حفتر وكرزاي بانتظارنا…!!

كثير من السّوريين يعيشون وراء الأماني.. ويظنّون أنّ شهر العسل ينتظرهم…

لكنّ سُنَنَ (قوانين) الله لا تحابي أحداً، فكما كلّ عاقل يعلم يقيناً أنّ واحداً زائد واحد يساوي اثنين، فإنّ سنن الله أكثر موثوقيّة ويقيناً من تلك النتيجة البدهيّة، فمن لا ينصر اللهَ، فلن ينصرَه الله، ومن لا يتوكّل على الله حقيقة التوكل، فلن يكون اللهُ حسبَه، ومن ابتلي بالمعاصي، فأمامه العذاب الدنيوي، والمتفرّقون لن ينصرهم الله…فهذه من قوانين الله، ومن يتخلّف عنها فلا يلومنَّ إلا نفسه…!!!

والآن قراءة الواقع السّوري تقول لكلّ عاقل منصف، لا تُخدّره الشّعارات الإسلامية أو الوطنيّة…هذه القراءة تقول من دون تردّد: إنّ سوريا سَتُحكَمُ على طريقة كرزاي أفغانستان، وحفتر ليبيا..!!!

ففي أفغانستان عندما كان الثوّار موحّدين، انتصروا على روسيا، وبعد النّصر تفرّقوا واختلفوا إلى جماعات تُكفّر بعضَها وتُفسّق بعضها وتقتل بعضها…فقامت الدول الخارجية بتغذية ذلك واستغلاله على أكمل وجه، وكانت النتيجة أنّ وضع الأمريكيون والأوربيون خليفة لهم على أفغانستان وهو كرزاي، وأصبح الجهاد الأفغاني في مهبّ الريح…فلا دولة إسلامية، ولا دولة مدنية تحفظ الحريات أو الأمن أو الكرامة…إنها دولة مُسْتَعْمَرة ذليلة بلباس جديد…!!!

وفي ليبيا انتصر الثوارُ على القذافي عندما كانوا يداً واحدة، وبعد استقالة مصطفى عبد الجليل، دخلت الأيادي العربية والأجنبية لتلعب بالمجاهدين، فبدأ موّال التكفير والتقتيل والعلمانية والمناطقية والتقسيم…وجاؤوا بحفتر ليكون المخلّص لليبيا، وما زالت اللعبة مستمرّة، فإما تقسيم ليبيا أو حفتر الحالي أو حفتر جديد…

في أفغانستان وليبيا وفي سوريا نفس اللاعبين تماماً، واللاعبون هم: أمريكا وأوربا (الحلف الأطلسي)، وروسيا، وإيران، والسعودية، وتنظيم القاعدة، وفصائل أخرى مدعومة من هذا الطرف الدولي أو ذاك…وما زاد في سوريا هو ظهور دور لتركيا وقطر…

والواقع يقول: بما أنّ الذي يحرّك الصراع في سوريا هي نفس الأطراف الماكرة التي حرّكت أفغانستان وتحرّك ليبيا الآن، وهذه الأطراف من مصلحتها إما تقسيم سوريا أو دولة على طريقة كرزاي؛ لذلك فسوريا قادمة على مسرحية البطل كرزاي…!!!

والآن يأتي السؤال الهام: من الذي يتحمّل وصولنا إلى هذه الجريمة الكبرى.!!؟

نقول: لا شك أننا جميعاً نتحمّل المسؤولية، لكن الذي يقع عليه الإثم الأعظم هم:
1 ـ الفصائل العسكرية في سوريا: فهذه الفصائل بسبب إيديولوجياتها ومناهجها المتناقضة والمتصارعة، وبسبب ربط الكثير منها مصيرَها بالخارج…أصبح تطبيق أسلوب كرازي الأفغاني واقعاً قريباً…ولا نستثني هنا فصيلاً بعينه، فجميعهم مشتركون في هذه الجريمة، ولعلّ الفصائل التي ترفع شعار الإسلام هي الأكثر إساءة للمشروع التحرري، فالإسلام عندهم مجرد شعار يرفعونه، وإلا كيف يكونون إسلاميين؟ وهم يُكفّرون ويفسّقون ويبدّعون ويقتلون بعضهم، ولا يستطيعون أن يوحدوا صفوفهم…!!!

2 ـ السّياسيون: إنّ السّياسيين في سوريا شركاء في الجريمة الأفغانية الجديدة؛ فالسياسيون تتقاسمهم الدول العربية والأجنبية، فمنصة لموسكو، ومنصة للقاهرة، ومنصة لدمشق الأسد، ومنصات لأمريكا وأوربا والسعودية وقطر وتركيا…والسياسيون يطعنون في بعضهم البعض، ويخوّنون بعضهم البعض…ودخلنا في السنة السابعة ولم ولن يستطيعوا أن يشكّلوا جسماً واحداً، أو حتى عدة أجسام لكن ليست متناقضة..!!

والمؤسف أنّ السّياسيين هم المثقفون في المجتمع السوري، والطّامة الكبرى أنّ كرزاي سوريا وجماعته سيكونون من هؤلاء السياسيين…!!!

والآن يأتي السؤال الأخير: هل نموذج كرزاي وحفتر قادمان لا محالة !؟

نقول يمكن أن نتجنب نموذج كرزاي وحفتر بتحقيق الشروط الآتية:
1 ـ تشكيل جسم عسكري واحد للفصائل السورية، بعيداً عن الإيديولوجيا والمناهج والمصالح الفصائلية…

2 ـ أن نصل لجسم سياسي موحّد ينبثق عن الجسم العسكري الموحّد، وعن التجمعات السياسية الحالية.

3 ـ أن نصل لجسم مدني في المناطق المحررة، لكي يديرها بشكل عصري، والجسم المدني يكون من أهل الكفاءات، ويتشكل بالتنسيق مع الجسم السياسي والعسكري الموحّدين.

4 ـ إذا تشكل الجسم العسكري والسياسي والمدني، فسنجد من يقف معنا ويساندنا، وإن لم نجد فسننتصر؛ لأننا نكون قد أخذنا بالأسباب؛ وهنا تأتي المعيّة الإلهية التي تقلب الأوراق، ليصبح الذليل عزيزاً، والعزيز ذليلاً: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ }[القصص:5].

ومن دون تحقق هذه الشرط فحفتر قادم، وكرزاي يقف على الأبواب…!!!

يكفينا خداعاً لأنفسنا، ويكفينا تمجيداً لبعض الفصائل أو تحقيراً، ويكفينا مدحاً أو طعناً بالسّياسيين…

عندما تغرق السفينة سنموت جميعاً…!!!

وسَيْفُ الجزّار الغربي والشرقي، لا يميّز بين سياسي أو عسكري أو مدني…!!!

هي دعوة للاستيقاظ من نومنا وسكرتنا…!!!

هي دعوة للحبّ والتعاون…!!!

هي دعوة لنجتمع على ما اتفقنا عليه…!!!

فهل من مجيب…!!!؟

0

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *