صباح 8 آذار وذكريات الطفولة

صباح 8 آذار وذكريات الطفولة

صباح اليوم في إحدى مجموعات الواتس أب ذكرنا أحد الأخوة الأحبة بأن اليوم هو الثامن من آذار، ليتدفق بعد ذلك علي سيل من ذكريات الطفولة.
أعتقد أن كثيراً ممن يقرأ المنشور لا يعلم بعد ماذا يعني أن اليوم هو الثامن من آذار، وغالباَ سيكون من أبناء الألفية الثالثة ومن أحرار الثورة.
كل سوري نقشت في صفحة ذاكرته ثلاثة تواريخ لا يمكن أن ينساها مهما حاول، ربما ينسى يوم ميلاده لكن لا ينسى هذه الأيام:
7 نيسان 1947 ميلاد حزب البعث العربي الاشتراكي
8 آذار 1963 ثورة الثامن من آذار (وهي تعني في حقيقتها استلام حزب البعث السلطة في سورية)
16 تشرين الثاني 1970 ذكرى الحركة التصحيحية المجيدة (والتي تعني في حقيقتها انقلاب المقبور الملعون حافظ على منافسيه في حزب البعث وزجهم في السجون وتفرده بالسلطة).
لم نكن ندرس ذلك في الكتب المدرسية فحسب (وأهمها طبعاً التربية القومية الاشتراكية)، بل كنا نشربه من الإذاعة والتلفاز وأناشيد المدارس وهتافات المسيرات الداعمة لبقاء حافظ الأسد في السلطة، كم كنا نطالبه بذلك، كم كنا نرفع صوتنا حتى يبح ونحن نهتف له: إلى الأبد إلى الأبد يا حافظ الأسد.
وفي مسيرات الحركة التصحيحية، كنا نحتفل بالقائد الرمز الرفيق المناضل، ونغني له:
حافظ أسد يا عيوني …. لابس طقم ليموني
كنت أحب الخط في طفولتي وكانت من أكثر العبارات التي تتوارد إلى ذهني لأكتبها وأنا طفل:
أمة عربية واحدة، ذات رسالة خالدة
وحدة حرية اشتراكية
نشيد حزب البعث الذي كنا نسمعه في كل المناسبات (الوطنية):
يا شباب العرب هيا وانطلق يا موكبي
كان يجعلني فعلاً أشعر بأنني أحلق في السماء، وأنا أسمعه وأغنيه.
تحية العلم كل صباح والتي كانت تختم بأن يقول العريف:
عهدنا.
فنرفع أيدينا جميعاً للسماء بزاوية منفرجة إشارة لتأذدية القسم لنعاهد بعضنا على أن:
نسحق أداتهم المجرمة (للصهيونية والإمبريالية) عصابة الإخوان المسلمين العميلة.
لم أكن أعلم أن اللعين حافظ الأسد الذي أهتف له هو من دمر بلدي
وأن الحركة التصحيحية هي اغتصاب السطة والبلد لعقود من قبل هذا القذر
وأن من أعاهد على سحقهم هم من خرجوا ضد حكمه
وأن الكثير من أفراد عائلتي بين قتيل ومعتقل وفار خارج البلد بسبب بطشه
لم أكن أعلم شيئاً من هذا بل كنت عازفاً ضمن فرقة موسيقية هي كل أبناء البلد والمقبور حافظ الأسد هو من كتب النوطة الموسيقية ونحن نعزف كما يريد ونغني ما يريد ونتنافس في رفع أصواتنا ولا نسمع إلا ما يريد.
أي عبودية هذه !!
لعنه الله كيف دمّر طفولتنا وإنسانيتنا
وكيف شوه لنا ذكرياتنا
……………………………..
ثم يأتيك من يقول: كنا عايشين!
ويأتيك من يظن: أن الثورة ما انتصرت!
أنا اليوم لا أستطيع حتى أن أتخيل مجرد خيالٍ أن يدخل ابني بيتي وهو يغني لبشار!
كما كان أهلي يتحملون ذلك مني وهم قد لاقوا من حافظ ونظامه ما لاقوا، لكنهم كانوا لا يستطيعون منعي أو توعيتي، لأنني طفل قد يزلق لساني فأذهب إلى الهاوية أنا وهم.
الحمد لله على نعمة الثورة التي دمرت خرافة ثورة الثامن آذار ، وكل خرافات البعث، وكل أكاذيبهم، وجعلتنا نتنفس نسائم الحرية.
وإن الحرية غالية
#صباح_الثورة

0

تقييم المستخدمون: 4.93 ( 8 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *