خطبة عيد الأضحى لعام 1436هـ – إني ذاهب إلى ربي سيهدين

  • خطبة عيد الأضحى 1436
    خطبة عيد الأضحى 1436
  • خطبة عيد الأضحى 1436
    خطبة عيد الأضحى 1436
  • خطبة عيد الأضحى 1436
    خطبة عيد الأضحى 1436
  • خطبة عيد الأضحى 1436
    خطبة عيد الأضحى 1436

عنوان خطبة عيد الأضحى لعام 1436هـ – إنّي ذاهب إلى ربي سيهدين

الجامع: أحد مساجد حلب المحررة
التاريخ: 10/ ذو الحجة /1436هـ
الموافق: 24/أيلول/2015م
الشيخ: محمد أبو النصر

الأفكار الواردة في الخطبة الأولى:
1- الأعيادُ في الإسلام طاعةٌ وفرحةٌ تأتي بعد الطاعة، وأملٌ يبثّ في النفس رغم الكرب والضيق
2- عيد التضحية والفِداء، يوم تجديد ذكرى النبيَّيْن إبراهيم وإسماعيل
3- إبراهيم – عليه السلام – يُمتَحن؛ ليُمنَح، ويُختَبر؛ ليَعلُو، ويُبتَلى؛ ليَسمُو
4- إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
5- من ذا الذي سيقول لأهله ﴿ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾
6- يهددوننا بروسيا ونحن نقول لهم ﴿كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾
7- الفجر الباسم قادم

الأفكار الواردة في الخطبة الثانية:
8- أحكام الأضحية
9- آداب العيد للرجال والنساء

رابط الخطبة على الفيسبوك

لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF

لتحميل الخطبة صوتيا بصيغة MP3

* ملاحظة: ما بين معكوفتين [ ] فهو شرح مُدرج في سياق ذِكرِ الدليل.
الخطبة الأولى
الله أكبر (تسعاً)
1- الله أكبر ما وقف الحجّاج بعرفة خاشعين مهلّلين.
2- الله أكبر ما طاف الحجّاج بالبيت وسعوا بين الصفا والمروة ذاكرين مكبّرين.
3- الله أكبر ما وقف الحجّاج بالمشعر الحرام طالبين راغبين.
4- الله أكبر ما رموا الجمرات محلّقين رؤوسهم ومقصرين.
5- الله أكبر عدد ما ذكر ذاكرٌ وكبَّر.
6- الله أكبر عدد ما تاب تائب واستغفر.
7- الله أكبر ما تقاربت قلوبُ المسلمين.
8- الله أكبر ما تضافرت جهود المجاهدين الصادقين.
9- الله أكبر ما هُزم الكفرة والبغاة و ولَّو مُدبِرين.

الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً، وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلاً، الله أكبر كبيرا، الحمد لله كان بعباده خبيراً بصيراً, تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا، وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا.

والصلاة والسلام على من بعثه ربه هادياً ومبشِّراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً, فبلّغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمَّة، وكشف الله به الغُمَّة، وجاهد في الله حقَّ جهاده حتى أتاه اليقين, هدى الله به البشرية, وأنار به أفكار الإنسانية، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً.

أمَّا بَعــــــْد عباد الله: فالحمدُ لله الذي جعَل الأعياد في الإسلام سببًا للهناء والسُّرور، الحمد لله الذي تفضَّل في هذه الأيَّام العشر على كلِّ عبدٍ شَكُور، الحمد لله الذي هدانا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله
وَاللهِ لَوْلاَ اللهُ مَا اهْتَدَيْنَا وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا
فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا
عباد الله:
إنّ من كرم الله عزّ وجلّ علينا أمة الإسلام، أن سنّ لنا أعيادا تكون لنا بهجة، وسرورا، وفرحاً وحبورا، يجد فيها المسلم مندوحة للنفس ينسى فيها شيئا من همومه وأحزانه، ويعود فيها أرحامه وخلّانه، وما سمي العيد عيداً إلا لأنّ الله تعالى يعود فيه بعوائد الإحسان على عباده ولأنّه يعود ويتكرر بالفرح. ذاك الفرح الذي يكون بعد طاعة الله وبعد تعظيم شعائره سبحانه.

فأعيادنا – إخوة الإسلام – ليست انطِلاقًا وراءَ الشَّهوات، وليسَتْ سِباقًا إلى النَّزوات، وليست انتِهاكًا للمُحرَّمات، أو سَطْوًا على الحدود والحرمات.
الأعيادُ في الإسلام طاعةٌ وفرحةٌ تأتي بعد الطاعة، وأملٌ يبثّ في النفس رغم الكرب والضيق لتجد النفس سلوى عن حالها، لتجدد اليقين والثقة بفرج الله العاجل (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) (الشرح:5-6) ، ذاك الفرج الذي لا يكون إلَّا بعد تضحيةٍ وفداء، ورضًا واستسلامٍ وانقيادٍ لأمر الله ورسوله.

وها نحن اليوم – إخوة الإيمان- نجتمع لنؤدي شعائر صلاة عيد الأضحى، عيد التضحية والفِداء، يوم الفرَح والصَّفاء، يوم المكافأة من ربِّ السماء يوم تجديد ذكرى النبيَّيْن الكريمَيْن إبراهيم وإسماعيل صاحبي الفضل والعَطاء، درسٌ خلَّد الله لنا ذكراه لنعرِف عاقبة المؤمنين المستسلمين لمراد الله، لنعرف عاقبةَ الواثقين بفرج الله المتمسِّكين بأمره رغم الكرب والشدَّة ورغم تكالب الأعداء وقلِّة النصير، فقد أراد الأعداءُ بإبراهيم سوءًا، فأنجاه ربُّه ﴿ فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ ﴾ [الصافات: 98].

(وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) [الصافات:99-100]

دعا ربَّه راجيا أن يُمدَّه بالصالحين ليكونوا عونًا له على إصلاح الأرض ونشر التوحيد، فليست العبرة بكثرة الذرِّية، إنما العبرة بصلاحها… فأتت الإجابة من الله سبحانه ﴿ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ ﴾ [الصافات:101]

نبيٌ كريم عاش ردحا من الزمان لا يرزق بذرِّية، يبشِّره ربُّه بغلامٍ حليم، ولكن بعد تلك البشارة أتت المِحن وأتى الابتلاء، إبراهيم – عليه السلام – يُمتَحن؛ ليُمنَح، ويُختَبر؛ ليَعلُو، ويُبتَلى؛ ليَسمُو؛ ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ﴾ [الصافات: 102] أَيْ بَلَغَ سِنَّ مَنْ يَمْشِي مَعَ أبيه فِي شؤونه فبدأ يتعلَّق به ويستشعر أهمِّيته، أرادَ لله له إخلاصَ قلبِه، وتمحيصَ فؤادِه، واصطِفاء نفسه، واجتِباء وجهته فابتلاه؛ ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى ﴾

[ورؤيا الأنبياء وحيٌ وحق، فما كان ردُّ ذلك الولد الذي ربِّي على اليقين والثقة بالله؟] ﴿ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الصافات: 102] قمَّة الطاعة لله وقمَّة الاستسلام لمراد الله وقمّة الثقة بوعد الله، ولده ووحيده الذي أتاه بعد طول انتظار يؤمر بذبحه، فلا الأب يعترض ولا الأم تعترض والولد يستسلم لمراد الله … (فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ)، أي: صرعه على وجهه ليذبحه من قفاه فلا يشاهد وجهه، وكان هذا بناء على طلب اسماعيل ليعين أباه على طاعة الله، فإذا بالوالِد يحزُّ الولد بالسكين فلا تعمل، فيحدُّها أخرى ثم يكرِّر الذبح فلا تعمل، يكرِّر الثالثة فيلينُ الحديد ولا تعمل، كلُّ ذلك والذبيح صابر لأمر الله، والخليل يبتهل إلى مولاه، فلما رأى الله تعالى صبرَهما واستسلامهما لأمره، كشف عنهما ضُرَّهما، وفرَّج عنهما كَربهما، وتجلَّى عليهما باسمه الرحيم، فلم تذبح السِّكين، وناداهما أرحم الراحمين، (وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)، فأمر سبحانه جبريلَ عليه السلام أن يهبط بكبشٍ من الجنَّة، فذبح الخليل عليه السلام الفِداء، (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) [الصافّات: 107-110]

إخوة الإيمان والعقيدة:
خلَّد الله لنا هذه القصَّة في القرآن وأحيا ذكراها بشعيرةٍ تكون في كلِّ عام، ليتنبَّه الناس إلى عاقبة اليقين بالله والثقة بوعده، والثبات على أمره، لنتعلَّم معنى التضحية والفداء طوعًا لله ربِّ العالمين، فشتَّان شتَّان بين من يُقدِم على التضحية طوعا استجابةً لأمر الله، وبين من يُقدِّمها مُكرها وهو يتسخَّط على الله- والعياذ بالله-.

ولعلَّ هذا ما يجسِّد حالنا في هذا العيد وقد تكالبت علينا أمم الكفر والقذائف والبراميل تنهمر على المسلمين العُزَّلِ المُسالمين، ها هو العيد يعود كعشر أعيادٍ خلت قبله وأهل الشام يقدِّمون القرابين لله من لحوم ودماء أبنائهم، ولسان حالِ مؤمنيهم، ولسان حالِ مجاهديهم: (اللهم خذ من دمنا حتى ترضى)، وأمَّة المليار نائمة الأقصى يُدنَّس والشامُ تُذبح والإسلام تَكاثَرَ عليه الأعداء، وتَكالَبتْ عليه الأكَلَة من الأُمَم، حُرِقَ كتابُه واستُهزِئ بنبيِّه، تعطَّلت الحدود، وازداد الصُّدود، سُلِبت المقدَّسات، وانتُهِكت الأعراض، سُفِكت الدماء، واضطُهِد العُلَماء، أصبَحَ الإسلام غريبًا في وطَنِه، وأمسى الدِّين طريدًا بين أهله، فمتى تتعلم الأمَّة الفداء؟. مَن لشرع الله؟ مَن يَفدِيه؟! مَن يُضَحِّي من أجلِه؟! من ذا الذي سيسير على خطا الأنبياء فيقول لأهله ﴿ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الصافات: 99]

من ذا الذي لا يلتفت لتهويل العدو ذاك الذي يسعى لبثِّ روح الهزيمة والضعف بين المؤمنين، بما يروِّجه على قنوات الإعلام وبما يبثُّه مرجفوه بين صفوفنا، تارةً يهدِّدوننا بإيران وتارةً بأمريكا وتارةً بأوربا واليوم يهددون بروسيا وغدا لعلّها الصين، ولسان حال المجاهدين الصادقين إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِين، روسيا هذه التي يخوفوننا بها يوم كانت دولة عظمى ودخلت في حرب مع المجاهدين الصادقين المخلصين في أفغانستان، وهي على حدودها وطرق إمداداتها لا تنقطع دخلت بقرابة مئة وعشرين ألف جندي، قتل منهم أكثر من خمسة عشر ألف، ودمِّر لها من العتاد ما لا يعلمه إلا الله ثمَّ خرجوا من أفغانستان على أدبارهم خاسرين بعد حرب دامت أكثر من تسع سنين، خرج فيها الكثير من المنافقين ممن يشبهون منافقي زماننا يقولون (مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا) (الأحزاب:12) أولئك الذين يظنون ظنَّ السوء بربهم، يشكّون بوعد الله ورسوله، شتان بين حالهم وبين حال المجاهدين الصادقين الذين تأسَّوا بأنبياء الله في مثل هذه الظروف، وما أشبه حالهم بحال موسى ومن معه يوم خرجوا مهاجرين من أرض فرعون هربًا بدينهم، فأتبعهم فرعون بجنوده، عندها وفي تلك اللحظة يظهر أثر الإيمان في الثبات ويظهر أثره في اتخاذ القرارات، (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67) الشعراء)

نعم إنّ معنا ربنا سيهدينا، وسيعيننا وسيُنجينا، وستغرق أمم الكفر في مستنقع الشام الذي لن يجفَّ إلّا وقد استيقظ المارد المسلم، وتغيرت معادلات الدول، وتزلزل النظام العالمي الذي أنشأوه بعد الحرب العالمية الثانية وتسلَّطوا به على الأمم الضعيفة وحاربوا الإسلام وأهله وساموهم سوء العذاب، والله إنَّ الفجر الباسم قادم، من بعد الليل الجاثم، وربيع الأمَّة آتٍ من بعد شتاء قاتم، الفجر الباسم قادم بشباب صلُّوا الفجر، برجالٍ باعوا العمر، بشيوخ كانوا شعلا بالليل تشع الفكر، الفجر الباسم قادم…

هذا الفجر الذي نراه في رباط المرابطين وفي جهاد المجاهدين، هذا الفجر الذي نراه قادما بأيدي أطفال المساجد وبأيدي الفتية اليافعين، والله إنَّه لآت، والله إنَّه لآت

(والله غالب على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون)

(وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر (سبع مرات)
ولله الحمد

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.

الخطبة الثانية
الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر (سبعًا)
1- الله أكبر عدد قطر البحار.
2- الله أكبر عدد ورق الأشجار.
3- الله أكبر ما غرّد طير وطار.
4- الله أكبر عدد ما لمعت النجوم، وتلاحمت الغيوم.
5- الله أكبر عدد ما ذكره الذاكرون.
6- الله أكبر عدد ما غفِل عن ذِكره الغافلون.
7- الله أكبر عدد خلقه، وزنة عرشه، ومداد كلماته.

والحمد لله وكفى وصلاة وسلامًا على عبده الذي اصطفى أما بعد عباد الله:
فالأضحية شعيرة من شعائر الإسلام، وسُنة من سنن الأحكام، قال تعالى: “فَصَلّ لِرَبّكَ وَٱنْحَرْ ” وهي مشروعة بكتاب الله عزّ وجلّ، وبسنة رسوله وبإجماع المسلمين، قال تعالى : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) (الحج34) وقال تعالى:
(لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) (الحج 37).

ثم اعلموا رحمكم الله، أنَّه يشترط في الأضحية أن تبلغ السنَّ المُحدَّد شرعاً (خمس سنين للإبل، وسنتان للبقر، وسنةٌ للمعز وستةُ أشهر للضأن إذا اختلط بمن جاوز السنة فلم يُميَّز)

ومما يشترط للأُضحية أن تكون خالية من العيوب، و أن يضحى بها في الوقت المحدد شرعاً، وهو من بعد صلاة العيد يوم النحر هذا، إلى قبل غروب شمس رابع يوم من أيام العيد، ومن ذبح قبل الصلاة فإنّها تعد من اللحم وليست أضحية.

لقوله – صلى الله عليه وسلم – : (مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاَةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ) [البخاري]

ثمَّ اعلموا إخوة الإيمان، أنّ الأضحية الواحدة من الغنم، والسُبُع من الإبل والبقر، تجزئ عن الرجل وأهل بيته، ويُشرَع للمضحي أن يأكل من أضحيته ويهدي ويتصدَّق، لقوله تعالى: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) (الحج 28)، والمختار أن يأكل ثلثاً، وأن يتصدق بثُلثٍ، ويهدي ثلثاً، ويَحرُم أن يبيع شيئاً من الأضحية، لا لحماً ولا جلداً، ولا يجوز أن يعطى الجزار شيئاً منها مقابل الأجرة، لأن ذلك بمعنى البيع، ولا بأس أن يُهدي للجزار هدية بعد أن يعطيه أجرته.

كما لا بدّ لنا إخوة الإسلام أن نعلم بأن العيد سبب للفرح نروِّح فيه عن الأولاد والزوجات شيئا من الضغط النفسي الذي نعيشه، فلا بدَّ أن نكون عونا لهم على ذلك فيما يرضي الله سبحانه
فليس العيد لمن لبس الجديد
إنّما العيد لمن طاعاته تزيد
ليس العيد لمن تزيّن بالثياب والمركوب
إنّما العيد لمن غفرت له الذنوب

فلنجعل أعيادنا أعياد طاعة بصلة الأرحام والأقارب وليس المكافئ بالواصل، إنّما الواصل من يصل الذي قطعه، فلنغتنم العيد لنصل من قطعنا من أرحامنا ولتصفو قلوبنا، وليسامح بعضنا بعضا.

ولنجتنب اختلاط الرجال بالنساء فرسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول فيما رواه البخاري ومسلم : (( مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هِيَ أضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّساء ))

ولنتجنّب الخلوة بالأجنبيّة ولو كان ذلك من قرابة الزوج فعن عقبة بن عامر – رضي الله عنه – : أَنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قال :
«إِيِّاكُم والدخولَ على النساء، فقال رجل من الأنصارِ: أَفرأيتَ الحَمْوَ ؟ [أي أقرباء الزوج] قال : الحَمْوُ: الموتُ».

فكم جرّ الاختلاط المحرّم على الأسر من البلايا والرزايا ما لا يعلمه إلّا الله.

ولنعود عوائلنا على الأدب والحشمة ولنأمر نساءنا عند الخروج من المنزل أو قدوم غير المحارم بلزوم وعدم التبرّج ولبس الحجاب الشرعي السابغ الساتر الذي يعمّ سائر الجسد ولا يَشُفُّ ولا يصف الجسم (أي لا يكسِّمه)

نسأل الله عزّ وجل أن يعيننا على طاعته وأن يتقبل منّا ومن المسلمين، وأن يرزقنا العيد الحقيقي الذي نتمنّى:
فأعيادُنا يوم تحرير الأَرض والعِرض، يوم تحرير البلاد والعباد، يوم تتحرَّر النُّفوس من الشَّهوات والملذَّات، يوم تتحرَّر القلوب من الكذب والنِّفاق، يوم تتحرَّر الصُّدور من الشَّحناء والبَغضاء، يوم تتحرَّر الحقوق من قيود الفَساد والاستِبداد، فيبذل كلُّ ذي واجبٍ واجِبَه، ويأخذ كلُّ ذي حقٍّ حقَّه.

أعيادنا يوم يتحرَّر المُحاصِرون من الظُّلم القائم، والحصار الظالم، والعداء المُتَراكِم.

أعيادُنا يوم تتحرر الشام ويتحرَّر الأقصى المبارك من بَراثِن يهود، ومن ظُلم يهود وأذناب يهود.

اللهم تقبَّل مِنَّا واقبلنا، واجعلنا من المقبولين

إني داعٍ فأمِّنوا
اللهم لك الحمد كما أنت أهله صلّ على محمدٍ كما هو أهله وافعل بنا ما أنت أهله يا غفور يا رحيم
اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
نسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كلِّ بر والسلامة من كلّ إثم والفوز بالجنّة والنّجاة من النار

ربنا لا تدع لنا في هذه الساعة المباركة ذنبا إلا غفرته ولا همّا إلا فرجته ولا مبتلا إلا عافيته ولا تائها إلا رددته ولا أعزبًا إلا زوجته ولا متزوّجا إلا رزقته
ذريَّة طيبةً وبعياله أسعدته

اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما وتفرقنا من بعده تفرقًا معصوما ولا تجعل منا ولامعنا شقيا ولا محروما
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكِّها أنت خير من زكَّاها أنت وليُّها ومولاها اغفر لها وتولَّاها برحمتك يا أرحم الرحمن

رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ
رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا
رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ
رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ
رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ
ربنّا ثبت إخواننا المجاهدين وسدّد رميهم واجمع كلمتم ورأيهم على ما تحبُّ وترضى

اللهم عجّل لنا بهلاك الطواغيت، اللهم أهلك فرعون الشام ومن معه اللهم احصهم عددا اللهم اقتلهم بددا ربَّنا لا تذر منهم على الأرض أحدا ، اللهم إنّهم قد طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصُبَّ عليهم يا ربَّنا سوط عذاب إنَّك يا ربَّنا لَبِالْمِرْصَادِ

الله هذا الدعاء ومنك الإجابة وهذا الجهد وعليك التُكلان وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وصلي اللهم وسلِّم على نبينا محمّد وكل عام وأنتم بخير قوموا سلّموا على إخوانكم وكلّ عام وأنتم بخير الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

0%

تقييم المستخدمون: 5 ( 2 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *