أكينجي التركية وكيف ضاعت قدرات شبابنا الإبداعية؟!

التوعية السياسية - أكينجي التركية وكيف ضاعت قدرات شبابنا الإبداعية؟!

✍️ #محمد_إلهامي

انتهيت قبل قليل من مشاهدة الفيلم الوثائقي عن الطائرة التركية الهجومية المسيرة “أكينجي”..

وهذا رابط الوثائقي لمن أحب:

https://www.youtube.com/watch?v=B7IWRXSTqZk

أشعر الآن بنفس الفرحة التي شعر بها أسلافنا حين سمعوا خبر امتلاك باكستان القنبلة النووية على يد العالِم عبد القدير خان قبل عقود، ولعل فرحتهم كانت أعظم!

إلا أن باكستان التي حكمها العسكر الانقلابيون دائما، لا تزال تتعتع في مسيرتها، ذلك أن جنرالا انقلابيا واحدا يمكنه أن يدمّر مقدرات أمة، وهكذا كانت القنبلة الباكستانية كجوهرة عزيزة بين يدي خائن لا يعرف قيمة الاستقلال والعزة..

يمكن قول الكثير من الكلام، ويختنق في صدري الكثير منه.. ولو أنني اختصرته فسيكون مجرد كلام مكرر معاد من هذا الذي يثير ملل الأصدقاء، إذ أنهم قرؤوه عندي كثيرا وطويلا..

سترى في هذا الفيديو مئات المهندسين والفنيين الذين وُلِدت هذه الطائرة بمجهوداتهم.. تصور لو لم #أردوغان هو حاكم هذه البلاد، أو لم يكن لديه مشروع استقلال حقيقي، أين كانت ستذهب هذه الطاقات المبدعة؟!

سأخبرك أين تذهب.. حوِّل نظرك إلى عالمنا العربي المنكوب بحكامه وأنظمته الخائنة.. تعرف أين تذهب الطاقات:

1. ربما ذهبت إلى بلاد أوروبا وأمريكا لتساهم في نهضة العدو وتزيد من قدراته في قهرنا وذبحنا والسيطرة علينا.. إذ ماذا يفعل المبدعون المبتكرون عشاق العلم إذا لم يجدوا الفرصة إلا هناك؟!

2. ربما ذهبوا أيضا إلى السجون والمعتقلات إذا كان لهم رأي يخالف رأي الرئيس أو الملك أو ولي العهد أو حتى أمين الشرطة في جهاز أمن الدولة..

وأنا شخصيا أعرف -ولا شك أنك إذا كنت مهتما بهذا الملف تعرف- حالات قدَّمت بعض الأفكار المبدعة لتطوير أسلحة فكان مصيرهم القتل والسجن وتسليم الأفكار للأمريكان والإسرائيليين!

3. ربما عمل بعضهم في شركات عالمية لاستخراج البترول أو لتركيب أجهزة الاتصالات أو في مجال التعدين.. أنه أنه صار واقعيا ترسا في الآلة الاستعمارية لنهب الشعوب والسيطرة على مواردها والتحكم فيها.

4. ربما انصرفوا عن مجال العلم كله، تحت ضغط الحاجة المادية وفي ظل السبل المتاحة للحياة في بلادنا.. فكم من عقل مبدع يعمل الآن مندوبا للمبيعات، أو صاحب شركة برمجة لمستلزمات المدارس والمطاعم والشركات السياحية وحتى عروض الأزياء، أو صار صاحب شركة هندسة صوتية وإنتاج فني تتخصص في إضافة المؤثرات البصرية والصوتية على الأفلام والمسلسلات والأغاني.

5. بعضهم عاد إلى قريته أو مركزه وفتح شركة صيانة كمبيوتر

(وأحب أن أذكر هنا بأنني خريج كلية الهندسة، فأنا أعرف عماذا أتكلم، وأعرف أحوال الزملاء من خريجي كليات الهندسة)

فقط، حين يوجد النظام السياسي الذي لديه مشروع استقلال ترى هذه العقول المهاجرة تعود إلى بلادها وهي تسيل بالحنين وتمتلئ بالعزم على المشاركة في النهضة.. ومن كان قريبا من الحال السياسي في زمن #مرسي رحمه الله فسيعرف على الأقل عشرات أو مئات القصص في هذا الصدد.

إن الأنظمة الخائنة ترتكب أبشع الجرائم في حق أمتنا، ليس فقط بالقتل والتعذيب والتهجير والتشريد، بل بما تصنعه من فارق الزمن وفارق القوة.. في اليوم الواحد من عمر هذه الأنظمة الخائنة تزداد الفجوة في القوة بين أمتنا وبين العالم، في اليوم الواحد تخسر أمتنا طاقاتها البشرية التي يذهب بعضها ليكون إضافة لقوة عدونا وترسا في جهاز تفوقه وهيمنته.

لو أنك قرأت كتابا، أو حتى سمعت فيلما عن سباق التسلح بين الأمريكان والاتحاد السوفيتي (كمثال) فإنك ستشعر بقيمة الساعة الواحدة واليوم الواحد.. ولذلك فحين ترى أمتنا يحكمها نظام خائن لنصف قرن أو لقرن من الزمان فإنك ترى حجم الكارثة التي نعيشها والتي سندفع ثمنها من أرواحنا ودمائنا ثم سيستكمل الثمن أبناؤنا وأحفادنا من أرواحهم ودمائهم أيضا.

إن النهضة مشروطة بوجود دولة، دولة مستقلة يحكمها أكفاء مخلصون، ومن هنا فإن أي تقليل من شأن السياسة أو من شأن الكفاح لاستخلاص دولنا من أيدي الخونة هو جهل مريع وغفلة ضخمة..

إن إنتاج طائرة بدون طيار -كالتي هي موضع حديثنا الآن- احتاجت عشرات الفرق العلمية، مع إمكانيات الأجهزة والمعدات والمصانع والمطارات.. ما كان لمثل هذه الطائرة أن تنتج إلا في ظل دولة ترعى المشروع وتحميه وتحرص عليه وتوفر له كل هذا.

لقد صنعت حــم|س المعجزة حين أنتجت طائرة بدون طيار، ولكن هل تذكر متى استطاعت؟!.. بعد أن حررت #غزة من سلطة فتح، ولولا ذلك ما استطاعت.. وبعد أن توفر لها أنواع من الدعم التقني الإيراني، ولولا ذلك ما استطاعت.. وأما الرجل الذي كان خارجا عن حمايتها وعن حماية دولة مستقلة، فقد اغتاله الإسرائيليون في تونس بمساعدة من أجهزة الأمن التونسية!!.. أقصد محمد الزواري رحمه الله.

ومع ذلك، فما أنتجته حــم|س يعد هزيلا غاية الهزالة مقارنة بما تنتجه إيران أو تركيا، وما ذلك إلا حجم الفارق بين القطاع المحاصر بفعل النظام المصري وبين الدول المستقلة التي بدأت نهضتها قبل عقود..

0

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *