المعتقلات في سجون النظام الأسدي جرح لا يندمل

خطبة الجمعة - المعتقلات في سجون النظام الأسدي جرح لا يندمل

#خطبة_الجمعة
#الشيخ_محمد_أبو_النصر

المعتقلات في سجون النظام الأسدي
جرح لا يندمل

🕌 أحد مساجد ريف حلب المحرر.
⏱ المدة: 11 دقيقة.

التاريخ: 1/رجب/1440هـ
الموافق: 8/آذار/2019م

🔴الأفكار الرئيسة في الخطبة الثانية:
1️⃣ تاريخ أسود مازال يُكتب إلى اليوم بمداد النار والدم.
2️⃣ التعذيب بانتهاك ممنهج للأعراض من النظام النصيري الحاقد.
3️⃣ نظرة النصيرية للمرأة في دينهم.
4️⃣ المجتمع الجاهل والنظرة المتخلفة للحرَّة التي اغتصبها المجرمون.
5️⃣ مواقف من تاريخ المسلمين لنصرة لأعراضهم.
6️⃣ احتفاء العالم بالناجية اليزيدية من اغتصاب الدواعش وتجاهل المنظمات الأممية والدولية لعشرات آلاف المسلمات المعتقلات في سجون النظام السوري الطائفي.
7️⃣ لن ينصر الله فصائل تجاهلت أعراض المسلمات في السجون.
8️⃣ كل من أطلق من السجن أول الثورة في رقبته دين لشباب السلمية الذين لازال من بقي حيًا منهم في السجون.
9️⃣ يوم المرأة العالمي!

 

لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF

لتحميل الخطبة صوتيا بصيغة MP3

 

  • ملاحظة: ما بين معكوفتين [ ] فهو شرح مُدرج في سياق ذِكرِ الدليل.

الخطبة الثانية:

الحمدُ لله وكفى، وصلاةً وسلامًا على عَبدِه الذي اصطفى، عبادَ الله، خيرُ الوصايا وصيّةُ ربِّ البرايا: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء:131]، فاتقوا الله عباد الله، فبتقوى الله العِصمةُ من الفتنِ، والسلامة من المِحَن.

أيُّها الأحبَّة ونحن نتحدّث عن إجرام المجرمين، ونحن نتحدّث عن تاريخ أسود مازال يُكتب إلى اليوم بمداد النار والدم، لابدّ أن نذكر أمرًا خطيرا أتى به أولئك لم تعهدهُ سوريا قَبلهم، ففضلا عن إجرامهم، وفضلا عن ظُلمهم، وفضلًا عن قتلهم لعشرات آلاف المسلمين في السجون وفي غير السجون، كان من صنيعة أولئك أنّهم لم يُراعوا في عِرض المسلمين إلًّا ولا ذِمّة، لم تعرف سوريا قبل أولئك ولا حتى زمن الاحتلال الفرنسي انتهاك الأعراض بشكل مُمَنهج كوسيلةٍ للضغط وللتعذيب النفسي، هؤلاء المجرمون الذين لا قيمة للعرض عندهم، ففي الطائفة النصيرية لا اعتبار لعِرض المرأة، بل هي هدية يُهديها النُّصيري لأخيه، ممكن يعيره امرأته، يرسلها لصديقه ولأخيه، هكذا في دينهم…

بدأوا بتعذيب المسلمين بانتهاك أعراضهم، فمرّت تلك السنون الطويلة وفي كلّ مرّة تُعتقل المسلمات ويعذبن ويذقن ألم الاغتصاب، ويذقن فوق ذلك ألم المجتمع الحاقد المُنكِر لما عانينه، بدل أن نواسي تلك الأخت وأن نقف معها وأن نكون لها عُضدا ونصيرا، في التخلف الذي نعيشه في مجتمعنا، تراهم ينظرون للأخت التي اعتقلها الكفار واغتصبوها نظرة ازدراء!!! وهذه الأخت زمرّدة وماسة تتوِّج أعظم التيجان بشرفها وطهرها…

هذه الأخت ما تعرّضت له ليس عارًا عليها بل هو عارٌ على المسلمين الساكتين الخانعين، عارٌ على من تصدّر لشؤون المسلمين ولم يسمع قول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم: “فكّوا العاني”، فكّوا العاني أي فكّوا الأسير، أمر من النبيّ رواه الإمام البخاري، هؤلاء الذين لم يعُوا غيرةَ النبيّ والصحابة والمسلمين في كلّ العصور على محارمهم وعلى أعراضهم، رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في زمانه امرأة مسلمة ذهبت إلى تاجر صائغ، بائع ذهب، يهودي وكانت تضع النِّقاب فطلب منها اليهودي أن تكشف نقابها فأبت، فما كان منهم وهي جالسة على الكرسي عند بائع الحُلي اليهودي إلَّا أن شَكَلوا طرف ثوبها بدبوس إلى ظهرها وهي جالسة لا تشعر، فلمّا قامت انكشف سوأتها فنادت: “وا إسلاماه”، فإذا بمسلم مارّ في الطريق يفزع لها ويقتل الصائغ اليهودي، فيتكاثر اليهود على المسلم فيقتلونه، فإذا بالنبيّ يُحرِّك جيشًا لتلك الفِعلة وتكون غزوة بني قينقاع الذين حاصرهم النبيّ –صلى الله عليه وسلّم- وقاتلهم وقَتلَ منهم حتى إذا استسلموا تشفّع فيهم رأس النفاق عبد الله بن أبي بن سلول -لعنَهُ الله- تشفّع فيهم وأكثر التشفّع لهم، فأمر النبيّ بإجلائهم عن المدينة بعد أن قتلَ منهم مَن قَتَل. هكذا كان شأن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وهكذا كان شأن المسلمين في الغيرة على محارِمهم.

من بعده المعتصِم ومعركة عمُّورية الشهيرة معروفة، امرأةٌ مسلمة تعرّض لها الروم في قرية تسمى “زِبَطرَة” احتلّها الروم على ثغر من ثغور المسلمين، فتعرّض رومي لامرأةٍ مسلمة فنادت تلك المُسلِمة: “وامعتصماه”، وكان الخليفة المعتصم يومها؛ ماذا فعل الخليفة المعتصم؟ قال: “لا نصرني الله إن لم أنصرها”…

والله -أيُّها السادة- لن ينصر الله هذه الفصائل وقادتها ما لم ينصروا الأسيرات المسلمات، والأيّام بيننا شاهدة، والله على هذا المنبر أقولها وليشهد التاريخ، “واللهِ لن ينصُرهم الله إذا لم ينصروا أخواتهم المعتقلات”….

ماذا فعل المعتصم؟ قال: لبيك أختاه. سيّر جيشا إلى عمُّورية فأتاه المنجمون والسحرة فقالوا لابدّ أن تنتظر حتى ينضج التين والعنب، الآن الوقت غير مناسب للمعارك وللغزو على الكفار، فكذّبهم وسار بجيشه وانتقم لها ووصل إلى تلك المرأة وقال لها: نصرتك بإذن الله… وقال أبو تمام قصيدته الشهيرة:

السّيف أصدق إنباءً من الكتب             في حدّه الحدّ بين الجّد واللّعب

بيض الصّفائح لا سود الصّحائف في          متونهنّ جلاء الشّك والرِّيَب

نصَرَ المعتصِم تلك المرأة:

ربّ وامعتصماه انطلقت          ملء أفواه الصبايا اليتّم

لامست أسماعهم لكنّها         لم تلامس نخوةَ المعتصِم

[عمر أبو ريشة]

ونحن نتفرّج على التلفاز ونرى شهادات المعتقلات، تخرُج معتقلة تقول لك ليس هناك معتقلة في سوريا لم تُغتصب عشرات المرات، شاهدت شهادة من فترة لأخت تقول لك معنا طفلة صف تاسع اعتقلت بالخطأ على حاجز تناوب الستة على اغتصابها أمامنا ونحن نشاهد، عشرات الضباط الإيرانيين وغير الإيرانيين كلّ الفصائل سلّمتهم بالمال وبغير المال للعدو وكان آخر همّهم إطلاق المعتقلات…

أخواتنا اللواتي اعتقِلنَ زمن المظاهرات السلمية التي لولاها لما خرج نصف قادة الفصائل الملتحين، المتصدِّرين الآن، لولا تلك المظاهرات ما أُخرِجوا من السجن، تُرِكن إلى اليوم في السجون، قُتِلَ أكثرهُنَّ ومن بقيت مِنهنَّ لا أحد يسأل عنها، لا أحد يسأل عنهنَّ ولا يُطالِب بهنَّ، ثم ماذا نسمع اليوم؟!!

اليوم الثامن من آذار أيضًا هو يوم المرأة العالمي!!

يوم المرأة العالمي المنظمات الحقوقية والدولية تحتفل اليوم بيوم المرأة العالمي، يوم المرأة العالمي -أيُّها السادة- فتاة يزيدية اغتصبها الدواعش المجرمون فتم تكريمها وإعطاؤها جائزة نوبل للسلام وذهبوا بها إلى محافل الأمم المتحدة واحتفَلت كلُّ وسائل الإعلام بها…

بنت يزيدية اغتصبها الدواعش، وهي جريمة لا نقلل من شأنها، ولكنّ تلك المؤسسات الدولية -لكي تعرفون كيف يفكر أولئك- لم تلتفت أبدا إلى عشرات آلاف المسلمات اللواتي يذقن أشنع أنواع التعذيب في معتقلات النظام السوري،
(ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) [آل عِمران: 75]، يا أخي يا من تتأمّل بأولئك ليس علينا في الأُميين سبيل، قالوها من زمن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-

هذه الاتفاقيات الدولية، وهذا الإعلام يكون لأجل غير المسلمين، أمّا لأجل المسلمين فلا…

بنت يزيدية طبّلوا وزمّروا بها وانتشر خبرها وأخذوها إلى مجلس الأمم المتحدة وكرّموها بجائزة نوبل للسلام، عشرات آلاف أخواتنا الأسيرات المعتقلات في سجون النظام لم يتحدّثوا لأجلهنّ، الآن هناك مئات الشاهِدات الحيّات موجودات بيننا ممن أُخرِجن من السجون ما أحد كرَّمهُنَّ وأعطاهن جائزة نوبل وأخذهن إلى مجلس الأمم المتحدة لكي تتحدث عن تجربتها.

أيُّها الأحبَّة، أيُّها السادة الكرام- من لم يزد عن حوضه بسلاحه يُهَدَّم، عرضك إن لم تدافع عنه يُعتدَى عليه، هذه حقيقة لابدَّ أن نَعِيَها، ولابدَّ أن تكون هذه الحقيقة وسيلة لنا لكي نعرف كيف نُصنّف الناس…

لا تغتر بالمظاهر، لا تغتر بما تسمعه على الإعلام، أرِني من أخرَج ألف معتقلة من السجون في كلّ المعارك التي جرت ومع كل الأسرى الذين تم مبادلتهم بالأموال وما شابه ذلك، الآن المعابر نصفها تخدِّم النظام أكثر مما تخدّمنا وتؤمّن له احتياجات استراتيجية، هل هناك من خرج لكي يشرط إخراج معتقلات أسيرات مسلمات مقابل ذلك؟!

هذه الدروس -أيُّها السادة- دروس لابدَّ أن تعوها جيدا، ولابدَّ أن تحفظوها، ولابدَّ أن تكون وسيلة لنا ولكم لاتخاذ القرار المناسب، وحفّظوها لأبنائكم لا تنسوها لكيلا يُكرِّر التاريخُ نفسه…

التاريخُ لا يُكرِّر نفسه لكنّ الناس يكررون غبائهم، ورسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “لا يُلدغ المؤمن من جحر واحد مرّتين”. [البخاري ومسلم]

 

أسأل الله تعالى أن يولّي علينا خيارنا وألا يسلط علينا بذنوبنا شرارانا، إنّه على كلّ شيء قدير، إنّي داع فأمّنوا

 

0

تقييم المستخدمون: 5 ( 2 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *