عن تركيا والثورة السورية بصراحة وصدق

مقالات - عن تركيا والثورة السورية بصراحة وصدق

مقال منسوب للصحفي أحمد كامل

– نحن أحرار سورية، يقف معنا نصف الشعب السوري فقط، ونصف الشعب التركي، ويعادينا بوحشية ودموية لاحدود لها نصف الشعب السوري، ونصف الشعب التركي (الأقلويون والإلحاديون وأصحاب المصالح) ودول العالم كلها.

المكلَّفون بقتلنا في سورية (جيوش النظام وروسيا وإيران وحزب الله والبككة..) معهم تفويض مفتوح بإبادة كل من يطالب بالحرية من السوريين العرب السنة، دون حدود ولا سقف زمني ودون أن يخشوا لا حساب ولا عقاب ولا حتى لوم. وهناك قائمة من الجيوش (الصين، كوريا، مصر السيسي، فنزويلا..) التي تنتظر التدخل إذا فشلت هذه الجيوش بوقف الثورة.

تركيا ولمصلحتها الخاصة (محاربة إرهابيي البككة ومنع الانفصال الكردي)، وليس لسواد عيون السوريين، انتزعت من بين أنياب وحوش العالم المنفلتة على الشعب السوري، منطقة مساحتها ٤ آلاف كلم مربع (درع الفرات: جرابلس وأعزاز والباب ومارع..) ثم انتزعت منطقة مساحتها ٣ آلاف كيلومتر مربع (منطقة عفرين) ثم انتزعت منطقة مساحتها ٤ آلاف كلم مربع (نبع السلام: راس العين، وتل أبيض..)، وهي تسعى لانتزاع نصف محافظة إدلب( ٤ آلاف كلم مربع) لتضاف لهذه المنطقة، وقد تستطيع انتزاع ألفي كلم مربع من الشريط الحدودي في محافظة الحسكة، وألف كيلومتر مربع لوصل منطقة نبع السلام بمنطقة درع الفرات.

المناطق التي انتزعتها تركيا (ويحكمها الجيشان التركي والسوري الحر) حتى الآن ١١ ألف كلم مربع، أكبر من مساحة دولة لبنان، لكنها أقل بكثير مما يتمنى ويستحق أحرار سورية، أقل بكثير من التضحيات العظيمة التي قدمها أحرار سورية.
هي مناطق بعيدة عن العاصمة، وبعيدة عن قلب سورية النابض، لا تشكل خطراً على النظام، وهي مناطق محاصرة، ليس فيها مطار، ولا منفذ بحري، ولا حدود مفتوحة. ممنوع استخدامها كقاعدة لمهاجمة النظام ومحتلي سورية، ولا لتوسيع المنطقة. الأمن فيها سيء، والحياة صعبة، ومليئة بالفوضى. لكن هذه المناطق (درع الفرات وعفرين ونبع السلام، ولا تشمل حالياً إدلب وريف حلب الشرقي التي هي مناطق خفض تصعيد فقط) هي المناطق الوحيدة منذ خمسين سنة التي لا يقصف فيها المستهدفون من الحرب في سورية (السنة) ولا يعذبون، ولا يحكمهم جلاد سفاح علوي، ولا روسي، ولا إيراني، ولا شيعي لبناني أو عراقي، ويرفعون علم الثورة والاستقلال، وهذا يحصل لأول مرة في تاريخهم الحديث.

وبفضل وجود تركيا في هذه المناطق (لمصلحتها الخاصة المحضة، وليس لسواد عيون السوريين) انتهى خطر عظيم كانت تتعرض له سورية، وخاصة العرب، وهو خطر خنق سورية وقطع كل صلة لها بالعالم، ونهب ثرواتها، وسلخ ثلث مساحتها، وإقامة كيان عنصري توسعي عدواني غريب يشبه إسرائيل، في شمال وشرق سورية.

إذن تركيا انتزعت من أنياب وحوش العالم ١١ ألف كلم مربع، والأرجح أن تكبر المنطقة لتشمل نصف محافظة إدلب، ومنطقة حدودية من محافظة الحسكة، ومنطقة تربط تل أبيض بجرابلس (نبع السلام بدرع الفرات) لتصل المساحة إلى ١٧ ألف كلم مربع.

لا يوجد دولة في العالم فكرت مجرد تفكير بانتزاع ولا متر واحد من سورية من أنياب وحوش العالم كله، ليكون السنة فيه آمنين من القصف والإبادة والحكم العلوي الدموي المتوحش، مع وجود دول تستطيع ذلك. فلو ضغط الاردن لأقام منطقة مماثلة في الجنوب، لكنه لم يفعل، ولو استخدمت السعودية ودول الخليج نفوذها ومالها لاشترت من الروس والامريكان ألوف الكيلومترات المربعة من سورية لتحمي السنة من الابادة. ولكنها لم تفعل، ولو شاءت أمريكا أو أوربا إقامة منطقة آمنة للسنة لكن فعل ذلك سهلاً عليها، ولكنها لم تفعل، ولم تفكر مجرد تفكير بالموضوع.

ومع ذلك يسب بعض السوريين من أقام لهم مناطق أمنة، وكأنه قاتلهم، ولا ينبسون ببنت شفة بحق من تركهم للموت والابادة والتشريد، مع قدرته على مساعدتهم.

ماذا كان سيحصل لو لم تتدخل تركيا وتنتزع (لمصلحتها الخاصة) هذه المناطق !؟ هل كانت ستكون محررة !؟

كلا، كل هذه المناطق أخذتها تركيا من تنظيم البككة المجرم، ومن تنظيم داعش، لم تأخذ ولا شبر من أرض كانت محررة. ولو لم يدخل الجيش التركي والجيش السوري الحر لهذه المناطق لما كانت ستكون حرة، وإنما كانت جيوش روسيا وإيران والنظام وحزب الله والبككة مخولة باحتلالها وإبادتها ومحوها من الوجود إن تطلب الأمر. وقد حصل كثيراً أن دمر الروس والنظام قرى وبلدات سورية تدميراً شاملا لم يبق منها ولا أثر، ولم ينطق أحد في العالم ولا بكلمة ضد هذا.

هل تستطيع تركيا تخليص أكثر مما خلصت !؟ لا أحد يعرف كواليس السياسة، وحقيقتها. ولنفرض أنه كان بإمكانها زيادة هذه المساحة، هل كان ممكن أن تشمل كل سورية !؟ الجواب قطعاً لا. هل كان يمكن أن تشمل نصف سورية !؟ الجواب قطعاً لا. ربما (وليس مؤكد) أنه كان ممكن أن تكون أكبر قليلاً، أكبر نسبياً، ولكن قطعاً ليس أكبر جوهرياً ولا نوعياً. لا تستطيع تركيا حتماً أن تحارب أمريكا وروسيا وإسرائيل وإيران وأوربا وكل الدول العربية ونصف الشعب التركي ونصف الشعب السوري.

وبكل حال السؤال الأهم هو : كيف لمن عجز، أن يحرر ولو شبر من سورية أن يلوم من حرر ١١ ألف كلم مربع وما زال يسعى لتحرير عدة آلاف أخرى ؟

فليأت أحد (جهة سورية أو أوربا أو مصر أو السعودية أو اليابان..) وينتزع متر مربع واحد (يعيش فيه السنة دون قصف ولا تهجير ولا حكم استعبادي علوي ولا روسي ولا إيراني ولا بككة)، ولو لمصلحته الخاصة وليس لسواد عيون السوريين، وأنا، وملايين السوريين سنحمل علمه ونضعه فوق رأسنا.

نحن لا نعبد تركيا، نحن نريد الحياة، ولا نجد يد واحد تمتد إلينا في هذا العالم الوسخ.

0

تقييم المستخدمون: 4.43 ( 7 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *