الخلط بين الإعداد الإيماني والعلم بالدين

الخلط بين الإعداد الإيماني والعلم بالدين

على سيرة الإعداد الإيماني وأثره فيما نرى ونسمع اليوم في #غزة .. موضوعان مهمان أود الإشارة إليهما منذ فترة:

الموضوع الأول منهما هو: الخطأ الكبير القائم على الخلط بين الإعداد الإيماني والعلم بالدين؛ فالعلم بالدين معلومات يتعلمها الإنسان وهناك كم منها لابد له أن يتعلمها ولا يسعه الجهل بها، ولكن هذا لا يعني بالضرورة تحصيل بناء إيماني وقيمي فعّال، فالعلم شرط لازم (لا بد منه) ولكنه غير كافٍ في هذا…

مثال ذلك: قد نُعلِّم الطالب درسًا عن قيمة الصدق ونوجهه لحفظ آيات وأحاديث عن ذلك، ثم نعملُ له مذاكرةً فيُحصِّل علامةً كاملة، ولكن كل ذلك لا يعني أن الطالب قد أصبح صادقًا لا يكذب!.. (وهذا تراه ملاحظا عند كثيرٍ ممن درسوا العلم الشرعي ونالوا الشهادات بحفظ المواد وتقديم الامتحانات ولم يكن لأحدهم شيخ يربيه ويعظه ويلازمه).

لذلك فلابد من التركيز على البناء الإيماني، الذي يحوِّل العلم بالدين إلى طاقة دافعة للإنسان نحو البذل والتضحية، طاقة معينة للإنسان للصبر على الابتلاء والثبات أمام الفتن والمُغريات…

وهذا يحتاج ملازمةً للعلماء الربانيين، ويحتاج صناعة قدوات، وإظهار رموز تستحق أن تكون قدوات للناس، تؤثر بحالها قبل مقالها…

ويحتاج بذلًا وعطاءً يناسب تفريغ عدد مناسب من الدعاة لهذا العمل… دعاةٌ يحملون فِكر الجهاد، يدفعهم همُّ الإصلاحِ وتبليغِ الدينِ عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم… يتحلون بالهمة العالية والمعنويات المرتفعة…

يتلقى المجاهدون منهم ويتأثرون بالمعايشة والملازمة لهم، ببقائهم معه لفترات طويلة…

يعلِّمونهم بتدَبُّر القرآن، وحديث النبي العدنانِ، وبقصص السلف، وحكايا مجاهدينا وبطولاتهم، وبحالٍ يسبِق المقال…

وهنا أقول: لعل من أكبر الأخطاء التي دمرت فصائل مقاتلة بكاملها؛ إهمالها لهذا الجانب، فترى اهتمامهم بدور الدعاة والوعاظ، ونوعية الدعاة والوعاظ، وتطويرهم وتدريبهم، وتحسين أدائهم ووسائلهم أمرا ثانويًا، فلا يحظى هذا العمل بما يلزم من اهتمام ومتابعة وتخطيط وإمكانيات…

حتى أن المجتهدين من قادة تلك الفصائل يتوهمون بأنهم في بضعة أيام، بدورة تعليم “ما لا يسع المسلم جهله”.. يبنون المقاتل إيمانيا!!

وهذا خطأ فادح وخلط كبير، وإن كان هذا التعليم لابُد منه ولكنه كما أسلفنا شرطٌ لازم ولكن غيرُ كافٍ لتحقيق المُراد الذي نريد أن يظهر أثره صمودًا وثباتا ونكايةً في العدو، ولين جانبٍ مع المسلمين…

ولعل من أكبر الثغرات في هذا الباب، أنه أوكِل عند البعض إلى قليلي الخبرة والزاد والمعرفة والحكمة!!

ولعل السبب الأساس في هذا صراحةً (على مستوى الفصائل وغيرها) : البخل في الإنفاق على من يُعلِّم الناس دينهم ويصلح علاقتهم بربهم، فلا يتفرغ لهذا إلا من لا عمل له، ويضطر الخبير الكفؤ لاستثمار فُرَصِه في الحياة والبحث عما هو أصلح لحاله وحال من يعول!!

ولربما سبب ذلك ضَعف تعظيم دين الله في قلوبنا، حتى في بيوتنا ترى أحدنا مستعدا أن يدفع لمعلم الرياضيات لولده ويبخل بدفع ربع ذلك الرقم لمعلم القرآن… نستخف بدين الله ولا نعظمه، ثم عند الخطوب المدلهمات نترنم بالبناء الإيماني وأثره!!

وشرٌ من ذلكم حال من لا يهتمون للعلم بالدين ولا بالبناء الإيماني أصلا… فلا وجود لهذا العمل فعليا في فصيلهم (خلى بعض من مهمتهم التلميع والتطبيل عند الحاجة)!!

والله أيها السادة إن الإحتياج للعمل الدعوي كبيرٌ جدا، ومن وقف على حال شريحة الشباب سيرى العجب العُجاب، ولعل من أحوجهم إلى ذلك المقاتلون الجدد، وكذلك الطلاب الشباب في الثانويات والجامعات… وحسبنا الله ونعم الوكيل.

#لو_كنت_الأمير لبحثت عن كل داعيةٍ مؤثر آتاه الله علما راسخا وأسلوبا جذابًا (ففي هذا الباب الأسلوب أهم من الشهادات العليا والتخصصات الدقيقة)، ولخصصت له من العطاء ما يكفيه ويغنيه ويعينه على التفرغ الحقيقي…

ولنَظََمتُ الدعاة في مشروعٍ يُخَطط له بدقة، وينفّذ بتناغمٌ لكي نصِل بمجتمعنا إلى جملةٍ من الأهداف المخططة.. التي نتطلع إليها… وأولها المجاهد المؤمن الذي لا يولي الأدبار ولا يخاف إلا الله.

نسأل الله العون لمن يُبلِّغون رسالاتِ الله ويخشونه ولا يخشونَ أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا.

والحمد لله رب العالمين

 

– – – – – – – – –

البناء الإيماني على أساس سليم من العلم بالدين

على سيرة الإعداد الإيماني قلت بأنني سأشير إلى موضوعين مهمين… اليوم نتحدث عن الثاني منهما:

ألا وهو ضرورة أن يكون البناء الإيماني للمجتمع على أساس سليم من العلم بدين الله، وأقله “ما لا يسع المسلم جهله”، ولكم انتشرت مواد علمية وكتب تحت هذا العنوان، منها ما هو بسيط جدا جدا، ومنها ما هو أغزر، وبالتأكيد فما لايسع الإنسان جهله من دين الله يختلف باختلاف مبلغ الإنسان من العلم، وكذلك باختلاف نوعية عمله…

#لو_كنت_الأمير

لعممت كتابا رسميا معتمدا أساسيا عاما بعنوان: “ما لا يسع المسلم جهله”، يتضمن أبوب الإيمان وفقه العبادات والقيم الأخلاقية للفرد والمجتمع المسلم… بنسختين، نسخة بسيطة للعوام، ونسخة أكثر توسعا، أعتمدها مادة واحدة لطلبة الجامعة (النخب المثقفة) ولكل الموظفين، لتكون أساسا مشتركا، بعيدا عن الإطناب والتشعب، وفي صلب ما يلزم المسلم في حياته، من علم الدين وفق الفقه المعتمد في بلادنا…

ليس هذا فحسب، بل لوجهت إلى إضافة مادة فقه لكل اختصاص علمي، مما يحتاجه صاحب الاختصاص في عمله في المجتمع المسلم، مما جاء به ديننا من ضوابط تتعلق بهذا الاختصاص وتلك المهنة بحيث تعتمد في الجامعة وفي النقابة ذات الاختصاص، وهذا واجب وليس من نافلة العلم ولا من باب الثقافة، ولا يجب أن يعذر صاحب المهنة بجهله فيها… مثال ذلك:

– ما لا يسع الطبيب المسلم جهله.

– ما لايسع المحاسب المسلم جهله.

– ما لا يسع المدير المسلم جهله.

– ما لا يسع العسكري المسلم جهله.

– ما لايسع التاجر المسلم جهله…

– ما لايسع السياسي المسلم جهله… الخ

ففي النهاية نحن كمجتمع مسلم، ضوابطنا وتشريعاتنا (قانوننا) تنبثق من ديننا، والقانون لا يحمي المغفلين، فكيف بمن يغفل عما يتعلق بمهنته!!

وقد يقول قائل: “هذه مهمة الأنظمة والتشريعات” فنقول: ثم كيف للمسؤولين أن يقروا أنظمة وقوانين وأن يسنوا تشريعات لا تتعارض وتوجه المجتمع ودينه وهم جاهلون في هذا المجال!!

أمثلة للإيضاح:

– في الدول الغربية، تقدم للطلاب مادة تعرفهم بأشهر المعتقدات لمختلف الجماعات الموجودة في مجتمعهم والتي لها أثر طبي أو قد تؤثر على طريقة توجيه الطبيب للمريض، وعندنا لا يوجد!!

– تصوروا محاسبين يتخرجون من كلية الإقتصاد وواحدهم لا يعرف كيفية حساب الزكاة لو طلب منه صاحب شركة أن يحسب له زكاته، وكذلك ليس عندهم اطلاع على المعاملات الربوية وما يحل وما لا يحل في التعاملات المالية والتجارية!!

وفي الحديث الحسن الذي أخرجه التِّرمذي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: “لا يبع في سوقنا إلا من تفقه في الدين”.

– تصوروا عسكريين يأخذون دورات ويدرسون القانون الدولي الإنساني، (والذي نرى تطبيقه العملي اليوم في غزة ورأيناه ولازلنا نرى في سوريا) وهم لم يدرسوا مادة رسمية معتمدة، في فقه المجاهد، وقوانين الحرب في الإسلام، إلا ما كان من جهد شخصي لبعض المشايخ والدعاة!

– تصوروا أننا في باب القيادة والإدارة يدرس طلابنا نماذج وأمثلة من الشرق والغرب، ولا تمر بهم مادة او حتى فصل في مادة عن نموذج القيادة النبوية ومشاهير القادة المسلمين!

– تصوروا في كليات العلوم السياسية، يدرسون في مادة نظم الحكم كل نماذج وأشكال الحكم ربما من زمن اليونان والرومان، ولا يتطرقون إلى نماذج أنظمة الحكم الإسلامي التي كانت قائمة سابقا، فضلا عن التصورات والنظريات الحديثة المتعلقة بنموذج الدولة الإسلامية المعاصرة التي طرحتها المدارس الفكرية المختلفة…

#لو_كنت_الأمير

– لأشرفت بشخصي على اختيار اللجان التي ستصدر هذه المواد، لتكون جامعةً متكاملة، في كل اختصاص…

– ولوضعنا في البداية معا خطوطا عريضة (ضوابط) لكي لا تخرج هذه المناهج عن غاياتها العظيمة إلى توجهات ضيقة…

– وبالتأكيد لن نعيد اختراع العجلة، فهناك كثيرون سبقوا إلى سد هذا الثغر، فلربما وجهنا الى الاختيار والتدقيق، ثم التعديل والتطوير بما يناسب فقه أهل بلدنا وعاداتهم…

– ولبذلت في ذلك المال لتفريغ كادر مناسب لذلك..

– ولاستكتبت وشاورت ثم دققت المخرجات المختارة من مختلف المؤسسات العلمية العربية والإسلامية المشهود لها في هذا…

(دائما الاجراءات يطول التفصيل فيها إنما هي إضاءات… نفعني الله وإياكم بما نكتب ونقول)

#لو_كنت_الأمير ٧٠ #التعليم #الجامعة #زاد_الدعاة

0

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *