سفينة الثورة هل تستوي على الجودي

زهير سالم

لا يدري الإنسان كيف يقارب مشهد الثورة السورية وهو يعد الخطوة الألف ، إذا اعتبرنا الأيام مثل خطوات ، على طريق الثورة الطويل . العبارة التقليدية التشجيعية تفتح لنا باب الأمل بالقول : طريق الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة ، والتزم الشعب السوري النصيحة فانطلق بالخطوة الأولى ، نرانا اليوم وبعد الألف ميل ما زلنا في معمعان الطريق !!!

يلجأ الإنسان أحيانا للكتابة المؤملة المشجعة يخاطب شعبا كريما أعطى فما أكدى ، ليرفع الهمم ويشحذ العزائم ، ولكن لا يجوز أن تنسى أن من بعض واجب الكاتب أن ينير الدرب ، وأن يبصر بعقبات الطريق ، وأن يحذر من عثراته وسقطاته لئلا يصير الناس إلى دوامة تيه كتيه بني إسرائيل أربعين عاما . وألف يومنا في سورية اليوم لا منٌّ ولا سلوى ولكن قتل ودم وتدمير وتشريد …

ألف يوم على الثورة السورية !!! إن تسألني أين نحن من الهدف ؟ سأجيبك على السؤال بسؤال أدق : أين نحن من الطريق ؟! وبعد ألف يوم من السير لو كانت المحجة واضحة والسير قاصدا ، فما كان أولى بالسائر أن يبلغ هدفه . أو للرائد أن يحمد السرى لأهله..

وألف يوم على عمر هذه الثورة المباركة …

أعطى فيها هذا الشعب الكريم فما قصر ولا توانى ولا بخل . وأعطى من كل شيء ، واحتمل كل شيء . وتنازل عن كل دنياه ليسترجع إرث كرامة سلبه إياه الطغاة ، وتواطأ عليه فيه المتواطئون ؛ وليس لأحد إذ يراجع كلٌّ مواقفه وحساباته أن يعود على أهل درعا أو أهل السويدا أو أهل مشق أو أهل ريفها أو أهل القلمون أو أهل حمص أو أهل ريفها أو أهل حماة أو أهل حلب أو أهل ريفها أو أهل إدلب بسهلها وجبلها أو أهل الساحل أو الرقة أو دير الزور أو الحسكة أو القامشلي أو على أي أرض سورية عامرها وغامرها حاضرها وباديها بعائدة لوم أو اتهام ببخل أو تقصير …

وألف يوم على هذه الثورة المباركة ..

والحق أحق أن يقال ، بعد أكثر الناس القول على إطلاق في رجالات الجيش العربي السوري سالفة العز والرجولة ..

ولقد انفرد من أبناء القوات المسلحة السورية عن طريقة قيادتها المستنكرة الآلاف بل عشراتها من الأبطال الشرفاء الغيورين من كل الرتب العسكرية ، في وقت كان فيه ما أعز وما أصعب الانفراد !! ولم يكن انفرادهم حين انفردوا ميسورا ، ولا فيئتهم إلى شعبهم حين فاؤوا إليه سهلة ، ولكن كل هذه الطاقات وكل هذه التضحيات لم تجد طريقها ، لأسباب لا نريد الخوض في تقديرها ، إلى بيدر الثورة ولا إلى حصادها ..

وألف يوم على هذه الثورة المباركة ..

والأسئلة الكبرى ما تزال تدور: مَن ؟ ومن أين ؟ وإلى أين ؟ وكيف ؟

ألف يوم على الثورة المباركة …

وبعض القوم الذين أسسوا مشروعهم على الوقوف بالأبواب ما زالوا في ريبهم يترددون …

ألف يوم على الثورة المباركة ..

وساحتها تعج بالتضحيات العظيمة ، والطاقات المضيعة ، والجهود والمبعثرة ، والسفينة تجري بأهلها في موج كالجبال بلا مجداف ولا شراع ولا ربان ..

فهل تستقر على الجودي بتقدير العزيز العليم كما استقرت بتقديره من قبل سفينة نوح عليه السلام ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *