حتى لا نضل ولا ننسى إنهم مستعدون للتنازل لإسرائيل وليس لشعب سورية

زهير سالم

ولأن هذا الكلام للتاريخ حتى لا تضل شعوبنا ولا تنسى ولا يخدعها بعد اليوم مخادع ، يجب أن نحدد ابتداء من هم هؤلاء المستعدون للتنازل لإسرائيل وليس لشعب سورية ؟؟ فنقول إنهم كل هؤلاء الذين رحبوا بالمبادرة الروسية على مستوى صراعنا : بشار الأسد وعصاباته وإيران بمرجعياتها الدينية والسياسية وأتباعها من زعانف حزب الله وغيره ، ينضاف إليهم قادة وجماهير المتفيقهون على كل الأرض العربية ..

وقولنا يتنازلون لإسرائيل ، لأن الأصل في السلاح الكيماوي أنه سلاح ردع استراتيجي امتلكته سورية أصلا لمواجهة تهديد ترسانة الأسلحة النووية الإسرائيلية . وأسلحة الردع في حقيقتها أسلحة لتلحظ وليس لتستخدم ،هي استراتيجية دولية في محاولة لإنشاء ما يسمى توازن الرعب في عالم لا مكان فيه للضعفاء . كلمة ردع تعني منع الآخر من التفكير في الجريمة ولا تعني أبدا الوقوع فيها .

وهذا السلاح لا يخص الشعب السوري ولا ثورته ولا مشروعه الوطني في شيء . ولم يكن لهذا السلاح أن يذكر بحال في سياق صراع وطني بيني داخلي ، لا على سبيل التهديد ولا على سبيل الاستخدام .

وبعد أن اختار بشار الأسد وزمرته أن يجعل من هذا السلاح جزء من الصراع ، وورقة تراهن عليها القوى الخارجية ، وجد الأسد نفسه في مصيدة حقيقية جراء ما اقترفت يداه فاختار أن يتنازل عن مصالح سورية وعن سيادتها في أخص الخصوصيات التي توازن التحدي مع العدو الإسرائيلي ، بدلا من تحمل مسئولية الحفاظ على الأمن القومي السوري ولو أدى ذلك تضحيته بنفسه ، أو إلى ذهابه إلى محكمة جنائية دولية .

بشار الأسد وحلفاؤه المذكورون أعلاه يقررون أن يتنازلوا للإسرائيليين بدلا من أن يتنازلوا لشعب في سورية في صراع سيفرض عليهم المزيد من الهزائم ، بمعنى المزيد من التنازلات . والتنازل لإسرائيل عند هذه الزمرة له سوابقه التاريخية ، فقد كان التنازل عن الجولان والسكوت عن الاحتلال كل هذه العقود جزء من بقاء هذه الزمرة المنكودة في الحكم هذه السنوات الطوال ..

يكذب وليد المعلم حين يقول إنهم يفعلون ذلك حرصا على أرواح المواطنين السوريين ، فأين كان هذا الحرص عندما أبادت هذه الزمرة أطفال سورية بالكيماوي ، وحين دمرت سورية بقصف الطيران والصواريخ الاستراتيجية ؟ أين كان هذا الحرص عندما أطلق هؤلاء المجرمون براميل الباردود العشوائية والقنابل الفراغية والعنقودية المتشظية على بيوت المدنيين الآمنين ..؟!

إن من أهم ما يجب أن نؤكده باسم هذه الثورة المباركة أننا كنا ومازلنا وسنبقى حريصين على تحييد مقومات الدولة السورية ومؤسساتها الأساسية عن ساحة الصراع . بل نحن نؤكد أننا نضع في رأس أولوياتنا حماية هذه المقومات متمثلة في الإنسان والعمران وما أنجزته الدولة السورية عبر القرون من مؤسسات خدمية وبنى تحتية ومقومات وجودية مدنية وعسكرية . ويقابل هذه الحقيقة تحميل زمرة بشار الأسد و والمحتل الإيراني مسئولية العدوان كما مسئولية التفريط بهذه المقومات ..

إن إقدام الزمرة الأسدية أولا على الزج بالجيش السوري في المعركة ضد المواطنين ، وإقدامه على استخدام السلاح الوطني ضد الشعب الذي اشترى هذا السلاح من عرقه وجهده ، ثم إقدام هذه الزمرة على شن حرب الإبادة على الشعب السوري كما تابع العالم أجمع في قرى الغوطة ؛ يصم هذه الزمرة بجريمة الخيانة العظمى ، ويحملها المسئولية التاريخية عن هذه الجريمة . ويجب أن تعي هذه الزمرة وكل من يتعاون معها أن ما بعد جريمة الإبادة في الغوطة لن يكون كما قبلها .

كما إن إقدام الزمرة الأسدية على التنازل للعدو الإسرائيلي مباشرة عن مقوم من مقومات الأمن القومي السوري ، امتلكه الشعب السوري بجهده وعرقه سيكون شكلا آخر من أشكال الخيانة العظمى يضاف إلى السجل الخياني التاريخي لهذه الزمرة التي سيأتي يوم حسابها وحساب كل الذين ما زالوا يخفقون في ركابها قريبا …

إن الشعب السوري مع تطلعه لأن تكون دول شرق البحر الأبيض المتوسط نظيفة من كل أشكال أسلحة الدمار الشامل ، يتحفظ على التوقيع على أي اتفاقية دولية لا تشمل كل دول المنطقة وتتعامل معها على قدم المساواة . وسيكون إقدام هذه الزمرة المنهارة نفسيا على التوقيع على أي اتفاقية خارج السياق الإقليمي المذكور شكلا آخر من أشكال التفريط والخيانة . إن من حقنا أن نعلن رفضنا لأي اتفاقيات أوصفقات أقدمت عليها هذه الزمرة منذ 15 / 3 / 2011 أو يمكن أن تقدم عليها بعد

إن التنازل الخياني للعدو الإسرائيلي عن مقوم من مقومات الأمن القومي السوري مهما غلفه هؤلاء الخائنون بالصلف الذي تعودوا أن يغلفوا به كل جرائمهم وهزائمهم وخياناتهم يكشف لكل الباحثين عن الحقيقة من أبناء هذه الأمة فحوى دعاوى المقاومة والممانعة التي ما زالوا يتشدقون بها مع حلفائهم الصفويين .

هذه الخيانة العظمى لم تكن مبادرة روسية – كما يزعمون وإنما هي مناورة وصفقة تم ترتيبها مع الصهاينة ولم يغب عنها ابن العلقمي وحملها وليد المعلم معه من دمشق .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *