أطفال البسكويت

بقلم: إحسن الفقيه

هم أطفال ومراهقون بدأت أشاهدهم كثيراً، مواصفاتهم واضحة للعيان؛ ضعاف الشخصية، كثيري البكاء، حساسون، لا يستطيعون التعامل مع أقرانهم. لا يملكون القدرة على تحمل أي ضغوطات من أي نوع، لو مر بهم طفل ورمقهم بعين حادة خافوا، ولو أعطاهم معلمهم امتحانا بسيطاً اشتكوا، ولو صرخ زميل عليهم ارتعبوا..
هؤلاء الأطفال الكبار اكتشفت مع الوقت أنهم نتيجة تربية مفرطة في الحماية، لو أتيح لأهلهم لوضعوهم في حوافظ طعام، أو ثلاجات، أو أكياس بلاستيكية مفرغة من الهواء، فلا يصل إليهم كائن حي!
هؤلاء الأطفال تصلح لهم مقولة: “لم يكن ذنب الريح، هم كانوا أوراقاً”..
حينما يكبر هؤلاء الأطفال وينخرطون في الواقع يتحولون إلى قطع بسكويت تذوب في كأس الحياة الساخن، وتكسرهم نسمة هواء المشاعر الباردة، ولو استلموا منصباً أو أتيح لهم المجال أن يسلطوا على رقاب الناس لبطشوا بهم وأذاقوهم المرار انتقاماً ولؤماً وحنقاً بسبب أنفسهم المريضة..
الضغوطات والتوترات مفيدة لتطور الإنسان ونضوجه، ووضع الطفل في أجواء من التوترات والتحديات من وقت لآخر مفيد لنموهم. وتكليفهم ببعض المهام المتناسبة مع أعمارهم يساعدهم على سقاء شخصيتهم المستقبلية..
اجعل ابنك يذهب ليشتري حاجيات البيت من الدكان، اتركه يلعب مع أبناء الجيران..
اطلب منه الاستفسار من أحد المارة عن مكان يريد الذهاب إليه.. وحينما يتعرض لمشكلة في المدرسة اطلب منه حل مشكلته بنفسه، أما لو انكسرت بعض أدواته فاجعله يتحمل تكلفتها..
أعطه مصروفه الأسبوعي مرة واحدة، ولو أنهاه في يوم لا تعوضه عنه بل دعه يذوق مرارة الحرمان نتيجة استهتاره..
وحينما يقصر في امتحاناته لا تذهب إلى المدرسة لتتشاجر مع المدرس، علم ابنك أن هذه الدرجة مسؤوليته هو، ولو اشتكى أن المعلم لا يشرح الدرس جيداً اطلب منه أن يذاكر لوحده ويفهم بجهده..
علمه أن يقول: السلام عليكم، كيف حالكم، شكراً، لو سمحت، عفواً، جزاك الله خيرا، أرجو المعذرة، ما قصرت، في أمان الله، تسلم، بارك الله فيك، سعيد برؤيتك، يا مرحبا، يا أهلا وسهلا..
علمه حين يسلم على الناس أن يفعل ذلك بثقة وابتسام، وينظر في عيونهم، ويشد على أيديهم..
علمه أن يكرم النساء، ويحترم كبار السن ويجالسهم، ويتعامل بود مع أقرانه..
اترك له حرية في اختيار ملابسه، وأدواته، وألعابه..
ناقشه واسمع رأيه في مشاكله التي يمر بها..
لا تكن موجوداً دوما لحل أزماته، إن أردت مساعدته فعلمه تكنيكات حل المشاكل..
هكذا على الأقل سيتمكنون من مجابهة الحياة من غير أن يذوبوا بها..

0

تقييم المستخدمون: 4.55 ( 1 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *