الحكومة المؤقتة بين الفكرة والتطبيق

سيد السباعي

بقلم: سيد السباعي

دأبنا خلال ثورتنا السورية على كثرة الجدل في كل أمر مهما كان صغيراً ، وفي مرحلة من المراحل كان هذا الجدال صحياً ، بل وضرورياً في أحيان أخرى ، ولكن للأسف فكثيراً ما كانت تطرح أفكار صحيحة ويشوب تطبيقها ( في الغالب ) أخطاء تفقدها الهدف الحقيقي منها. فقد بدأت الأفكار الجيدة بفكرة جمع المعارضة السورية في مؤتمر جامع يوحد صفوفها ويدعم الثورة ويزيدها زخماً ، كانت بدايتها في مؤتمر انطاليا في شهر مايو 2011 ، ثم توالت المؤتمرات الغث منها والسمين حتى أصبحت (موضة) لانستفيد من كثير منها إلا بارتفاع العقائر والخلاف وإضاعة الوقت والمال. تلتها فكرة إنشاء المجلس الوطني السوري والتي كانت صائبة ، إلى أن تم تنفيذها بشكل تشوبه الأخطاء … واستمرت ، فجاءت فكرة الإئتلاف والذي لا أدري ولحين كتابة هذه الكلمات الفرق بينه وبينه المجلس الوطني وما الفائدة منه في وجود المجلس ، وماضرورة المجلس بعد انشاء الإئتلاف ..!!!

بل على العكس فقد نجد أن فكرة الحكومة المؤقتة هي أكثر صواباً وضرورة. وكان الأجدر أن تكون الفكرة التالية ( تطبيقاً ) بعد المجلس الوطني .. وندعوا الله أن لا يكون التطبيق الخاطئ ديدنها حتى لايصيبنا المزيد من الاحباط …

باستطاعتنا دوماً إستخدام أي شيء بشكل ايجابي او شكل سلبي ، وأذكر أنه وخلال فترة رواج فكرة اتفاقية منظمة التجارية العالمية WTO كان الكثيرون يعارضون هذا الاتفاقية مبررين اعتراضهم بأنها ستسمح ( للحيتان الكبيرة ) بدخول الأسواق الصغيرة وإلتهام الأسماك الصغيرة ، وتناقشت مرة مع أحد الاقتصاديين الذي وضح وبطريقة فنية كيف يمكننا الاستفادة منها وتحويلها من واقع لامفر الى رافد ايجابي للاقتصاد. وكذلك أذكر قصة الأمريكي الذي اشترى أرضاً وفوجئ بعد دفع قيمتها أن الأفاعي والثعابين تملؤها وتتخذها مسكناً لها ، ولاتصلح لاقامة أي شيء ، ففكر واهتدى لفكرة حولت مصيبته الى مشروع مربح حين بدأ يصطاد الأفاعي ويستخرج سمها ويبيعه لمصانع الدواء وأقام لاحقا مصنعاً لذلك.

وهذا ماينطبق على الحكومة المؤقتة ، فان شُكلت فعلا ًبطريقة التكنوقراط ودون النظر إلى تشكيل النسيج السوري والحزبي ، واذا ما انتقلت للأراضي المحررة وبدأت أعمالها كحكومة بصلاحيات كاملة كأي حكومة في العالم ، وبدأت تحصل على ميزانيتها من تشغيل المصانع والمزارع ، وساهمت في توحيد الفصائل المقاتلة ، واغاثة المحتاجين ، فإنها وشيئاً فشيئاً ستحصل على إحترام واعتراف السوريين قبل إحترام واعتراف الدول ، وستكون الفكرة صحيحة والتطبيق صحيحاً ، أما إن اعتمدت على المجاملات ( وتبويس الشوارب ) والمحاصصة ، وبقيت خارج الوطن وبدون صلاحيات او انجازات ، بل مع فبركات إعلامية غير واقعية فان مصيرها سيكون الفشل وسيرفع الشعب السوري الكرت الأحمر في وجوه وزرائها ورئيسهم.

على السوريين التفاؤل فقد استطعنا أخيراً توظيف أول موظف رسمي يعمل لدينا في سورية الحرة سيتقاضى راتبه منا جميعاً ، ولنا الحق في فصله من عمله إن أخطأ أو قصر ، كما يمكننا محاسبته ، ولا أظننا سنقصر في ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *