مع ما نقل عن بعض العلماء الفضلاء وتحذيره من الوقوع في الفتن

مقالات - تحذيره من الوقوع في الفتن

بقلم: د. أحمد عبد العال

أقول بداية: إننا نحترم علماءنا ونقدر علمهم وفضلهم ولكن لانعتقد عصمتهم كما يعتقد الرافضة في أئمتهم ، بل نعتقد أن العالم مهما بلغ من العلم والفضل فقد يقع منه الخطأ ويجانبه الصواب ، وأقل مايقال فيه: انه مجتهد يخطئ ويصيب.

ولعل قول فضيلة الدكتور نور الدين عتر في نصيحته للشباب بقراءة أحاديث الفتن و اجتناب الوقوع فيها (إشارة إلى ما يجري في سوريا من قتل وتدمير…) .

وإن هذه الوصية وافقت شيئاً في نفس الشيخ محمد ابو الفتح البيانوني الذي اعتبر هذا الموقف هو موقف العلماء الربانيين العارفين بما يجري حولهم متهماً شباب الثورة وعلماءها ( وهم جمهور علماء ودعاة سوريا ) بأنهم يعملون بوحي من أعدائهم وبتزيين الشيطان لهم واصفاً من وقف موقفه من الأحداث بالصادقين العارفين الناصحين ، ومخالفيه بالرويبضة ( وهو التافه الذي يتكلم في امر العامة)

ولا شك أن هذا كلام يدعو إلى الأسف والحزن لما وصل إليه بعض علمائنا من فهم سطحي و مختزل لواقعٍ معقدٍ ومرير .

نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجنبنا الزلل والقول على الله بغير حق وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا إتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه .

وأود ان أوضح هنا ان قضية التحذير من الفتن قضية شرعية ، ولكن ذلك كلام مجمل يحتاج الى بيان وتوضيح ،وكم يقع الناس في براثن الضلال ومهاوي الردى يسبب عدم تحرير المصطلحات وتحديدها حتى لا يلتبس الحق بالباطل .

فأقول : لقد علمنا الإسلام أن نستعيذ من الفتن لأن النبي صلى الله عليه وسلم بيّن خطرها وآثارها .

لكن الفتنه كلمة مشتركة وردت في الشرع بمعان كثيرة : فهي تطلق على الشرك وهو أعظم الفتن.

قال تعالى 🙁 وقاتلوهم حتى لاتكون فتنة ويكون الدين كله لله ) سورة الانفال39

و تطلق الفتنة على التحريق والتعذيب كما قال الله تعالى : ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ) سورة البروج 10

وتطلق الفتنة على الاختبار والامتحان قال الله تعالى 🙁 ونبلوكم بالشر والخير فتنة ) سورة الأنبياء 35

وتطلق ايضا على المصائب والعقوبات كقوله تعالى: ( واتقوا فتنة لاتصيبن الذين ظلمو ا منكم خاصة ) سورة الانفال 25

وتقع الفتن أيضا بأسباب الشبهات والشهوات ، فكم من فتن وقعت لكثير من الناس بسبب ذلك .

وطريق النجاة من صنوف الفتن على أنواعها هو التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

روى علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم مرفوعا: ( تكون فتن ) قيل: ما المخرج منها يارسول الله قال : كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم , وخبر ما بعدكم وفصل مابينكم …الحديث ) رواه الترمذي 2906

فالفقه في الدين ومعرفة منهج سلف الأمة من الصحابة رضي الله عنهم ومن سلك سبيلهم من أئمة الاسلام ودعاة الهدى هو طريق السلامة والنجاة من الفتن , نسأل الله بمنه وكرمه ان يجنبنا الفتن ما ظهر منها ومابطن .

وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم 🙁 انها ستكون فتنٌ القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي …. الحديث ) أخرجه البخاري في صحيحه .

فهذه الفتن هي الفتن التي لا يظهر وجهها ،ولا يعلم طريق الحق فيها بل هي مما يلتبس فيها الحق بالباطل فهذه مما جاء الأمر بتجنبها والبعد عنها بأي وسيلة ولو التحق المسلم بشعاب الجبال فارا بدينه منها .

أما إذا كان الحق ظاهرا ،وعرف الظالم من المظلوم ، والباطل من الحق ، فالواجب أن يكون المسلم مع الحق ومع المظلوم ضد الظالم وضد الباطل ، بل إن السكوت عن الظالم وعدم منعه عن ظلمه هو الفتنة بعينها ففي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه قال : قال الرسول صلى الله عليه وسلم :

“انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقال: رجل يا رسول الله أنصره مظلوماً، أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟! قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره ” . أي منعه من الظلم هو النصر

وبذلك يرتدع الظالم عن ظلمه ، ويعلم طالب الحق أن الواجب التعاون على البر والتقوى ، وعدم التعاون على الإثم والعدوان .

فقتال الباغي والظالم الذي طغى في البلاد فأكثر فيها الفساد ؛ النصيري الباطني بشار وأبوه المقبور من قبله ؛ حيث فتح البلاد للرافضة ،وقتل المسلمين ، وهتك الأعراض ، ودمر البلاد ، وهجّر العباد ؛ فقتاله أو عزله حق وبر ونصر للمظلوم وردع للظالم وتخليص الأمة من الشر الذي لحق بها واجب شرعي .

ولا يغرنك طريقة النظام النصيري الماكر باستقطاب بعض طلاب الدنيا والجاه ممن ينتسب إلى المسلمين السنة يزين به وجه نظامه القبيح ، كي يضلل من ليس عنده نظر ثاقب في خفايا مخطط هذا النظام الطائفي القاتل ، الذي سلب كرامة الناس وإنسانيتهم ، مستخدماً في ذلك قبضة أمنية محكمة ، ينفذها المحيطون به من أبناء طائفته وبعض المجرمين من غيرهم . وأصبح الجيش والأمن والمال والتوظيف والمميزات الخاصة بيد حفنه من هؤلاء المجرمين الحاقدين على أبناء سوريا الحبيبة .

وأخيرا ً أقول:
إن السكوت عن هذه الجرائم التي ارتكبها النظام في حق بلادنا خلال خمسة عقود خلت، هو الفتنة الحقيقية التي تأخر شعبنا في ثورته على هذا الفساد وهذا النظام الطائفي البغيض .والله أعلم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *