وما النصر إلا من عند الله

  • خطبة الجمعة 104
    خطبة الجمعة 104
  • خطبة الجمعة 104
    خطبة الجمعة 104
  • خطبة الجمعة 104
    خطبة الجمعة 104

#خطبة_الجمعة
#الشيخ_محمد_أبو_النصر

وما النصر إلا من عند الله

التاريخ: 16/ ذو القعدة/1437هـ
الموافق: 19/ آب/2016م
🕌 من أحد مساجد حلب المحررة
⏱ المدة: 9 دقائق

🔴الأفكار الرئيسة في الخطبة الأولى:
1- فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ
2- التوازن المهم في عقل وقلب المؤمن بين شكر الفاتحين وتعلُّق القلب بالفتَّاح العليم وحده
3- درس حنين
🔴 الأفكار الرئيسة في الخطبة الثانية:
4- مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ … وهل من معروف أعظم من معروف من بذل روحه ودمه لفك حصار إخوانه

رابط الخطبة على الفيسبوك

لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF

لتحميل الخطبة صوتيا بصيغة MP3

* ملاحظة: ما بين معكوفتين [ ] فهو شرح مُدرج في سياق ذِكرِ الدليل.
الخطبة الأولى
الحمد لله وحده، صدق وعده ونصر عبده وأعزَّ جنده وهزم الأحزاب وحده، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين، قائد القادات وسيِّد المجاهدين، سيدنا محمَّد صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن سار على دربهم واهتدى بهداهم إلى يوم الدين، أمَّا بعد إخوة الإيمان، يقول الله تعالى وهو أحكم القائلين:
(إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)) ( النصر:1-3).

إذا رأيت النصر أيُّها المسلم وإذا تذوقت طعم الفتح، أو شعرت باقترابه، فسبح بحمد ربِّك فالنصر من عند الله وحده واستغفره على ما كان من تقصير وخلل…

ها نحن اليوم أيُّها الأحبة نستشعر نصرًا وفتحا مبينًا قد قرُب أجله، نسعد بما تمَّ منه حتى تاريخه مما أحرزه المجاهدون من انتصارات، وبما منَّ الله به علينا من فتوحات، كان أهمُّها كسر حصار إخواننا المحاصرين في حلب… وفي مثل هذه المواقف قد يزيغ قلب ضعيف الإيمان فيُطغيه الفرح كما كان يقنط بالبلاء، فيتشبَّه بمن وصف الله حالهم قائلًا: (( فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ)) (العنكبوت:65) فينسبون الفضل لغير المتفضِّل والنعمة لغير المُنعمِ سبحانه.

ولذلك كان لابدَّ لنا معاشر المسلمين من أن نتذاكر ما يُعين على المزيد من الفتح وما يستجلب المدد من الله الذي لا يُعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وهذا لا يكون إلا بإيمانٍ يقر في صدور المؤمنين، ويقينٌ يثبُت في عقول الموحدين، مفاده ((وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ)) (آل عمران:126)

إخوة الإيمان الأخذ بالأسباب واجب محتَّم فتلك سنَّة كونيَّة، سنَّها الله في خلقه، لا يُفلح من عارضها، وشكر العاملين المحسنين أمرٌ لابدَّ منه؛ ليميز الله الخبيث من الطيب في الدنيا قبل الآخرة، وفي الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود والترمذي يقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : «مَنْ لمْ يشْكُر النَّاسَ لَمْ يشْكُر الله». فلا بدَّ من شُكرِ المُحسنين، ولكنَّ نسب النصر ونسب الفتح، لا بدَّ أن يكون أوَّلًا وآخرًا لله ربِّ العالمين، فلنشكر الفاتحين ولنعلِّق القلب بالفتَّاح العليم سبحانه، ((فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا …) (الأنفال:17)

إياكم معاشر المسلمين من تعلُّق القلوب بغير الله، لا بفصيل ولا بقائد ولا بجيش ولا بسلاح ولا بدعمٍ ولا بدولةٍ ولا بأحدٍ إلا الله الواسِعُ العليم، فكم من رميةٍ لم تُصِب، وكم من معركةٍ جُهِّز لها فلم تُفلح إن لم يأت الإذن بالفتح والفرج من الفتَّاح العليم، (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ) (الفتح:1) (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) ينسب الله النصر والفتح لذاته العليَّة (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) فليست العبرة بكثرة العدد والعتاد والعدَّة (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) (التوبة:25)

يوم حنين أيُّها الإخوة كان بعد فتح مكة وبعد أن دخل الناس في دين الله أفواجا، فقال بعض غلمان الصحابة (لن نُغلب اليوم مِن قلَّة) فإذا بالله سبحانه قد قدَّر عليهم درسا ليثبِّت إيمانهم وليُعلِّمهم، فلا تتعلُّق قلوبهم إلا بمسبب الأسباب سبحانه، فإذا بهم ينهزمون وينكشفون عن النبي وهو يقدُم الجنود تجاه العدو هاتفا أنا النبي لا كذب أنا بن عبد المطَّلِب…

درسٌ ربَّاني لقلوبٍ أراد الله لها أن لا تتعلق بغيره سبحانه، درسٌ ربّاني لكلِّ من تعلَّق قلبه بالأشخاص والجماعات والأسباب حتى غدا تعلُّقه بها أكبر من تعلُّقه بالمسبب المُنعم سبحانه وتعالى …

توازنٌ مهم لابدّ أن يكون في عقولنا وقلوبنا، ننصر المؤمنين، ونتحزَّب للموحدين، ونكون مع الصادقين كما أمر الله ربُّ العالمين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (التوبة:119)، نكون مع الذين دلَّت فعالهم على طيب معدنهم وعلى صدقهم، نكون مع الصادقين، ولكنَّ القلب لا يتعلَّق بغير الله ربِّ العالمين.

اللهم اقذف في قلوبنا رجاءك وانزع منها رجاء من سواك حتَّى لا نرجو أحدا غيرك … أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى وصلاةً وسلامًا على عبده الذي اصطفى، أمَّا بعد عباد الله ففي الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود وأحمد وابن حِبَّان وغيرهم يقول رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – : « مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ وَمَنْ سَأَلَ بِاللَّهِ فَأَعْطُوهُ وَمَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ ».

وهل من معروفٍ – أيها الأحبَّة – أعظم مما يقدّمه الأبطال المجاهدون، وهل من معروفٍ أعظم مما بذلوه لكسر حصار إخوانهم وقد بذلوا دون ذلك الدماء والأرواح وما زالوا يبذلون، خلقٌ كثيرون منهم من سمعنا بهم وبأسماء جماعاتهم، ومنهم من لم يسمع الناس بأسمائهم ولا بجماعاتهم ولا بعظيم تضحياتهم، ماضرَّهم أن جهلهم الناسُ إن كان ربُّ الناسِ يعلمهم، أولئك جميعا لا نقدر على مكافأتهم فنلتزم وصيَّة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – داعين لهم ((فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ)) منَّا الدعاء وعلى الله الإجابة (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (غافر:60) … اللهم ندعوك كما أمرتنا فأجبنا بمحض كرمك كما وعدتّنا … اللهم انصر عبادك المجاهدين في سبيلك ….

(الدعاء)

0%

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *