سقف النموذج والمثال

سقف النموذج والمثال

[قد تكون المقدمة طويلة ولكنها مهمة]

بعد نشر مقالي الذي تحدثت فيه عن مظاهر تحتاج تدخل مباشر من لجنة الأمان والسلامة العامة، تفاجأت من تعليق وردة فعل بعض إخواننا المحسوبين على النخب المثقفة!!

بعضهم علق من باب أولوية الحديث على بعض الممارسات السلبية لإدارة المناطق المحررة، وكأن المطالبة بتغيير بعض الممارسات يجب أن يمنعنا عن الإصلاح والتطوير في المجالات الأخرى؟!

ولئن كان التعليق على هذا التعليق لا يستحق الخوض فيه كثيرا؛ فإن ما أثار حفيظتي حقا، ترك البعض لعشر أمثلة مهمة ضربتها وتركيزهم على المثال المتعلق بالمصاعد الكهربائية، منطلقين من نموذج وفكرة مسبقة لديهم تتعلق بمناطق سكنهم التي لا تتوفر في أبنيتها عادةً مصاعد كهربائية، علما أنه بعد دخول الكهرباء أعيد تفعيل دور المصاعد في البنايات التي كان فيها مصاعد، فضلا عن الكثير من المشاريع الحديثة التي يتم تركيب المصاعد فيها مؤخرا…

وهذا يقودنا إلى موضوع خطير، ظهرت آثاره جلية في واقعنا زمن الثورة، أرجو أن يتسع صدر إخواننا لسماعه دون أن يساء تأويله.

خلاصته أن الإنسان في معظم مشاريعه يسعى لتقليد نماذج أعجبته أو اطلع عليها سابقًا وشعر معها بالراحة… ومن هنا أتت أهمية البعثات الخارجية التي ترسلها الدول للاطلاع على الأحدث شكلا وكيفا وللإتيان بأفكار من خارج الصندوق القريب، وفي عصر الإنترنت عالي السرعة والفضاءات المفتوحة، أصبحت النماذج متوفرة بكثرة، ولكن تبقى لمن عايشها وعاينها عن قرب نظرة أخرى مميزة…

ولعل مما لمسنا آثاره وضرره في ثورتنا، تصدر شباب لإدارة أفكار ومشاريع مع ضعف إطلاعهم على نماذج متقدمة في بلدنا فضلا عن غيره، نتيجة كونهم في مقتبل العمر عند انطلاق الثورة…

أو تصدر أشخاص انطلقوا من بيئات عمل أو مجتمع بسيط من الناحية التقنية والاقتصادية والتنظيمية والخدمية وعاشوا فيه فترة طويلة من الزمان (وإن كانوا من حملة الشهادات الجامعية)!!

فترى البعض يتصدر في تصميم مشاريع سكنية والنموذج المثالي بين يديه هو ما كان في الأحياء الشعبية والعشوائيات غير المنظمة التي عاش فيها سابقا في المدن السورية… يعتبرها النموذج الذي يُشعره بالراحة ويجب العمل على شبيهه!!!

وذاك يتحدث في السياسة والنموذج الذي بين عينيه نموذج الدولة الاشتراكية القائمة على المنع والاحتكار والتقييد في كل نواحي الحياة… فهو لايعرف سوى نموذج حافظ أسد الذي يختزله في التعليم المجاني الرديء وبونات (قسائم) التموين، وتدخل السياسية في رخصة محل الفلافل حتى!

وآخر يفكر في تطوير الاقتصاد والاستثمار وبين عينيه تكرار أفقي عددي لمشاريع صغيرة بسيطة بدائية كانت في بيئته التي عاش فيها، دون أن يخطر بباله أي فكرة عن مشاريع نوعية مميزة!

والعاقبة في النهاية مشاريع تُنفَّذ ولكن بلا فاعلية حقيقية، مجرد هدرٍ وتجميدٍ لما تبقى في محررنا من أموال… وفي المقابل المزيد من الاحتقان من الناس والمزيد من الهدر والتضييع للموارد والقدرات!

#لو_كنت_الأمير لاشترطت فيمن يتصدر لإدارة المشاريع الكبيرة أن يكون ذا ماض يتجاوز دائرة البسيط المتاح القريب من الناس العاديين… بأن يكون ممن عملوا أو عايشوا واطلعوا أو على الأقل ممن له تواصل مع تلك البيئات المتطورة واهتمام بمتابعتها…

ولشكلت لجنة استشارية عليا من الخبراء، مهمتها المساهمة بالتخطيط الاستراتيجي… تخطط وتشرف وتعرض عليها الأفكار قبل تنفيذها…

وهذا يقودنا إلى موضوع مهم جدا وهو الاستفادة من #المستشارين وهذا سنتحدث عنه في التالي إن شاء الله.

#لو_كنت_الأمير ٧٢ #التخطيط #الإدارة

– – – – – – – – –

المستشار … منصبٌ شاغر وخبرات مهدورة

مما عانيناه -ولازلنا نعانيه- في ثورتنا إهمال وتجاهل خبرات المختصين وذوي التجربة، في مختلف المجالات المدنية والعسكرية، سواء بسبب:

– خلافات بالتوجه.
– أو لعصبية ما (قبلية أو مناطقية…)
– أو لأنه كان سابقا في مشروع منافس.
– أو لأن فكرة الاستفادة من العلم والخبرة غير موجودة لدى البعض أصلا!
– أوخوفا من أن يحتل الخبير مكان القائد. السوبرمان الذي يفهم في كل شيء (ربما هذا من اهم الأسباب)…
– وغير ذلك من أسباب.

ما ضيَّع علينا الكثير الكثير من الفُرص، وتسبب بخسارات هائلة في شتى المجالات.

هناك حل بسيط، غير مشتهر بيننا، وهو “تفعيل” منصب “المستشار”؛ فالقائد الناجح الملهَم المُلهِم ليس عالمًا بكل شيء، ولكنه من خلال الكاريزما والحزم والإدارة والمتابعة والضبط ينفذ الخطط التي يجب أن يساعده فيها الخبراء المختصون، كل حسب اختصاصه.

هل تعلم: أن منظومة رئاسة الجمهورية في سورية كانت بسيطة جدا، قبل أن يأتي حافظ أسد ويوسعها، ويموت عن أكثر من ٨٠ ثمانين مستشارًا من كبار العقول في مختلف المجالات، يَعلم الناس أسماء بعضهم، وأكثرهم إلى اليوم مجهولون!

المستشار شخص خبير صاحب اختصاص، مشهود له بالأمانة والحكمة والتجربة، يوظَّف بأجر مناسب (يكافئ العلم والخبرة لا مدة العمل كما يتوهم البعض قياسا على المهن العضلية!!)… حتى يكون خالي البال متفرغا للمتابعة والتحليل والاستنتاج لما يرده من معلومات في المجال المطلوب منه… فيستفيد صانع القرار من خبرته، إذ ينظر بأكثر من عين، ويحلل بأكثر من عقل..

#مهم وليس بالضرورة أن يكون المستشار معلومًا، بل الأفضل أن يكون عمله سِرًا، لكي لا يكون هدفًا ومَدخِلا للاختراق.

والمستشار ليس بالضرورة شخصيُا، بل غالبا ما يكون مستشارًا لمؤسسة.

هل تعلم: أن كبار قادة الدول يتوظفون بعد انتهاء ولاياتهم كمستشارين لدول أخرى أو مؤسسات كبرى بمرتبات من أعلى الرواتب في العالم..

#تنبيه وقبل أن أختم لابد من التنبيه على خللين خطيرين في التعاطي مع المستشار الخبير:

الأول: انشغال القائد عنه فلا يسأله ولا يخبره ولا يُعلِمه عما هو في مجال استشارته… حتى إذا ما تعقدت الأمور وأصبحت عصية على العلاج، قال له: ما الحل؟!!

والثاني: سؤال المستشار دون أن يعطى معلومات كافية، فلا يحيط بما يُسأل عنه من مختلف الجوانب، وتكون المحصلة إجابة خاطئة مبنية على معطيات غير صحيحة… وهذا غالبا ما يحدث عندما يكون منصب المستشار ديكورًا، فقط لكي يُقال: أن الأستاذ فلان معنا!!

#لو_كنت_الأمير

لبحثت عن كل خبير في كل اختصاص يلزمني، ولشكلت لجنة من المستشارين في مختلف المجالات اللازمة للنهوض بالبلد والمؤسسات، لكي أشاور من يستحق المشاورة، بعد أخذ العهود عليهم وتطبيق الإجراءات المناسبة معهم… ولأغدقت عليهم ما يناسب، لأني بهم سأربح وأوفر أضعاف ما أدفع… فما خاب من استشار ولا ندم من استخار إن شاء الله.

#لو_كنت_الأمير ٧٣

– – – – – – – – –

⚠️#الرقابة على #الجودة لا على #الصرف فقط!!

لو كنت الأمير لجعلت الرقابة على جودة الانجاز ونسبة مساهمته في تحقيق الأهداف التي وضع من أجلها المشروع.

لا أن تكون الرقابة على الانفاق فقط كما كان حاصلا في بلدنا، حيث أن مهمة جهاز الرقابة كانت تتلخص في مطابقة الفواتير (مطابقة المخصص والصرف)… بغض النظر عن مدى الاستفادة من المشروع المنفذ!!

على مبدأ: “الحمد لله نجحت العملية… بس مات المريض”🙃.

0

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *