لماذا يدعم الغرب المثلية بشدة؟

لماذا يدعم الغرب المثلية بشدة؟

لماذا يدعم الغرب المثلية بشدة؟
الحديث عن الشعوب وليس عن الحكومات فقط

بقلم: أحمد نصر

والله أبغى أجاوبك بس أستحي😃

شوف يا سيدي، اجابة هذا السؤال صعبة جدا، وثقيلة جدا، ومليئة بما يكره البشر سماعه، وأقول البشر، كل البشر، لن يعجبهم ما أقول، ما أقوله لن يوافق أهواء المترفين لأنه يقدح فيهم وفي طريقة عيشهم، ولن يوافق أهواء الفقراء لأنه يتعرض لما يتشوفون إليه وما يأملون نيله في يوم من الأيام..

قد يفسره البعض حقدا، قد يقول البعض أنه تشدد وتطرف، وقد يقول البعض أن اجابتي غير مستندة على العلم، بمعنى أنه لا يعززها بحث أكاديمي معتمد (وهذه صحيحة، فهذه قراءتي أنا للمشهد، ولكن تذكروا أن الآخرين أيضا لم تدعم مزاعمهم أي أبحاث معتمدة إلى اليوم)..سيكون هناك الكثير والكثير من الاعتراضات على الكلام التالي..ذكرت أو لم تذكر..لكنه بالنسبة لي، هو خلاصة ما انتهيت إليه.

تأمل حولك يا عزيزي وانظر في ما يسمى بـ(أحوال مجتمع الميم)، وقل لي، هل هناك دولة فقيرة قد ظهر فيها “مجتمعا للميم” على الاطلاق؟

هل هناك دولة، ولو كانت غنية، لكنها تواجه تهديدا وجوديا أو تملك مشروعا في طور الصعود، تشرّع للـ(زواج مثلي الجنس)؟

القضية اليوم كما أشرت في سؤالك منحصرة على الغرب تحديدا، لا القوى الصاعدة، كالصين وروسيا وحتى تركيا، ولا بلاد الفقراء الذين يقاسون شظف العيش كدول أفريقيا، يعتبرون خيارا جيدا لشخص يريد أن يعلن عن نفسه كواحد من مجتمع الميم (مجتمع الشواذ)، وبالمناسبة صارت هذه المسألة هي احدى معايير الحرية في مخيال الغربيين اليوم..

وهنا نسأل، ما الفرق بين هؤلاء وهؤلاء؟

هل الدين؟..ما هو الدين الذي يمنع الصين من تبني الدفاع عن مجتمع الميم؟

حقيقة، فالصين مثال فج، ماذا يهم السيد شي جينبينج في أن يعطي مجتمع الميم حرية الممارسة علنا؟!..أليسوا يدفعون الضرائب ويعملون ويطيعون القوانين ولا يعارضون السلطة؟..

يحب البعض الاختزال بالأجوبة القصيرة “لأنه ديكتاتور”..أنا لست معترضا على أن الصين دولة ديكتاتورية تعتبر الحكومة إلها، لكن حتى الديكتاتور لديه هدف ما من اجراءاته، كما لديه ولو حد أدنى من التوافق الشعبي أو العصبة التي توافقه، أعتقد أنه ينبغي التأمل في ذلك!

ثم ألم تكن بريطانيا ديموقراطية منذ ما قبل الحرب العالمية الثانية؟..ما الذي جد اليوم وجعل هذه الظاهرة في شوارعهم بعدما كانت تهمة إلى الخمسينيات؟

وباختصار، وقفزا على خطوات الأسئلة والتحليلات والتذاكي، فأنا أزعم أن الفرق لا يكمن (أساسا) في الدين، وانما الفرق هو في الترف.

فالحضارة الغربية وفرت اليوم لأبناءها أشكالا من الترف الاستثنائي، وكثير من الوفرة، يمكنك الاستمتاع بملذات الحياة وملهياتها يوميا حتى تملها، أفضل وأطيب الطعام كل يوم، تخوض أعتى المغامرات أيضا يوميا عبر الألعاب الالكترونية أو أسبوعيا في نهاية الأسبوع، تفعل كل غريب وعجيب وتقترب من الموت بشكل محسوب لتعود منه صارخا بانتشاء وضحك..هذا يمكنه أن يصبح نمط حياتك اليومي اذا كنت من الطبقة الوسطى في الغرب، يمكنك أن تكتشف كل يوم متعاً كانت لتكون تجربة (المرة الواحدة في العمر) في أي مكان آخر..

بالنتيجة؟..لا أحد يكتفي!

الانسان لا يكتفي، الانسان يريد الجديد، يريد استكشاف الممنوع وكشف الحجب، ويريد التغيير وكسر المألوف..ولو ترك العنان لنفسه فسوف يفعل كل مالا يخطر على بالك..كأي طفل يريد اللهو ولا يقدّر العواقب، الانسان ضعيف العقل والادراك، ولو لم ينشغل بالحق سينشغل بالباطل.

بالأمس كانت الولايات المتحدة تريد منع الخمور بالدستور، وهي اليوم في طريقها للسماح بالمخدرات شيئا فشيئا، بغض النظر عن التبريرات، لكن لا شئ جد على المجتمع الأمريكي بهذا الصدد سوى أن الناس قد تشبعت بما نالت ولم تكتفي، فذهبت تطلب أصنافا وألوانا جديدة..

والسوق، والشركات، والميديا، والرأسمالية، كلهم جاهزون لخلق الرغبات ابتداء ولو لم توجد، والترويج لها وبيعها وتوظيفها واستغلالها طالما وجد المستهلكون..

والجنس ليس استثناء من ذلك، كان الزنا في الغرب جريمة يوما ما، ثم انحلت القيم مع الترف شيئا فشيئا، فشا الزنا حتى صار مقبولا، ثم كان الجدل على صناعة الاباحية ثم صارت مقبولة، ثم نوادي البغاء والتعري وحفلات الجنس وشواطئ العراة، ثم الجدل في المثلية (الشذوذ الجنسي) ثم تقبل، ولدى القائلين بأنها ليست نهاية المطاف وجهة نظر، فهناك لا يزال ماهو أسوأ قد يأتي بعد ذلك لو استمرت هذه المسيرة.

كلها تنويعات ووراء كل تنويعة جماهير مستهلكين تعرّف نفسها بهذا الشئ، هذه هويته التي تعلو حتى على الهوية الوطنية والدينية..

الانسان بالعموم، “كائن متني” بالتعبير المصري الدارج، الانسان يحتاج للتربية طوال عمره، يحتاج لتربية نفسه وأخذها بالشدة والحزم، لهذا اتفقت الأديان (كلها تقريبا)، وحتى الفلسفات الوضعية البشرية التي لم تدعي لنفسها مددا من السماء، على فلسفة الزهد، والاقتصاد في المتع، وتدريب النفس على الخشونة وشظف العيش، كل هذا لم يأت من فراغ، ولم يدرك حقيقته أبناء الحضارة المتأخرين..

هل أقول أن الترف هو ما يصنع المثلية (الانحراف الجنسي)؟

لا، أقول أن المجتمع المترف تضيع بوصلته ويصبح عمله الوحيد وشغله الشاغل هو تلبية رغبات أفراده مهما كانت، يقيس تقدمه بمدى تفننه في محاولة تلبية الرغبات مهما كانت عبثية ومهما كان حكمها في قيم المجتمع الأساسية والجذرية.

لقد كان هناك دائما وسيكون هناك دائما في كل مكان وزمان أفراد من أصحاب هذه الميول، تماما كما كان هناك دائما زناة ومتعاطي المسكرات والمخدرات في كل مكان وزمان، لكن فكرة التمركز حول رغبات الفرد وتعديل اللغة والقانون والمجتمع والسوق لتناسب هذا الفرد (أو الأفراد) هي فعلا فكرة غير واردة الا في مجتمع مترف لا هدف له سوى البحث عن المتعة أينما كانت، وهيهات يشبع!

أو كما قيل: فالأوقات الصعبة تفرز الرجال الأقوياء، والرجال الأقوياء يصنعون الرخاء، ثم الرخاء يضعف الرجال، والرجال الضعفاء يبددون الرخاء وتأتي الأيام الصعبة.

شاهد:

0

تقييم المستخدمون: 3.17 ( 3 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *