رمضان أيام معدودات .. لا تحرمها

خطبة الجمعة 96

#خطبة_الجمعة
#الشيخ_محمد_أبو_لنصر

رمضان أيامٌ معدودات .. لا تحرمها

التاريخ: 5/ رمضان/1437هـ
الموافق: 10/ حزيران/2016م
المكان: من مساجد حلب المحررة
المدة: 11 دقيقة

الأفكار الرئيسة في الخطبة الأولى:
1- إأَيَّامٌ مَعْدُودَات سرعان ما تنقضي
2- لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ… مدرسة الصبر والتقوى
3- وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا
4- المحروم في رمضان
5- رمضان أصحاب اليمين رمضان نصرٍ وفتحٍ مبين

الأفكار الرئيسة في الخطبة الثانية:
6- تذكيرٌ ووعظٌ ودعاء

رابط الخطبة على الفيسبوك
لتحميل الخطبة كتابيا بصيغة PDF
لتحميل الخطبة صوتيا بصيغة MP3

* ملاحظة: ما بين معكوفتين [ ] فهو شرح مُدرج في سياق ذِكرِ الدليل.

الخطبة الأولى
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ونستهديهِ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فهو المهتدي ومن يُضلِل فلن تجد له وليًّا مُرشِدًا، وَنَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ نبيّنا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وصفيِّه وخليله، أَرْسَلَهُ ربُّه بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، فصلوات ربِّي وسلامه عليه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه الغرِّ المُحجَّلين ومن سار على دربهم واهتدى بهداهم إلى يوم الدين، أمّا بعد عباد الله، يقول الله تعالى وهو أحكم القائلين:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ….) (البقرة: 183-184)

أيامٌ معدوداتٌ – أيُّها الأحبَّة – سرعان ما تنقضي وتمرُّ، فالفائز فيها من حصَّل القرب من الله فارتقى أعلى الدرجات، ونال شرف المكرُمات، صلَّى وقام، وأكثر من تلاوة القرآن، ولهِج بالدعاء لربِّ الأنام، وجاهد في الله حقَّ الجهاد… أيَّامٌ معدوداتٌ ستمرُّ سريعا وسرعان ما تنقضي…

لو تدبَّرنا أيُّها الأحبَّة مطلع الآية قليلًا لوجدنا فيه توجيهًا مهمًّا: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) … لا تظنُّوا معاشر المسلمين كُتِب عليكم وحدكم، لا تظنُّوا أنَّ الصيام عقوبةٌ لكم أو تشديدٌ في الدنيا عليكم، بل الصيامُ مدرسةٌ يربِّي الله بها أولياءه، يشدُّ عزائمهم ويعلِّمهم كيف يضبطون شهواتهم، وكيف يُسيطِرون على نفوسهم، كيف يضبطون أهواءهم حتَّى يبلغوا أهدافهم …

ولذلك فقد كتب الله الصيام على الأمم مِن قبلنا، بل ولعلَّ صيامنا نحن معشَرَ المسلمين مِن أهون الصيامِ الذي كتبه الله على الأمم… ولكنَّ الهدف واحد (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) فالصيام مدرسةٌ نتعلَّم فيها التقوى نتعلَّم فيها الصبر عمَّا حرم الله، فكما لجمت فمك وفرجك عن الشهوة في رمضان ستستطيع بالمجاهدة والمصابرة أن تلجم غيرها من شهوات نفسك الأمَّارة …

مدرسةٌ عظيمةٌ أيُّها الأحبَّة، مدرسة رمضان، مدرسة الصمود، مدرسة الإرادة، مدرسة العزيمة، مدرسة التقوى، هكذا أرادها الله لنا معاشر المسلمين، فأراد أعداؤنا أن يسلِبونا خيرها أرادوها لنا مدرسة الكسل والخنوع، أرادوها لنا مدرسة كثرة النوم، أرادوها أيام المسلسلاتٍ والفوازير والأفلام، أرادوها أيام المبارياتٍ والسهرٍ على المعاصي والفجور… (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا) (النساء:27).

وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ – في رمضان وفي غير رمضان – وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا، كل هذا المكر لكي تُحرَم النفع من رمضان، هذا الشهر الفضيل الذي كان النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – يستقبله مبشِّرًا أصحابه ومحذِّرًا لهم قائلًا:
«أتاكم رمضانُ، شهر مبارك، فرض الله عليكم صيامَه، تُفتح فيه أبواب السَّماءِ، وتُغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغَلُّ فيه مَرَدَةُ الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألفِ شهر، مَن حُرِم خيرَها فقد حُرِم» [حسنٌ رواه أحمد والبيهقي].

فالمحروم من حُرم نفع رمضان، المحروم من تمرُّ عليه أيام رمضان ولم يستشعر أهمِّيَّة ومعنى التغيير في حياته، المحروم من حُرِم رمضان، المحروم من يعدل عن الرمضان الربَّاني إلى الرمضان التلفزيوني، المحروم من يعدل عن رمضان أصحاب اليمين إلى رمضان أصحاب الشمال إلى رمضانِ الفسقة والمُفسِدين، وهذا والعياذ بالله حال كثيرٍ ممن يُسرف على نفسه بيننا، يجوع نهاره ويُضيع ليله فيما حرَّم الله، أمَّا حال الصالحين المصلحين، فحالٌ آخر…

حال أهلِ المكرمات والمعالي حالٌ آخر…

أولئك الذين عرَفوا أنَّ شهر رمضان شهر فتوحاتٍ وانتصارات، شهر صبرٍ ومصابرة، شهر جهادٍ ومجاهدة، فانعكَست مدرسةُ الصبرِ عليهم سريعًا، فظهرت نتائجها سريعًا عند أهل الله، ظهرت نتائجها نصرًا قريبًا وفتحًا مبينًا، فرمضانُ المؤمنين لم يكن في يومٍ من الأيام رمضان الخنوع والدَّعة، لم يكن رمضان الدعوة إلى الهُدن المشبوهة والمسالمة الذليلة…

رمضان أيها الأحبة رمضان الانتصارات والفتوحات، رمضان بدرٍ الكبرى، رمضان فتح مكَّة، رمضان القادسيَّة، رمضان فتح الأندلس، رمضان فتح الهند وباكستان، رمضان فتح عمُّورية، رمضان معركة ملاذ كرد، رمضان معركة حطين، رمضان فتح أرمينيا، رمضان عين جالوت، رمضان معركة شقحب التي انتصر فيها المسلمون وكان على رأسهم شيخ الإسلام ابن تيميَّة – رحمه الله – سنة سبعمائةٍ واثنين لهجرة (702 هـ) على جحافل التتار الروافض المجوس الذين غزو بلاد الشام حينها…

هذا رمضاننا أيُّها السادة، هذا رمضاننا، رمضانُ فتحٍ وانتصارات، ومن أراد أن يرى بعينه رمضان أهلِ الإيمان واليقين، فلينظر إلى ملاحم الشرف في ريف حلب الجنوبي، فلينظر إلى ملاحم البطولة في ريف حلب الشمالي في حندرات والملاح… هناك حيث يُعزُّ الله أولياءه ويُخزي أعداءه، هناك حيث تبذل الدماء الطاهرة قربةً لله، هناك حيث الصدق والصادقون، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة:119] اللهم اكتبنا مع الصادقين واحشرنا في زمرة المؤمنين أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى، وصلاةً وسلامًا على عبده الذي اصطفى، عباد الله، خيرُ الوصايا وصيّةُ ربِّ البرايا: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء:131]، فاتقوا الله عباد الله، فبتقوى الله العِصمة من الفتن، والسلامة من المِحَن، واعلموا عباد الله أنَّ الله تعالى أمركم بأمرٍ بدأ فيه بنفسه، وثنَّى بملائكة قدسه، وثلَّث بالعالم من جِنِّه وإنسِه، فقال تعالى ولم يزل قائلًا عليمًا وآمرًا حكيما: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56] اللهم صلِّ على نبيِّنا محمد وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنَّك حميدٌ مجيد اللهم إنَّا نسألك ……. [الدعاء]

0%

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *