من دروس سورة الكهف (2) – فتنة الدين ودور الشباب في التغيير

  • خطبة الجمعة - سورة الكهف
    خطبة الجمعة - سورة الكهف

‫#‏خطبة_الجمعة‬
‫#‏الشيخ_محمد_أبو_النصر‬

بعنوان: من دروس سورة الكهف (2)
فتنة الدين ودور الشباب في التغيير

التاريخ: 24/ جمادى الأول/1437هـ
الموافق: 4/آذار/2016م
المدة: 37 دقيقة

الأفكار الأساسية الواردة في الخطبة الأولى:
1- فتنة الدين
2- إنهم فتية
3- إيمانٌ وهدى فلا يكفي الإيمان وحده
4- صفات جيل التغيير وماذا مكروا لشبابنا
5- لا تضع وقتك ولا ترهق ذهنك فيما لا نفع منه
6- إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ، (العودة لحظيرة الوطن)

الأفكار الأساسية الواردة في الخطبة الثانية:
7- الحكمة والعظة من قصَّة أهل الكهف (آيةٌ على قدرة الله على أن يبعث الموتى– الحق منتصرٌ ولو طال الزمن)
8- العواصم من الوقوع في فتنة الدين (القرآن – الصبر – الصحبة الصالحة – اجتناب الهوى)
9- تخيير لك أيها الإنسان فانظر ماذا تختار

رابط الخطبة على الفيسبوك

لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF

لتحميل الخطبة صوتيا بصيغة MP3

تابعوا كل مميز عبر قناتنا على التليغرام على الرابط التالي
https://telegram.me/do3atalsham

* ملاحظة: ما بين معكوفتين [ ] فهو شرح مُدرج في سياق ذِكرِ الدليل.

الخطبة الأولى
الحمد لله مُعِزِّ الإسلام بنصره، ومذلِّ الكفرِ بقهره ومصرِّف الأمور بأمره، ومُديم النِّعمِ بشكره. الذي قدَّر الأيام دُولًا بعدله، فاستدرج الكفار بمكرِه وجعل العاقبة للمتقين بفضله، وأظهر دينه على الدين كُلِّه.

القاهرُ فوق عبادهِ فلا يُدافع، والظاهر عليهم فلا يُمانَع، والآمرُ بما يشاء فلا يُراجع ولا يُنازع، أحمَدُه جلَّت قدرته وعزّ سلطانه وأعوذ به مما أحاط به علمه وأحصاه كتابه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، شهادة من طهَّر بالتوحيد قلبه، وأرضى بها ربَّه، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمداً عبده ورسوله رافِعُ الشكِّ وداحِضُ الشرك، بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمّةَ وكشف الله به الغُمّة، وأقام في الناس كلمة التوحيد، مَن آمن بها وعمل بمُقتضاها فقد أفلح وفاز فوزاً عظيماً، فصلوات ربِّي وسلامه عليه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابِه الغُرِّ المحجَّلين ومن سار على دربهم واهتدى بهداهم وتبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد إخوة الإيمان

لقاؤنا اليوم بكم يتجدد، مع سورة الكهف وقد بدأنا في اللقاء الماضي الحديث عمَّا ورد فيها من فتن، إذ قلنا أنَّ أصل الفتن في هذه الدنيا هي الفتن الأربع التي حذَّرت منها السورة الكريمة؛ (قتنة الدين، وفتنة المال، وفتنة العلم، وفتنة السلطة)، ووعدناكم أن نبيِّن كُلًّا منهال تفصيلًا، واليوم سنقف مع القصَّة الأولى مع قصَّة أهل الكهف للحديث عن الفتنة الأولى عن فتنة الدين، فتنة الطواغيت الذين يريدون أن يُعبِّدوا الناس لغير الله سبحانه، يريدون أن يُحلُّوا الحرام ويحرِّموا الحلال… حديثنا اليوم عن هذه الفتنة التي بينتها السورة الكريمة في قصة أصحاب الكهف؛ عن قصَّة أولئك الشباب الذين ساومهم الحاكم الكافر- ساومهم طاغوت زمانهم – على دينهم فرغبهم ورهَّبهم، وعدهم وتوعَّدهم، فلم تخفهم تهديداته ولم تغرهم إغراءاته ولم تنفع معهم ضغوطاته فانتفضوا على الظلم والكفر، فلما عُدموا النُصرة من أهل بلدهم فرُّوا بدينهم إلى الكهف فأنجاهم الله بما لم يحتسبوا، (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12))

لما يئسوا من نصرة قومهم فروا بدينهم ولم يساوموا عليه، لم يقولوا نعبد إلهكم يوما وتعبدون إلهنا يومًا… فرُّوا إلى الكهف ملتجئين إلى الله بالدعاء إلى الله متضرِّعين إليه طالبين منه وحده المدد والمعونة، (رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا)، إذ العاقبة الرشد هي المطلوبة والمرادة فالعبرة بالخواتيم والعواقب، لذلك فقد كان من دعاء النبي – صلى الله عليه وسلم – “وَأَسْأَلُكَ مَا قَضَيْتَ لِي مِنْ أَمْرٍ أَنْ تَجْعَلَ عَاقِبَتَهُ رَشَدًا” [صحيح رواه أحمد] فالعبرة بالخواتيم … وبعد هذا الإجمال تكمل السورة الكريمة موضحةً لنا تفاصيل مهمة في قصة أولئك الشباب، وكلُّ كلمت فيها درسٌ وعبرة…

(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى) (الكهف:13) فلنقف قليلا عند هذه الآية لنرى ما فيها من التنبيهات الخطيرة…
(إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ) إنهم الفتيةُ أيُّها السادة، إنَّهم الشباب الطامحون للمستقبل المتحرر من العبودية لغير الله، إنهم الشباب المتحررون من علائق الجاهلية، المنفكون عن قيود التجارب الفاشلة السابقة، إنَّهم صُنَّاع التغيير ومطورو الأمم، إنَّهم الشباب؛ مفجِّروا الثورات وصانعوا التاريخ ومغيِّروه، (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ) … ولهذا كان جلُّ الصحابة الكرام الأوائل السابقين إلى الإسلام الذين ناصروا النبي في أوَّل الدعوة من الشباب- عمار بن ياسر، بلال بن رباح، مصعب بن عمير،….- وغيرهم وغيرهم كانوا شبابا ناصروا النبي في مكَّة، ولما التقى بالوفود زمن الحج كان وفد الأنصار الذين اقتنعوا بدعوة النبي – صلى الله عليه وسلم – وبلغوا قومهم ليدخلوا في الإسلام شبابا…

نعم أيها الإخوة إنهم الشباب الطامحون الذين يأنفون البقاء على ما كان عليه سلفهم من جهل وتخلُّفٍ وعبوديَّةٍ لغير الله .. فالدين أيها السادة لا يقوم إلا بشباب يحملونه عقيدةً في قلبهم، منهجًا في فكرهم، عزيمةً تدفعهم للدفاع عن الحق بالسيف والسنان… إنهم الشباب أيها السادة رأس مال الأمم إذا صلحوا وحسُن استثمارهم وحسنت تربيتهم.

إنهم الشباب الذين وضعت الخُطط لإفسادهم وتدميرهم وتجهيلهم وجعلهم رقما على الهامش لا قيمة له، خططٌ وضعتها أنظمة الكفر الحاكمة لبلاد الإسلام، بتوجيهٍ من أربابهم وأسيادهم لتهميش دور الشباب ولإضاعة قدراتهم في توافه الأمور…

بل لإخراج جيلٍ من الشباب التافه همُّه الأغاني الماجنة همُّه برامج المسابقات وما شابه مما يصرفون به الشباب عن دينهم وعن سبل رفعتهم وعزتهم، (وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (التوبة:32) وهنا يبرز دور المصلحين لكي ينتقلوا بالشباب إلى الوصف الصحيح (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى)

(إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ ) وأي فِتية؟؟ (آمَنُوا بِرَبِّهِمْ) أصحاب عقيدة قوية، صحيحة سليمةٍ متينة، يعلمون أنَّه لا يضرُّ وينفع، ولا يُعطي ويمنع، ولا يصلُ ويقطع، ولا يخفض ويرفع إلّا الله…

(إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى) فالإيمان والعاطفة وحدها لا يكفي إن لم يكن هناك توفيق واجتهادٌ وتحرٍ للخير والصواب، وكم رأينا في زماننا من الجفاة الغلاة البغاة من لم ينفعه إيمانه، وضلَّ سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسب أنه يحسن صنعًا، وما ذاك إلّا لأنَّه لم يسلك سبيل الهدى، فقد الإخلاص، ولم يسمع العلم من أهله، فقدَّم هواه في دين الله على توجيه العلماء العاملين…

ولهذا فلن يكون التغيير صحيحًا سليمًا إلّا إذا كان الفتية أهل إيمانٍ يلتمسون طريق الهدى… (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى* وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا) (الكهف:13-14) … لقد قلنا إذا كلامًا بعيدًا عن الحق مجانبًا للصواب إن دعونا غير الله، وإن التزمنا وألزمنا أنفسنا غير شرع الله…

(وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ)، وهذا لا يكون إلا للمخلصين الصادقين، أولئك المخلصون الصادقون الذين يصدقون مع أنفسهم ومع ربهم، فالقلوب تتقلب، والقلوب تتغير والمُثبِّت هو الله سبحانه وفي الحديث الصحيح الذي رواه الترمذي عن شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ – رضي الله عنه -، قَالَ: قُلْتُ لِأُمِّ سَلَمَةَ – رضي الله عنها -: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ مَا كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – إِذَا كَانَ عِنْدَكِ؟ قَالَتْ: كَانَ أَكْثَرُ دُعَائِهِ: يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ ” قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لِأَكْثَرِ دُعَائِكَ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ؟ فأجابها – صلى الله عليه وسلم -: «يَا أُمَّ سَلَمَةَ إِنَّهُ لَيْسَ آدَمِيٌّ إِلَّا وَقَلْبُهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ، فَمَنْ شَاءَ أَقَامَ، [أي ثبَّته على الحق] وَمَنْ شَاءَ أَزَاغَ».

إنَّها فتنة الدين أيها السادة تلك التي لا ينجو منها إلَّا من أخلص لله فثبته الله، وكم فُتنَ أناس في دينهم في ثورة الشام هذه وكم سقط فيها ساقطون؟!! بل قد كان بعضهم ممن كنا نظنهم علماء؟! (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً [لا يرى الحق ولا يتبعه] فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) (الجاثية:23) فتنوا في دينهم فباعوه بعرضٍ من الدنيا قليل (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (آل عمران:8)

نعود أيُّها السادة لقصَّة أهل الكهف: (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14) هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (15) )(الكهف:13-15)

فلما يئسوا من قومهم تبرؤوا منهم واعتزلوهم وفرُّوا بدينهم … تكمل الآيات تصف ذلك: (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا (16) وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17) وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18)) (الكهف:16-18)

يصف لنا الله حالهم في ذاك الكهف، ذاك الكهف الذي حُفِظوا فيه بأمر الله ثلاثمئةً من السنين وازدادوا تسعا، في ذاك الكهف الذي ضرب الله فيه على آذانهم، (وهذا من الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، إذ ثبُتَ علميا أنَّ أوَّل حاسَّةٍ توقظ الإنسان هي سمعه، وهي الحاسة التي تبقى سويعاتٍ تستشعر بعد موته)، يصف الله لنا حالهم في كهفهم لنفَهْمَ وَتَدَبّر ولنعي معيَّة الله لأولئك الشباب وكيف حُفظت أجسادهم، بعدم مواجهة شعاع الشمس لهم مباشرة وبتحرك الظل عليهم لكي لا تحرقهم أشعة الشمس، وبتقليبهم كي لا تأكلهم الأرض، وقد كانوا في سباتهم ذلك فاتحينَ لأعينهم لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا… في ذاك الكهف… ما اسمه؟ في أي جبلٍ كان؟ في أي البلدان كان أولئك الفتية؟ ما أسماؤهم؟ كم عددهم؟ … لم يخبرنا الله سبحانه .. وما ذاك إلّا توجيهٌ لك أيها المسلم لكي تركِّز على المهمَّات الرئيسيات، وأن لا تنشغل بتوافه الأمور وسفاسفها، مما لا تنفع في دين ولا دنيا، إذ العبرة بالموضوع هو أن تتعظ بتلك القصَّة وأن تعتبر، وليس أن تشغل ذهنك ووقتك بتكلُّف البحث عمَّا لا فائدة منه وَلَا قَصْد شَرْعِيّ، إذ لو كَانَ لَنَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ ونفع لَأَرْشَدْنَا اللَّهُ تعالى ورسوله إليه، ففي الحديث الحسن الذي رواه البيهقي في شعب الإيمان وحسنه الألباني، قال – صلى الله عليه وسلم – : « ليس من شيء يقربكم إلى الجنة ويباعدكم من النار إلا قد أمرتكم به» قس هذا أيها المسلم على كلِّ أمرٍ تضيع به وقتك، مما لا نفع فيه لا في دنيا ولا في آخرة على حساب المهم والأهم…

ثم بعد هذا كيف كان ختام قصَّة أولئك الشباب… تتبع الآيات:
(وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ [لم يشعروا بالمدَّة التي ناموها] قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا) (الكهف:19)

استيقظوا، لم يعرفوا كم ناموا في كهفهم، قالوا: كَمْ لَبِثْتُمْ؟؟ قَالُوا: “لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْم” .. موضوعٌ لا يُهم، انتقلوا إلى الأهم، فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، [والورِقُ هو الفضَّة] فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ [ أي ليتخفَّى لكي لا يشعر بكم أحد]

(فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19) إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا (20)) (الكهف:19-20)

لاحظوا انتباههم وتنبيههم وتحذيرهم من خطورة سيطرة الكفار مرَّةً أخرى، إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ؛ إن يعودوا سادةً عليكم يرجموكم (يقتلوكم، يعذِّبوكم، يقتلون الألوف المؤلفة منكم في السجون كما فعلوها أوَّل مرَّة) أو يعيدوكم في ملتهم (يعبدوكم لغير الله، أو يفصلون دينًا على مقاسهم، على مقاس ملاحدتهم وبما يرضي ساداتهم وكبراءهم)
هذه الآية أيُّها السادة خطابٌ لكلِّ المهزومين نفسيًّا، خطابٌ لكلّ من يتأمل بصلحٍ في الشام مع الأعداء، خطابٌ لخطَّاب المناصِب ولطلَّاب الدنيا، الذين يساومون على جهاد المجاهدين، الذين يريدون منَّا أن نعود بعد كلِّ الدماء التي بذلت إلى حظيرة الوطن، أن نعود بهائم عند رُعاةٍ لا يخافون الله فينا، يريدون أن نعود إلى حظيرة الوطن، لكي نعود بهائم نسمع ونطيع بإرادةٍ مسلوبة عند أسيادٍ كفرة، (إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ ) سترون العذاب والتنكيل والتشريد والقتل…

إن كنّا الآن وسلاحنا معنا وأعين العالم مسلَّطةٌ على ثورتنا والمقاطع والفيديوهات والرسائل والإعلام والصحف تنشر ما يجري في هذا البلد، والكفرة يقتلوننا بالألوف المؤلَّفة ويفعلون بنا الأفاعيل ولا يأبهون، فكيف إذا عدنا إلى حظيرة الوطن؟!

إذا عدنا إلى السجن الكبير وخنقنا وكتمت أنفاسنا وقُطِعنا عن العالم الخارجي؟!

ما الذي سيفعلونه بنا حينها ؟!!! (يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ) يتركون من كان على شاكلتهم ممن باع دينه ورضي الذلَّ والهوان، يعود لملَّتهم ويُصبح مثلهم ويبقى خادمًا عندهم … اللهم لا ترنا ذاك اليوم اللهم إن أردت بقومٍ فتنةً فتوفنا إليك غير خزايا ولا مفتونين
أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المُستغفرين.

الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى، وصلاةً وسلامًا على عبده الذي اصطفى، عباد الله، خيرُ الوصايا وصيّةُ ربِّ البرايا: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء:131]، فاتقوا الله عباد الله، فبتقوى الله العِصمة من الفتن، والسلامة من المِحَن.

أمَّا بعد إخوة الإيمان: ما زلنا مع الفتنة الأولى التي ذكرتها سورة الكهف، مع فتنة الدين إذ تتبع السورة الكريمة تحدثنا في ختام قصة أصحاب الكهف، عن العظة منها، عن الدرس والآية التي كانت لأهل زمانهم، وعن الحكم والدروس التي يجب أن يتعظ بها الناس في كلِّ زمان…
(وكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا)

ذهب الرجل ليشتري الطعام، فدفع ثمنه ورِقا – دراهم فضَّة – صكَّت من قبل ثلاثمئة عام، فافتُضِح أمره وتوهَّم الناس بأنَّه قد وجد كنزًا فتبعوه، فافتضح أمر أصحاب الكهف وظهروا، ولكنَّ ذلك كان في زمانٍ أعزَّ الله فيه دينه ونصر شريعته، طال الزمان، وتبدَّل قومهم من الوثنيَّة إلى عبادة الله الواحد القهار…

(وكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا)

[فالذي أنامهم ثلاثمئة عام ثمَّ بعثهم لقادرٌ على أن يُحيي الموتى] (إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا) (21) ولعلَّ هذا كان جائزا في شريعتهم، إذ أننا في شريعتنا نهينا عن اتخاذ القبور مساجد، فلقد عاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على بني اسرائيل ذلك إذ قال – روحي فداه – «لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» [رواه البخاري ومسلم] … بنوا على قبرهم وكهفهم مسجدا …

(سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (22) وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24) وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25) قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26))

(وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا) أيقظهم الله بعد ثلاث مئة من السنين وازدادوا تسعا ليعلم أهل زمانهم وليعلم البشر جميعا بأنَّ الله قادرٌ على أن يُحيي الموتى، ولكي يعلم الناس أن الحقَّ منتصرٌ لا محالة ولو طال الزمان، في زمانهم كانت السيطرة للكفار مِن عبدة الأوثان فأراهم الله أنَّ الحق لابدَّ أن ينتصر وأن دين الله لابدَّ منصور وأنَّ العاقبة للمتقين وأنَّ الله غالبٌ على أمره ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون، والعبرة بالصبر أيُّها السادة … حروبٌ جرت بين الكفار فصبروا على ضلالهم وقد طالت سنين طويلة؛ لعلَّ بعضكم سمع بحرب المئة عام بين بريطانيا وفرنسا، كفارٌ يقاتلون كفار وصبروا مئة وخمسة عشر من السنين،

البابليون [زمن نبوخذ نصر] حاصروا (صور الكنعانية في لبنان) ثلاث عشرة سنة (مشركون يحاصرون مشركين) وصبر أولئك على ذلك ثلاث عشرة سنة …

فأين أنتم بني الإسلام من هذا؟؟ أين صبركم وأين عزيمتكم؟ حتى تروا نصر الله سبحانه، فتتجاوزوا فتنة الدين، ولا تعودوا كالبهائم في حظيرة الكفار والمشركين…

هذه الفتنة الخطيرة أيُّها السادة لابدَّ لها من علاج، فتنةٌ لا بدَّ لها من عواصِم تعصِم من الوقوع فيها… تُتبِعُ السورة الكريمة، بعد أن ذكرت القصّة للعبرة، تُتبع بالعواصِم من الوقوع في فتنة الدين:

( وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27) وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)) (الكهف:27-28)
درسٌ رباني بعد أن ذكر الله لنا قصة أهل الكهف وفتنتهم في دينهم، يُعطيك أيُّها المسلم عواصِم تعصمك من تلك الفتنة، (القرآن الكريم والصبر وصحبة الصالحين واجتناب الهوى)

( وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ) ففي القرآن الكريم تجد العِظة والعِبرة، وتتعلَّم الدروس الصادقة، أما إن ابتعدت عنه فالله تعالى يقول (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) (الزخرف:36)، بمقدار ابتعادك عن القرآن يكون اقتراب الشيطان منك، فإذا أردت الثبات في وجه فتنة الدين فتمسَّك بالفرقان الذي أنزله الله فرقانًا يفرِّق بين الحق والباطِل،

(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ) ابحث عن الصحبة الصالحة التي تُعين على الحق، فمن جالس جانس، فإن صحبت الفاسقين الفاجرين ستتأثر بهم وستكون مثلهم وإن صاحبت اليائسين القاعدين ستتحطم معنوياتك، بخلاف ما لو صاحبت الصالحين المُصلحين الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي، فبهم ومعهم تزداد إيمانًا وتزداد ثباتا وترتفع معنوياتك إذ تجد على الحقِّ أعوانًا (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)

إياك إيّاك أن تفارق الصالحين المُصلحين لأجل أن تذهب مع من يدفعون لك أكثر، إياك إياك أن تفارق المجاهدين الصادقين لتلتحق بركب من تنتفع دنيويًا معهم أكثر..

(وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)

فمن كان المعيار عنده هوى نفسه ومكسبته الدنيوية، فهذا سيسقط لا محالة في امتحان فتنة الدين، فيبيع دينه بعرضٍ من الدنيا قليل، لأنَّه يتبع الهوى وتقوده الشهوات (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)

أيها السادة الكرام، فتنٌ عصيبة مقبلةٌ علينا سنرى فيها من سيتبع هواه وسيتبع مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا، مِن أهل الغفلة والضلال ممن عميت بصيرته، إلى يومنا هذا نسمع من يقول عن زمن الجاهلية (قبل هذه الثورة)

كان عنَّا مشايخ!! وكان عنَّا معاهد قرآن !! وفي الحقيقة كان لدينا شكلها فقط…

كان لدينا معاهد قرآن ولم تخرِّج لنا شبابا قرآنيين، بل خرَّجت لنا ببغاواتٍ حفظةً

لا يفقهون ولا يميِّزون بين الحقِّ والباطِل، بل لا يميِّزون بين الإسلام والكفر…

كان عندنا مشايخ، وقف نصفهم مع أهل الباطِل على أهل الإسلام، وقف مع من يستحل دماء المسلمين، فسقطوا في فتنة الدين، وهذه عاقبة من يُطيع مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا، يتدرَّج به الشيطان شيئا فشيئا حتى يُضلَّه والعياذ بالله…

ثم خُتمت الموعظة من القصَّة – أيُّها السادة – بتخيير للسامعين، إذ قال تعالى: (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) الله تعالى يُخيِّرك أيُّها الإنسان وأنت تختار، لتجزى باختيارِك فإمَّا إلى الجنّة أو إلى النّار…

(وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا) (الكهف:29)

هذا خيار الغافلين، الذين يُطيعون من أغفلنا قلبه عن ذِكرنا… أمَّا عباد الله المؤمنون، أمَّا الصالحون المصلحون…

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30) أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31)) (الكهف:30-31)

أيُّها السادة الكرام، حرامٌ حرَّمه الله على نفسه: أن يُضيع أجر من أحسن عملا،
لا تقل أساء الناس فـ ((إِذَا قَالَ الرجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ، فَهُوَ أهْلَكُهُمْ)).[رواه مسلم] وانظر إلى ما وعدك الله إيّاه (إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا) وكلنا ثقةٌ، وكلنا يقينٌ بالله بأنَّه بجوده وكرمه لن يُضيِّع جهادنا، ولن يُضيِّع ما بذلنا من الأرواح والأموال والأنفس، فإمَّا نصرٌ يسرُّ الصديق، وإمَّا شهادةٌ ومماتٌ يُغيظُ العدا…

اللهم لا تجعلنا ممن يقولون مالا يفعلون …

إني داعٍ فأمِّنوا

0%

تقييم المستخدمون: 5 ( 2 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *