنّم) في ذلك اليوم ينقسم الناس فريقين ويبدو ذلك واضحا عليهم:(يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107)) ( آل عِمران:106-107)

فذاك يومَ ينقسم الناس (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107) وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108))(هود:105- 108)

في ذاك اليوم يفترق الناس يميناً وشمالًا، فأهلُ الكُفرِ والتَّكذيبِ والطُّغيانِ قد حُسِم أمرُهم، فهم إلى النَّارِ صائرونَ، وفي درَكاتِها – بلا شكّ – خالِدون يتحسَّرون ويتندَّمون ( إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (65) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66)) ( الأحزاب: 64-66) [يتندَّمون ويتحسَّرون ويلوم بعضهم بعضا]

( وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (68)) (الأحزاب: 67-68)

هناك يتبرأ الناس من بعضهم ولا تزِرُ وازِرةٌ وِزرَ أخرى.

وفي ذلك العذاب المُقيم يتفاوت المُعذَّبون بسببِ تفاوتِ كُفرِهم، فمن كانَ في الدُّنيا أشدَّ كُفرًا، كانَ في النارِ أشدَّ عذابًا، ومع ذلِك فأهونُهم عذاباً ينالُه من العذابِ ما لا تتخيلهُ العقولُ.

فقد روى البخاري ومسلم عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ” إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا مَنْ لَهُ نَعْلَانِ وَشِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ كَمَا يَغْلِي الْمِرْجَلُ مَا يُرَى أَنَّ أَحَدًا أَشَدُّ مِنْهُ عَذَابًا وَإِنَّهُ لَأَهْوَنُهُمْ عَذَابًا”.

[إذا كان أهونهم عذابا يرتدي حذاءً من نار يغلي منه دماغه كما يغلي المرجل فكيف بمن عذابه أشدُّ من ذلك !!!]

كيف لا وفي البخاري ومسلم يقول صلى الله عليه وسلم: ” نَارُكُمْ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ ”
قِيلَ: يَا رَسُولَ الله إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً [أي أن نار الدنيا وما فيها تكفي للعذاب والإيلام] قَالَ: ” فُضِّلَتْ عَلَيْهِنَّ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا “.

تلك النار التي ضوعفت سبعين ضعفا عن نار الدنيا سيحشر فيها الكفار والمشركون الذين كذبوا على ربهم، سيحشر فيها الفجرة والظلمة والمجرمون ممن طغت سيئاتهم على حسناتهم ولم يُغفر لهم (من أهل كلمة التوحيد) أمَّا الأولون فيخلّدون فيها أبد الآبدين (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (162))(البقرة)

وأمَّا الآخرون المجرمون من الموحدين، فإن شاء الله عذابهم فقد أتى الوعد على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنَّهم لا يُخلَّدون فيها لا يخلَّدهم ولكن لنتذكَّر إخوة الإيمان (وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) (الحج:47)

اليوم بطول ألف سنة في نار ضوعفت سبعين ضعفا عن نار الدنيا، فما وصف تلك النار وما حالها
قال تعالى: (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43) لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44))( الحِجر)

لكل باب من تلك الأبواب حِصَّة من خلق الله المجرمين ممن قال الله فيهم (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا) (الإسراء:97)

كيف يحشرون على وجوههم ؟ كيف يساقون عليها ؟
الجواب بسيط جدًا … إن من أمشاهم على أقدامهم ليس بعاجزٍ عن أن يسيرهم على وجوههم، في ذاك اليوم
” يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سبعونَ ألفَ مَلَكٍ يجرُّونها “. والحديث رواه مسلم.

أمَّا سدنة النّار سدنة سقر (وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30)) أولئك الكثيرون يجرونها أما سدنتها والعاملون فيها فهم تسعة عشر ملَكاً لا يعلم عظيم قدرتهم وخِلقتِهم إلا الله وزعيمهم يسمَّى (مالك) يشرفون على نارٍ يهوي الحجر فيها سبعين خريفًا حتى يصل قعرها، تلك النار التي يتمنى فيها المُعَذَّبون الموت فلا ينالونه ولا يخفف عنهم العذاب.

(إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (74) لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (75) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (76) وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77) لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (78)) الزُخرف

في تلك النار يُسقى المجرمون من طينةِ الخبال، ” قيل: وما طِينَةُ الخَبال يا رسول الله؟ قال: صَديدُ أَهل النار”. [أخرجه أبو داود]. يُجرَّعون قيحم وما يخرج من دماملهم واحتراقهم ويأكلون من الزقوم والضريع.

(إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (50) (الدُّخان).

ذق يا من كنت عزيزا كريما زعيمًا مُطاعا تأمر وتنهى ولا تخشى الله في خلقه هناك سيقال لك (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) (هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ) (ص:57)
وقال تعالى يصف حال الجبَّارين المتكبرين يومها:
(وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17) )

يأتيه ألم كألم الموت، وسكرات كسكرات الموت ولكن لا يموت فيخفف عنه بل هو باقٍ في ذلك أبدًأ ما شاء الله.

اللهم إنَّا نسألك رضاك والجنَّة ونعوذ بك من سخطك ومن النَّار برحمتك يا عزيز يا غفَّار …

أقول هذا القول وأستغفر الله

الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفا وصلاةً وسلامًا على عبده الذي اصطفى عباد الله، خير الوصايا وصيّة رب البرايا:
(وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء:131]، فاتقوا الله عباد الله، فبتقوى الله العِصمة من الفتن، والسلامة من المِحَن.

إخوة الإيمان:
ونحن نتحدَّث عن النار – أعاذنا الله جميعًا منها – تلك النار التي أرسل اللهُ الأنبياء والرسلَ محذِّرين منها
(فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18))( الليل:14-18)

وقد روى الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم عن النُّعْمَان بْنَ بَشِيرٍرضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، يَقُولُ: «أَنْذَرْتُكُمُ النَّارَ، أَنْذَرْتُكُمُ النَّارَ»

تلك النار التي وصف الله حال أهلها فقال تعالى:
(وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50)) (إبراهيم) (موثَقين في القيود، ولباسهم من قَطِرانٍ يُحرِق)

وقد حذَّرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من عظيم عذاب النَّار وذكر لنا بعض نماذج منه، فمن ذلك الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود عن أنسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لَمَّا عُرِجَ بي مَرَرْتُ بِقَومٍ لَهُمْ أظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمِشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ فَقُلْتُ: مَنْ هؤُلاءِ يَا جِبرِيلُ؟ قَالَ: هؤُلاءِ الَّذِينَ يَأكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ، وَيَقَعُونَ في أعْرَاضِهِمْ !”

وأخرج أحمد في مسنده عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ” لَمَّا أُسْرِيَ بِي مَرَرْتُ بِرِجَالٍ تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ نَارٍ قَالَ فَقُلْتُ مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَؤُلَاءِ خُطَبَاءُ مِنْ أُمَّتِكَ يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا يَعْقِلُونَ”

يأمرون بالإسلام ويقفون في صفِّ الكُفر والطغيان أفلا يعقلون !!

وقد أخرج ابن خزيمة في صحيحه والطبراني في الكبير عن أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ” بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي رَجُلَانِ، فَأَخَذَا بِضَبْعَيَّ، فَأَتَيَا بِي جَبَلًا وَعْرًا، فَقَالَا: اصْعَدْ، فَقُلْتُ: إِنِّي لَا أُطِيقُهُ، فَقَالَا: إِنَّا سَنُسَهِّلُهُ لَكَ، فَصَعِدْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي سَوَاءِ الْجَبَلِ إِذَا بِأَصْوَاتٍ شَدِيدَةٍ، قُلْتُ: مَا هَذِهِ الْأَصْوَاتُ؟ قَالُوا: هَذَا عُوَاءُ أَهْلِ النَّارِ، ثُمَّ انْطُلِقَ بِي، فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ مُعَلَّقِينَ بِعَرَاقِيبِهِمْ، مُشَقَّقَةٍ أَشْدَاقُهُمْ، تَسِيلُ أَشْدَاقُهُمْ دَمًا قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُفْطِرُونَ قَبْلَ تَحِلَّةِ صَوْمِهِمْ، [اللهم بلِّغنا رمضان وأعِنَّا على أدائه كما تُحِبُّ وترضى]….. ثُمَّ انْطَلَقَ، فَإِذَا بِقَوْمٍ أَشَدَّ شَيْءٍ انْتِفَاخًا وَأَنْتَنِهِ رِيحًا، وَأَسْوَئِهِ مَنْظَرًا، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ قَتْلَى الْكُفَّارِ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِي، فَإِذَا بِقَوْمٍ أَشَدَّ شَيْءٍ انْتِفَاخًا، وَأَنْتَنِهِ رِيحًا، كَأَنَّ رِيحَهُمُ الْمَرَاحِيضُ، قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الزَّانُونَ وَالزَّوَانِي، [أولئك الفجرة الفسقة القذِرون المجترِئون على حدود الله] ثُمَّ انْطَلَقَ بِي، فَإِذَا أَنَا بِنِسَاءٍ تَنْهَشُ ثُدِيَّهُنَّ الْحَيَّاتُ، قُلْتُ: مَا بَالُ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ يَمْنَعْنَ أَوْلَادَهُنَّ أَلْبَانَهُنَّ…)

وقد حدَّث رسول الله والحديث في البخاري عمن أخذ القرآن فأعرض عنه لا يعمل بما فيه، وعمّن ينام عن الصلاة المكتوبة (فلا يصِّي الفجر) فمن عذابِ ذاك أن يُرضخ رأسه بصخرة فيقوم فيعود رأسه كما كان فيعاد فيرضخ إلى ما شاء الله

وحدَّث – روحي فداه – عمن رآهم يسبحون في نهر من دمٍ كلَّما أرادوا أن يخرجوا منه ألقموا حجرًا في أفواههم فسأل صلى الله عليه وسلم فقيل له: هم أكلةُ الربا.

أولئك الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ويستغلُّون حاجتهم ليستكثروا من الحرام.

وغيرهم أصناف كثيرة ممن يجترئون على ما حرَّم الله ضرب لنا رسول الله مثلًا من عقابهم.

إخوة الإيمان يا أصحاب العقول والأفهام، نحن إذ نذكر النار وما فيها، إنَّما نتأسَّى بالنبي صلى الله عليه وسلم إذ قال له ربُّه:
( فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12) ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (13) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19)) الأعلى

اللهم اجعلنا ممن يُذكَّرون فيتذكَّرون
وممن يسمعون أوامر الشرع فيلتزمون
وإذا مرُّوا بما نُهوا عنه يجتنبون ويحذرون
ممن يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ

(أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) (المؤمنون:61)

إني داعٍ فأمِّنوا

0%

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *