المواطن المستقر.. الله يطفيها بنوره

التوعية السياسية - المواطن المستقر

بقلم نور الدين بوفلغة (بتصرُّف)

يقول المفكر الفرنسي اتييان دولابواسييه في كتابه ”العبودية الاختيارية ”:
“عندما يتعرض بلد ما لقمع طويل تنشأ أجيال من الناس لا تحتاج إلى الحرية وتتواءم مع الاستبداد ويظهر فيه ما يمكن ان نسميه (المواطن المُستَقِر)”.
في أيامنا هذه يعيش المواطن المستقِر في عالم خاص به وتنحصر اهتماماته في ثلاثة اشياء:
1/ لقمة العيش.
2/ الدين.
3/ كرة القدم.

لقمة العيش هي الركن الأول لحياة المواطن المستقِر.. فهو لا يعبأ إطلاقا بحقوقه السياسية ولا غير السياسية ويعمل فقط من أجل تربية أطفاله حتى يكبروا.. فيزوِّج البنات ويُشغِّل الأولاد ثم يحج إلى بيت الله استعدادا لحسن الختام والموت بهدوء وسلام.

أما الدين عند المواطن المستقر
فلاعلاقة له بالحق والعدل، إنما هو مجرد أداء للطقوس واستيفاء للشكل لا ينصرف غالبا للسلوك.. فالذين يمارسون بلا حرج الكذب والنفاق والرشوة يحسون بالذنب فقط اذا فاتتهم احدى الصلوات!!!

وهذا المواطن لا يدافع عن دينه إلا اذا تأكد أنه لن يصيبه أذى من ذلك… فقد يتظاهر ضد الدانمارك عندما تنشر رسوما مسيئة للرسول -صلى الله عليه وسلم- لكنه لا يفتح فمه بكلمة في قضية إذا كانت الحديث فيها لا يُرضي الحكومة القمعية في بلاده، فدينه لا يدفعه للتحرك مهما بلغ عدد المعتقلين في بلاده ظلما أوعدد الذين ماتوا تحت التعذيب، مثلًا!!

أما في كرة القدم، فيجد المواطن المستقر تعويضا له عن أشياء حُرِم منها في حياته اليومية…
كرة القدم تفرِّغ ما تبقى من شحنات الحماس عنده، وتنسيه همومه وتحقق له العدالة التي فقدها؛ فخلال 90 دقيقة تخضع هذه اللعبة لقواعد واضحة عادلة تطبق على الجميع…

المواطن المستقر هو العائق الحقيقي أمام كل تقدم ممكن… ولن يتحقق التغيير إلا عندما يخرج هذا المواطن من عالمه الضيق.. ويتأكد أن ثمن السكوت على الاستبداد أفدح بكثير من عواقب الثورة ضده !!

وهنا تكمن مسؤولية النُّخب من المعلِّمين والدعاة والرموز المجتمعية في نشر هذه الثقافة وتعميمها، للإنتقال بالمجتمع إلى لحظة الصحوة ومنها إلى مرحلة اليقظة سيرا على طريق النهضة والحضارة.

0

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *