محمد رسول الله مختصر سيرته

خطبة الجمعة

الكاتب: محمد أبو النصر
التاريخ: 18/ ربيع الأول/1436هـ – الموافق: 9/1/2015م
المكان: أحد مساجد حلب المحررة
المدة: 30 دقيقة

الأفكار الأساسية الواردة في الخطبة الأولى
1- يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا.
2- كم من المسلمين لا يعرف شيئًا عن نبيِّه ؟! بل ويدّعون محبّته !!
3- مختصرٌ لما يلزم المسلِم أن يعلمَهُ من سيرة رسوله الكريم.
4- رسول الله في المدينة قائدًا حكيمًا حليمًا متواضِعًا.

الأفكار الأساسية الواردة في الخطبة الثانية
5- الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ.
6- وفاة رسول الله ووصيته لأمّتِه.
7- تركتكم على البيضاء.
8- من هم الذين فهموا معنى الاعتزاز برسول الله؟

رابط الخطبة على صفحة الفيسبوك

لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF

لتحميل الخطبة صوتيا بصيغة MP3

* ملاحظة: ما بين معكوفتين [ ] فهو شرح مُدرج في سياق ذِكرِ الدليل.

الخطبة الأولى:
الحمد لله مُعِزِّ الإسلام بنصره، ومذلِّ الكُفرِ بقهره ومصرِّف الأمور بأمره، ومُديم النِّعمِ بشكره. الذي قدَّر الأيام دُولًا بعدله فاستدرج الكُفَّار بمكرِه، وجعل العاقبة للمتقين بفضلهِ، وأظهر دينه على الدين كُلِّهِ.

القاهرُ فوق عبادهِ فلا يُمانع، والظاهر عليهم فلا يُنازع، والآمرُ بما يشاء والحاكِم بما يريد فلا يدافع ولا يُراجع، أحمَدُه جلَّت قدرته وعزّ سلطانه وأعوذ به مما أحاط به علمه وأحصاه كتابه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، شهادة من طهَّر بالتوحيد قلبه، وأرضى بها ربَّه، وأشهد أنَّ نبيّنا محمداً عبده ورسوله رافِعُ الشكِّ وداحِضُ الشِّرك بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمّة وكشف الله به الغُمّة، وأقام في الناس كلمة التوحيد من آمن بها وعمل بمُقتضاها فقد أفلح وفاز فوزاً عظيماً، فصلوات ربِّي وسلامه عليه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه الغُرِّ المحجَّلين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين أمّا بعد عباد الله:

يقول الله تعالى وهو أحكم القائلين: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (التوبة:33)
ربُّنا ومولانا خالقنا المتفضِّلُ علينا، كان من رحمته بنا أن أرسل لنا رحمته المهداة للعالمين – صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين – أرسله لنا داعيةً يدعونا إلى الخير وسراجًا ينير لنا طريق الحقِّ في ظلمات الجاهلية، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا * وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ) (الأحزاب:45-48)

رسولنا البشير النذير كان سببًا هيّأه الله لنا لإخراجنا من ظلمات الجهل إلى نور الهداية، كم وكم من المسلمين يغفَلُ عن سيرته صلى الله عليه وسلم؟ كم من المسلمين لا يعرف شيئًا عنه صلى الله عليه وسلم ؟ بل ومن ثمّ يدعي أنّه يُحبُّه ويتّبِعهُ!! كم من المسلمين يجيب بالكلام الكثير فيما لو سألته عن لاعب كرةٍ، عن فاجِرٍ من الفجرة، عن غانيةٍ من الغواني، يعطيك عنهم أدقّ المعلومات والتفاصيل، يحدِّث عن سيرتهم وعن حياتِهم…. فإذا ما سألته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سيرته، عن حياتِهِ، عن سنّتِه، ترى ذلك المسرفَ الجاهِل يتلعثم ويتبلجم …لا يعرف شيئا عن نبيّهِ صلى الله عليه وسلم!..

لذلك إخوة الإيمان أحببت أن نتذاكر اليومَ ما لابدّ للمسلِم أن يعلمَهُ من سيرة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بشكلٍ مختصرٍ ومبسّط لكي ترسخ هذه المعلومات في أذهاننا فلا ننساها أبدا…

فرسولنا ونبيّنا هو (محمدُ بنُ عبدِ الله بنُ عبدِ المطّلِب بنُ هاشم) من قُريش من العربِ، من ذُرّيَّةِ اسماعيل ولَدِ نبيِّ الله إبراهيم- صلّى الله عليهم أجمعين – ولِدَ صلى الله عليه وسلم في مكّة عام الفيل، ولِدَ يتيمَ الأب، وماتت أمّه وهو طفلٌ صغير في السادِسة، فعاش يتيمًا في كنفِ جدِّه عبد المطلِب، وبعد موته آواه الله إلى عمِّه أبي طالب فأكرَمه وأحسن إليه، قال تعالى: (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى)(الضحى:6-8)

فهداية الله له كانت من قبل نبوّتهِ ومن قبل بعثته صلى الله عليه وسلم، إذ عصَمَهُ الله من عادات الجاهلية فلم يشرب الخمر ولم يزن، ولم يسجد لصنمٍ ولم يعبد غير الله.

وكان صلى الله عليه وسلم من أجمّلِ النّاس خَلقًا ومِن أحسنهم خُلقًا، وما عُرفَ عليه كذِبٌ قط فلقبه قومه بالصادِق الأمين صلى الله عليه وسلم.

تزوج بخديجة بنتِ خويلد وهو في الخامِسة والعشرين فأعانته بمالها يتاجِر لها فيه، وكان صلى الله عليه وسلم يتأمّلُ ويتفكّرُ في خلق السمواتِ والأرض، ويعتكف أيّاما في غارِ حراء حتى أتاه الوحيُ وهو في الأربعين من العمُر، فنبِّئ بـ (اقرأ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) أي صار نبيًّا أتته النبوّة في الأربعين بوحي الله له (اقرأ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)

ثمّ أرسلَ للناس بالنذارَةِ من الشرك والدعوةِ للتوحيد بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7))(المدثِّر:1-7)
(قُمْ فَأَنْذِرْ) أي أنذِر عن الشِّرك وعن عبادةِ غير الله.

(وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) وأمُر بتوحيد الله وحده وأمر بتعظيمهِ.

(وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) واهجرِ الأصنام واتَرْكُهَا وَأَهْلهَا وتبرَّأ منهم جميعًا.

فبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن حوله يدعوهم للإسلام سِرًا خوفًا من بطش مجرمي قريش، [ففي كلِّ زمانٍ ومكان هناك من تسوؤهم دعوى الإصلاح والتغيير، ممن يتشبّثون بعلائق الجاهلية، ويرفضون التغيير ويجيبون ناصِحهم: أتأتينا الآن بأهدى ممّا كان عليه آباؤنا؟؟ وكم شهدنا مثل هؤلاء في زماننا ممّن يسوؤهم إقلاع النّاس عن البدع والضلالات والخرافات، من يشعرون بالخوف تجاه التغيير]

فبقي رسول الله يدعو للتوحيد سرًّا ثلاث سنين يدعو فيها من حوله حتى نزل أمره تعالى (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (الحِجر:94) فأخذ يدعوا علنًا وجهارًا، ليلًا ونهارًا لتوحيد الله ربّ العالمين، وبدأ بعشيرتِه لأمرِه تعالى: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (الشعراء:214)

فآذاه قومه وسلّطوا عليه سفهاءهم فبلغ من إيذائهم له ولأصحابه الشيء الكثير، [تخيل أنّ الجمر المشتعل أطفئ بشحم ظهر بلال وقد أضجعوه عليه في صحراء مكّة]

ومع ذلك فقد أبى رسول وهو الرحمة المهداة للعالمين أن يدعو عليهم، ومرَّةً أرسل الله له ملَكَ الجبال فقَالَ له: ” يَا مُحَمَّدُ إنَّ اللهَ قَدْ سَمِع قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَأنا مَلَكُ الجِبال، وَقَدْ بَعَثَنِي رَبِّي إلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِكَ، فَمَا شِئْتَ، إنْ شئْتَ أطْبَقْتُ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ” [أي الجبلين الغليظين المحيطين بمكّة]

فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم:” بَلْ أرْجُو أنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً” متفقٌ عَلَيْهِ.
فأَخَذَ عَلَى هَذَا عَشْرَ سِنِينَ يدعوهم إلى الله، وَبَعْدَ العَشْرِ عُرِجَ بِهِ إِلى السَّمَاءِ، وَفُرِضَتْ عَلَيْهِ الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَصَلَّى في مَكَّةَ ثَلاَثَ سِنِينَ فقط.

وَبَعْدَهَا أُمِرَ رسول الله بِالهِجْرَةِ إِلى المَدِينَةِ، فخرج مِن أحبِّ البلاد إليه مهاجرًا في سبيل الله، فَلَمَّا اسْتَقَرَّ في المدينة أُمِرَ فِيهَا بِبَقِيَّةِ شَرَائِعِ الإِسْلاَمِ؛ بعد أن تعمّق الإيمان وتغلغل في قلوب الصحابة أُمِر رسول الله بالهجرة وأُمِرَ ومن معه ببقية شرائع الإسلام ففرضت الزَّكَاةِ وَفُرِضَ الصَّوْمِ وَالحَجِّ والأَذَانِ وَالجِهَادِ وَالأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ.

فرِضت الضوابط الاجتماعية وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ شَرَائِعِ الإِسْلاَمِ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة نبيًا رسولًا وقائدًا حكيمًا حليما متواضِعًا بَرًا رؤوفًا

كان نبيًا رسولًا يعلِّم الناس رسالة ربِّهم ويأمرهم بالاتباع وينهاهم عن الابتداع في الدين فكان من قوله صلى الله عليه وسلم (إنَّ أصدقَ الحديث كتاب الله، وأحسنُ الهدْي هدْيُ محمد، وشرُّ الأمور محدَثاتها، وكل محدثَة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار) [اللفظ من رواية النسائي]

وها هو أنس رضي الله عنه يحدِّثنا عن رسول الله بصفته قائدًا حكيمًا كيف كان تعامله وسلوكه مع النّاس ففيما روى البخاري عن أنسٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم “كان يمرُّ على الصِبيان يلعبون فيسلِّمُ عليهم”. [رسول الله وهو النبي وهو القائد وهو الأمير سيد السادات وقائد القادات يتواضع لخلق الله المؤمنين] وعنه رضي الله عنه قَالَ: “إن كَانَتِ الأَمَةُ مِنْ إمَاءِ المَدينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءتْ”. [أي تأخذ البنت الصغيرة أو الجارية بيد هذا القائد العظيم فيذهب ليقضي لها مسألتها وليعينها على حاجتها]

هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو القائد الذي أدَّبَهُ ربُّه فأحسن تأديبه

رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي مَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى، أمُرَ بشورى أصحابه ليُعلِّمنا سُنَّةَ الحاكم الرشيد، فقال تعالى (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ )(آل عِمران:159)

فكان يشاورهم ويأخذ بما يرى فيه الخير، فإذا قضى أمرًا فليس لهم أن يخالفوه صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) (الأحزاب:36)

فبعد أمر رسول الله وقضائه ليس لمؤمنٍ ولامؤمنةٍ أن يكون لهم الخِيرة

اللهم اجعلنا من المؤمنين، ممّن لا يرضون عن أمر الله ورسوله بديلا، اللهم اجعلنا من المتبعين ولا تكتبنا من الضالِّين المبتدعين المُضِلِّين إنّك يا مولانا سميع قريب مجيب

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفا وصلاةً وسلامًا على عبده الذي اصطفى عباد الله، خير الوصايا وصيّة رب البرايا:
(وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء:131]

فاتقوا الله عباد الله، فبتقوى الله العصمة من الفتن، والسلامة من المِحَن. أمّا بعد:
أمّا بعد إخوة الإيمان:
نُتابع حديثنا عن نبيِّنا وحبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، نتحدَّثُ عنه وهو مع أصحابه في المدينة المنوّرة على ساكنها أفضل الصلاة وأتمّ التسليم، تلك المدينة التي بقي فيها رسول الله عشر سنين أكرمَه الله فيها بفتح مكّة، ودانت له العربُ قاطِبةً وأكمل الله عليه الدِين.
فشرّف الله هذه الأمّة بما لم يكن لغيرها من الأمم، حتى قال أحبار اليهود: “آيةٌ في كتابكم تقرؤونها لو علينا نزلت – معشَر اليهود – لاتخذنا ذلك اليوم عيداً” وذلك قوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (المائدة:3)

فكان من شأنِه صلى الله عليه وسلم وهو خاتم الأنبياء والمرسلين أن أتمّ الله عليه الدين فدينه خاتم الأديان إلى قيام الساعة.

وقد كان من شأنِه صلى الله عليه وسلم أن خصّه الله تعالى وأمَّتَهُ بما لم يكن لغيره من الأنبياء والمرسلين، فنُصِر رسول الله بالرعبِ مسيرةَ شهر يقذِفُهُ الله في قلوبِ أعدائه، وقد كان روحي فِداه مُجاهدًا شجاعًا مِقدامًا يلوذ الصحابة بجنابِه إذا حمي الوطيس، فشُجَّ رأسُه وكُسِرت رباعيته وجاهد في الله حقّ جهاده حتى أتاه اليقين، فحان أجله – روحي فِداه- كما يحين أجل كُلِّ مخلوقٍ خلَقَهُ الله، فالله تعالى يقول: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) (الزمر:30).

وكان آخِرُ ما نزل عليه من القرآن: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) (البقرة:281)
فتوفيَ صلوات ربّي وسلامُه عليه، وقد بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة، ونصح الأمّة وكشف الله به الغمّة، وكانت عامَّة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضرَته الوفاة وهو على فراش الموت: “الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم” [رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة والنسائي] [رسول الله وهو على فراش موتِه يوصيك أيُّها المسلم بعماد الدين ألا وهو الصلاة…. “الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم”… أي ترفَّقوا بما ملَكت أيمانكم بزوجاتكم وعبيدكم ومملوكيكم وخدمكم]

وقد كان ممّا أوصانا به روحي فداه قوله صلى الله عليه وسلم: “قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، ومن يعِش منكم فسيرى اختلافا كثيرًا فعليكم بما عرَفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ … ” [والحديث صحيح رواه أحمد وابن ماجه]

ولعلّ أفضل من يطبِّق هذا في زماننا، المؤمنون المجاهدون المخلصون الذين يذودن عن أمّة الإسلام ويدكُّون معاقل الكفر والطغيان، أولئك المستمسِكون بسنة رسول الله، أولئك المدافعون عن سنّةِ رسول الله، مَن يسمع الناس أخبارهم من التلفاز… من يسمع الناس أخبارهم قربَ المدافئ في البيوت، وأولئك المجاهدون الصادقون في هذا البرد القارس يقتحمون على العدو معاقله، أنت قُرب المدفأة في بيتك وهم في ساح الوغى يذودون عن حمى الإسلام والمسلمين.

والبارحة بفضل الله وكرمه دكّ أولئك الأبطال معاقل جند الكفّار في نبل بأكثر من خمسمائة قذيفة، واقتحموا عليهم حصونهم التي بدأت تتهاوى بصبر الصابرين وبثبات المؤمنين وبرعبٍ قذفَه الله في قلوب المجرمين، لكي يعلم الكفّار أنّ الحرب وإن كانت سجال فإنّ العاقبة للمتقين …

نعم … العاقِبَةُ لأولئك الذين علِموا ما لابدّ للمُسلِمِ أن يعلَمَه مِن سيرة نبيّه فالتزموا منهجه صلى الله عليه وسلم وتشرّفوا بأن يكونوا حُماةَ حِمى أمّتِه، أمّةِ خير الأنبياء والمرسلين.

أولئك المجاهدون الذين فهموا أنّ محبّة رسول الله والاعتزازِ به لا يكون بمجرَّدِ الكلام أولئك الذين أدركوا معنى العِزَّةِ باتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم

ومما زادني شرفًا وتيها ******** وكدتُ بأخمَصي أطأ الثُّريَّا
دخولي تحت قولِكَ يا عبادي ********* وأن صيَّرت أحمدَ لي نبيّا

اللهم اجعلنا منهم واكتبنا معهم واحشرنا بصحبتهم تحت لواء سيّد المرسلين …

إنِّي داعٍ فأمِّنوا

0%

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *