خطبة عيد الفطر 1437هـ – كلما نادى الكفار ” “أعل هبل” نادى أبطالنا “الله أعلى وأجل”

خطبة عيد الفطر 1437

#خطبة_عيد_الفطر_1437
#الشيخ_محمد_أبو_النصر

كلّما نادى الكفارُ “”أُعل هبل”
نادى أبطالنا “الله أعلى وأجل”

التاريخ: 1/ شوال/1437هـ
الموافق: 6/ تموز/2016م
من أحد مساجد حلب المحررة
المدة: 28 دقيقة

🔴الأفكار الرئيسة في الخطبة الأولى:
1- قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا
2- نفرح رغم الآلام بطاعة الله
3- معاني التكبير وما يزرعه في نفوس المؤمنين
4- معانٍ كبيرة للأمل بالله
5- موقفين يوم غزوة أحد والخندق مثالا
6- أعلُ هبَل ؟!! .. الله أعلى وأجل
7- أبطالنا بأجر خمسين من الصحابة
🔴 الأفكار الرئيسة في الخطبة الثانية:
8- يوم العيد عند المسلمين ((لهو بضوابط شرعيَّة))
9- صلة الرحم
10- توصياتٌ للنساء (الحجاب – الاختلاط)

لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF

لتحميل الخطبة صوتيا بصيغة MP3

* ملاحظة: ما بين معكوفتين [ ] فهو شرح مُدرج في سياق ذِكرِ الدليل.

الخطبة الأولى
الله أكبر (تسعًا)
1. الله أكبر عدد ما صام صائم وأفطر.
2. الله أكبر عدد ما لاح صباح عيد وأسفر.
3. الله أكبر عدد ما ذكر ذاكرٌ وكبَّر.
4. الله أكبر ما تقاربت قلوبُ المسلمين.
5. الله أكبر ما تضافرت جهود المجاهدين الصادقين.
6. الله أكبر ما هُزِم الكفَّار والبغاة و ولَّو مُدبِرين.
7. الله أكبر ما ترنَّم حادي.
8. الله أكبر ما روى غيث الغمام الصَادي.
9. الله أكبر جلجلت في شامنا … تُعلي لواها زُمرة الأسادِ.
الله أكبر كبيرًا والحمد لله كثيرا وسبحان الله وبحمده بكرةً وأصيلا، الحمد لله كان بعباده خبيراً بصيراً, وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنَّهار خِلفة لمن أراد أن يذَّكر أو أراد شُكوراً.
والصلاة والسلام على من بعثهُ ربُّه هادياً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنِه وسِراجاً منيراً, فبلّغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمَّة، وكشفَ الله به الغُمَّة، وجاهد في الله حقَّ الجِهادِ حتى أتاه اليقين, صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا. أمَّا بَعــــــْد إخوة الإيمان، يقول الله تعالى وهو أحكم القائلين: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 185].
يوم عيد يتجدد على أمَّة الإسلام يفرح فيه المسلمون بتمام الشهر الفضيل، يفرح فيه المؤمنون بأن أتمَّ الله نعمتَهُ عليهم فأعانهم على الطاعات في رمضان، فصاموا نهاره وقاموا ليله وذكروا الله فيه … ضاعف الله لهم فيه الحسنات وحطَّ وغفر لعباده كثيرًا من السيِّئات…
يفرح المسلمون بأن شدَّ الله عزيمتهم وقوَّى بأسهم في ذاك الشهر الفضيل….
يفرح المؤمنون؟! …
نعم يفرح المؤمنون رغم آلامهم، يفرح المسلمون رغم جراحهم، يفرحون بنعمة الله عليهم، يفرحون بقربهم من ربِّهم، وبصبرهم على طاعته، على الرغم من شدَّة الابتلاء، يفرحون بقلوبٍ غمرتها الثقةُ بالله العلي القدير، وهذا لا يكون إلَّا لأهل الإيمان واليقين (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس:58].
أهل اليقين، أهل الإيمان، يفرحون حيث أمرهم الله بالفرح، يحزنون حيث أمرهم بالحزن، يثبتون حيث أمرهم بالثبات، يصبرون حيث أمرهم بالصبر..
نفرح؟!! … نعم نفرح رغم الآلام بأن قبل الله منَّا صيامنا، نفرح رغم الآلام بأن أعاننا الله على الصيام والقيام، نفرح رغم الآلام، ونعبِّر عن فرحنا بما أمرنا الله به من التكبير… هذا التكبير الذي شرعه الله لنا بعد تمام عِدَّة رمضان، وهذا التكبير – أيَّها السادة – يعبِّر عمَّا في صدور المؤمنين من يقين، هذا التكبير الذي تظهر فيه عِزَّة الإسلام وشكيمةُ المسلمين، هذا التكبير الذي يُعظِّم الله سبحانه ولا يُعظِّم أحدًا سواه، هذا التكبير يُعلن به المسلم للملأ تعظيمهُ لسيِّده ومولاه، هذا التكبير – أيُّها الأحبَّة – يُذكِّر المسلم بربِّه الذي أعانه على صيام رمضان، يذكِّر المُسلم بأنَّ الذي أعانه على الصيام سيعينه على غيره من الطاعات، يذكِّره بمعبوده ومُستَعانِه ومتوكَّلِه سبحانه، لكي لا تنقلب العبادات والشعائر لمجرَّد عادات وتقاليد…
هذا التكبير أيُّها السادة يقذِف في قلب العبد مهابة الله وحده، الله أكبر خالق السموات والأراضين، الله أكبر رفع السماوات بغير عمد، الله أكبر، خلق الخلقَ وأحصاهم عدد، الله أكبر، بيده مقاليد السماوات والأرض، الله أكبر، إنَّما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، الله أكبر ، الله أكبر تكبيرًا يقذف مهابة الله في قلب المؤمن وينزِع من قلب المؤمن مهابة من سِوى الله.
فالمؤمن – أيها السادة – يوقن بأنَّ الله تعالى هو المعطي المانع، هو المُعِز المُذل، هو الكريم الذي لا ينفد عطاؤه، هو العزيزُ الذي لا يُذلُّ من والاه، هو الله …
الله أكبر، ما أعزَّ من وَقر اليقينُ بالله في قلبه، الله أكبر ما أعزَّ من هابَ اللهَ ولم يهب أحدًا سواه، ولهذا كان من دعاء الصالحين، (( اللهم اقذف مهابتك في قلبي وانزع من قلبي مهابة من سِواك حتَّى لا أهاب أحدًا غيرك، اللهم اقذِف رجاءك في قلبي وانزَع من قلبي رجاء من سواك حتَّى لا أرجو أحدًا غيرك)) هذا اليقين أيُّها الأحبَّة إذا وقر في القلب تعداه إلى العمل فانعكس سلوكًا وأعمالًا عند الصالحين المؤمنين، انعكس صبرًا وثباتًا ووفاءً بعهد الله سبحانه .. ((وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)) [البقرة:177].
أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ، أولئك الذين وفُّوا عهودهم مع الله، صبروا وصابروا، صدقوا عهدهم واتقوا ربَّهم، علا يقينهم وعظُم بالله أملهم.
ذاك الأمل بالله – أيها الأحبَّة – أملٌ من نوعٍ خاص، ذاك الرجاء أيُّها السادة رجاءٌ من نوع خاص … أملٌ ربَّى عليه النبي – صلى الله عليه وسلم – الصحابة الكرام فكانوا وهم في أحلك الظروف يتأملون بالله الآمال العظيمة التي تتجاوز ظروفهم وحالهم، فلم يعرف اليأس والقنوط في يومٍ من الأيام طريقًا إلى قلوبهم، وما أوضح ما نقولُ مثالًا بما يشبه حالنا اليوم بيوم الخندق (إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا) [الأحزاب: 10-11] تخيّل معي ذلك الموقف العصيب … في ذاك الموقف العصيب، وفي ذاك الابتلاء الشديد، ما كان من شأن النبيّ – صلى الله عليه وسلم – ؟؟ هل اكتفى بوعد الصحابة بالنصر على الأحزاب فقط؟؟
كلَّا والله أيُّها الأحبة… ففي ذاك الموضع العصيب، رُغم الأخذِ بالأسباب، ورُغم أنَّ النبي كان سيصالح طائفةً من الكفَّار على بعض ثمارِ المدينة وهذا أخذٌ بالأسباب واجتهادٌ مع العدوّ، أمَّا بين المسلمين فالوضعُ والحديثُ كان مُختلِفا، كان الحديثُ عن بشائرَ عظيمةٍ تتناسب وعظيم أملهم بالله، فإذا بالنبيِّ يُبشرَّهم بفتح مدائن كسرى وقيصر، رُغم الأخذِ بالأسباب ورُغم ما كان من سياسةٍ مع الكفار، فقد كان النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – يخاطب الصحابة مُبشِّرًا لهم، مُعظِّمًا للأمل بالله … توجيهٌ نبويٌ ربَّانيٌ مفعمٌ باليقين والثقةِ بالله …
فلمَّا عَظُم البلاء واشتد نجم النفاق من بعض المنافقين، حتَّى قال قائلهم: كان محمد يعِدنا أن نأكُلَ كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط!!
فإذا بالله يفضح نفاقهم ويكشف سترهم، إذ قال تعالى: ((وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا)) [الأحزاب:12]، الآن، اليوم، هذا العام، ومنذ خمس سنواتٍ إلى يومنا، أمم الأرض الكافرة قاطبةً تقول لأهل الشام: (ما وعدكم الله ورسوله إلّا غرورا) وهذا شأن المنافقين، شأن ضعيفي الإيمان، شأن عديمي الثقة بالله، شأن من يظن المطالب تُأخذ بالتمني (وما نيل المطالِب بالتمنِّي ** ولكن تؤخذ الدنيا غلابًا) شأن المنافقين، شأن المرجفين المُخذِّلين المتخاذلين مِن ضعاف الإيمان، أولئك الذين حُرموا الأمل والثقة بالله فعاشوا حياة التعاسة والنَّكَد، ترى أحدهم في حياته كلِّها يعيش حياة التعاسة والنَّكد لأنَّ قلبه مقطوع الرجاء مِن الله، لذلك أيُّها السادة لابدَّ لنا أن نتفكَّر بالدروس النبويَّة التي تُعلِّمنا الثقة واليقين بالله، لابدَّ أن يقِر في صدرِ كلِّ واحدٍ منَّا أنَّ الله أكبر، لابدَّ أن تقِرَ في صدورنا يقينًا وحقًّا أنَّ الله أكبر فليست مجرَّد كلمةٍ نقولها بلساننا … (( فهل أنت فعلا أيُّها المسلم توقن بأنَّ الله أكبر؟؟))
يوم أحد أيها السادة وقد انقلب نصر المسلمين هزيمة، وقد قتل من الصحابةِ الكرامِ ما يزيدُ على السبعين، بينما النبي والصحابة الكرام يلملمون جراحهم بُعيدَ المعركة، يروي لنا البخاريُّ في صحيحه كيف وقف منادي الجاهلية، وقف أبو سفيان لينادي في الناس:
” أُعلُ هبل” (صنمهم وطاغوتهم الذي يعبدونه من دون الله)، فإذا بالنبيِّ وهو في هذا الحال، والقتلى والجرحى لايزالون في الأرض حوله لا يسكت له أبدًا، بل يقول للصحابة الكرام أجيبوهُ ، قالوا : ما نقول ؟ قال : قولوا : ” الله أعلى وأجَلُّ” ، فقال أبو سفيان: ” لنا العُزَّى ، ولا عُزّى لكم” ، فقال النبيُّ – صلى الله عليه وسلم -: أجيبوه ، قالوا : ما نقول؟ ، قال : قولوا : “الله مولانا ولا مولَى لكم” ، قال أبو سفيان: ” يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ وَالْحَرْبُ سِجَالٌ (أي مرَّة بمرَّة) وَسَتَجِدُونَ مُثْلَةً (تشويه قتلى المسلمين) لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي”. [يريدُ أن يُبرِّأ نفسه من هذا الفعل المشين، الذي يتبرأُ منه المسلمون أيضًا، والحديث في البخاري وفي رواية زيادة] قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- : “أجيبوه” ، فقالوا : ما نقول؟ قال : قولوا : “لا سواء، قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار”.
والله ما أشبه أبا سفيان بدعاةُ الطاغوت في زماننا من أنصار النظام المجرم وأتباعه وأعوانه، ينادون في كلّ محفلٍ ( أعلُ هبل) (أعلُ هبل)، وشبابنا الأبطال المجاهدون لسان حالهم (الله أجلُّ وأعظم) ، (الله أجلُّ وأعظم) ، الله أكبر ممَّا نخافُ نحذر، الله أكبر من أمريكا، الله أكبر من روسيا، الله أكبر من طواغيت العرب والعجم، الله أكبر وأجلُّ وأعظم.
والله أيُّها السادة من عرَف حقيقة ما جرى ويجري في الأيَّام الماضية في الملّاح وما حولها، وفي جبال اللاذقية وريفها، أيقن ببشرى النبيِّ – صلى الله عليه وسلم – أنَّ في أمَّته من بعده من لهم أجر خمسين من الصحابة بل أكثر، نعم أيها الأحبَّة، في هذه الأمَّة من له أجر خمسين من الصحابة، إن لم يكن هذا الأجر لأولئك الأبطال على أرض الشام فلمن يكون؟؟!
إن لم يكن ذلك الأجر لأهل الله ولعصبة الحقِّ في الشام فلمن يكون؟!
الطيران بقذائفه الفوسفوريَّة يحرق الأخضر واليابس مئةٌ وخمسون غارة في الليلة الواحدة، وشبابٌ ورجالٌ بهممٍ ويقين راسخٍ كشُمِّ الجبال لا يتزحزحون، ربط الله على قلوبهم وثبَّت أقدامهم، يُقدِمون ولا يَتراجعون، لسان حالهم ينادي:
رَكْضًا إِلَى اللهِ بِغَيْرِ زَادِ
إِلاَّ التُّقَى وَعَمَلَ الْمَعَادِ
وَالصَّبْرُ فِي اللهِ عَلَى الْجِهَادِ
وَكُلُّ زَادٍ عُرْضَةُ النَّفَادِ
غَيْرَ التُّقَى وَالْبِرِّ وَالرَّشَادِ

أولئك الأبطال – أيها السادة – هم من عرَفوا معنى (الله أكبر) هم من أيقنوا حقًا أنَّ الله أكبر، ملأت قلوبهم (اللهُ أكبر) ، فلا يجتمع في قلب مؤمنٍ تعظيم الله واليقينٌ بأنَّه أكبر مع خوفٍ أو تعظيمٍ لطاغوت … كلا والله لا يجتمع … ملكت لُبَّهم (الله أكبر) ، ملأت قلوبهم (اللهُ أكبر) ، أنارت عقولهم (للهُ أكبر) ، كلما نادى المنادون أُعلُ هبل، نادى أبطالنا بألسنتهم وبعظيم جهادهم وفعالهم، (الله أعلى وأجل، الله أعلى وأكبر ، الله أعلى وأكبر. الله أعلى وأكبر).
أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.

الخطبة الثانية:
الله أكبر( سبعا)
1. الله أكبر كُلَّما صوتُ المدافِع زغردا.
2. الله أكبر كُلما صدح الرصاص وغرَّدا.
3. الله أكبر قد دُعينا للجهاد وللفِدا.
4. الله أكبر قد مضينا للخُلد لا لن نتردَّدا.
5. الله أكبر الموت ليس يُخيفنا ومُنانا أن نستشهدا.
6. الله أكبر ما انتصر المسلمون.
7. الله أكبر ما هُزِمَ الكافرون.

الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرًا، الحمد لله مُعيدِ الجُمَعِ والأعياد، مُبيدِ الأمَمِ والأجناد، جامع الناس ليوم لا ريب فيه: (إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ) [آل عمران:9]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا ند له ولا مضاد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله فضله الله على جميع الخلق والعباد، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم التناد، عباد الله اتقوا الله حقَّ تقواه وراقِبوه مراقبة من يعلم أنَّه يراه، وتزوَّدوا من دنياكم لآخرتكم عملًا يرضاه، واعلموا معاشرَ المسلمين أنَّ الله ميَّزنا عن الكفَّار بأعيادنا، أعيادنا تكون بعد مواسم الطاعات، فأعيادنا موسمٌ للفرح بطاعة الله، ((قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)) [يونس:58].
أعيادنا موسمٌ لكي نُدخل الفرح على النساء والأطفال، على الكبار والصغار، أعيادنا موسمٌ ليزداد مُجتمعُ المسلمين لُحمةً وتماسُكا، موسمٌ لنعودَ من هجرنا مِن الخِلَّان والأصحاب ولنصِل القرابة والأرحام، أعيادُنا أعيادٌ منضبطةٌ بضوابط الشرع، فهي وإن كانت أيام لعبٍ ولهو ولكنَّها فيما أحلّ اللهُ وأباح، أيام تسلية بالكلام والنشيد الحسن لا بالغناء الفاجر ولا بالكلام الماجن، أيام تزاورٍ في الله بِحشمَةٍ بين المتزاورين، فلا خُلطة محرّمة بين الرجال والنساء، ولا لهو فيما نهى الله عنه..
أعيادنا أيام محبّة وسرور عمادها التآخي والحبُّ والسخاء، والبذل والعطاء، والعفو والمغفرة ونبذ القطيعة والشحناء، فما أحوجنا – إخوة الإيمان – وقد تكالب علينا الأعداء إلى أن يُحب بعضنا بعضًا، إلى أن يسامح بعضنا بعضا، إلى يجود ميسُورُنا على معسورنا، إلى أن يبذل كل منّا ما يستطيعه ليُدخل الفرح والسرور على قلوب إخوانه.
فلنجعل أعيادنا أعياد طاعة لله بصلة الأرحام والأقارب وليس المكافئ بالواصل، إنّما الواصل من يصل الذي قطعه، ولتتذكَّروا في زياراتكم وفي معايداتكم قول النبيّ – صلى الله عليه وسلم -: (مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هِيَ أضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّساء) [رواه البخاري ومسلم]، فلنتجنّب الخلوة بالأجنبيّة ولو كان ذلك من قرابة الزوج فعن عقبة بن عامر – رضي الله عنه – : أَنَّ رسولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قال: (إِيِّاكُم والدخولَ على النساء ، فقال رجل من الأنصارِ: أَفرأيتَ الحَمْوَ؟ [أي أقرباء الزوج من إخوته وأولاد عمومته وغيرهم] فقال – صلى الله عليه وسلم -: الحَمْوُ: الموتُ). فكم جرّ الاختلاط المحرّم – أيُّها السادة – على الأسر من البلايا والرزايا ما لا يعلمه إلّا الله.
ولنأمر نساءنا عند الخروج من المنزل أو عند قدوم غير المحارِم بلزوم الأدب والحشمة وعدم التبرّج ولبس الحجاب الشرعي السابغ الساتر الذي يعمّ سائر الجسد ولا يَشُفُّ ولا يصف الجسم (أي لا يكسِّمه) فهذا شأن الحرُّة الكريمة المؤمنة العفيفة زوجة العزيز المؤمن المحترم التقيّ.
أدخلوا الفرح على نسائكم وأسعدوا أهل بيتكم، فالدنيا أيامٌ سريعةٌ تمضي ما أحسن أن نُبقي لنا فيها طيِّب الذِكر من بعدنا، نسأل الله عزّ وجل أن يُعيننا جميعًا على طاعته وأن يتقبل منّا ومن المسلمين إنَّه على كلِّ شيء قدير وبالإجابة جدير …

إني داعٍ فأمّنوا

0%

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *