السوريون وعقلية المسيح المخلص!!

أحمد الراغب

يسود عند كثير من النصارى اعتقاد بأنّ المسيح عليه السلام هو “المُـخلّص”؛ أي أنّ السيد المسيح قد صُلب وتحمّل العذاب في الدنيا نيابة عن النصارى؛ لذلك يوم القيامة سوف يخلّصهم من عذاب الآخرة…!!

فليعملوا ما يشاؤون في الدنيا…فالمسيح هو “المخلّص”..!!

والغريب في الأمر أنّنا في سوريا انتقلت إلينا العدوى…

“فعقلية المسيح المخلّص” بدأت تنخر عقول الكثير من السوريين…

لكن السؤال: من هو “المسيح المخلّص” عند السوريين!؟
بكلّ بساطة هو “العالم الخارجي”، أجل مسيحنا المخلّص هو العالم الخارجي..!!

فانظر إلى السوريين ماذا يقولون أو يفعلون:
ـ لو كان أوباما صادقاً لأنهى حكم بشار خلال أيام…
ـ ولن تنتهي الأزمة السورية إلا برحيل أوباما وأن يأتي رئيس جمهوري جديد…
ـ عندما تغضب إسرائيل على بشار سيرحل سريعاً…
ـ لو تخلّت روسيا وإيران لسقط بشار، وانتهت مآسي السوريين…
ـ السعودية وفطر وتركيا أملنا في التحرير..

وأمام هذا الواقع تجد القادة السوريين العسكريين والسياسيين يتسابقون لأخذ الولاءات من “المسيح المخلّص”…
فهذا ينسّق مع روسيا وإيران…
وذاك مع أمريكا..
وهذا مع الأوربيين..
وذاك مع السعودية وقطر وتركيا…
وحتى أنّ البعض منهم نسّق مع إسرائيل…

وعندما تحصل مناسبة عند “المسيح المخلّص” يتسابق القادة السوريون إلى إصدار البيانات؛ معبّرين بذلك عن ولائهم وتأييدهم ودعمهم ومساندتهم للسيّد المخلّص…

وإذا قلت لهم: لماذا كلّ هذه الهَرْوَلَة!!؟
سيقولون لك: هي السّياسة…!!!
غريب أمر السياسة عند المُهَرْوِلين…!!!
فكلّ نكسة عندهم سياسة…!!!

إذن بكلّ بساطة هي “عقليّة المسيح المخلّص”…!!!

و”عقلية المسيح المخلّص” تحرق العقول، وتجلب الخراب والدمار…
فصاحب هذه العقلية ينتظر دوماً الحلول من غيره، وغيره لن يعطيه إلا الوعود، وفي أحسن الأحوال يعطيه الفتات…!!!

ومصداق ذلك واقعنا المرير…
فقادتنا يعيشون “عقلية المسيح المخلّص”؛ لذلك تراهم متنافرين ومتقاتلين ومتدابرين ومتشرذمين…
فلا الآمال تجمعهم…
ولا المصائب توحدهم…
ولا خيانة “المخّلص” توقظهم…
لا تجمعهم إلا الهرولة إلى المخلّص…

أحبّتي المهرولين: “عقلية المسيح المخلّص” ستقتلكم جميعا…
وستقتلنا معكم…
عودوا إلى “عقلية الإسلام الفاعل”…
واعلموا أنّ أولى لوازم “عقلية الإسلام الفاعل”:
أن تتلمّسوا الحلّ من الداخل السوري…
أن تتوحدوا…
أن تندمجوا…
أن تنسقوا…
أن تضحوا من أجل بعضكم البعض…

أن تعلموا أنّ قوتكم الموحَّدة الصادقة هي التي تنصركم، وتجعل المسيح المخلّص يهرول إليكم ويطلب الحلول…

أيها الإخوة المُهَرولون: “عقليّة المسيح المخلّص” موت لنا…
و “عقلية الإسلام الفاعل” حياة لنا…
فعجيب أمر من يختار الموت ويخذل الحياة…!!!

 

نشرت هذه المادة عام 2016

0

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *