صلاة الاستسقاء

مواضيع فقهية - صلاة الإستسقاء

حُكمها:
سُنّة مؤكّدة عند الحاجة، ثابتة بسنة رسول الله _صلّى الله عليه وسلم_ وخلفائه، رضي الله عنهم.

وقتها:
ليس لها وقت معين تختصُّ به، إلَّا أنَّها لا تُفعل في أوقاتِ الكراهة التي نُهينا عن الصلاة فيها، ويُسنُّ فِعلها أوَّل النَّهار _ كمثلِ وقتِ صلاةِ العيد_ لحديث عائشة: «أنَّه -صلّى الله عليه وسلَّم- خرج حين بدا حاجب الشمس» [حديث حسن أخرجه أبو داود 1173].
وإن استسقى الناس عقب صلواتهم أو في خطبة الجمعة، أصابوا السُّنَّة.

تكرارها:
لهم تكرارها، ثانياً وثالثاً وأكثر، إن تأخر السقي، حتى يسقيهم الله تعالى، فإن الله يحب المُلِحِّينَ في الدعاء.

صفتها:
في الحديث عن ابن عباس _رضي الله عنهما_ قال: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ مُتَوَاضِعًا مُتَبَذِّلًا مُتَخَشِّعًا مُتَرَسِّلًا مُتَضَرِّعًا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ، وَلَمْ يَخْطُبْ خُطْبَكُمْ هَذِهِ. [أخرجه أبو داود ١١٦٥ والترمذي ٥٦٦ والنسائي ٣/ ١٥٦ وابن ماجه ١٢٦٦ وقال الترمذي: حديث حسن صحيح].

وصلاة الاستسقاء ركعتان، يؤدِّيها الإمام بجماعة في المُصلَّى [مُصلَّى العيد في الفلاة وإن أدّاها في المسجِد فلا بأس]، ويجهر فيهما بالقراءة، كصلاة العيد، بعددِ تكبيراته بعد الافتتاح قبل التعوُّذ، سبعاً في الركعة الأولى، وخمساً في الثانية يرفع يديه بين كلِّ تكبيرتين.
والأفضل أن يقرأ فيهما بسبِّح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية.

المكان والهيئة المستحبّة لأدائها:
يُستحبُّ عند أدائها الخروج إلى الصحراء، فيخرجون مُشاة في ثياب خَلِقة غَسِيلة، متذللين متواضعين، خاشعين لله تعالى، ناكسين رؤوسهم، مُقدِّمين الصدقة كل يوم قبل خروجهم، ويجدِّدون التوبة، ويَستَسقون بالضَّعَفَة والشيوخ والعجائز والأطفال، لحديث ابن عباس المتقدِّم ذِكره، ويؤمَّ الناس أميرُ البلاد أو من يُنيبه الإمام لذلك فإن لم يُعيِّن الأمير يؤمُّ الناس من يؤمُّهم منهم في صلاة الجمعة والعيد وغيرها.

من يُندبُ إخراجه لأجلها:
• يُندَبُ خروجُ الأطفالِ والشيوخِ والعجائز، ومن لا هيئة لها من النساء، لأن دعاءهم أقرب إلى الإجابة، وفي الحديث الذي رواه البخاري يقول -صلَّى الله عليه وسلَّم- : «هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ»، وحتَّى الحيَّض لا بأس بأن يحضرن الدعاء
(طبعا خارج المسجد).
• واتَّفَقَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الاِسْتِسْقَاءِ بِأَقَارِبِ النَّبِيِّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ وَبِالصَّالِحِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ عُرِفُوا بِالتَّقْوَى وَالاِسْتِقَامَةِ لأنه أسرع لإجابتهم، وقد استسقى عمر بالعبَّاس، ومعاوية بيزيد بن الأسود.
• واستحبَّ الحنفيَّة –وهو رأيٌ عند الشافعية- إخراج البهائم للاستسقاء، وإن كانت الصلاة في المسجد فتكون البهائم عند باب المسجِد خارِجه، إذ قد تكون السُقيا بِهم، للحديث الحسنِ لغيره الذي أخرجه البيهقي في السنن الكبرى والطبراني في الأوسط والصغير، يرفعه إلى النبي _صلَّى الله عليه وسلَّم_: “لولا عباد الله رُكَع، وصبية رُضَّع، وَبَهَائِمُ رُتَّع، لَصُبَّ عَلَيْكُمُ الْعَذَابُ صَبًّا، ثم لرُصَّ رَصًّا”.

خطبة الاستسقاء وأدعية مسنونة:
يخطب الإمام للاستسقاء بعد الصلاة على الصحيح خطبتين كصلاة العيد، يستفتحهما بالتكبير، كما في خطبتي صلاة العيد، يكبِّر في الأولى تسعا وفي الثانية سبعًا، وقيل بالاستغفار، ويدعو الإمام في الخطبة الثانية، ومما ورد في السنَّة من دعاء رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم-:

اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً، هنيئاً مريئاً مَريعاً، غَدَقاً، مجلِّلاً، سَحَّاً، طَبَقاً دائماً…
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين…
اللَّهُمَّ أَغِثْنَا ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا..
اللهم إنَّ بالعباد والبلاد والخلق من اللَّأواء، والجَهد، والضنك (أي الضيق)، ما لا نشكو إلا إليك.
اللهم أنبت لنا الزرع، وأدرّ لنا الضرع، واسقنا من بركات السماء، وأنبت لنا من بركات الأرض. اللهم ارفع عنا الجهد والعُرْي والجوع، واكشف عنا من البلاء، ما لا يكشفه غيرك.
اللهم إنّا نستغفرك، إنَّك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مِدراراً.

[ومعنى قوله: (مجلِّلاً): أي عامًّا يُجلِّل الأرض، أي: يعُمُّها؛ (سحًّا): السحُّ هو شديد الوَقْع على الأرض؛ (القانطين) أي الآيسين بتأخير المطر؛ (اللأواء): شدة المجاعة؛ (الجَهد): قِلَّة الخير وسوء الحال؛ (الضنك): أي الضيق؛ (مِدرارًا) بكسر الميم: الكثيرُ الدرِّ والقَطْر المتوالي].

وعن ابن عبَّاس _رضي الله عنهما_ قال: “لَمْ يَخْطُبْ خُطْبَتَكُمْ هَذِهِ، وَلَكِنْ لَمْ يَزَل فِي الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَالتَّكْبِيرِ” ولهذا فعند الحنابلة _ وهو قول عند الحنفيَّة_ يَخْطُبُ الإمَامُ خُطْبَةً وَاحِدَةً يَفْتَتِحُهَا بِالتَّكْبِيرِ.

ممَّا يُستحبُّ للإمام في صلاة الاستسقاء:
• يُستحبُّ للإمام أن يستدبِر النَّاس ويستقبِل القِبلة عند الدعاء.
• ويستحبُّ رفع الأيدي في دعاء الاستسقاء للإمام، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إِلَّافِي الِاسْتِسْقَاءِ، وَإِنَّهُ يَرْفَعُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ» [البخاري ١٠٣١ ومسلم ٨٩٥].
• ويقلِب الإمام رداءه عند الدعاء، لما في الحديث المتَّفق عليه مِن أنَّه _صلّى الله عليه وسلم_ : «لمَّا استسقى حوَّل ظهره إلى الناس، واستقبل القِبلة، وحوَّل رداءه». وتقليب الرداء بأن يجعل ما على يمينه مِن على شماله وبالعكس، وإن كان مربعًا يجعل أعلاه أسفله.
• وَلاَ يُخْرِجُ الْمِنْبَرَ إِلَى الْخَلاَءِ فِي الاِسْتِسْقَاءِ ؛ لأِنَّهُ خِلاَفُ السُّنَّةِ.

المصدر: الموسوعة الفقهية الكويتية (بتصرُّف واختصار)

0

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *