التوعية النوعيةالثورة السوريةتهجير أهالي مدينة حلبخطبخطبة الجمعةكاتبكانون الأولمتابعات وتوجيهاتمحمد أبو النصرملفات وبطاقات دعويةمناسبات الأشهر الشمسية

حلب وما بعد حلب

خطبة الجمعة 113

#خطبة_الجمعة
#الشيخ_محمد_أبو_النصر

حلب وما بعد حلب

التاريخ: 17/ ربيع الأول/1438هـ
الموافق: 16/ كانون الأول/2016م

🕌 من أحد مساجد حلب المحررة
⏱ المدة: 27 دقيقة

🔴الأفكار الرئيسة في الخطبة الأولى:
1- محنة أهل حلب بين تعاطي المؤمنين ونطرة المنافقين
2- لا يغرنَّك تقلب الذين كفروا في البلاد
3- الفرق الخطير بين تعاطينا مع مصابنا بحلب وتعاطي النظام ومن معه يوم أخذنا منه إدلب وما حولها
4- بل هم الكرّارون
5- كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ
6- كيف ستُقلب محنة حلب منحةً بإذن الله.

🔴الأفكار الرئيسة في الخطبة الثانية:
7- حتى يغيروا ما بأنفسهم
8- أهمية المظاهرات في تصحيح مسار الثورة
9- ضوابط للمظاهرات لكي لا تتحول من إصلاح إلى إفساد.
10- تحذير ممن يحاول امتطاء مظاهرات الشعب.

رابط الخطبة على الفيسبوك

لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF

لتحميل الخطبة صوتيا بصيغة MP3

* ملاحظة: ما بين معكوفتين [ ] فهو شرح مُدرج في سياق ذِكرِ الدليل.
الخطبة الأولى
الحمد لله ربِّ العالمين، ابتلى عباده ليختبرهم وأثابهم على صبرهم بجنات النعيم
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)

(آل عمران: 142) والصلاة والسلام على قائد القادات وسيِّد المجاهدين، إمام الرسل، سيدنا محمد الذي ابتلاه ربُّه بألوان البلاء فصبر فكان خير الصابرين، وشكر فكان خير الشاكرين، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وأصحابه الغُرِّ المُحجَّلين، ومن سار على دربهم واهتدى بهداهم إلى يوم الدين، أما بعد إخوة الإيمان:

الأحداث تتسارع، ومجرَيات الأيامِ تسير فينا، وها نحن اليوم نشهد تهجير أهل حلب الصابرين، تهجير المجاهدين الذين ثبتوا في أحيائهم بضعا من السنين، أولئك الذين ثبتوا وجاهدوا ورابطوا وصابروا وصبروا… فحوصِروا ودُمِّرت مدينتهم على رأسهم
فما خرجوا إلا لأجل الأطفال والنساء، يوم لم يعد لهم طعامٌ يُشبعهم، ولا ماء تترويهم، بعد أن دمرت بيوتهم على رؤوسهم… أهل حلب المجاهدون الذين استجابوا لنداء ربهم، الذين يُظهِرُ بعض المنافقون الشماتة بهم!!

نعم، يشمت بهم بعض المنافقون وبعض فاقدي الإيمان وعديمي الضمير، يخاطبونهم: ماذا أفادتكم حربكم؟ وماذا استفدتم من صبركم ومن جهادكم؟

ولسان المجاهدين في حلب (رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ) [آل عمران: 193-194]. أملنا بربنا كبير، ربنا آتنا ما وعدتنا على رسلك؛ نصرٌ وفتحٌ ولو كان بعد ابتلاء وصبر، أو شهادة في سبيل الله تغيظ العدا… فماذا كان جواب ربهم؟ (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى) [آل عمران: 195]. لمن يشمتُ من المنافقين نقول له هذا ديننا، ربنا وعدنا (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ ) [آل عمران: 195].

لمن يسأل ماذا استفادوا؟ (فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ ) [آل عمران: 195]

تكفير السيئات وجنات الخُلد هذا في الآخرة ما يعني هذا الكلام، أسيبقى الكفار متصرفين في هذه الأرض متحكمين بالعباد؟؟!!

تُتبع الآيات الكريمة لتخبرنا بحال أولئك (لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197)) [آل عمران: 196-197].

(لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ) … حدثتكم فيما مضى عن التتار وعن غزوهم لبلاد الشام، وكيف ذبحوا أهل حلب ودمشق .. ولكن هل حكم التتار إلى الأبد؟ هل استمر حكمهم؟ … الجواب: لا، لا إنما هي بضع سنين وأخرجهم المسلمون مدحورين من بلادهم، وعاد أهل حلب وأهل الشام أهل السنة لحكم بلادهم.

حدثتكم يوما عن الصليبين الذين استحلوا بعض مدن وسواحل بلاد الشام فبقي المسلمون معهم بين كرٍّ وفرٍّ مئتين من السنين، حرب لم تقف يوما ولم تهدأ حتى أُخرِجوا من ديار المسلمين… حدثتكم أيها الأحبة يوما عن أهل فيتنام البوذيين، كيف أخرجوا من مدنهم ومن قراهم وذبحت منهم الألوف المؤلفة وبقيت حربهم بضع عشرة من السنين فما ضعفوا وما استكانوا حتى أخذوا حقهم وحرروا بلادهم.

والله أيها الأحبة ما نسمعه من البعض أمر عجيب، أمر ينمُّ عن ضعف الإيمان، ينمُّ عن ضعف الاعتقاد بوعد الله، البعض أيها الأحبة يتحدث عن خسارة أحياء حلب وكأن الحرب انتهت وكأن الثورة انتهت!!

أبناؤنا ومن هم بين ظهرانينا يروجون لدعايات العدو، فلنُجرِي مقارنة بسيطة بين حالنا اليوم وقد خسرنا أحياء حلب المحاصرة وبين حال النظام ومؤيديه يوم أخذنا منه إدلب وريفها… أيها الأحبة حلب المدينة لم تكن محررة بالكامل ولم تحرر طيلة الثورة، كان معنا بضعة أحياء دمرها النظام على رؤوس ساكنيها وخربها على رؤوس من فيها ومع ذلك صبر فيها من صبَر، وثبت فيها من ثبت، لا لشيء إلا لأجل استنزاف النظام، لا فائدة عسكرية، اليوم هذه الأحياء حوصرت وجوِّع أهلها ودُمِّرت، هي استنزاف لنا وللعدو فخرج منها أبطالنا بعد أن استنزفهم العدو بطعامهم وشرابهم ودمر على أولادهم، نحن لم نخسر محافظة حلب، الآن وفي هذه اللحظة وانا أكلمكم أكثر من 30% من محافظة حلب محررة بيدنا وجزء منها مع أكراد البي كي كي والنظام لا يحكم إلا على 18% من مساحتها، أنا أكلمكم في هذه اللحظة ومدافعنا وقذائفنا وصواريخنا تطال أي نقطة للنظام في حلب، لا يوجد في حلب كلها مدينة وريفا نقطة واحدة لا تطالها مدفعيتنا وصواريخنا.

في المقابل يوم أخذنا إدلب من النظام أخذنا مدينة كاملة وأخذنا أريافها والآن أحدكم يسير بسيارته ثلاث ساعات لتخوم الساحل وجبال الساحل كلها مناطق محررة، ولكن لاحظوا الفرق في التعاطي: نحن خسرنا أحياء محاصرة مدمرة لا قيمة عسكرية لها ضخمها الإعلام وهولها حتى جعلها نهاية الحرب ونهاية الثورة ونهاية الجهاد، وفي المقابل مؤيدو النظام وأتباعه والكفار ومن كان معه خسروا إدلب وأريافها، وجسر الشغور وما حولها، ووادي الضيف وما حوله، مساحات شاسعة وكانوا يقولون: “انسحاب تكتيكي وسنعود” … أيكون الكفار أوثق بوعود أربابهم منكم أيها المسلمون؟! هم قالوا نحن سنعود، خمس سنوات حتى استطاعوا أخذ هذه الأحياء بعد ان حاصروا أهلها وجوعوهم، ومعنا كل هذه المناطق المحررة، الآن وانا أكلمكم إخواننا في شمال حلب يحررون باقي المناطق لتعدون لحاضنة الثورة من المجرمين الخوارج (الدواعش) البغاة، الآن أكلمكم والمعارك في الباب على أشُدِّها، المناطق التي في الشمال هل هي من البرازيل أو الأرجنتين ؟! أم أنها تعود لحاضنة الثورة ؟! والبعض يروج للهزيمة أيها الأحبة، البعض يلوم المجاهدين على جهادهم، البعض يتأسى بالمنافقين الذين كانوا زمن النبي – صلى الله عليه وسلم – الذين كانوا يُظهرون الإسلام ويُبطِنون الكفر؛ كانوا يتهمون النبي وصحابته بأنهم يقتلون الناس، لماذا أيها النبي فرض ربك الجهاد علينا؟! فأنزل الله تعالى بحقهم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا [… لا حظوا كيف سماهم الله كافرين …] )

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا) [آل عمران: 156]، شبيحة النظام ومؤيدوه والمنافقون وعديمو الإيمان وعديمو الدين هذا لسان حالهم: ” لو ما قمتم بالثورة لما مات الناس ولما قتلوا “، والله يخاطبهم (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا) [آل عمران: 156].

أيها الأحبة الحرب كرٌّ وفرٌّ، يوم لنا ويوم علينا ولكن العاقبة للمتقين.

أيها الأحبة عندما نتحدث عن الخروج من الديار أود أن أذكركم بأن سيد المرسلين المؤيد بالوحي والمؤيد بالمعجزات من ربّ العالمين أُخرِج وهاجر من دياره
(كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ) [الأنفال: 5] أنكون أكرم على الله من النبي  ، النبي أخرجه قومه (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ) [الأنفال: 5]، نحن كارهون لمغادرة مدينتنا، نحن كارهون لخسارة مؤقته عندنا يقين أنا لنا بعدها كَرَّات وكَرّات، يوم مؤته أيها الأحبة وجيش المسلمين لا يعد شيئا أمام جيش الروم قاتل المسلمون قتل الأول من قادة المسلمين، والثاني والثالث ثم أخذ الراية سيف الله المسلول خالد بن الوليد من خير قادات المسلمين… نظر في المعركة فوجد أن النصر فيها، عندما تحارب القلة دولة عظمى أن تنكأ فيها ثم تنسحب لتحافظ على عصبة المسلمين، فما كان منه إلا أن قلب الميمنة ميسرة والمسيرة ميمنة والمقدمة مؤخرة والمؤخرة مقدمة وأمر قوما أن يسيروا على الجبال على الرمل لكي يظن القوم أن هناك مددًا للمسلمين، فلمَّا تغيرت الوجوه المتقابلة ظن الروم أن الجيش الذي أمامهم تغيَّر… ثمَّ كرَّ عليهم كَرَّة بسيطة ليجبط معنويات العدو، ثم انسحب بجيش المسلمين فلما وصلوا المدينة تلقاهم رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – « فقال قائل : أنتم الفرَّارون ؟ فقال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – : لا ، بل هم الكرّارون ». [أخرجه أبو داود بلفظ (العكَّارون)] لا ، بل هم الكرّارون، لهم كَرّة وبالفعل سنوات وعظُمت شوكةُ المسلمين وقويت دولتهم وفتح المسلمون بلاد الروم قاطبة، هكذا هي الحروب أيها الأحبة… البعض فينا رُبِّيَ على إصدارات اليوتيوب يظن أن الحرب انتصارات دائما كرٌّ وفرٌّ، انسحابٌ وهزيمة، لماذا لم يقل النظام وقت أخذنا إدلب أن الحرب انتهت؟! لأنه يعرف طبيعة الحرب، والآن المنافقون يبُثون بينكم أن الحرب انتهت! … الحرب لم تنتهي، ولنا كَرّة وكَرَّات، وهذا كان خيارا أمثل في هذه الظروف لكي نحفظ بيضة المسلمين فيما تبقى معنا من المقاتلين، ولهذا فإنَّ النظام المجرم وإيران حتى هذه اللحظة لا يريد إخراجهم لأنه يعرف أن كثيرا من أولئك سيسعى لكي يعود على مدينته فاتحا، سيسعى لكي يركب ركب الجهاد بعد أن تكون حلب سببا لإصلاح ما وقعنا فيه من أخطاء،
(كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ) أخرجنا ربنا من بيتنا بالحق لتكون حلب سببا لإصلاح الأخطاء التي وقعنا فيها، عندما أعد بالنصر، ويعدنا الله بالنصر لا يعني ذلك أننا نُبرِّر الأخطاء، بل على العكس تماما، أقول لكم إن مِحنة حلب ستقلب مِنحةً بإذن الله، وستكون سببا لإصلاح الأخطاء التي حصلت في ثورتنا…

عندنا أخطاء كثيرة؛ الله تعالى قال لنا (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذهب ريحكم) [الأنفال: 46]، ونحن نتنازع، قال لنا : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) [آل عمران: 103] فلم نعتصم بحبل الله جميعا، قال لنا (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ) [الأنفال: 60]، فلم نُعِدَّ لهم ما استطعنا من قوة، قال تعالى (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا) [البقرة: 269] ونحن صدَّرنا السُّفهاء بدل أن نُصدِّر الحُكماء ليخاطِبوا العالم الخارجي فصار أحدهم يخاطب الناس بأنه سيفتح روما وهو لم يستطع أن يفتح حارتين في حلب لكي يكسر الحصار عن إخوانه…

نعم، تنازعٌ وعدم استعداد، وتصديرٌ للسفهاء، هذه المشاكل بإذن الله ستكون حلب سببا في حلِّها، سنسمع عمَّا قريب بتوحدٍ يسرُّ المؤمنين، وسنسمع عما قريب بإصلاح لهذه الثورة لتنفي خبثها، وسنسمع بإذن الله عمَّا قريب كيف سيمج الناس المزاودين والسفهاء لكي يكون الخطاب خطابا حكيما يناسب واقع جهادنا ويناسب حال بلدنا، والله أيها الأحبة إن وعد الله حق وصدق وكلنا يقين وثقة بالله، ثقوا بربكم، إن قوما اساؤوا الظن بربهم فأرداهم (وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِين) [فصلت: 23]. … اللهم اجعلنا ممن يحسنون الظن بك وبوعدك

اللهم إنا نسألك أن تفرج كربنا وأن تجمع شتاتنا وأن توحد كلمتنا أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين

 

الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عبده الذي اصطفى، عباد الله خير الوصايا وصية رب البرايا (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء: 131]، فاتقوا الله عباد الله فبتقوى الله العصمة من الفتن والسلامة من المِحَن، واعلموا عباد الله إنّ الله لا يغير ما بقوم حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم، وأنَّا قادمون على مرحلةٍ وجب علينا فيها التغيير وجوبا آكد مما كان يجب به علينا فيما مضى، فإن لم نغير ما بأنفسنا لن يتغير حالنا، لا بد أن يكون التغيير على صعيد كل المستويات، لا يكفي أن نطالب القادة بالتغيير وأن نطالب المجاهدين بالتغيير، التغيير يبدأ من كل نفس واحد منا، من أسرتنا، من مجتمعنا، من مسجدنا، من مدرستنا، من فصائلنا المجاهدة، من قياداتها، هذه كلها يجب أن نغير فيها، والتغيير لا يكون بإلقاء اللوم على الآخرين أبدا، كل واحد منا سيساهم في هذا التغيير أيها الأحبة…

ومن هذا التغيير أعجبني في الأسبوع الماضي خروج الناس في المظاهرات مطالبة بالإصلاح، خروج الناس في المظاهرات أيها الأحبة دليل خيرية هذا الشعب، دليل خيرية مجتمع مسلم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، خروج الناس بالمظاهرات أيها الأحبة تصليح لبوصلة الثورة التي حرفها البعض عن اتجاهها الصحيح، نعم حرفها الفصائليون بفصائليتهم، والمزاودون بمزاودتهم، والغلاة بغلوهم… خروج الشعب في المظاهرات هو المعيار الصحيح الذي سيصحح بوصلة هذه الثورة.

وهنا أيها الأحبة أود أن أحذركم من مجموعة أمور تتعلق بالمظاهرات :
أولها: أنه من لا يروقة مظاهراتكم, وأنّ الفاسدين المفسدين الذين ستضايقهم مظاهراتكم سيسعون لإفسادها من داخلها، إفساد المظاهرات يكون بتحويلها لأعمال شغب وعنف وأذية للمسلمين وتدميرٍ وحرق للممتلكات، نعم أيها الأحبة أذناب النظام عملاؤه الشبيحة والدواعش وبعض من يريد أن يركب هذه الموجة سيسعى لكي يحرف بوصلة مظاهراتكم، فلا بد من هذه المظاهرات ولا بد لها من تنسيقيات ولابدَّ لها من شباب يصورون ما فيها ويراقبون أي شخص يريد حرفها، البعض أيها الأحبة يريد أن يستثمر مظاهراتكم للطعن بفصائل على حساب أخرى، وأنا أقول لكم – والله بيني وبينكم (شاهد) – كل الفصائل ولا استثني منها واحدة؛ لا بلحية ولا بلا لحية ولا أخضر ولا أبيض ولا أسود كلها شاركت بالوصول للحال الذي نحن عليه الآن، وكلها تتحمل نفس المسؤولية، وكلهم والله لم أجد لأحدهم خيرية على آخر،
فكلٌّ منهم له إيجابيات وعنده سلبيات، فلا تجعلوا أحدا منهم يمتطي مظاهراتكم، أُخرجوا بمظاهراتكم وارفعوا صوتكم فلن تنتصر هذه الثورة حتى تعود لحاضنة الشعب، نادوا بالإصلاح وأسقطوا الخونة وأسقطوا المتكاسلين، ولكن وإياكم وأذية المسلمين، إياكم وتدمير الممتلكات، إياكم وإشاعة الفوضى كما يروجها لها البعض والتعرض لمستودعات المجاهدين وما شابه، أما حواجز المكوس وتوازع السيطرة بألوانها البيضاء والسوداء والخضراء فهذه إزالتها حقٌّ واجبٌ من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، نعم أيها الأحبة لن تصلح ثورتنا حتى تعود الثورة إليكم.

وختاما أقول لكم إنّ هذه المظاهرات قد تحملك وزرا أمام الله إن كنت أيها المسلم ممن يقولون ما لا يفعلون (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) [الصف: 2-3] بعض من يطالب بإصلاح الجهاد والمجاهدين من الشباب الأقوياء أصحاب العزم بعد أن يخرج بالمظاهرات ويشنع على أخطاء بعض المجاهدين يرجع إلى بيته ويسهر مع زوجته ويكون قرب المدفأة ويسهر على جهاز الهاتف ولا شُغلَ له إلا لوم المجاهدين، وكأن الجهاد لم يفرض عليه، وكأن شغلته أن يُعيِّر فقط وأن يتتبع العورات، من أراد الإصلاح يجب أن يكون من المصلحين، أن يطالب بالإصلاح وأن يكون صالحا فأنت أُمِرت بالذود عن حياض المسلمين كما أُمِر أخوك، ويكفيه شرفا أنه يذود عن عرضي وعرضك..

نسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا وأن يعيذنا من شرور أنفسنا وأن يولي علينا خيارنا وأن لا يسلط علينا بذنوبنا شِرارنا

إني داع فأمنوا

تقييم المستخدمون: 5 ( 3 أصوات)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى