جلد الذات .. الثورة السورية

إزاء حملة ‎#جلد_الذات التي أوشكت أن توصل الناس إلى قناعة بأن الثورة كانت جريمة، وأن الذين قاموا بها هم خليط من مجرمين وخونة وفاشلين، أقول:
– قامت الثورة السورية..!
وما كان لها إلا أن تقوم، لأنها نتاج ظلم تراكم منذ عشرات السنين، فهي البركان الذي لم يملك أحدٌ منع انفجاره.

‏- تعسكرت الثورة..!
وما كان لها إلا أن تضطر لحمل السلاح، لتدافع عن القرى والأحياء الثائرة التي راحت تتعرض للمجازر البشعة، والقتل الجماعي الممنهج، ناهيك عن جرائم الاغتصاب والإذلال، بعد أن صبرت شهوراً طويلة في نضال سلمي مجرّد يقتصر على المظاهرات لكن دون جدوى.

‏-دخل الثوار المدن..!
نعم ..فهم أبناء تلك المدن وأريافها، ولم يأتوا من المريخ فيختاروا أي بقعة يحررون وأي بقعة يتركون، وما كان لهم أن يبقوا مطاردين في البراري لسنوات، وأهلهم بمناطق محتلة يتعرضون للتشبيح والاعتقال، والنظام يستقوي أمام العالم بأن مدنه تحت السيطرة.

‏- أخذ الثوار الدعم ..!
نعم .. ولم يكن لهم إلا أن يقبلوا سلاحاً وذخيرة يقاتلون بها عدوهم في معركة مفتوحة، ومصروفاً لمقاتلين تعطلت أعمالهم ويحتاجون كفاية أسرهم.
ولو أن تجار البلد كفوهم المؤونة لما امتدت أيديهم للدول، التي استغلت هذا الدعم للتدخل بالقرار.

‏- لم تتوحد الفصائل.!!
نعم.. لكن ليس فقط لحرص القادة على المناصب، إنما لأن الدول الداعمة أيضاً لا مصلحة لها بتوحيدهم، وإلا لألزمتهم بالوحدة طوعاً أو كرهاً، وبالمناسبة ليس صحيحاً أن عدونا موحَّد -كما يقال- بل يواجهنا بعشرات الميليشيات التي لكل منها قائد واسم خاص.

‏- لم تتفق “المعارضة” على جسم موحد..!!
تلك كذبة أراد بها أدعياء صداقة الشعب السوري، أن يبرروا بها تخاذلهم عن نصرة الشعب، وتركهم المجرمَ دون عقاب، وإلا لو أرادوا الاعتراف بجسم للثورة والمعارضة، لوجدوا بغيتهم في الأجسام القائمة، أو لجمعوهم على جسم جديد ولم يعجزوا.

‏- الثوار متخاذلون وجبناء..!
بل أعظم شعب، قدّم من التضحيات ما لا يقدمه أي شعب آخر في سبيل حريته وكرامته والدفاع عن أرضه وأهله، أكثر من مليون شهيد، ومليون ونصف مصاب وجريح، ونصف مليون معتقل، وواجه روسيا بطائراتها وبارجاتها، وإيران بميليشياتها، وهو صامد لم يستسلم.

‏- الثوار فيهم فاسدون ومتسلقون ..!!
نعم .. وما كان لثورة شعبية، تضم كل شرائح المجتمع، بكل خلفياته وترسباته، إلا أن يوجد فيها متسلقون وفاسدون، ومن الخطأ الكبير تشبيه عثرات الثوار بكوارث النظام، واشتراط العصمة للثائرين، ونسف تضحيات الشرفاء بتصرفات بعض الفاسدين.

‏- تراجع الثوار عسكرياً..!!
نعم ..وهم الذين لم يتراجعوا أمام النظام المجرم رغم تفوقه بالطيران والعتاد، تراجعهم كان بعد حرب الإبادة الروسية التي مسحت المدن وسوّت المباني بالأرض، والتي لو سلطت على دول لأنهتها بأيام أو أسابيع، ولو امتلكوا مضاد طيران ما تراجعوا.

‏هل هذا تبرير للمتخاذلين؟
وهل يعني أننا لا نتحمل مسؤولية؟
وأن نبقى متفرقين ولا نقيم الأخطاء؟
أبداً ليس هذا هو المقصود ..
إنما فرملة حالة ‎#جلد_الذات التي ترمي كل أسباب الفشل والتعثر والتراجع علينا، لدرجة شوّهت الثورة، وزادت في الإحباط، وساهمت في التبرير لأعدائنا.

0

تقييم المستخدمون: 4.3 ( 1 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *