هل كان بإمكاننا أن نواجه المنخفض الروسي بمرتفع سوري ؟!

زهير سالم

صغت العنوان بضمير المتكلمين لأنني لا أميل إلى لغة تقريع الآخرين، فأتساءل لماذا لم يفعلوا؟! ومن باب تدوير الزوايا أتساءل لماذا لم نفعل؟ علما أن القليل منا هو المعني بالجواب على هذا السؤال. المعني بالجواب على هذا السؤال هم الذين يمسكون بناصية الفعل ثم يكونون حيث قالت الأعرابية لعمر: الله بيننا وبين عمر. أجاب عمر الذي كان يعس الليل بحثا عن أمثالها: وما يدري عمر بك؟ قالت: يتولى أمرنا ثم يغفل عنا…

يضعنا المنخفض الجوي الروسي الذي كان وقعه على أهلنا في المخيمات وقع الكارثة أمام استحقاق إدارة الأزمة التي أثبت من تولى أمرنا ثم غفل عنه أنه ليس منها في ورد وصدر. حالة من العجز كان أحسن الناس حالا فيها من ناح وندب أو حسبل وحوقل. السؤال الأساسي الذي نطرحه هنا لماذا لم يستقبلوا المنخفض الروسي بوتيرة فعل سوري مرتفع تتصدى له بحق.

ابتداء نذكر أن مسئولية أهلنا اللاجئين في مخيماتهم إنما تقع أصلا على كاهل المفوضية العليا لشئون اللاجئين. إن هذه المفوضية هي الهيئة الدولية المناط بها دوليا الإشراف على أوضاع اللاجئين ورعايتهم وفق اتفاقية شئون اللاجئين لعام 1951.

إن من مهام هذه المفوضية الأساسية الاهتمام بأوضاع اللاجئين في الدول المضيفة لهم من كل جوانبها؛ استقبال وحماية وإيواء ورعاية بجميع أنواع الرعاية.

ثم حمايتهم من سياسات العسف من اعتقال أو ترحيل أو إعادة إلى أوطانهم.

وثالثا مساعدتهم على الحصول على مقر إقامة دائم إذا كانت محطتهم التي هم فيها غير ملائمة لإقامتهم.

لا يخفى على أحد أن المفوضية العليا للاجئين لم تقم حتى الآن بعشر ما يفرضه القانون الدولي عليها بخصوص اللاجئين السوريين. قد كون من السهل أن نلقي عبء هذا التراخي على إدارة هذه المفوضية. أو على الدول الفاعلة المحركة لها والتي تحاول أن تجعل من دماء السوريين وآلامهم رافعة لقراراتها وغطاء لتخليها وعجزها؛ ولكن والحق أحق أن يقال نحن مطالبون أن نعترف أن هيئات المعارضة السورية في الخارج أجمع لم تقم بما يجب عليه من واجب المتابعة والمطالبة وفتح الآفاق وتقديم المقترحات. كلنا نردد أن الرضيع الذي لا يبكي لا ترضعه أمه فلماذا نريد من المفوضية العليا لشئون اللاجئين أن تكون أرحم من والد ووالدة. لماذا لم تأسس وحدة خاصة في الهيئات المعارضة ولا أعفي أحدا لا ائتلافا ولا مجلسا ولا جماعة ولا حزبا يهيأ كل منها برنامج عمله ومشروعاته ويتابع المفوضية لتطبيقها…

لماذا يترك للدول المضيفة حتى الآن أن تختبئ أو أن تتهرب وراء مصطلحات: الضيوف والنازحين واللاجئين لتعطي المفوضية الفرصة لتتخلى عن مسئولياتها.

المنخفض الجوي لم يكن مفاجئا بل كان متوقعا. وكان الجميع ينتظره. وبدلا من أن ينتظروه بحسن التقدير والتدبير والإعداد والاستعداد أدار الجميع ظهورهم وجلس أرامل الفيسبوك والتويتر من أمثالنا يبكون ويندبون..

كان المنتظر أن تضعهم النشرة الجوية التي حملت إليكم أخبار المنخفض الجوي أو العاصفة الثلجية القادمة في مثل حال الإدارة الأمريكية يوم استقبلت الإعصار ساندي في ملء الحملة الانتخابية الأمريكية.

كان المنتظر لو كان أمر أهلنا في المخيمات يهمهم فعلا أن يتوقف كل المسافرين. وأن تقطع كل الزيارات، وأن تشكل جميع الهيئات والتكتلات والأحزاب والجماعات وكل الممسكين بناصية قرار غرف عمليات لا عمل لها إلا التفكير والتدبير لطرائق التصدي للعاصفة وتقليل الأضرار وتخفيف الآلام. ولو فعلوا لكانت تجربة رائدة ورائعة وأنموذجا مشجعا ومقنعا على كل المستويات…

لا يُسطر هذا الكلام تثريبا على أحد فالتثريب لا يأتي بخير. من هذا نداء من غيابت الجب وقرارة البعد: يا يحيى خذ الكتاب بقوة قال له: يا أبا ذر إنها والله أمانة. وإنها يوم القيامة خزي وندامة. إلا من أخذها بحقها..

لم يفت الوقت بعد. وسيكون لنا بعد هذه الواقعة وقائع وبعد هذه التجربة تجارب. ذكرى لمن كان له قلب. وإقامة للحجة. ومعذرة إلى ربنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *