خطبة عيد الفطر 1436

خطبة الجمعة

الشيخ: محمد أبو النصر
التاريخ: 1/ شوال /1436هـ
الموافق: 17/ تموز/2015م
في أحد مساجد حلب المحررة
المدة: 26 دقيقة

الأفكار الأساسية الواردة في الخطبة الأولى
1- الله يجعل لنا مواسم لنجدِّد فيها إيماننا.
2- بعد رمضان وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا.
3- أعياد المسلمين تكون بعد مواسم الطاعات … رسالة ربَّانية.
4- صاحب اليقين يسعد في العيد رغم آلامه.
5- يوم العيد يوم صلةٍ للأرحام وأداءٍ للحقوق.
6- كيف تكون صِلةُ الأرحام.

الأفكار الأساسية الواردة في الخطبة الثانية
7- تميّز المسلمين بأعيادهم، وآدابهم فيها.
8- توجيهاتٌ للنساء: غضُّ البصر، الحجاب.
9- زوجُكِ مفتاحُك للجنَّة.
10- ما أكرمهن إلا كريم.

لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF

لتحميل الخطبة صوتيا بصيغة MP3

* ملاحظة: ما بين معكوفتين [ ] فهو شرح مُدرج في سياق ذِكرِ الدليل.

الخطبة الأولى
اللهُ أَكْبَرُ (تسعاً)
اللهُ أَكْبَرُ مَا ارتَفَعَ التَّكبِيِرُ والتَّحمِيدُ
اللهُ أَكْبَرُ مَا أَشْرَقَ وَجْهُ المُؤمِنِ صَباحَ العِيدِ
اللهُ أَكْبَرُ مَا وُصِلَتِ الأَرْحَامُ وتَصَافَتِ القُلُوبُ فِي هَذَا اليَوْمِ المَجِيدِ.
اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، والحَمْدُ للهِ كَثِيرًا، وسُبْحَانَ اللهِ وبحمده بُكْرَةً وأَصِيلاً.

الحَمْدُ للهِ الذِي هَدَانَا للإِيمَانِ، وَوَفَّقَنَا لِصِـيامِ رَمَضَانَ، وَيسَّرَ لَنَا سُبُلَ الأَجْرِ وَالإِحسَانِ.

ونَشْهَدُ أَن لاَّ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، سبحانه … سبحانه لا يبلغ مدحه القائلون، ولا يحصي نعمائه العادُّون، ولا يؤدِّي حقه المجتهدون.

ونَشْهَدُ أَنَّ نبيّنا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُولُهُ، أَفْضَلُ الصَّائِمِينَ، وأَبَرُّ القَائِمِينَ، أرسله ربُّه رحمةً للعالمين، وأنزل عليه الكتاب المبين، فصلَّى الله عليه وَعَلَى آلِهِ وَأصَحْابِهِ أجْمَعِينَ، وعَلَى مَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِم واهتدى بهداهم إِلى يَوْمِ الدِّينِ.

أمَّا بعد إخوة الإسلام:
فإن من نِعمِ الله علينا أن أكرمنا بمواسم الطاعات والقربات لنجدد فيها إيماننا ولنزيد فيها إحساننا ولنقترب فيها أكثر من ربِّنا، فالإنسان بحاجة كلَّ حينٍ وآخر لكي يجدد إيمانه ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: «إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ كَمَا يَخْلَقُ الثَّوْبُ الْخَلِقُ، فَاسْأَلُوا اللَّهَ أَنْ يُجَدِّدَ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ» (رواه الحاكم وقال الذهبي رجاله ثقات)

فيجعل الله لنا هذه المواسم المباركة، كموسمِ رمضان أو موسِم ذي الحجَّة وغيرِها من المواسِم لنزدادَ إيمانا ولنزداد قربا من الله سبحانه، فنزداد يقينا إلى يقيننا وإيمانًا إلى إيماننا ، فنشعر بالسعادة وشيء من تفريج الهم عندما نوكِّلُ أمرنا لصاحب الأمر من بيده مقاليد السموات والأرض سبحانه لذلك كان شأن المؤمنين أن يستمروا بعد هذه المواسم على طاعاتهم وأن يزيدوا في إحسانهم وألا يكونوا (كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا)( النحل 92)

تلك المرأة السفيهة التي ضربها الله لنا مثلًا، تتعب في غزلها حتى إذا فرغت منه تبدأ بنقضه خيطًا خيطًا

ما أشبه حال هذه المرأة بحال من ذاق حلاوة الإيمان في رمضان فحافظ على الواجبات، واجتنب المُحرَّمات، قام الليل، وصام النهار، ودعا الله وحافظ على صلاة الجماعة، يتلو آيات الله في الصباح والمساء، حتى إذا ما انقضى رمضان تراه انسلخ من آيات الله عز وجل ونقض غزله من بعد قوة أنكاثاً، فترك قيامَ الليل وغاب عن صلاة الجماعة وهجر كتاب الله وترك الذِكر والدعاء، وكأنَّه كان يعبُد رمضان لا يدري أنَّ ربَّ رمضان هو ربُّ الشهورِ كلِّها، فيا من كان يعبد رمضان إنّ رمضان قد رحل ولكنَّ الله حيٌ باقٍ قيّومٌ لا يموت، باقٍ أبدي، شاهد وعالم، في كلِّ الأوقات والشهور ولكنَّه جعل لنا فيها مواسم لكي لا نَمَلُّ أو نفتُر، فجعل أيَّامًا مخصوصة نزيدُ فيها من طاعتنا، ولكنَّ ذلك لا يعني أبدًا أن تفتُرَ همَّتُنا وأن تضعُفَ عزيمتُنا باقي أشهر العام.

ثمَّ كان من شأنِ ربِّنا سُبحانه، ومن تمامِ فضلِهِ وإحسانِه أن أتبع مواسِمَ الطاعات بأعيادٍ هي أيَّام فرحٍ وحبورٍ أيامُ لهوٍ وسرورٍ للمسلمين، فيأتي عيد الفِطرِ بعد موسِم الصيام، وعيدُ الأضحى بعد موسِمِ الحج، ليعلمَ المُسلِمون بأنَّ فرحهم وسعادتهم وهناءتهم إنَّما تكون بعد طاعةِ الله سبحانه ليفرحوا فيما أطاعوا فيه ربَّهم،
( قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مّمّا يَجْمَعُونَ ) يونس 58.

لذلِك إخوة الإيمان فقد شرع الله لنا هذه الأعياد لتكون سببا نفرِّجُ فيه مِن كرُباتنا ونتناسى شيئًا مِن همومِنا، فالإنسان تفترُ عزيمتُه وتضعُف هِمَّتُه لو بقي في حالةِ جِدٍّ دائم، لذلك كان لابُدَّ لنا من أن نروح عن أنفُسِنا على الرغمِ من جراحِنا، وما هذا إلا لكمال شريعتنا وتكامُلِها، فكما أمُرنا بالجهادِ والصبرِ والشِّدة على أعداء الله، فقد أمِرنا بأيامٍ للعيد والفرح والترويح عن النفسِ، وهذه الثنائية لا يستطيع أن يفهمها ولا يستطيع أن يزاوج بين أركانِها إلّا مؤمنٌ توكَّل على الله حقّ التوكُّل وأيقن بالله حقَّ اليقين، عرفَ أنَّ ما أصابه لم يكن ليُخطِأه وأنَّ ما أخطأه لم يكن ليُصيبه، فعاش سعيدًا منشرِح الصدرِ رغم ابتلائه، ذاك المؤمن الذي يَسعدُ في أيامِ العيد ويُدخِلُ الفرحَ على الأولادِ والنساء، ويفرحُ بطاعةِ الله.

ذاك الذي عرَف أنَّ يوم العيد يوم فرحٍ وسرور لمن صحَّت نيته، وقُبِلَ صومه، يوم بهجةٍ وحبورٍ لمن طابت سريرتُه وحسُنَ للناس خُلُقُه، يومُ عفوٍ وإحسان لمن عفا عمَّن هفا، وأحسن لمن أساء.

هذا هو يوم العيد، يوم العيد في الحقيقة لمن تمسك بالدين، سأل عن الحرام فتركه، وعن الحلال ففعله..

هذا يوم عيد وسرور لو كنا لآخرتنا متذكرين، ولديننا ناصرين، ولربِّنا ذاكرين، وبشريعتنا عاملين، وبصِدقِ وعد الله موقنين متفائلين.

إخوة الإيمان ليس العيد لمن لبس الجديد
إنّما العيد لمن طاعاته تزيد
ليس العيد لمن تزيّن بالثياب والمركوب
إنّما العيد لمن غفرت له الذنوب

العيد لمن فهِم أنَّ الله جعلهُ بعد شهرٍ شعرنا فيه بجوع الجائعين وعطشِ العطشانين وإرهاقِ المُتعبين، فتعرَّفنا لزوم أن نكون معهم نواسيهم ونشعرُ بحالِهم، نصِلهم ونعودهم، فالعيد يوم صلةٍ للأرحام، ويوم أداءٍ للحقوق، ويوم تواصُلٍ مع الإخوانِ والخِلّان، يوم تتقوى فيه الروابط الاجتماعية في أمَّةِ الجسدِ الواحِد التي قال رسول الله فيها: (( مَثَلُ المُؤْمِنينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمهمْ وَتَعَاطُفِهمْ، مَثَلُ الجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ والحُمَّى )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

فللأرحام والأخوَّة حقٌّ لابدَّ من القيامِ به فلْيَقُمْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنا- يا عِبادَ اللهِ – بِأدَاءِ الحُقُوقِ، وَلْيَبْدَأْ بِوَالِدَيْهِ، فَإنَّ حَقَّهُمَا عَظِيمٌ، قَرَنَهُ اللهُ سُبحَانَهُ بِحَقِّهِ فِي كِتَابِهِ الكَرِيمِ، فَقَالَ تعالى وهو أحكمُ القائلين: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) (الإسراء:23)

وبعد الوالدين تكون صِلةُ الأرحام المحارِم ثمَّ من هم بعدهم، وَرَحِمَ اللهُ عَبْدًا يَصِلُ رَحِمَهُ وإنْ قَطَعُوهُ، وَيَتَعَهَّدُهُمْ بِالزِّيَارَةِ والهَدِّيَّةِ وَإِنْ جَفَوْهُ، فرسول الله – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ: ((لَيْسَ الوَاصِلُ بالمكافئ، وَلكِنَّ الوَاصِلَ الَّذِي إِذَا قَطَعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا )) رواه البخاري.

[الواصِل لا يقول: إن زاروني زرتهم، إن اتصلوا بي اتصلت بهم].

هَنِيئًا لِقَرِيبٍ أعَانَ عَلَى صِلَتِهِ في هَذَا اليَوْمِ بِقَبُولِ العُذْرِ، والصَّـفْحِ والعَفْوِ، وَالتَّغَاضِي عَنِ الهَفَواتِ والزَّلاَّتِ، هَذِهِ – عبادَ اللهِ – شَمْسُ العِيدِ قَدْ أَشْرَقَتْ، فَلتُشْرِقْ مَعَهَا شِفَاهُكُمْ بِصِدقِ البَسْمَةِ لإخوانكم وجيرانكم، ولتُشرق نُفُوسُكُمْ بِالمَوَدَّةِ وَالمَحَبَّةِ، جَدِّدُوا أوَاصِرَ التَّرَاحُمِ بَيْنَ الأَقْرِبَاءِ، والأُلْفَةِ بَيْنَ الأَصدِقَاءِ، فَفِي العِيدِ تَتَقَارَبُ القُلُوبُ وَيَتَنَاسَى ذَوُو النُّفُوسِ الطَّيِّبَةِ أَضْغَانَهُمْ؛ فيجعلوا من العيد فرصةً لبدء صفحةٍ جديدة مع أهلهم ومعارفهم لتَكُونُ الصِّلاتُ الاجتِمَاعِيِّةُ أَقْوَى مَا تكونُ وَفاءً وإخَاءً كما أراد الله تعالى لها أن تكون كما يُحبُّ ربُّنا ويرضى لها أن تكون في المجتمعِ المُسلِم دعامةً قويّةً تحمي المسلمين وتقوِّي صفهم في وجهِ هجماتِ أعدائهم.

اللهم ارزقنا حبَّك وحبَّ من يُحبُّك وحبَّ كلِّ عمل صالِح يقربنا إلى حُبِّك
أقول هذا القول وأستغفِرُ الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المُستغفرين

الخطبة الثانية
الله أكبر (سبعًا).
1. الله أكبر عدد قطر البحار.
2. الله أكبر عدد ورق الأشجار.
3. الله أكبر عدد رذاذ الأمطار.
4. الله أكبر ما غرّد طير وطار.
5. الله أكبر ما تعاقب الليل والنهار.
6. الله أكبر ما قُهر كل فرعونٍ عتي غدّار.
7. الله أكبر عدد ما انتصر المسلمون وعدد ما هزم الكفّار.
الله أكبر كبيراً و الحمد لله كثيراً و سبحان الله و بحمده بكرة و أصيلاً.

و أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين و أشهد أن نبيّنا محمداً عبده و رسوله صادق الوعد الأمين

أمّا بعد عباد الله:
فإنّ من نعم الله على أمَة الإسلام أنّه جعل لنا عيدًا يعود علينا في كل عام مرتين نفرح فيه ونلهو. خصّنا الله به نحن أهل الإسلام، لنتميز بأعيادنا عن أهل الكفر والعصيان فلا نعيّد في أعيادهم – كما يفعلُ الفسقة والجهَّال – ولا نتشبَّه بهم في أعيادنا، وقد روى الإمام أحمد في مسنده عن أَنَسٍ – رضي الله عنه – قَالَ:
قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – الْمَدِينَةَ وَلِأَهْلِ الْمَدِينَةِ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ: (قَدِمْتُ عَلَيْكُمْ وَلَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ يَوْمَيْنِ خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ) لذلك فقد ورد في الصحاح أنّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – نهى عن صوم يوم الفطر وأيام عيد الأضحى
فأيام العيد أيام فرح وبهجة وسرور وترويح عن النفس، أيام فرح بزيارة الأهل والأصحاب والجيران والأحباب.

أيام لعب ولهو فيما أحلّ الله وأباح.
أيام تسلية بالكلام والنشيد الحسن لا بالغناء الفاجر ولا بالكلام الماجن.

أيام محبّةٍ وسرور عمادها التآخي والحب والسخاء والبذل والعطاء والعفو والمغفرة ونبذ القطيعة والشحناء وما أحوجنا في هذه الأيام لأن يحب بعضنا لأن يسامح بعضنا بعضا لأن يجود ميسورنا على معسورنا لأن يبذل كل منّا ما يستطيعه ليدخل الفرح والسرور على قلوب إخوانه.

أيامُ عيدنا، أيام تزاورٍ في الله، بحِشمةٍ بين المتزاورين، فلا خُلطة محرّمة بين الرجال والنساء ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول فيما رواه البخاري ومسلم : (( مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هِيَ أضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّساء ))
فلنتجنّب في زياراتنا اختلاط الرجال بالنساء، ولنتجنّب الخلوة بالأجنبيّة ولو كان ذلك من قرابة الزوج، فعن عقبة بن عامر – رضي الله عنه – : أَنَّ رسولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قال : «إِيِّاكُم والدخولَ على النساء، فقال رجل من الأنصارِ: أَفرأيتَ الحَمْوَ ؟ قال : الحَمْوُ: الموتُ».

فكم جرّ الاختلاط المُحرَّم على الأسر من البلايا والرزايا ما لا يعلمه إلّا الله.

وليعلم الرجال والنساء بأنَّ الله قد أمرهم جميعًا بغض البصر فقال تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا)(النور:30-31)

فكما أمر الله الرجال بغضِّ البصر، فقد أمر نساء المسلمين بغضِّ البصر أيضًا، فمعظم الضرر مبدؤه من النظر، فلنأمر نساءنا عند الخروج من المنزل أو قدوم غير المحارم بلزوم الأدب والحشمة وعدم التبرّج ولبس الحجاب الشرعي السابغ الساتر الذي يعمّ سائر الجسد ولا يَشُفُّ ولا يصف شكل الجسم، ولتعلمي أخت الإسلام أنَّ الله كرَّمك بالحجاب، وشرَّفك بجعلك كالجوهرة المكنونة لا ينظُر إليها إلَّا من وفَّى حقَّها وطلبها من بيت أهلِها.

ولتعلم الأخواتُ المسلمات أنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : ((إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا، قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ)). [رواه أحمد والطبراني والحديث حسن لغيره]

فزوجك مفتاحٌ لك إلى الجنَّة فلتُطيعيه في الحق ولتعينيه على طاعة الله ولتحفظي مفتاحكِ إلى الجنان

ولتعلموا أيُّها الأزواج بأنَّ لأهل بيتكم عليكم حقًّا في العدل والإحسان والنفقة والمودَّة وحُسن الخُلق ولإن شُغلتم عن أهل بيتكم سائر أيَّامكم فأيامُ العيد لهنَّ فيها حقٌ محفوظ، فأكرِموهنَّ و تلطفوا بِهنَّ وأعينوهنّ على طاعتكم، فما أكرمهنَّ إلا كريم وما أهانهنَّ إلا لئيم.

اللهم اجعل بيوتنا وأسرنا بيوت طاعةٍ ومرضاةٍ لله وأكرمنا في قادِم الأيام بالعيد الحقيقيٍّ الذي نتمنَّى أن نفرح به جميعًا:
فعيدنا يوم يبتسم اليتامى وتفرح الثكالى
عيدنا يوم نُسقط الطواغيتَ ونقتصُ منهم
عيدنا يوم تُرفع راية العدل وينتشر السلام والإسلام
عيدنا يوم يُشفى الجَرحى ويوم يُحرّر الأسرى
عيدنا يوم يُلمُّ الشمُل وتجتمع الأحبّة
اللهمّ أكرمنا بذلك عاجلًا غير آجل

إنّي داعٍ فأمِّنوا

ختامًا لا ننسى أن نذكركم بصلاة الجُمعة فصلاة العيد سنَّة مؤكَّدة وصلاة الجمعة فريضة مُحتَّمة
ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – صلّى الجُمعة يوم العيد ورخَّص بعدم حضور الجُمعة لمن شقَّ عليهم المجيء ممن حضروا صلاة العيد مِن سكان العوالي أي الذين يسكنون خارج التجمُّعات والمدن ويشق عليهم الذهاب والإيابُ مرَّتين للمسجد
تقبل الله منّا ومنكم وكل عام وأنتم بخير
فلتقوموا ولتهنِّؤوا بعضكم بالعيد والسلامُ عليكم ورحمة الله

0%

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *