فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين

  • خطبة الجمعة 103
    خطبة الجمعة 103
  • خطبة الجمعة 103
    خطبة الجمعة 103
  • خطبة الجمعة 103
    خطبة الجمعة 103

#خطبة_الجمعة
#الشيخ_محمد_أبو_النصر

فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين

التاريخ: 24/ شوال/1437هـ
الموافق: 29/ تموز/2016م
🕌 من أحد مساجد حلب المحررة
⏱ المدة: 23 دقيقة

🔴الأفكار الرئيسة في الخطبة الأولى:
1- من خرج في الثورة يوم كانت مغنما ثمَّ حوَّل وبدَّل، مِن الذين غَدوا ألعوبةً تتلاعب بها مخابراتُ دول الشرق والغرب.
2- فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ.
3- كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي.
4- حسن الظن بالله.
5- ولكنكم تَسْتَعجِلُونَ.
6- دروسٌ يجب أن نعتبر منها، واحتياطاتٌ يجب أن نأخذ بها.

🔴 الأفكار الرئيسة في الخطبة الثانية:
7- خطورة افتقاد العمل الثوري الجهادي لمبدأ #المساءلة
8- إن لم تتغير المدخلات فلن تتغير المُخرجات: (قادةٌ أثبتوا فشلهم ثلاث سنوات، ألم يأن الأوان ليتركونا وشأننا ؟!!)
9- هذه أرض الشام، ستنفي خبثها.
10- ثمَّ لا يكونوا أمثالكم.

رابط الخطبة على الفيسبوك

لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF

لتحميل الخطبة صوتيا بصيغة MP3

* ملاحظة: ما بين معكوفتين [ ] فهو شرح مُدرج في سياق ذِكرِ الدليل.

الخطبة الأولى
الحمد لله مُعِزِّ الإسلام بنصره، ومذلِّ الكفرِ بقهره ومصرِّف الأمور بأمره، ومُديم النِّعمِ بشكره. الذي قدَّر الأيام دُولًا بعدله، فاستدرج الكفار بمكرِه وجعل العاقبة للمتقين بفضله، وأظهر دينه على الدين كُلِّه… القاهرُ فوق عبادهِ فلا يُدافع، والظاهر عليهم فلا يُمانَع، والآمرُ بما يشاء فلا يُراجع ولا يُنازع، أحمَدُه جلَّت قدرته وعزّ سلطانه وأعوذ به مما أحاط به علمه وأحصاه كتابه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، شهادة من طهَّر بالتوحيد قلبه، وأرضى بها ربَّه، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمداً عبده ورسوله رافِعُ الشكِّ وداحِضُ الشرك، بلّغ الرسالةَ وأدّى الأمانةَ ونصحَ الأُمّةَ وكشف الله به الغُمّة، وأقام في الناس كلمة التوحيد، مَن آمن بها وعمل بمُقتضاها فقد أفلح وفاز فوزاً عظيماً، فصلوات ربِّي وسلامه عليه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابِه الغُرِّ المحجَّلين ومن سار على دربهم واهتدى بهداهم وتبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد إخوة الإيمان، يقول الله تعالى وهو أحكم القائلين:
((الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3))) [العنكبوت:1-3]

آية نراها يوما بعد يوم، دروسًا تتالى تبصرها أعيننا وتعيها أفهامنا، آيةٌ نراها في قومنا وفيمن هم بين أظهرِنا، آية نراها والعدو يزيد هجمته، وقد تكالب الكفار علينا جميعًا، آية نراها وقد خذلنا القريب والبعيد، وقد خذلنا العرب والعجم، ولكنَّ أبواب السميع القريب المُجيب مفتوحةٌ لا تُغلق،( فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)، ليُظهرنَّ الله للملأ من خرج في هذه الثورة والجهاد عندما كان الجهادُ مغنمًا ومربحًا ومطلبًا للتصدر والرياء والجهاء والسُّمعة، وليعلمنَّ الله الصادقين المؤمنين المخلصين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، أولئك الذين عاهدوا وما بدَّلوا تبديلًا، يثبتون يوم يتراجع غيرهم، ويضحون يوم يتأفَّف جيرانهم، يُقبلون على الله مُعذرين إلى الله بدمائهم ومقيمين الحُجَّة لله على الذين من بعدهم، أولئك، ((رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)) (الأحزاب:23)

أولئك الذين يرون في طول الطريق فُرصةً ذهبيَّةً قلَّما تتكرَّر لينالوا شرف الجهاد في سبيل الله أكثر وأكثر… أولئك ما كان الله ليضيع إيمانهم إنَّ الله بالناس لرؤوف رحيم، ولكنَّها الفتن لِيَمِيزَ اللَّهُ بها الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ، (فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) فليعلمنَّ الله الذين غَدوا ألعوبةً تتلاعب بها مخابراتُ دول الشرق والغرب، وليعلمن الله الصادقين، وليُظهرنَّ الله عورات الأُوَل ليلتحق الشباب بالآخِرين، ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)) (التوبة:119)

أولئك الذين يُظهر الصبر صِدقهم، ويُظهر تطاوعهم مع إخوانهم خيرهم، أولئك الذين لا يحتاجون تزكيةً مِن أحد، تشهد عليهم دماؤهم وتضحياتهم، ((فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى)) (النجم:32) هو أعلم بمن اتقى وبذل دمه وقدَّم التضحيات، وهو أعلم بمن جلس في الغرف المظلمة ليحيك المؤامراتِ وليستثمر دماء إخوانه همُّه خُذ وهات، هو أعلم بمن اتقى وكان جهاده لله، وهو أعلم بمن تأخر وتخاذل عن نصرة إخوانهم لينظر إليهم وهم يُفنَونَ ويُنهَون، متأمِّلًا أنَّه سينجو بنفسه، ناسيًا قول الله تعالى: ((كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)) (المجادلة:21)، والله إنَّ النصر للإسلام والمسلمين فوق الرؤوس ينتظر أمر الله كن فيكون، والله أيُّها الإخوة ملاحم كبرى ننتظرها ومازلنا في أوَّل الطريق، وسنَّة الله في استبدال المفسدين قائمة ((وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ)) (محمد:38)، فالصبر الصبر فالنصر صبر ساعة، ولنحسننَّ الظنَّ بربنا، فإنَّ قومًا أساؤوا الظنَّ بربهم فأرداهم، ((وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ)) (فصِّلت:23) أساؤوا الظنَّ بربهم فأراداهم، أمَّا أهل الإيمانِ في الشام فلسان حالهم يقول: والله إنَّا لنظنُّ بالله خيرا، والله إنَّا لنظنُّ به مُقدِّرًا فرجًا بعد ضيق، ويُسرًا بعد عسر، وما نرى حالنا اليوم أيُّها الأحبَّة إلَّا تمايزًا للمؤمنين وتطهيرًا لصفوف المجاهدين، لتكون بيضاء نقيَّة، ففِسطاط كفرٍ خالص لا إيمان فيه وفسطاط إيمانٍ نقي، فاختاروا المركب الذي ستركبون فيه، والله يأمرنا؛ يأمر الشباب والرجال: ((انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)) (التوبة:41) والله يأمر الجميع مجاهدين وقاعدين: ((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)) (غافر:60) ومع هذا ينسى البعض أن ينصر إخوانه حتَّى بالدعاء، البعض لا يقنط في صلاته داعيًا لإخوانه، البعض ونحن في هذه الحال لم يرفع يده مرّةً للسماء طالبًا مدد الله وفرج الله لإخوانه، متوهِّمًا أنّه في مأمنٍ عمَّا حلَّ بهم، وينسى المثل القائل: أكلت يوم أوكِل الثور الأبيض، فالعدو طامعٌ بالجميع ولن يقف حيث هُو، فلنستعن بالصبر والصلاة، إنَّ الله مع الصابرين، ولنعلم أنَّ في أوقات الشدَّة والبَلاء لا سلاح أمضى للعدوِّ من سلاح الشائعات والإرجاف والتخذيل وها نحن نشهدُ كيف بدأ بها عملاء النظام المجرم وأبواقه الإعلامية ليوهموا الناس بأنَّ أهل حلب سيستسلمون، وأنَّ مقاتليهم سيتراجعون، وأنَّهم لحظيرة آل الأسد سيعودون، ولكن هيهات هيهات فالجواب ما ترَون لا ما تسمعون، والله إنَّ الجواب ما ترَون قريبًا لا ما تسمعون، وإذا كان النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو أكرم البشر، حوصر في شِعب أبي طالب ثلاث سنين وهو أكرم الخلق على الله، فما بالنا نيأسُ ونُحبطُ ونتراجع ولمَّا نُحاصر حصاره بعد، أليس لنا في رسول الله أسوةٌ حسنة، أفلا نتأسَّى به صبرا وثباتا، وهو الذي كان يبشِّر صحابته بالفتوح ساعة الضيق والكرب الشديد والشِّدَّة …

يوم الخندق وقد جاءهم الأعداء من فوقهم ومن أسفل منهم، النبيّ – صلى الله عليه وسلم – يُشارك بالحفر وهو يبشِّر الصحابة في تلك الحال بفتح كنوز كسرى وقيصر … أصحابه في مكَّة قبل الهجرة يُعذَّبون، وفي حرِّ الصحراء تحت الشمس يُصبَرون ويُجلَدون، يوضعون على النار حتى يُطفأ الفحم بشحم ظهورهم، ورسول الله يصبِّرهم ويُعلِّمهم أنَّ النصر والتمكين لابدَّ لهم من المزيد، كل هذه التضحية!! يُصبَرون، يُعذَّبون في حرِّ الصحراء تحت الشمس، يُحرَّقون، كلُّ هذا والنبيُّ يعلِّمهم أنَّ النصر لا يأتي بالهيِّنِ السهل، فالتمكين والنصر لا يأتي هكذا … فما نيلُ المطالِبِ بالتمنِّي ولكن تأخذُ الدنيا غلابا… سلعة الله غالية، سلعة الله غالية، ألا إنَّ سِلعة الله الجنَّة، وفي البخاري عن أبي عبد الله خَبَّاب بنِ الأَرتِّ – رضي الله عنه – ، قَالَ : شَكَوْنَا إِلَى رسولِ الله – صلى الله عليه وسلم – وَهُوَ متَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ في ظلِّ الكَعْبَةِ ، فقُلْنَا : أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا ألاَ تَدْعُو لَنا ؟ [بماذا أجابهم النبيّ – صلى الله عليه وسلم – ؟؟ ماذا قال لهم وقد بذلوا ما بذلوا؟؟ هل قال لهم: يكفيكم ما بذلتم فقد بذلتم قصارى جهدكم، قُتلتم وحرِّقتم وعُذِّبتم بما يكفي، يكفيكم ما بذلتم ؟ … لا والله ما قال هذا أبدا بل قال – روحي فداه:]، (( قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ في الأرضِ فَيُجْعَلُ فِيهَا، ثُمَّ يُؤْتَى بِالمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأسِهِ فَيُجْعَلُ نصفَينِ، وَيُمْشَطُ بأمْشَاطِ الحَديدِ مَا دُونَ لَحْمِه وَعَظْمِهِ، مَا يَصُدُّهُ ذلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللهِ لَيُتِمَّنَّ الله هَذَا الأَمْر حَتَّى يَسيرَ الرَّاكبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَموتَ لاَ يَخَافُ إلاَّ اللهَ والذِّئْب عَلَى غَنَمِهِ ، ولكنكم تَسْتَعجِلُونَ )).

ولكنكم تَسْتَعجِلُونَ، بضع سنين ليست رقمًا كبيرًا في تاريخ الأمم والشعوب، فالتغيير وبناء الدول وانتصار الأمم يحتاج فتراتٍ وسنواتٍ طويلة، ولكنكم قومٌ تَسْتَعجِلُونَ فوالله ليتمنَّ الله هذا الجهاد حتى يسير الراكب من حلب إلى درعا لاَ يَخَافُ إلاَّ اللهَ والذِّئْب عَلَى غَنَمِهِ ، بل ليُتمَّنه الله حتى يسير الراكب من استانبول إلى القدس لاَ يَخَافُ إلاَّ اللهَ والذِّئْب عَلَى غَنَمِهِ، ولكنكم قومٌ تَسْتَعجِلُونَ.

تستعجلون النصر دون أن تستفيدوا من الدروس التي تعلَّمناها في هذه الثورة، متى نستفيدُ من دروس إخواننا قبل أن ينزل العدوُّ بساحنا، متى نُجهِّزُ دفاعاتنا ونحصِّنُ نقاطنا، البعض يتوهَّمُ أنَّ الحرب لا تكون إلّا بإطلاق الرصاص، الحرب أيُّها السادة تكون ممتدَّةً ولو سكت صوت السلاح، تكون أشهرا قبل المعركة يدشِّم فيها المرابط نقطته ويحصِّنُ دفاعاته ويُجهِّز خُططه، الحرب أيها السادة لابدَّ فيها من الاستفادة من الدروس، اقتصدوا في مؤونتكم وذخائركم وأموالِكم، حتّى يأتي فرج الله، وهو آتٍ لا محالة، والعاقبةُ للمتقين، وقريبا بإذن الله سنقف موقفًا نذكِّر بعضنا فيه بقوله تعالى: ((وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53))) (النمل:50-53)

وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ، وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ، سيأتي قريبا هذا اليوم الذي سنقف فيه على أطلال ديار الكافرينَ وقد خُربت، لنذكِّر بعضنا بعضًا بهذه الآيات.

اللهمَّ نجِّنا مع المؤمنين، ولا تؤاخِذنا بما فعل السفهاء منَّا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.

الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفا وصلاةً وسلامًا على عبده الذي اصطفى، عباد الله خير الوصايا وصيّةُ ربِّ البَرايا :(وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء:131]. فاتقوا الله عباد الله، فبتقوى الله العِصمة من الفِتن، والسلامة من المِحَن، واعلموا إخوة الإيمان، أنَّ هذه الأيام أيام امتحانٍ وتمايز، أيام عسرٍ سيليه فرجٌ ويُسر(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ) (الشرح: 5-6) ولن يغلب عُسرٌ يُسرين، ولكنَّه اختبارٌ يميزُ الله به العباد، اختبارٌ يفضحُ الله به سوءة قادةٍ أغبياء، ظنُّوا أن النصر يكون بتوجيهات دول الكفر، توهَّموا أن النصر يكون بالسير على أوامر ونصائح من (لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ) (آل عمران: 118)، هذه الأيام أيُّها الأحبَّة تكشِف لنا عورًا مهمًّا وثلمةً خطيرةً في جهادنا وثورتنا، ألا وهي غياب مبدأ المساءلة والمحاسبة.

تتذكرون يوم تحدَّثنا عن ذي القرنين، ذاك القائد الذي نجح يوم فعَّل مبدأ المساءلة، فكان شعاره : ((أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا * وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا )) (الكهف:87- 88)

لابدَّ من المحاسبة، لابدّ من المساءلة فمن أمِن العقوبة أساء الأدب… في بعض الدول عندما تحصلُ مشكلةٌ بسيطة في مؤسسة تتبع وزارة من الوزارات، نرى الوزير المسؤول عنها يستقيل، نرى رئاسة الوزراء والوزراء يستقيلون، أمَّا في بلدنا فالبعض له بضع سنين يتصدَّر العمل العسكري، منذ ثلاث سنوات من بعد معركة خان العسل وحتَّى يومنا هزائم متتابعة، وهؤلاء الأشخاص لا يتغيَّرون!!

في علم الإدارة يقولون لك، إذا كانت المُدخلات نفسها فستبقى المُخرَجات نفسها، إذا كان هؤلاء المنهزمون الفوضويُّون الأنانيّون الذين لا يستطيعون التنسيق فيما بينهم، إذا كانوا هم نفسهم فالنتائج ستكون نفسها، ستكون كسابقاتها، نعم ولكنَّها ستكون كسابقاتها عليهم هُم، لأنَّ هذه الأرض بارك الله بها، لأنَّ النبيّ – صلى الله عليه وسلم – أخبرنا بأنَّه رأى عمود الإسلام حُمل ووضِع في الشام [مِن حديث صحيح رواه أحمد في مسنده والحاكم من طريق آخر، وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، بلفظ عمود الكتاب]، لأنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ تَوَكَّلَ لرسول الله بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ. [مِن حديث صحيح رواه أبو داود وأحمد]. لأنَّ الله تعالى قال: ((وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ)) (محمد:38) …

سيرى القوم قريبا، سيرى أولئك الذين تولَّوا كيف سيستبدلهم الله بأبطالٍ صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ليدخلوا فاتحين، وعندها سيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلَبٍ ينقلِبون، فرجُ الله آتٍ، والله إنَّ فرج الله يأتي بغتة، فارتقبوا إنَّا معكم مرتقِبون …

إنِّي داعٍ فأمِّنوا.

0%

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *