نبع السلام – لماذا نقاتل شرق الفرات؟

خطبة الجمعة - نبع السلام

#خطبة_الجمعة
#الشيخ_محمد_أبو_النصر

نبع السلام
لماذا نقاتل شرق الفرات؟

🕌 هذه الخطبة ألقيت في أحد معسكرات المجاهدين
قبل انطلاقهم لتحرير مناطق شرق الفرات من عصابات PKK/PYD.
⏱ المدة: 23 دقيقة.

التاريخ: 12/صفر/1441هـ
الموافق: 11/شرين الأول/2019م

🔴 الأفكار الرئيسة في الخطبة الأولى:
1️⃣ الأسباب والحِكم الرئيسة لتشريع الجهاد في الإسلام.
2️⃣ كلها موجودة في قتالنا لإرهابيي PKK.
3️⃣ نشأة حزب PKK، وأفكاره وإجرامه بحق الأكراد قبل العرب.
4️⃣ نريد كامل سوريا، وفي كل مرحلة هناك أولويات تفرضها استطاعتنا وقدرتنا.
5️⃣ أهمية التفريق بين المتمنّى والممكن، وفهم أن الدول ليست جمعيات خيرية.
6️⃣ النبي دخَل مكَّة يوم كان مستضعفًا في جوارِ مُشرِك فكيف بالمؤمن المسلم الموحِّد!!
7️⃣ من زمن عمر(ديوان الجند) حتى إسقاط الخلافة كان الجهاد يتم عبر جيوشٍ منظَّمة.
8️⃣ اعرف عمَّن تأخذ دينك ودنياك، فالأمر إيمانٌ واجتهادٌ يراعي السُّنن الكونية.

🔴 الأفكار الرئيسة في الخطبة الثانية:
9⃣ النية تحتاج عملًا صالحا.
🔟 ستُسأل فردًا فلا تحتجَّ بإفساد الآخرين.

لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF

لتحميل الخطبة صوتيا بصيغة MP3

 

  • ملاحظة: ما بين معكوفتين [ ] فهو شرح مُدرج في سياق ذِكرِ الدليل.

الخطبة الأولى

الحمد لله مُعِزِّ الإسلام بنصره، ومذلِّ الكفرِ بقهره ومصرِّف الأمورِ بأمره، ومُديم النِّعمِ بشكره. الذي قدَّر الأيام دُولًا بعدله، فاستدرج الكفَّار بمكرِه وجعل العاقبة للمتقين بفضله، وأظهر دينه على الدين كُلِّه.

القويُّ على عباده فلا يُدافَع، الظاهر عليهم فلا يُمانَع، أحمده جلَّت قدرته وعزَّ سلطانه، وأعوذ به مما أحاط به عِلمه وأحصاه كتابه، واستفتح بالذي هو خير ((فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)) [الزلزلة: 7-8]

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبيّنا محمَّدًا عبده ورسوله، وصفيُّه وخليله، أرسله ربُّه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، فصلوات ربي وسلامه عليه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه الغرِّ المحجلين ومن سار على دربهم واهتدى بهداهم إلى يوم الدين.أمّا بعد إخوة الإيمان:

في كل مرحلة من مراحل ثورتنا هذه، ثورة المظلومين، ثورة المقهورين، ثورة المؤمنين الموحِّدين الذين تكالبت عليهم قوى الشر على أرض الشام المباركة، في كل خُطوة نخطوها، وفي كل مرحلة نسيرها، هنالك من يشوِّشُ علينا، هنالك من يُشاغب علينا، هنالك من يغمِز ويلمِز، هنالك دائما من يريد أن يسلبنا فرحتنا…

في اليومين الماضيين -أيها السادة الكرام- وقد انطلقت عملية نبع السلام، ورأى فيها المسلمون في بلاد الشام خيرًا لهم، كيف لا؟! ونحن أبناء هذه الأرض، وهذه البلاد بلادنا، وجهادنا جهاد دَفع، وكلُّ شِبر نحرِّره من مغتَصِبٍ اغتصبه هو مكسَبٌ لنا، أيًّا كان هذا الشبر، شمالا كان أو شرقا أو جنوبا…

فيأتينا من يُشغِّب علينا ليشكك شبابنا ومجاهدينا بجهادهم، ولذلك أحببت اليوم -أيّها السادة الكرام- أن أذكركم بأهداف وأسباب وحِكم تشريع الجهاد في الإسلام:

لمَّا أذِن الله تعالى للمسلمين بالجهاد كانت أول آية نزلت في الإذن بالجهاد قول الله تعالى: ((أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ* الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ)) [الحج: 39-40]

لاحظ معي أخ الإسلام أول آية نزلت بالإذن بالجهاد كانت علَّةُ التشريع فيها دفعُ ظلم الظالمين، دفع ظُلمِ من هجَّرَ الناس من ديارهم بغير وجه حقٍّ، لذلك لمَّا نزلت هذه الآية لم تحدد لنا وصفًا محدّدًا للظالِم، فهذا الإسلام منظومةٌ قائمة على رفع الظلم، منظومة قائمةٌ على العدالة الإجتماعية … أيُّها السادة: هذه رسالة الإسلام…
رِبعيُّ بن عامر -رضي الله عنه- لمَّا قابل رُستم قائدَ الفُرس طلبَ الفرس مِرسالا يُحاورُهم من المسلمين، فدخل ربعيُّ بن عامر على أمير الفرس، فقال له الأمير: ماذا أتى بكم إلى بلادنا؟ لماذا أتيتم إلينا؟ فأجابه ربعي بن عامر -رضي الله عنه- بمقولته الشهيرة:

«إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادِه من عبادة العباد إلى عبادةِ ربّ العباد ومن جور الأديان إلى سعة الإسلام».

فرفعُ الظلم -أيّها السادة- كان أوَّل أمرٍ وأوَّل رسالة خرَج بها المسلمون، لذلك لمَّا رأى الناس عدلَ المسلمين، ولما رأى الناس سماحة المسلمين، دخل الناس في دين الله أفواجا، فدفع الظلم ونُصرةُ المستضعفين من أبرز معالمِ منهجنا الإسلامي، قال تعالى: ((وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا * الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا)) [النساء: 75-76]

عندما نتحدث عن الجهاد أيّها الأحبَّة لابدَّ أن نتحدث عن الجهاد نشرًا لدين الله، نشرا للا إله إلا الله، وقد قال الله تعالى: ((وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّه)) [الأنفال: 39]

إذًا أيها الأحبة إذا كان الأصل في الجهاد: (نشر لا إله إلا الله ورفع الظلم عن المظلومين ونصرة عباد الله المستضعفين) فيكفينا فخرا -أيها السادة- بأننا بهذه العملية التي أطلقت من يومين –نبع السلام- نحن نذهب لنقاتل ملاحدةً يكفرون بالله؛ ليس فقط يكفرون بالله بأنفسهم، بل يُعلِّمون ذلك للناس، ويُضيِّقون على دعاة الحق، ويُضيِّقون على الناس في دينهم… هل تعلمون -أيها السادة- بأن ملاحدة ما سمي بحزب PKK اللعين أنشأه المدعو عبد الله أوجلان بدعم مباشر وبتمويل مباشر من المقبور حافظ أسد الذي تبنّى عبد الله أوجلان فأرسله إلى لبنان لما كانت لبنان تحت السيطرة السورية، ودربه في معسكرات، هو ومَن معه، وموَّله وأنفق عليه المال لكي يستخدمه وسيلة لزعزعة استقرار تركيا في ذاك الوقت، ثم ما لبثنا إلا أن رأينا في ثورتنا كيف انقلب أولئك المجرمون بعد أن تظاهروا بأنهم ضد انظام فعادوا لسيرتهم الأولى خدمًا للنظام الذي أنشأهم، فطعنونا في ظهرنا وقتلونا وقطعوا طرق إمدادنا وأساؤوا لنا وحاربونا مع النظام المجرم، قومٌ هجَّروا الأكراد قبل أن يهجِّروا العرب، هل تعملون –أيها السادة- الآن في كردستان العراق عشرات آلاف الأكراد السوريين هربوا من ظلم PKK/PYD أكراد وليسوا عَربًا!!

قومٌ ظلموا الناس، قوم استضعفوا الناس، قوم حاربوا الناس في دينهم؛ محاربتهم للدين والعياذ بالله لم يبلغها لا حتى النظام الأسدي المجرِم ولا من هو أشنع منه، يدعون إلى الإلحاد، يدعون للكفر بالله، يأتون البيوت فيجنِّدون البنات كما يُجنِّدون الشباب قهرًا وقسرًا، فيضعونهم في معسكرات يُرَبُّوهم فيها على عقيدة الإلحاد والكفر بالله وينشرون بينهم الموبقات من الفواحش كالزنا والفجور وشُرب المخدِّرات والمُسكِرات… وبعد ذلك يسألنا السائل لماذا نقاتلهم؟!!

يسألني سائل آخر، ومن حقه أن يسأل لكي يتعلم: يا شيخي أنت ابن حلب، وأنا ابن حمص، وذاك ابن الغوطة، وذاك ابن درعا، لماذا لا نقاتل النظام؟ لماذا لا نتجه جنوبا؟!

أقول لك أخا الإسلام، الله تعالى قال وقوله الحق: ((لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)) [البقرة: 268].
أيَّها الأحبة الأكارم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- سار بصحابته الكرام قاصدًا مكة ولم يكن بمستطاعه أن يدخل مكة فاتحًا، وقد أراه الله رؤية بأنه سيدخل المسجد الحرام، (آمنين مُحلِّقين رؤوسكم مقصِّرين) فبشّر أصحابه، فلما وجد أنه قد يكون عاجزًا عن دخولها، عرضوا عليه الصلح الشهير المسمى بصلح الحديبية، الذي ذكره الله في القرآن فقال تعالى: ((إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا)) [الفتح: 1].

رأى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أن الخير في تأجيل قتالهم، فهادنَ قريشًا، ونشرَ الدعوة، حتى ازدادت قوة المسلمين ودخل في الإسلام أضعاف مضاعفة من الناس أكثر بكثير مما كانوا قبل صلح الحديبية فغدى النبي صلى الله عليه وسلم في قوة وفي منَعَة وفي شوكة لما غدرت قريش وأخلفت عهدها سار رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إليهم بصحبه الكرام ودخل مكة فاتحا.

أخا الإسلام، نحن في هذه البلاد تكالبت علينا دول الشرق والغرب، قاعدة لابد أن تحفظها أخي الحبيب: «الدول ليست جمعيات خيرية» لا يوجد دولة على الأرض جمعية خيرية تعطيك دون مقابل، كل دول العالم لها مصالح، ودور القائد المحنّك أن يبحث عن دولة تلتقي مصلحتها مع مصلحته وهدفه، فيحقق ما أمكن…

«لابد أن نعمل في إطار الممكن فما أرهقنا إلا العيش في وهم المُتمنّى»،  فرق كبير أيها السادة بين الأماني -الأمنيات الوردية الجميلة- وبين الممكن؛ الشخص الناجح يعمل في إطار الممكن، أنا أريد العشرة من عشرة ولكن لا أستطيعها، وأستطيع الآن أن أحصِّل ثلاثة من عشرة هل أرميها جانبا وأوقل لا أريدها؟! بالطبع لا، سأكسبها وستمر الأيام وتمر الشهور ولعلي أستطيع بعدها أن أنتقل إلى مرحلة أخرى، وهكذا أيها الأحبة…

النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لمّا كان مُستضعَفا في مكّة -روحي فداه- ألم يدخل مكّة في جوار مشرِك؟؟
النبي-صلّى الله عليه وسلّم- خرج إلى أهل الطائف يدعوهم للإسلام فلما أراد العودة إلى مكّة خشي على نفسه فبحث عمَّن يُجيره فإذا بالمطعِم بن عَدي يُجيرُهُ ويُدخِلُه مكّة في جواره، وكان المطعِم مُشرِكا، والمطعم بن عدي مات على الشرك… مات مشركا والنبي -صلّى الله عليه وسلّم- يوم بدر قال في أسارى بدر: « لو كان المطعم بن عديٍّ حياًّ ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له» [رواه البخاري وأبو داود]. لكي يرد له الجميل!

عاش مشركا ومات مشرِكا والنبي -صلّى الله عليه وسلّم- دخل في جواره لأنه كان مستضعفًا ولما نصره الله لم ينس معروفَه يومَ لبس المطعِم بن عَدي درعه وأمسك سيفه هو وأولاده وعشيرته وقال محمد يدخل في جوارنا… وكذلك النبي -صلّى الله عليه وسلمّ- يوم الحديبية دخل في حلفه قبائل مشركة…

فكيف بإخواننا المسلمين الموحِّدين المصلِّين، الذين يقرؤون القرآن وهم يعينوننا على مصلحة لنا ولهم؟!

لا تجعل الأغبياء يشوشون عليك جهادك، بعض الشباب أيّها السادة الآن يرانا بفضل الله تعالى وقد بدأنا نتطور (وإن كان بخطى متباطئة، فتطور الدول ونشأتها -أيها السادة- لا يحصُل بسنة ولا سنتين ، بل يقاس بعشرات السنين)…

المهم بعض الناس الآن ترانا وقد بدأنا نتطور بأمر كنا نتمناه من أول الثورة، وهو أن نتوحد في جيش واحد، وأن نبدأ ننتظم في جيش وطنيٍ حُر… ولكن أولئك البعض يتوهمون بأن الجهاد لا يكون جهادًا إلا في ظل العمل العصاباتي والجماعاتي… وفي الحقيقة أيّها السادة أنّ المسلمين من زمن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لمّا سير جيوش الفتح الإسلامي أنشأ ما يسمى «ديوان الجند» ومن زمن عمر بن الخطاب حتى إسقاط الدولة العثمانية قبل أقل مئة عام كان المسلمون يجاهدون في جيوشٍ منظمة، ولم يعرفوا العمل العشوائي، لكن لما لم يعُد للمسلمين دولة ولم يبق للمسلمين خلافة، ظهرت الجماعات كحلٍ طارئ… ولكنَّ الأصل أن نجاهد بجهاد منظم ورحم الله سيد قطب إذ قال: “الجاهلية المنظمة لا يغلبها إلا إسلامٌ منظم”. الجاهلية المنظمة لا يغلبها إلا إسلام منظم.

نحن في ثورتنا فوتنا علينا فرص كبيرة جدا، كان ممكن أن يكون وضعنا أفضل بكثير من الآن، لماذا؟؟
لأننا كنا مفرَّقين مشرذَمين، نعمل بعشوائية… والآن البعض يشاغب علينا إن سرنا خطوة يجب أن يتبعها خطوات باتجاه التنظيم والتوحيد، باتجاه العمل باللعب على وتر مصالح الدول حتى نحقق ما أمكن من مصالحنا!!

نسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا، ونسأل الله تعالى أن يلهمنا الصواب بأن ننقاد للحكماء العقلاء العلماء. يا إخواني إن هذا الأمر دين فانظروا عمن تأخذون دينكم؛ لا تأخذ دينك، ولا تأخذ ثقافتك السياسية من هذا وذاك، لا تأخذها من أولئك الذين لم يعُ لا الدين ولا الدنيا، لم يفهموا الدين فهما صحيحا ولم يفهموا الدنيا فهما صحيحا، وهذه الدنيا أقامها الله على سنن كونية، الله عز وجل أمرنا أن نسير في الأرض ننظر ونعتبر: ((قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ)) [آل عمران: 137] سيروا وتعلموا الدروس واستفيدوا من التجارب.

لذلك لما تريد أن تأخذ ثقافتك ،وتريد أن تأخذ علمك ابحث عن العلماء الحكماء المشهود لهم، ابحث عن الناس المخضرمين العاملين في هذا المجال، بعض الناس يا إخواني الآن يعرف السياسة ويعرف الثورة يمكن من سنة وسنتين وثلاثة والبعض يعرفها منذ سنة 2011م، من أكثر من ثمان سنوات، والبعض يعرفها من قبل أربعين سنة، وسجن عشرات السنين وبذل ومَّر على رأسه شيء أنت لم تعرفه…

يا أخي بعض الشباب نحدثه بأمر الدول فيريد أن يقيس سياسة الدول بطريقة حلِّه للمشاكل التي في حيِّه وحارته!! بعض الشباب عنا يريدنا أن نتعامل مع الدول متلما يتعامل هو مع الزعران في حارته!!

يا إخواني، يا أحبتي، لا تكونوا مطيّة للجاهلين أبدًا، لا تكونوا مطيَّة للجاهلين، والله كل واحد منكم الآن ممن يسمعني من المجاهدين أنا واثق بأنَّه لو راد أن يشتغل في أمور الدنيا -يمكن إذا اشتغل عتال سيأخذ راتبًا أكثر ما يأخذه هنا- ولكن ما أخرجنا وأخرجكم إلا الجهاد في سبيل الله، وما أخرجنا إلا القناعة بأننا خرجنا في ثورة فسنكملها.

نحن يا جماعة الخير نؤمن بأن هذا الطريق طريق طويل، النبي صلى الله عليه وسلم خرج من مكة وهو نبي ((وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَ)) [النجم: 3-4]، مؤيد بمدد السماء، قاتلت معه الملائكة… ومع ذلك كم سنة احتاج النبي حتى يرجع إلى مكة؟؟ ومكة كانت في ذاك الزمان بضعة آلاف من البشر، يعني إعزاز أكبر من مكة في ذاك الزمان، واحتاج النبي -صلّى الله عليه وسلم- كم سنة؟ 8 سنوات حتى استطاع أن يرجع مكّة فاتحا، لماذا؟ لأن هذه الدنيا الله عز وجل أقامها على سُنن، فإذا وقع الكافر والمسلم في البحر من الذي سينجو؟ المسلم أم الكافر؟

إذا وقعا في البحر فسينجو الي يعرف السباحة، لماذا؟ لأن الله عز وجل أقام هذا الكون على سُننٍ مُضطرِدة لكي يحاسب الناس، وهذا من تمام عدل الله تعالى…

أسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا، وأن يوَلِّي علينا خيارنا, وألا يسلِّط علينا بذنوبنا شرارنا، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عبده الذي اصطفى، عبادَ الله، خيرُ الوصايا وصيةُ ربِّ البرايا ((وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّه)) [النساء: 131]، فاتقوا الله عباد الله فبتقوى الله العصمة من الفتن والسلامة من المحن…

تقوى الله -أيها السادة- هذه التي إذا وقرت بالقلب تُفلِح وتَنجَح ويكون عملُكَ خالصًا لوجه الله، تُحسِن ولو أساء غيرك لأنك ستقف أمام الله تعالى منفرِدا بنفسك لا تتحجج بهذا وذاك ((وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا)) [مريم: 95]

ستقف منفردا بنفسك أمام الله تعالى، لن تكون لك حُجة بفلان ولا فلان، فإن أخلصت لله وأحسنت بالعمل كنت مرضيّا عند الله تعالى، فالله تعالى طيبٌ لا يقبل إلا طيِّبا، لذلك لابُدَّ مع النية من أن تحسِن العمل. أما العمل غيرُ المحسَن، أمَّا العمل الذي يشوبه الظلم والإيذاء والمضرة والاعتداء… فهذا عمل لا يقبله الله تعالى، إن الله لا يهدي كيد الخائنين، وإن الله لا يُصلح عمل المفسِدين، حيث أنت إياك أن تكون خائنا لمن عاهدت وبايعت، وإياك أن تكون مفسِدا مؤذيا ظالِمًا، فالله تعالى لا يهدي كيد الخائنين ولا يصلح عمل المفسدين….اللهم أصلحنا يا مصلح الصالحين إني داع فأمنوا.

0

تقييم المستخدمون: 5 ( 2 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *