أيلولالعام الدراسيخطبخطبة الجمعةكاتبمحمد أبو النصرملفات وبطاقات دعويةمناسبات الأشهر الشمسية

إلى المعلمين والأهالي مع بداية العام الدراسي

خطبة الجمعة - إلى المعليمن والأهالي مع بداية العام الدراسي

#خطبة_الجمعة
#الشيخ_محمد_أبو_النصر

إلى المعلمين والأهالي
مع بداية العام الدراسي

🕌 أحد مساجد ريف حلب المحرر.
⏱ المدة: 29 دقيقة.

التاريخ: 24/ ذو الحجة /1438هـ
الموافق: 15/ أيلول/2016م

🔴الأفكار الرئيسة في الخطبة الأولى:
1️⃣ أهمية العلم.
2️⃣ خصائص المنهج التربوي النبوي.
3️⃣ بناء جيل النصر والتمكين واجبنا جميعًا.
4️⃣ المعلمين والمعلمات قدوات!!!
5️⃣ خطورة دور المعلمين والمعلِّمات.
6️⃣ في المحرَّر وما زال مئات المعلمين يقبضون رواتبهم من النظام!!

🔴الأفكار الرئيسة في الخطبة الثانية:
7️⃣ المدرسة أيها السيد ليست مكانًا تتخلص فيه من إزعاج ولدك.
8️⃣ مِن أخطر الوصايا للطلاب والمعلمين والأهالي مع بداية العام الدراسي.
9️⃣ أهمية استمرار الطلاب مع الحلقات المسجدية ولو بساعة في اليوم.
🔟 أولادي الصغار واليوم الأول في المدرسة.

لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF

لتحميل الخطبة صوتيا بصيغة MP3

* ملاحظة: ما بين معكوفتين [ ] فهو شرح مُدرج في سياق ذِكرِ الدليل.

الخطبة الأولى:

إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينُه ونستهديه ونستغفره، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِ اللهُ فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدًا، وأشهد ألَّا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ نبينا محمدًا عبده ورسوله وصفيُّه وخليلُه أرسَله ربُّه بالهدى ودين الحقِّ ليُظهِرَه على الدين كُلِّه ولو كرِه المُشرِكون، فصلواتُ ربِّي وسلامه عليه وعلى آل بيته الطيِّبين الطاهرين، وأصحابِه الغُرِّ المُحجَّلين، ومن سار على دربهم واهتدى بهُداهم إلى يوم الدين… أمَّا بعد إخوة الإيمان:

يقول الله تعالى وهو أحكم القائلين: (( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)) [الزمر: 9]

وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه أبو داود والترمِذي عن أَبي الدرداء – رضي الله عنه – ، قَالَ : سَمِعْتُ رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَم – ، يقول : (( مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَبْتَغِي فِيهِ عِلْماً سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَريقاً إِلَى الجَنَّةِ، وَإنَّ المَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ العِلْمِ رِضاً بِمَا يَصْنَعُ …))

وروى الإمام مسلمٌ في صحيحه عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قَالَ : قَالَ رَسُول الله – صلى الله عليه وسلم – : (( المُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعيفِ، وَفي كُلٍّ خَيرٌ… )).

ولعلَّنا إذ نتحدَّث عن المؤمن القوي نذكُر في هذا الباب أهمِّية تحصيل العلم الماديِّ، فهو مِن أخطرِ وأهمِّ أسباب القوَّة في هذا الزمان.

اليوم – أيَّها السادة- وقد شارفت مدارسنا على أن تبدأ عامًا دراسيًّا جديدا، أحببت أن يكون حديثنا اليوم عن المدارس، عن العِلم والتعليم، عن واجبات الأهل والمعلِّمين والطلاب مع بداية العام الدراسي، مع اقتراب عودة الطلاب إلى مقاعِد الدراسة والمدارس.

تلك المدارس التي يُفترَضُ بأنَّها أُنشِئت لتكون مناراتٍ للهدى، لتكون أبواباً للخير، لتكون مجالاً للصلاح وتأسيسًا للفضيلة، ونماءً للعلم، وزكاءً للخير ومجتمعاً للفضيلة والرِّفعة … فإذا بها وقد كانت حُرِفت عن هدفها في بلادنا ومجتمعنا لتكون مكانًا لتعليم علمٍ لا ينفع العمل، لتكون مرتعًا للفسادِ والإفساد، لتكون مَدجنةً تُعظِّم الطواغيت وتدجِّن العقول على طاعتهم والعبودية لهم…

هكذا كانت المدارس سابقًا لنصفِ قرنٍ في بلادنا حتى أذِن الله بهذه الثورة المباركة، فتأمَّلنا أن يتغيَّر حالُ المدارس وأن يتطوَّر أداؤها، وأن نتخلَّص من علائق الجاهلية فيها، لأنَّ هذه الثورة التي لا يمكن أن تنتصر ما لم يأت جيلٌ جديد، جيلٌ رُبِّي على الطهارة والمعرفة، جيل النصرِ والعزِّ والتمكين، جيلٌ يُشبه الجيل الذي صنعه نور الدين زنكي عندما بنى المدارس النورية في مدن الشام زمن الحروب الصليبية، فخرَّجت جيلًا جديدا تعلَّم العلم الصحيح، رُبي على الإيمان والمعتقد الصحيح، في بيئة جهاديَّةٍ لم يتوقف الجهاد فيها ضد أعداء الله … فرُبِّي في تلك المدارس جيلُ النصر وكان جيلُ التمكين؛ ذاك الجيلُ الذي دخل المسجد الأقصى محرِّرا مع صلاح الدين الأيوبي.

ولهذا أيُّها السادة إن أردنا أن نبني بناءً صحيحًا، وإن أردنا أن نُحدِث تغييرًا صحيحًا في مجتمعنا، فلابدَّ من أن نتعاون جميعًا مُعلِّمين وطلَّابًا، وآباءً وأمَّهات، وسُلُطاتٍ وجماعاتٍ وقيادات، لابدَّ من أن نتعاون جميعًا على تغيير المنظومة التعليمية، وعلى تطوير أداء المنظومة التعليمية.

تغييرٌ يمسُّ أداءها وأفكارها ومناهجها وتوجيهات وأساليب معلِّميها وطريقة تعاطيهم مع طُلَّابنا… مفاسِدُ كثيرة كنَّا نعاني منها في منظومتنا التعليمية، لازال كثيرٌ منها بعد سبع سنواتٍ من الثورة موجودًا في مدارِسنا

  • التركيزُ على علم لا ينفع العمل، وحشو كثيرٌ في منهاجٍ يُرهق أذهان الطلاب دون ثمرةٍ قريبةٍ مرجوَّة منه
  • تربيةٌ كانت تعظِّم في القلوب غير الله، وتستهزئ بالملتزمين من عباد الله؛ وما كتاب التربية الإسلامية الذي أصدره النظام المجرم من أيام وقد ملأ غلافه بصور الحمير – أجلَّكم الله – إلا رسالةٌ واضحةٌ على الاستهزاء بدين الله وعلى الازدراء لشرع الله، وعلى الازدراء والتحقيرِ لدعاة الهدى والخير والفضيلة… والعجيب أنَّ كثيرا من المعلمين الذين يحملون نفس العقلية، وبقوا على ما كانوا عليه من فسادهم، لازالوا مستمرِّين على ما هم عليه في مدارسنا!!
  • كيف لا نتحدَّث عن فسادِ المنظومة التعليمية وقد انعدام التركيز على الجانب التربوي الأخلاقي في مناهجها وفي سلوكيات المعلمين فيها، أولئك المعلمون الذين انعدام الشعور بالمسؤولية والرسالة والهدف عند كثيرٍ منهم، أعظم همِّ واحدِهم أن يمضي الشهر ليأخُذ المرتَّبَ آخره.
  • كثيرٌ من هذه المفاسِد – أيها السادة – كانت قبل هذه الثورة فأتت الثورة بالتغيير، فتغيَّرت بعض المدارس وتطوَّر للأحسن بعضها، ولكنَّا لازلنا نعاني علائق الفساد الماضي، لازلنا نعاني من معلِّمين تناسوا أنَّ وظيفة التعليم هي أسمى وأعلى وأغلى وظيفة، لأنَّها وظيفة الأنبياء ((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)) [الجمعة : 2] .
  • لازلنا نعاني من مجتمعٍ فاسدٍ لا يُعظِّمُ المعلِّم، ولا يعرِفُ للمعلِّم حقَّه وقدره، ولا يعينُ المدرسةَ على أداء دورها الصحيح.
  • لازلنا نعاني مِن معلِّمين نسوا الدور المنوط بهم، نسوا بأنَّ المعلِّم يجب أن يكون قُدوةً وأسوة لطلابه خارِج المدرسة كما في داخلها…

أي تعليمٍ هذا – أيها السادة – وأيُّ ثورةٍ هذه، ونحن مازلنا نتساهل مع مُعلِّمين يخاطبون الطلاب في المدارِس بالكلام البذيء الفاحش، أي تعليمٍ هذا ونحن نسمع بمعلِّمٍ يُشعل سيكارته داخل الصف ليكون أُسوة سوءٍ وقدوةَ ضلالٍ للطلاب؟!

  • أي تعليمٍ هذا وما زلنا نرى بعض المدرِّسات يُبدين زينتهنَّ ويُظهِر مفاتنهنَّ، يتكسَّرن في مِشيتهنَّ، يضعن الأصبغَةَ على وجوههِنَّ، ويلغينَ مع الرجالِ في كلامِهنَّ، والطالبة المسكينة ترى هذا في معلمتها فتقلدها … فإذا طلبنا من المعلِّمات أن يتحشَّمن في لباسهن، خرج علينا دعاةُ الحرِّية المزيَّفة والتحرُّر ليعترضوا علينا، مُدَّعين بأننا نتدخَّلُ في سير العمليَّة التربويَّة!!
  • نسي أولئك بأن النظام الفاجر قبل الثورة -وكل أنظمة العالم- تتدخل بتوجيهات للمعلم، منع المُنقَّبات من التعليم، بل وفي المرحلة الأخيرة قبل الثورة منع من تضع حجابا بلون أسود (يجب أن تأتي بحجاب ملون) ثم نحن إذا طلبنا من المعلمات أن يتحشَّمن في لباسِهن ليكُنَّ قدوة حسنة لبناتنا اعترض علينا من يتعرض.
  • يبدو أن القوم قد غفِلوا عن قوله تعالى: ((لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ)) [النحل : 25] .

وفي صحيح الإمام مسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه – : أنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (( مَنْ دَعَا إِلَى هُدىً كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئاً )).

  • هذا عن الجانب التربوي الأخلاقي عداك عن الضعف العلمي، عداك عن إهمال بعض المعلمين لتحضير دروسهم ولانعدام الرقيب عليهم ولضعف الأثرِ الإيجابي عندهم حتَّى ليصحُّ فيهم قول الشاعِر: وأيّ نفع لمن يأتي مدارسكم *** إن كان يخرج منها مثلما دخلا
  • يضاف إلى ذلك أيها السادة تعاطٍ سلبي في علاقة المعلم بالطُّلَّاب، ورحم الله الصحابيَّ الجليل مُعاوِيَة بن الحكم السُّلَمي – رضي الله عنه – إذ وصف تعليمَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- له قائلا: ((… بِأبِي هُوَ وَأُمِّي ، مَا رَأيْتُ مُعَلِّماً قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ أحْسَنَ تَعْلِيماً مِنْهُ ، فَوَاللهِ مَا كَهَرَني ، وَلاَ ضَرَبَنِي ، وَلاَ شَتَمَنِي)). [رواه مسلم]

وفي الحديث المتفق عليه عن أنسٍ – رضي الله عنه – ، قال : ((كَانَ رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – أحْسَنَ النَّاس خُلُقاً)). وعنه – رضي الله عنه – قَالَ : ((مَا مَسِسْتُ دِيبَاجاً وَلاَ حَرِيراً ألْيَنَ مِنْ كَفِّ رسولِ اللهِ – صلّى الله عليه وسلَّم – ، وَلاَ شَمَمْتُ رَائِحَةً قَطُّ أطْيَبَ مِنْ رَائِحَةِ رسولِ اللهِ – صلّى الله عليه وسلّم – ، وَلَقَدْ خدمتُ رسول اللهِ – صلّى الله عليه وسلّم – عَشْرَ سنين ، فما قَالَ لي قَطُّ : أُفٍّ …. )) ، خدم النبي عشر سنين فلم يتأفف منه مرة ولم يزجره ولم ينهره لأن هدفه كان تعليمَ الفتى وتربيتَه وإصلاحه، نعم أيها السادة هكذا كان خير المعلمين – روحي فداه -كان  خير المُربِين، كان حليماً رحيماً رفيقاً رقيقاً، ييسِّرُ ولا يعسر، ويبشر ولا ينفر، كان طليق الوجه دائم البشر والسرور، وعن جريرٍ رضي الله عنه وأرضاه قال: ((ما لقيت النبي إلا تبسم في وجهي))

فهلّا تأسَّى معلمونا برسول الله في مدارسهم، هلَّا تأسى مشايخنا ودعاتنا برسول الله في تعليمهم ودعوتهم، هلَّا تأسى آباؤنا وأبناؤنا في علاقتهم في بيوتهم برسول الله صلى الله عليه وسلم، هلّا تأسينا في تأديبنا لأبنائنا وبناتنا ولأزواجنا وزوجاتنا، هلَّا تأسينا بالنبي -صلّى الله عليه وسلّم- لكي نربي جيلا محمديا قائما على الكتاب والسنة يكون جيلا أهلا للنصر والتمكين، يكون جيلا يتخرج من مدارس لها هدف واضح لها هدف تسعى إليه وهو إحداث وإنشاء جيل التغيير الذي سيغير في المجتمع، والذي سينصر الدين، كانوا في المدارس يسمعونا كلام الرصافي، ولم يتأسوا بما قال ولم يلتزموا ما قال ليتهم سمعوا فطبقوا وهو القائل رحمه الله:

ابنوا المدارس واستقصوا بها الأمَلا  *** حتى نُطاول في بنيانها زُحلا

جودوا عليها بما دَرَّت مكاسِبُكم ***      وقابلوا باحتقارٍ كل من بَخِلا

إن كان للجهل في أحوالنا عِلَل    *** فالعلم كالطبّ يَشْفي تلكم العِللا

لا تجعلوا العِلم فيها كل غايتكم *** بل علّموا النَّشء عِلماً يُنتج العملا

ربّوا البنين مع التعليم تربيةً   ***   يُمسي بها ناقص الأخلاق مُكتَمِلا

وثقّفوهم بتدريبٍ وتبصِرة      ***           ثقافةً تجعل المعوَجّ معتدلا

فجّيِشوِا جيش علم من شبيبتنا     ***   عرمرماً تضرِب الدنيا به المثلا

أن قام للحَرْث ردّ الأرض مُمرَعة  *** أو قام للحرب دكَّ السهل والجبَلا

وإن غزا مستظِلاً ظِلّ رايته     ***      هزّ البلاد وأحيا الأعصُر الأُولا

فأجمِعوا الرأيَ فيما تعلمون به    ***      ثم اعملوا بنشاط يُنكِر الملَلا

إنّا لمن أمة في عهد نهضتها     ***   بالعلم والسيف قبلاً أنشأت دولا

اللهم أعد أمَّة نبيِّك محمدٍ إلى سالف عصرِ عِزَّتها وازدهارها ومكِّن لها وأقِم عليها خيارها ولا تسلِّط عليها شرارها، بارِك اللَّهم في مدارسنا، وبارك في معلمينا ومعلِّماتنا وطلَّابنا وطالباتنا وانفعهم بما علمتهم، علِّمهم علما وعملًا وأخلاقا ودينا وإيمانًا ينفعهم في دنياهم وآخؤتهم، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله وكفى وصلاةً وسلامًا على عبده الذي اصطفى، عباد الله خير الوصايا وصيّةُ ربِّ البَرايا:
((وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ)) [النساء:131]. فاتَّقوا اللهَ عبادَ الله، فبِتقوى اللهِ العِصمة من الفِتن، والسلامة من المِحَن… واعلموا أيها الأحبَّة أنّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وأننا لن نحدث التغيير الذي ننشده ونريده في هذا المجتمع؛ إلا بتغييرٍ يمس منظومتنا التعليمية، تلك المنظومة التي أهملها المتسلطون، تلك المنظومة التي أهملها أصحاب القرار، تلك المنظومة التي تركنا كثيرًا من معلِّميها إلى اليوم يخضعون لابتزاز النظام المجرم فيضعف أداءهم ولا يتفاعلون مع دعوى التغيير، وقد تركهم القائمون على الأمر يبتزون بلقمة عيشهم النظام المجرم.

نعم أيها الأحبة ونحن نتحدث عن المدارس وعن خطورة دورها لا بد أن نؤكد بأن هذه لن تؤدي الدور المطلوب منها مالم تتضافر جهود الأهالي مع جهود المعلمين، مالم يكن الآباء والأمَّهات عونًا لأبنائهم وعونًا لمُعلِّمي أبنائهم…

… المدرسة أيها السيد ليست مكانًا تتخلص فيه من إزعاج ولدك!! المسجد والمدرسة أيتها الأخت ليست مكانا تتخلصين فيه من ازعاج ولدك، نعم هذه رسالة لا بد أن تصل إلى نسائكم في البيوت كثير من الآباء والأمهات ينظرون إلى المدرسة وإلى المعهد في المسجد وكأنه مكان لكي نرتاح فيه من إزعاج الأولاد، فلا يهتمون ببناء أولادهم ولا بتربية أولادهم ولا بتعليم أولادهم، المسجد والمعهد والمدرسة مصنعٌ تصنع فيه شخصية ولدك ومستقبله الذي سينعكسُ عليكَ إيجابًا أو سلبا … لاتدع الدنيا تأخذك في غمراتها وتنسيك دورك مع ولدك، فالوالِد هو المُربِّي الأول،

ويَنشأُ ناشىءُ الفتيانِ، مِنّا*** على ما كانَ عَوّدَهُ أبُوه

وما دانَ الفتى بحِجًا، ولكنْ ***   يُعَلّمُهُ التّدَيّنَ أقرَبُوه

الولد يولد على الفطرة فأبواه يهوِّدانه أو يُنصِّرانه أو يمجسانه، الوالد والوالدة هم المدرسة الأولى والوالد هو المعلم الأول، لذلك مع افتتاح العام الدراسي أحببت أن ألخِّص لكم جُملةً من الملاحظات المكثَّة القصيرة، لن أطيل الشرح فيها ولكن لا بد أن تلتزمها أيها الوالد، ولا بد أن تأمر بها زوجتك في البيت وتعتني بها لكي ينعكس ذلك إيجابا على أولادك.

أوَّل ما أذكرك به أيها الأخ الفاضل، أن تتحدث مع أولادك اليوم عن بدأ العام الدراسي (غدا)، تفتح معهم هذا الحديث، تحاور أولادك وتحاور بناتك، تسألهم عن انطباعهم عن استعدادهم عن لوازمهم، تحدثهم عن بداية العام الدراسي، وتذكر لهم أهمية إخلاص النيَّة في طلب العلم ورحِمَ الله الإمام أحمد إذ قال: “العلم لا يعدله شيء إذا صَلُحت النية. أن تعلم أولادك أهمية إخلاص النية في التعلم لله، أن تعلم أولادك خطورة التعلم لأجل الرياء والسمعة والمراء والجدل فـ ((من تعلم العِلم ليماري به السفهاء أو يجادل به العلماء فليتبوأ مقعده من النار)). تتحدث مع أولادك عن بداية العام الدراسي، تحدثهم عن إخلاص النية، تشجعهم على طلب العلم، وتذكر لهم ما قال النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)).

  • ونبه أولادك ونبه بناتك إلى أن طلب العلم يحتاج لهمَّة وصبرٍ وتواضع ووقت، وقد كان من كلام أئمة التابعين: (لا يتعلم العلم مستحي ولا مستكبر)، مستح: أي أنه يخجل من سؤال معلمه عما يجهل، أو مستكبر يستكبر على معلمه ويأبى أن يتعلم منه.
  • ساعدوا أولادكم على أن يُحسِنوا في مدارسهم.
  • ساعدوهم على تنظيم أوقاتهم، وعلِّموهم النوم المبكر، أنت أيها الأب وأنت تسهر إلى منتصف الليل وترى أولادك يسهرون معك وتعلم بأن في الصباح الباكر دوام مدرستهم، هلّا فعلت خيرًا وأمرتهم بالذهاب إلى النوم المبكر وقد كان من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- (( اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا)). [ رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن ))]
  • هلَّا راقبت أبناءك وعرفت أصحابهم، هلَّا سألتهم عن أصدقائهم في المدرسة، هلَّا طلبت منهم أن يُعرِّفُوك عن أصدقائهم في المدرسة أو المسجد في الحي لكي تعرف من أصدقاء أبنائك، فالصاحب ساحب، فالصاحب يؤثر في الفتى، والصاحبة تؤثر في البنت، أكثر مما يؤثِّر المُعلِّم، وأكثر مما يؤثر الوالد والوالدة، الوالد الناجح والوالدة المهتمة تسأل أولادها عن أصحابهم وتعرفهم وتتعرف إليهم.
  • تابع ولدك في دراسته، وأظهر له اهتماما وتشجيعا… لا تلم ولدك على تقصيره في دراسته إذا كنت أنت غير مهتم به، ليس المطلوب منك أن تعلمه -وقد تكون أُمِّيًّا- المطلوب منك أن تشجعه أن ترفع معنوياته، أن تحدثه عن أهمية العلم والتعلم، أن تحدثه عن أهمية ولزوم توقير معلِّمه، عن لزوم طاعة معلمه واحترامه وتبجيله، أن تأدبه بما أدبنا به رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وهو القائل روحي فداه: ((لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ))، بعض الآباء وبعض الأمهات تراهم يجرؤون أبناءهم على معلميهم ومعلماتهم، تراه ينزعج لو نبَّه المعلم ولده -أو لو نبهت المُعلِّمَة بنتها_ فيأتي ليتشاجر مع المُعلِّم بدل أن يُقدم الشكر له، بدل أن يتفاعل معه على اهتمامه بتأديب ولده، هذا المعلم لو أراد أن يريح باله لما زجر ولدك ولما أدبه ولما نبَّهَه ولتركه هملا، ولضلَّ الولد، ولانعكس ذلك سلبا عليك.
  • عندما نتحدث عن بداية العام الدراسي وعن بدء المدارس، أتحدث لكم عن حال مخز لبعض الطلاب الذين يأتون إلى مدارسنا وقد علَت الأدران أجسادهم، وقد فاحت الرائحة الكريهة من أجسادهم.

إن كانت أمهم رعناء لا تعتني بنظافتهم فأين الوالد القائم على شؤونهم؟!!

  • ألم ير قذارة أولاده؟ أم ير السواد يعلو وجوههم وأيديهم؟ ألم يشُمَّ الرائحة الكريهة من أولاده لكي يأمر امرأته بأن تقوم فتغسلهم وتصلِحَ حالهم قبل أن يذهبوا إلى المدرسة بهذه الصورة الكريهة ورسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يخاطب أصحابه آمرا -وفي سنن أبي داود يرفعه للنبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنه قال-: «إنَّكُمْ قَادِمُونَ عَلَى إِخْوَانِكُمْ فَأَصْلِحُوا رِحَالَكُمْ وَأَصْلِحُوا لِبَاسَكُمْ حَتَّى تَكُونُوا كَأَنَّكُمْ شَامَةٌ في النَّاسِ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلاَ التَّفَحُّشَ». إن لله يكره الفحش والتفحش في المظهر والهيئة واللباس، أين هذا الأب الذي يراقب نظافة أولاده وينبه امرأته إن قصرت؟!
  • كن مع أولادك في يومهم الأول، ولدك الذي سيذهب غدا لأول مرة إلى المدرسة، اذهب معه، وأعطه دعما نفسيا، علِّمه ودربه قبل الذهاب إلى المدرسة كيف يجيب معلمته عن اسمه، وكيف يُعرِّف بنفسه فبذلك تقوي شخصيته وتعزز قوة إرادته، بذلك يشعر بالأمن والاطمئنان، إن كان لك ولد سيذهب أول مرة إلى المدرسة فاذهب معه كي يشعر باهتمامك بالمدرسة ولكي يشعر المعلم بأن والد هذا الطفل أو والدته يهتمون به ويتابعونه.
  • أخيرا أيها السادة أحذِّرُكم من أمر يقع فيه الكثير من الناس ألا وهو إهمال معهد القرآن إذا التزم الطلاب في المدرسة، فلتدع ولدك يواظب على معهد القرآن في المسجد ولو لنصف ساعة ولو لساعة في اليوم لكي لا ينسى ما حفظ ولكي لا ينسى ما تعلم فرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يقول، كما في الحديث المتفق عليه عن أَبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – : (( تعاهدوا هَذَا القُرْآنَ ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أشَدُّ تَفَلُّتاً مِنَ الإبلِ فِي عُقُلِهَا)).
  • مجموعة من النصائح أحببت أن تحفظها وأن تدخل اليوم حيز التطبيق عندك، أن تمارِسها اليومَ وغدًا وسائر العام الدراسي مع أولادك وبناتك…
  • اللهم انفعنا بالعلم النافع اللهم علمنا القرآن وارفعنا بالقرآن واجعلنا وذرارينا والمسلمين ممن يتعلمون عِلما نافعا ينفعهم في دينهم ودنياهم

إني داعٍ فأمِّنوا

0

تقييم المستخدمون: 4.75 ( 4 أصوات)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى