المطلوب من المعارضات السورية وسط ما يدبر دوليا

فواز تللو

الموقف المطلوب من المعارضات السورية وسط ما يدبر دوليا بعد خطاب رئيس النظام
ما يدبر في الخفاء خطير جدا ونرى بوادره بعد الاجتماع المرتقب في جنيف بين الأمريكان والروس والإبراهيمي وكل الحراك الدبلوماسي الحالي، لذلك أطرح هنا خطوطا رئيسية للموقف المطلوب من المعارضات السورية التي بتنا نسمع منها كل يوم عن رؤية وتصور مختلف بعد خطاب رئيس النظام السوري الاخير، وكلها رؤى بعيدة عن الدور الحقيقي المطلوب منها.

الموقف المطلوب من المعارضات السورية وسط ما يدبر دوليا بعد خطاب رئيس النظام

من يستمع لخطاب رئيس النظام في 06/01/2013 يدرك أنه يحاول أن يعيش ويدفع أنصاره ليعيشوا معه بعيدا عن الواقع كما لو أن الثورة لازالت في شهرها الأول دون أي اعتبار للتالي :
1- الدماء التي سفكها النظام والدمار الذي تسبب به والشرخ الطائفي الذي أنتجته سياساته.
2- الواقع الميداني على الأرض، أي التقدم العسكري وسيطرة الثوار على أجزاء واسعة من سوريا وحالة شبه الحصار التي بدأ النظام يعيشها في دمشق ومناطق عديدة.

عمليا يمكن تلخيص الخطاب بالنقاط التالية :
1- الخطاب كان موجه أولا للخارج الدولي بما فيهم حلفائه لتفسيره لخطة الإبراهيمي وموجه لأنصاره ثانيا في استعراض وهمي للقوة لرفع معنوياتهم المنهارة كما لو كان يتفاوض من موقع قوة.
2- رفض النظام حتى اللحظة الاعتراف بوجود ثورة وأهدافها، وانتقاله بتفسير ما يجري من مفهوم العصابات المسلحة إلى مفهوم الجماعات الإرهابية السنية في عزف واضح على مخاوف الغرب، وتناغما مع تصنيف بعض
مجموعات الثوار كإرهابيين من قبل بعض أطراف المجتمع الدولي.
3- رفضه لكل مفهوم الربيع العربي.
4- استمرار النظام بالحل الأمني العسكري تحت حجج اىستمراره في حق الرد ومكافحة الإرهاب.
5- إشارته ضمنا لرغبة النظام في وجود جهات دولية على الأرض السورية “لمراقبة أي اتفاق” بما يحميه من احتمال انهيار متوقع.
6- كسب الوقت بإعطاء حلفائه الروس ورقة للتفاوض على حل مراوغ بمراحل طويلة لا يفضي لأي نتيجة ولا يمكن تطبيقه عمليا على الأرض لكنه يعطي النظام مزيدا من الوقت في محاولة يائسة لتغيير موازين القوى.
7- الحوار سيكون بإشراف ورعاية النظام وعبر “حكومته”.
8- النظام هو من سيحدد معايير وضوابط أي حوار أو مشاركين فيه بما يضمن إفراغه من أي مضمون.
9- الحوار سيكون ما بين النظام وصنائعه من المعارضات فقط
أما أي معارضات سياسية أو على الأرض فلن تكون جزء منه.
10- أي حل لن يأخذ بعين الاعتبار أي محاسبة وعدالة لمجرمي النظام بل التركيز على تحميل مسؤلية كل ماجرى للثوار وخاصة المعتقلين.
11- بشار أسد خارج إطار أي تسوية والانتخابات التي ستجري برلمانية فقط.
12- المؤسسات الطائفية الأمنية والعسكرية خارج إطار أي مسائلة أو تسوية وكذلك بنيته الطائفية.
13- التهديد بتقسيم سوريا طائفيا وتسعير حرب طائفية مباشرة تدمر النسيج الاجتماعي السوري في حال لم يستجب المجتمع الدولي لهذه المبادرة.
14- رسالة لمؤيديه العلويين من أن الدولة العلوية ستكون خيارا قائما لهم للفرار من جرائمهم في حال هزيمة النظام.
15- إشارات لدعم النظام لحق الكرد بالانفصال عند إيراده لقضية رأس العين.
16- وضع مسألة النازحين واللاجئين كورقة للضغط على الثوار عند ربط عودتهم بوقف تقدم الثوار على الجبهات.
17- إطلاق سراح المعتقلين (وهو ملف حساس جدا) سيأتي في مرحلة متاخرة جدا وضمن شروط تسمح بالالتفاف عليها.
18- الرعب الذي يعيشه رئيس النظام نتيجة ترتيبات التمويه ما قبل الخطاب الذي لم يعلم أحد مكانه حتى بدايته بما في ذلك من تم إحضارهم لحضور الخطاب كديكور ناهيك عما يقال من أن الخطاب سجل قبل بضع ساعات.
19- القصف الوحشي لريف دمشق الذي رافق وسبق الخطاب مع ترتيبات أمنية شلت العاصمة وضواحيها بما فيها قطع الإتصالات والكهرباء.

وبالنتيجة يمكن القول ان هذا الخطاب قد ألغى عمليا كل إمكانية “لحل سياسي” كما يطرحه المجتمع الدولي بكل أطرافه ومبادراته.

أما ما هو مطلوب من المعارضات السياسية فهو :
1- وضع تصور واضح لا يقبل التأويل يحدد مفهوم إسقاط النظام بما يعني تفكيك كل المؤسسات الأمنية والعسكرية والشرطية الطائفية الحالية وإنهاء السيطرة الطائفية والبعثية على كل مفاصل وإدارات الدولة تمهيدا لإعادة البناء على أساس الكفاءة والنزاهة بعيدا عن المعايير الطائفية والحزبية والشخصية.
2- بيان واضح لا يقبل اللبس برفض أي تدخل دولي عبر قوات حفظ سلام أو تقسيم لسوريا تحت أي مسمى (فيدرالي، كونفيدرالي، حكم ذاتي، لامركزية سياسية … الخ).
3- بيان واضح يحدد أن العدالة والمحاسبة ممر إجباري لا حياد عنه لكل من ارتكب جرائم من قبل النظام من أصغر مرتكب إلى السفاح الكبير، بمحاسبة كل من شارك سواء من حرض أو خطط أو أصدر الأوامر أو نفذ، وعلى جميع الأصعدة والمستويات الأمنية والعسكرية والإعلامية والميدانية العملياتية والمالية الاقتصادية والدبلوماسية والدينية والمجتمعية.
4- التوجه للمجتمع الدولي بكل مكوناته العربية والإقليمية والدولية بخطاب واضح يعلن انعدام فرص مبادرات ما يسمى “الانتقال السياسي” وآخرها مبادرة الإبراهيمي، بعد أن قام النظام بدفنها بالخطاب الأخير، وعدم إعطاء النظام وحلفائه مزيدا من هذه الفرص وبالتالي الوقت.
5- العمل وفق رؤية واضحة تقول بالانتقال للخيار البديل الوحيد المتبقي المتمثل بإسقاط النظام وأركانه عسكريا بشكل كامل على يد السوريين، كما يجري حاليا على الأرض، وبالتالي وضع السياسات والعمل عليها وفق ذلك مع المجتمع الدولي، بشكل مباشر وواضح لتأمين متطلبات هذا الخيار من غطاء سياسي ودعم لوجيستي ومساعدة الثوار في الداخل على تنظيم انفسهم بمجالس مدنية حقيقية مناطقية تمثل السلطة السياسية في المرحلة الانتقالية، وتنظيم المقاتلين في مجالس عسكرية حقيقية لها ممثلين في المجالس المدنية وتتبع للمجالس المدنية إداريا وسياسيا، وذلك منعا لأي فوضى سلاح أو انفلات أمني، على أن يتم ذلك بعيدا الطموحات السياسية الشخصية والحزبية، وبعيدا عن سياسات المناورة والاستجابة لكل المتطلبات والرؤى الدولية التي كانت متعارضة غالبا مع الثورة وأهدافها والثوار
ومتطلباتهم على الأرض، كما جرى ويجري حتى اللحظة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *