يمجدون السبب وينسون مسبب الأسباب

  • خطبة الجمعة - يمجدون السبب وينسون مسبب
    خطبة الجمعة - يمجدون السبب وينسون مسبب
  • خطبة الجمعة - يمجدون السبب وينسون مسبب
    خطبة الجمعة - يمجدون السبب وينسون مسبب
  • خطبة الجمعة - يمجدون السبب وينسون مسبب
    خطبة الجمعة - يمجدون السبب وينسون مسبب
  • خطبة الجمعة - يمجدون السبب وينسون مسبب
    خطبة الجمعة - يمجدون السبب وينسون مسبب

الجامع: أحد مساجد حلب المحررة
التاريخ: 17/ محرم/1436هـ
الموافق: 30/ تشرين الأول/2015م
الشيخ: محمد أبو النصر
المدة: 28 دقيقة

الأفكار الأساسية الواردة في الخطبة الأولى
1- إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ …. إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ
2- الموازنة بين شكر الناس والثقة بأن الأمر كُلَّه لله
3- مَنْ لمْ يشْكُر النَّاسَ لَمْ يشْكُر اللّه .. ولكن !
4- الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا
5- لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ

الأفكار الأساسية الواردة في الخطبة الثانية
6- وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ
7- ثقافةُ فجورٍ وكُفرٍ بنعمِ الله رُبِّي عليها مجتمعنا
8- آلآن ؟! أعراس صاخبة ومعازف ومجاهرة بالمعاصي ووو!!

رابط الخطبة على الفيسبوك

لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF

لتحميل الخطبة صوتيا بصيغة MP3

⁠تابعوا كل مميز عبر قناتنا على التليغرام على الرابط التالي
https://telegram.me/do3atalsham

* ملاحظة: ما بين معكوفتين [ ] فهو شرح مُدرج في سياق ذِكرِ الدليل.

الخطبة الأولى
الحمد لله مُعِزِّ الإسلام بنصره، ومذلِّ الكفرِ بقهره ومصرِّف الأمور بأمره، ومُديم النِّعمِ بشكره. الذي قدَّر الأيام دُولًا بعدله، فاستدرج الكفار بمكرِه وجعل العاقبة للمتقين بفضله، وأظهر دينه على الدين كُلِّه.

القاهرُ فوق عبادهِ فلا يُدافع، والظاهر عليهم فلا يُمانَع، والآمرُ بما يشاء فلا يُراجع ولا يُنازع، أحمَدُه جلَّت قدرته وعزّ سلطانه وأعوذ به مما أحاط به علمه وأحصاه كتابه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، شهادة من طهَّر بالتوحيد قلبه، وأرضى بها ربَّه، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله رافِعُ الشكِّ وداحِضُ الشرك بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمّة وكشف الله به الغُمّة، وأقام في الناس كلمة التوحيد، مَن آمن بها وعمل بمُقتضاها فقد أفلح وفاز فوزاً عظيماً، فصلوات ربِّي وسلامه عليه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه الغُرِّ المحجَّلين ومن سار على دربهم واهتدى بهداهم وتبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين أمَّا بعد عباد الله يقول الله تعالى وهو أحكم القائلين:
(وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ) (الشورى:48)

إنَّ الإنسان كفورٌ يكفُر نعمة الله تعالى ويجحدها، يجحدُ فضل المتَفضِّل سبحانه، يجحد نعمة المنعم سبحانه، يتعلَّق قلبه بالسبب وينسى مسبِّب الأسباب وربَّ الأرباب، وما ذاك إلا عرَضٌ من عوارِضِ ضعفِ إيمانه وقلَّة يقينه بربه، يُبتلى فييأس وينسى أن يلتجئ لفارِج الهمِّ وكاشِف الغمِّ سبحانه وتعالى، فإذا أذهب الله يأسه وإذا كشف بؤسه تراه فرحًا فخورًا ينسب الفضل لنفسه

(وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ) (هود:9)

إخوة الإيمان: كم ممَّن نظر في حالنا في الأشهر الماضية، فرأى الإدبار من بعد إقبال، والتخاذل من بعد إقدام… رأى البعضُ ذلك فإذا بهم ييأسون، وبالقنوط يبادرون، ولنعمة الله يكفرون، ولخيره يجحدون …

(وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ) [هود:9-10]

أكرمه الله بيسر بعد عُسر وبفرجٍ بعد ضيق وبخير بعد كرب، فإذا به فرحٌ فخور؛ ينسب الخير لنفسه وينسب الفضل له وحده.

وها نحن إخوة الإيمان نرى بأعيننا كيف ثبَّت الله المجاهدين فدفعوا الهجمة الشرسة في ريف حلب ومازالوا يُدافعون بل وعلى عدوِّهم يكِرُّون في حلب وكذلك في ريف حماة، صدُّوا عدوَّهم وأثخنوا فيه ولمّا تنقشع الغيمة السوداء، ولمّا تنكشف الغُمَّة بعد … فإذا ببعض النَّاس يجحدون نعمة ربِّهم يعظِّمون السبب وينسَون مسبِّب السبب، يُعَلِّقون الأمر على السبب وينسبون الفضل له يمجِّدونه ويعظِّمونه، وينسون مسبِّب الأسباب ومقدِّر الأقدار، يُمجِّدون السلاح، يمجِّدون الفصيل، وينسون من قدَّر أقدارا تدفع بعض الدول لدعمنا بالسلاح، ينسون من ثبَّت ذلك الفصيلَ وفتح له ونَصره.

(وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ* وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ* إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) [هود:9-11]

الذين صبروا وعملوا الصالِحات همُ المؤمنون حقًّا، هُمُ الذين يوازنون بين تعلُّق القلب بالله ومعرفة أنَّ الفضل كلَّه بيده سبحانه، وبين شكر النَّاس والاعتراف بفضلهم.

إيَّاك أن تتوهم أننا نجحد فضل الناس وجُهدَهم، فهذا لا يكون من المؤمنين – معاذ الله – ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: «مَنْ لمْ يشْكُر النَّاسَ لَمْ يشْكُر اللّه» [والحديث حسن رواه الترمذي وأبو داود]

ولكنَّ شُكر الناس، لا يعني تعظيمهم مِن دون ربِّ الناس، ولكنَّ شُكر الناس لا يعني طاعتهم في معصيةِ ربِّ الناس…

ربُّ الناس سبحانه، هو الذي هيّأ هذا السبب، وهو الذي سيهيِّئ غيرَه فيما لو قُطِع، هو الذي سيفتح أبوابًا أُخر لعبادهِ المؤمنين فيما لو سُدَّ هذا الباب (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ) [المدَّثِّر:31]

إخوة الإسلام: توازنٌ مهم لا يكون إلَّا من أهل الإيمان والفهم، فلكم أضرَّ بنا وبثورتنا جحود الجاحدين الجاهلين لخير من مدَّ لنا يد المساعدة أو قدَّم لنا العون من الدول، فالدنيا خواطِر، والسياسة مصالِح، والمناورة الحكيمة من صفات المؤمِن الكيِّس الفطن، وحفظُ المعروف لأهله وشكرهم عليه -بما لا يُغضب الله سبحانه- من شيم الكرام الموفين بالعهود.

وإذا كان هذا ممَّا يُطلب مع العباد، على ما نعلمُ من مكر كثيرٍ منهم، وغدرهم ونواياهم الخبيثة، فكيف بربِّ العباد سبحانه، الرحمنِ الرحيمِ المستحقِّ للحمد والشكر بذاته، تعالى الله علوًّا كبيرًا وتنزَّه عن أن يُشبَّه بخلقه أو أن يُقاس عليهم، يُنعمُ ويتفضَّل ويُقدِّر الأقدار لتسوق الخير لعباده المجاهدين، فوالله منذ تدخل الروس قلنا لإخواننا (لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ )

فما إن أتى الخير، وأذاقنا الله شيئا من تلك النعمة، فإذا بالبعض يجحدون نعمة ربِّهم!! وتتعلَّق قلوبهم بالأسباب، تتعلق قلوبهم بأندادٍ عرفنا مكرهم ولا ندري ما يُخبِّئون لنا (قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ) يكفرون نعمة الله تعالى ويجحدون فضله ومازالنا في أوَّل الطريق ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ * وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ ﴾ [إبراهيم: 28 – 30].

جعلوا لله أندادا عندما تعلَّقت قلوبهم بغير الله، جعلوا لله أندادا عندما ظنوا بأنَّ النصر يكون من عِند العبيد (يكون بأمرِ هذه الدولة أو تِلك) وتناسوا بأنَّ النصر يكون من عند الله الواحد القهَّار، تناسى البعض بأنَّ الله تعالى إذا أذنَ بالنَّصرِ لعباده، سدَّد رميهم، وثبَّت أقدامهم، وجمع شملهم، ووفَّق رأيهم، أمَّا لو أتت مشيئة الله بغير ذلك – والعياذ بالله – لم يُسدَّد الرمي ولم ينفع السلاح ولم يك للكثرة قيمة، (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) (التوبة:25)

لذلك إخوة الإيمان، المؤمن الحق، يشكُر الخلق، ويحمَدُ المُنعم سبحانه، المؤمن يأخذ بالأسباب ويتوكَّلُ على مسبب الأسباب، يقين المؤمن بالله، أن من هيَّأ لنا هذا السبب اللهُ ربُّ السموات والأرض أنّى شاء يغلق بابًا ويفتح أبوابا، يقطع سببًا ويصِل أسبابا، علِم ذلك من علِم، وخفي على من جهِل، ولا يُنال ما عند الله إلّا بطاعته، ولا يُنال ما عند الله إلّا بطاعته ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ [إبراهيم: 34]، وشُكْر النِّعم: لا يكون إلَّا بالثناء على المُنعم –سبحانه- حمدًا يتواطأُ فيه القلب مع اللسان اعتقادًا ونُطقًا، قولًا وفعلًا، شُكرًا حقيقيا باستخدامِ نعمة الله في طاعته ومرضاته، شكرًا بالتحديث بِنِعَمِ الله وفضله فالبعض ﴿ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [النحل: 83]

لذلك إخوة الإيمان ونحن نستبشر بفتوحات حماة ونحن نستبشر بمدد الله لدفع العدو في حلب، ونحن نرى اللهَ يرمي عن عباده المؤمنين ( فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى) (الأنفال:17)

عندما نرى ذلك كُلَّه لابدَّ أن نكون من الشاكرين لابدَّ أن نكون مِن الحامدين فالله تعالى يقول وقوله الحقّ: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (إبراهيم:7)

لإن شكرتم الله تعالى وأيقنتم أنَّ ما بكم من نعمةٍ فمِن الله، وتبتم عمَّا كان منكم مِن تقصير (لَأَزِيدَنَّكُمْ) لأنصرنَّكم، ولأُمِدَّنكم، ولأُعينَنَّكم، ولأكشُفنَّ كربكم (وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ) لإن تنكَّرتم لربِّكم وجحدتم نعمته وتعلقتم بالأسباب من دونه، وعصيتم من بعد ما أراكم ما تُحِبُّون (إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)
ربَّنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منَّا، واكتبنا يا مولانا من عبادك القليل وأنت القائل: ﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13].

وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ … اللهم اجعلنا من القليل أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.

الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عبده الذي اصطفى، أمَّا بعد عباد الله يقول الله تعالى وهو أحكم القائلين: (وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا * أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا * أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا) (الإسراء:67-69)
هكذا الإنسان يكون في الضيق والكرب فلا يرى غير الله معينًا يلتجئ إليه، فإذا نجاه الله من ذلك أعرض، وكأن لم يعد في الدنيا ابتلاء، وكأنَّه أمِن مكر الله …

يكون في البحر تطرب السفينة، تتقاذفها الأمواج العاتية، تلعب بها الرياح… (ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ)، (ليس لها مِن دون الله كاشفة) فلما يُنجيهم الله سبحانه إلى البر… كيف يقابلون نعمة الله؟! كيف يشكرون ربَّهم؟! بسجودِ الشُكر، بصلاةٍ، بصدقةٍ، بعبادةٍ، بخير، بطاعات ؟!!

(فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ)… يقابلون نعمة الله بمعصية وذنوبٍ وآثام (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) … ثقافةُ فجورٍ وكفرٍ بنعمِ الله رُبِّي عليها هذا المُجتمع والعياذ بالله

يسأل ربَّه النجاح، تسأل ربَّها الزواج، يسأل ربَّه عودة غائب، يسأل ربَّه أن يعينه على فتح باب رزق يتكسَّبُ منه، يسألون ربَّهم الذُّرِّيَّة …فإذا استجاب له ربُّه، إذا أنعم عليه، إذا رزقه مالًا، إذا رزقه ذُرِّيَّة، إذا منَّ عليه بالزواجأ إذا أجاب الله تعالى بمحض كرمه وفضله، كيف يقابلون نِعمة الله؟ كيف يشكرون فضله؟؟!!

بالحفلات الماجنة والمعازف الصاخبة والاختلاط المذموم والملابس الفاضحة والمعاصي مع المُجاهرة … وليس هذا فحسب بل كلُّ هذا ونحن على هذا ونحن في هذا الحال مِنَ الضيق والكرب، فكيف بنا لو كشف الله غُمَّتنا، وفرَّجَ كُربتنا، ما كان حالنا ليكون؟

أيعقل يا مسلمون ! أيعقل يا مجاهدون في قريتنا هذه في الأيام القليلة الخالية والشهداء تعد بالكثرة والمجاهدون يزودون عن الحمى والقلوب بلغت الحناجر …

في هذا الجو، تقام أعراسٌ لا تُراعى فيها حُرمات الله، ونحن في هذا الحال وتحت أزيز الطائرات تُقام أعراسٌ لا تُراعى فيها حُرمةُ الجار، لا تُراعى مشاعرُ أهالي الشهداء الذين قدَّموا أبناءهم ليزودوا عن أعراض المسلمين، وفق كُلِّ هذا تصدح المُكبِّرات بالفجور والمعازف والفسق والحرام ولا يُنكِرُ مُنكِر ولا يزجُرُ ذو شوكة!!!

وهذا ليس منَّا ببعيد … فِعلًا إن لم تستح فاصنع ما شئت… إن لم تستح فاصنع ما شئت…

أيُعقل أن نرى شبابًا أتو من الريف الجنوبي، يتسكَّعون في الشوارع ويجلسون مع معارفهم وخِلَّانهم يدخنون النراجيل (الأراكيل) وإخوانهم يزودون عن قراهم وعن مساكنهم ويدفعون العدو عن أعراضهم … وهم هنا يتسكَّعون في الشوارع ويُجاهرون بالمعاصي ولا يُنكِرُ مُنكِر ولا يزجُرُ زاجر !!

أين شُكر نعمة الله بالصحة والعافية أين شُكر نعمة الله نعمة الشباب والمالِ والبنون (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (إبراهيم:7) واللهِ إنَّ عذاب الله لشديد، إن عذاب الله لشديد، ما له مِن واق، في الدنيا قبل الآخرة (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ) (الرعد:11)

ربَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ

(رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ) (الأعراف:155)

إنِّي داعٍ فأمِّنوا

0%

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *