الجيش والسياسة في سوريا (1918-2000)

كتب سياسية - الجيش والسياسة

الجيش والسياسة في سورية

الجيش والسياسة في سوريا (1918-2000)
د. بشير زين العابدين

الكتاب من تأليف الدكتور بشير زين العابدين، يتكون من 532 صفحة، وقد صدر سنة (2008م) قبل ثلاث سنوات تقريباً من اندلاع الثورة السورية المباركة ضد عصابات بشار الأسد.

وإذا كانت وقائع الثورة تمنحه قيمة إضافية بسبب قبح الدور الذي يقوم به الجيش السوري ضد أبناء الشعب السوري، فإن للكتاب أهمية موضوعية تتجلى في كونه دراسة رائدة ومتميزة وعميقة،  حاول أن يتتبــع جــذور أزمــة العلاقــة بــين مؤســسات الحكــم المــدني والقوات المسلحة السورية خلال الفترة (١٩١٨−٢٠٠٠م), وذلك من خـلال الاعـتماد عـلى وثــائق الخارجيــة البريطانيــة والإدارة الأمريكيــة في وزارة خــارجيتهما ومفوضيتهمـــا في دمــشق, وكــذلك الاســتفادة مــن مــذكرات الــسياسيين والعــسكريين الــسوريين الــذين عاصروا مراحـل مختلفـة خـلال هـذه الفـترة.

وقد قسَّم المؤلِّف الكتاب إلى عشرة أبحاث:

  1. نشوء الجمهورية في عهد الانتداب الفرنسي
  2. نشوء المؤسسة العسكرية في ظل الانتداب
  3. الاستقلال بداية متعثرة (1946-1949)
  4. الإرث الفرنسي: حكم العسكر (1949-1954)
  5. صراع العسكر ونمو المد اليساري (1954-1958م)
  6. الجمهورية العربية المتحدة (1958-1961م) وهي فترة الوحدة بين مصر وسوريا بزعامة جمال عبد الناصر كما هو معلوم.
  7. عهد الانفصال (1961-1963م)
  8. الجيش العقائدي والحزب القائد (1963-1970م) وهي فترة الانقلاب البعثي وتقلباته من خلال صراع الأجنحة الطائفية المتدثرة بعباءة البعث!!
  9. الطائفة، العشيرة، العائلة، والنظام الجمهوري (1970-2000م) وتحديد عام 2000م كنهاية لهذه الفترة يرجع إلى المدة التي حددها المؤلف لبحثه، وإلا فإن نظام الطائفة العشيرة العائلة الذي أسسه الهالك حافظ الأسد ما زال مستمراً، فبشار “ورث” البلد عن حافظ.
  10. رؤية مستقبلية.

حيث يحـاول الفـصل الأول تحديـد مكـامن الضعف في بنية الكيان الجمهوري لـدى تأسيـسه, ويتتبـع الفـصل الثـاني جـذور المؤسـسة العسكرية لدى تأسيسها في مرحلة الانتـداب الفرنـسي, ويقـوم الفـصل الثالـث بتوضـيح الخلل الذي انتاب العلاقة بين الحكم المدني والمؤسسة العسكرية عقـب الاسـتقلال, ومـن ثم تعمد الفصول التالية إلى تقصي أسباب الـصراع بـين المـدنيين والعـسكريين ومـا ترتـب على ذلك من نتائج سلبية على بنية الكيان الجمهوري, ويتناول الفـصلان الثـامن والتاسـع مرحلة حكم البعث التي بـدأت عـام ١٩٦٣ واتـسمت باسـتحداث متغـيرات كبـيرة عـلى الصعيد الإيديولوجي, والعودة إلى النمط الفرنسي في التعامل مع الجيش.

ولا بد من التنبيه إلى أن مادة الكتاب غير موجهة لصالح فئة دون غيرها, ولا تـسعى لمهاجمة تيار أو فكر بعينـه, ولكنهـا محاولـة جريئـة للبحـث في عنـاصر أساسـية مـن تركيبـة المجتمع السوري درج الكتاب والباحثون على تجاهلها, وإيثـار الـسلامة عـلى الخـوض في متاهاتها, ولذلك فإنه قد يكون من السهل إساءة فهم مادة الكتاب أو بعض مباحثه.

يقوم البحـث بتنـاول مـسائل الإقليميـة والعـشائرية والطائفيـة كعنـاصر أساسـية في تشكيل بنية المؤسسة العسكرية منذ نـشوئها, واعتبارهـا سـبباً رئيـساً في تـوتر العلاقـة بـين الحكــم المــدني والعــسكري, وبالتــالي تفويــت فــرص كثــيرة لتحقيــق الأمــن والاســتقرار والازدهار. حيث كان من أبرز مكامن الخلل في تطور الكيان الجمهوري هو تفوق الوعي الطائفي لدى الأقليات بخصوصيتها واتخاذها حُججا للمطالبة بامتيـازات لهـا عـن سـائر أفراد المجتمع, مما يتنافى مع مفهوم المواطنة.

وفي مقابلة هذا الوعي كانت الثقافة الرسـمية طوال القرن المنصرم تسعى إلى الحد من مناقشة الفروق بـين الأقليـات ممـا أدى إلى تجهيـل أغلبية المواطنين بهذه القضايا, ونتج عن ذلـك بالـضرورة حـدوث اخـتلال كبـير في تمثيـل الأقليات وفي الدور الذي يتوجب عليها أن تمارسه في الحياة العامة.

كما أنَّ الكتاب يصحح كثيراً من الأكاذيب الشائعة عن تاريخ سوريا في ظل الانتداب، فعلى سبيل المثال: النصيري صالح العلي لم يثر على الفرنسيين وإنما كان ضد الإسماعيليين، والدرزي سلطان الأطرش رفض التقدم نحو دمشق خلال الثورة التي جعلوه زعيماً لها –بحسب مذكرات الشهبندر العلماني-لأن ثورة الدروز كانت في تهدف في الحقيقة للدفاع عن مندوب للاحتلال غير المندوب الذي عَيّنه الغزاة!!

وختامًا فبالنظر إلى التجارب المجاورة للقطر السوري اليوم فإن الدافع الأساسي لهذا العمـل البحثي هو محاولة الوصول إلى أجوبة مقنعة لأسئلة طال طرحها, ولتفـادي وقـوع شروخ يمكن أن تتسبب في تمزيق النسيج الاجتماعي, إلى درجة يمكن أن تعـرض المـواطن لخطـر كبير إذا ما استأثرت أقلية بالسلطة دون غيرها…

نترككم مع مطالعةٍ نافِعة وممتعة لهذا الكتاب.

 

* مجموعٌ مما كتبه منذر الأسعد وموقع نور سورية عن الكتاب بتصرُّف.

0

تقييم المستخدمون: 5 ( 3 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *