تايوان.. الغائب الحاضر الفـاعل في المشهد الدولي

تايوان.. الغائب الحاضر الفاعل في المشهد الدولي

بقلم: محمد ياسين نجار

تايوان
الغائب الحاضر الفاعل في المشهد الدولي
ودروس مستفادة للثورة السورية

تعتبر زيارة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي ذات الـ82 عاما إلى تايوان حدثا لافتا على الصعيد العالمي، إذ تأتي بعد 25 عاما من آخر زيارة من هذا المستوى قام بها رئيس مجلس النواب الجمهوري نيوت غوينغريتش عام 1997، ما يعني رفع حالة التوتر القائمة بين أمريكا والصين إلى مستوى غير مسبوق في ظل مناخ دولي شديد التوتر لم يعهده العالم منذ انتهاء الحرب الباردة عام 1991 وانفراط عقد الاتحاد السوفييتي.

معلومات أساسية عن تايوان

  • تبلغ مساحة تايوان 36,193 كم مربع ويقدر عدد سكانها 23,593,794 نسمة.
  • الناتج المحلي الإجمالي 668,500 مليار دولار وفقا لأرقام عام 2020.
  • تأتي تايوان في المرتبة 22 اقتصاديا على العالم، أهم صادراتها الرئيسية: الإلكترونيات، والألواح المُسطّحة، والسفن، والبتروكيماويات، والآلات، والمعادن، والمنسوجات، والبلاستيك، والمواد الكيميائية، كما يتمّ تصدير حوالي 27.1% إلى الصين، و13.2% إلى هونغ كونغ، و10.3% للولايات المتحدة الأمريكية، و6.4% إلى اليابان، و4.4% لسنغافورة.
  • تستحوذ تايوان على ثلثي صناعة الرقائق الإلكترونية في العالم التي تبلغ قيمتها قرابة الـ600 مليار دولار.
  • يحتل جواز السفر التايواني المرتبة 31 على العالم ويتيح حاملة بزيارة 146 دولة، 100 دولة بلا تأشيرة أهم الدول المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وأندونوسيا وماليزيا، 36 دولة عند الوصول أهمها الأردن وتنزانيا وسلطنة عمان ورواندا و10 دول من خلال من خلال تصريح سفر الكتروني أهمها أميركا واسترااليا والفيلبين.
  • تقع تايوان ضمن منطقة بحر الصين الجنوبي الذي يبلغ مساحته 3.5 مليون كم مربع، يمر عبره ثلث التجارة العالمية بما يعادل 5 تريليون دولار ويقع ضمنه الدول التالية: تايوان ـ فيتنام ـ الفيلبين ـ اندونوسيا ـ ماليزيا ـ بروناي ـ كمبوديا.
  • تبعد تايوان عن البر الصيني 140 كم.
  • الموازنة العسكرية لتايوان 11.2 مليار دولار عام 2019 بينما الموازنة العسكرية الصينية 230 مليار دولار لعام  2022 تأتي بالمرتبة الثانية على العالم بعد أميركا 730 مليار دولار.
  • تايوان عضو في بعض المنظمات الدولية مثل اللجنة الأولمبية الدولية ومنظمة التجارة العالمية تحت أسماء أخرى (تايبيه الصين) لا تشير إليها كدولة مستقلة.

 

نشـأة تايوان:

نشأت قضية تايوان بعد الحرب الأهلية الصينية التي بدأت 1927 بين القوميين (الكومينتانغ) والشيوعيين، توحد الحزبان في وجه الغزو الياباني بين 1937 ـ 1946، لاحقا عادت الحرب بين الحزبين للاندلاع لتنتهي عام 1949 بخروج حزب الكومينتانغ الوطني إلى جزيرة تايون وجزر أخرى وسيطرة الحزب الشيوعي على البر الصيني بقيادة ماوتسي تونغ وقيام جمهورية الصين الشعبية.

أبرم آيزنهاور عام 1954 معاهدة دفاع مشترك مع تايوان على أن لا تبدأ تايوان الهجوم على الصين، بعد إقامة العلاقات الديبلوماسية بين أمريكا والصين ألغيت المعاهدة عام 1980 واستبدلت بقانون العلاقات مع تايوان الذي تم فيه استبدال تعريف تايوان وخفض فيه مستوى تقديم الدعم العسكري بحيث لا يرقى إلى مستوى الوعد بتقديم مساعدة عسكرية مباشرة لتايوان في حالة حدوث غزو عليها.

تستخدم جمهورية الصين الشعبية مبدأ الصين واحدة والتي تعني سيادتها على تايوان بينما تستخدم أميركا مصطلح سياسة الصين واحدة والتي لاتعترف من خلاله بسيادة الحزب الشيوعي الصيني على تايوان.

حافظت تايوان (جمهورية الصين الوطنية) على مقعدها في مجلس الأمن حتى عام 1971 واستخدمت حق النقض مرة واحدة عام 1955 لمنع قبول منغوليا في الأمم المتحدة.

استلمت جمهورية الصين الشعبية مقعد مجلس الأمن عام 1971 بعد المفاوضات التي قام بها كسينجر وزار نيكسون بكين عام 1972 ليكون بذلك أول رئيس أميركي يزورها منذ تأسيسها.

بدأت تايوان رحلتها إلى الديمقراطية عام 1987، في عام 1996 تم إجراء أول انتخابات رئاسية.

وفي عام 2000 وصل الحزب الديموقراطي التقدمي إلى الحكم وسعى إلى استقلال تايوان بينما لاتزال الصين الشعبية محكومة بقبضة من حديد من قبل الحزب الشيوعي.

 

لمـاذا قامت بيلوسي بزيارة تايوان؟

  1. للتأكيد على أن لا خطوط حمر على السياسة الأمريكية.
  2. لتحذير الصين من التحالف مع روسيا خلال المرحلة القادمة.
  3. رسالة إلى تايوان بعدم تخلي أمريكا عنها خلال المرحلة القادمة.
  4. إشعار إلى الدول المتواجدة في بحر الصين الجنوبي الذي يمر عبره ثلث التجارة العالمية واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا بضرورة رفع مستوى الجهوزية العسكرية وبأن المنطقة تقع على رأس الأولويات الاستراتيجية الامريكية في المرحلة القادمة.
  5. تأتي ضمن الحملة الانتخابية للحزب الديمقراطي لانتخابات التجديد النصفي.

 

دروس مستفادة من ملف تايوان على صعيد الثورة السورية:

  1. يمكن أن يكون هناك دولتان على أرض واحدة ريثما يتم الحل السياسي.
  2. يمكن إصدار جواز سفر للمناطق المحررة معترف به دوليا رغم عدم الاعتراف القانوني.
  3. يمكن أن ينشأ  كيان ذو مصداقية للثورة السورية في ظل الحرب لو امتلكت مؤسسة سياسية كفوءة.
  4. يمكن تطبيق الديمقراطية لو امتلك السوريون الإرادة والرغبة في ذلك.
  5. يمكن نشوء اقتصاد مقبول عند هيكلة المناطق المحررة بشكل صحيح.
  6. يمكن تفعيل الملف الرياضي في الثورة السورية والمشاركة في البطولات الدولية تحت علم الثورة.

مما سبق يتضح لنا مدى أهمية تايوان ضمن الاستراتيجية الأمريكية لمنطقة بحر الصين الجنوبي وشرق آسيا في الضغط على الصين وعدم السماح لها بالخروج عن طوق السيطرة، إن العالم يشهد أحداثا متسارعة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث ترغب الإدارة الأمريكية بتوظيف هذا التسارع لمصلحتها وبناء نظام عالمي جديد يتيح لها قيادة العالم لعقود قادمة بعيدا عن الطموحات التوسعية لروسيا شرق أوروبا ودول آسيا الوسطى وكذلك للصين في بحر الصين الجنوبي وشرق إفريقيا ووسطها، فهل تتسارع الأحداث وتخرج عن السيطرة وتجعل اندلاع حرب عالمية ثالثة الفيصل في تحديد قيادة العالم لقرن قادم؟ أم تخضع الصين وروسيا قريبا للهيمنة الأمريكية وتتراجع عن طموحاتها التي لم تعد خافية على أحد؟.

0

تقييم المستخدمون: 3.46 ( 5 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *