فتوى بخصوص عقد الإجارة في الدور والدكاكين المتضررة بآثار الزلزال

فتوى بخصوص عقد الإجارة في الدور والدكاكين المتضررة بآثار الزلزال

فتوى بخصوص عقد الإجارة
في الدور والدكاكين
المتضررة بآثار الزلزال

الشيخ محمد حاج عبود
مكتب الإفتاء في مدينة الباب

إن عقد الإجارة عقد لازم عند جماهير الفقهاء، لكن في ظل الكوارث والحروب قد يتضرر المأجور كما في نازلة الزلزال الذي أصاب مناطقنا فأدى إلى خراب كُلّي أو جزئي في البيوت والحوانيت، فهل يبقى العقد لازماً في حق المستأجر أم له الفسخ؟ وماذا بشأن المال الذي دفعه سلفا عن الأشهر القادمة؟ وهل تكلفة الترميم على المالك أم على المستأجر؟…

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإن عقد الإجارة لازم باتفاق المذاهب الأربعة. لكن يفسخ في حالات منها: إذا تعذر استيفاء منفعة المأجور بسبب فوات محل المنفعة كانهدام الدار، أو تأذيها بما يمنع عرفا الانتفاع بما استؤجرت لأجله.
وعليه:

– فإن حصل ذلك قبل استلام المستأجِر الدار من المُؤجِّر ينفسخ العقد ولا يستحق المؤجِّر شيئًا من الأجرة.

– أما إذا انتفع المستأجِر بالمأجور مدة ثم انهدم المأجور انفسخ العقد وسقطَت أُجرة ما بقي من مدة الإجارة، لكن تلزمه أجرة ما مضى قبل الانهدام.

– وإن كان الانهدام جزئياً بأن سقط جدار ونحوه: فإن بادر المؤجر في إصلاح ما تهدم في مدة يسيرة ليس لمثلها أجرة بقيت الإجارة قائمة ونفقة الإصلاح على المؤجر مالك العقار، وإلا فإن المستأجر له الخيار في الفسخ لنقصان المنفعة في المأجور، فلا يلزمه العقد في هذه الحالة.

– ويجوز للمتعاقدين في هذه الحالة فسخ العقد والاتفاق على أن ينقص المؤجر من الأجرة مقابل ما نقص من منفعة الدار إن بقيت صالحة للسكن في بعضها، فإن لم يفسخ وبقي المستأجر ينتفع بالمأجور على حاله فتلزمه الأجرة كاملة.

(تنبيهات):

١- يكون في حكم انهدام الدار قرار الخبراء المختصين بعدم صلاحية البيت للسكن لأنه آيل إلى السقوط بسبب التصدعات والأضرار التي لحقته جراء حدوث الزلزال.

٢- في حال دفع المستأجر الأجرة سلفاً يعود على المؤجر بأجرة ما بقي من المدة بعد الفسخ، فإن امتنع المؤجر عن ردها كان آكلاً للحرام إلا إن سامحه المستأجر وأبرأه عن طيب نفس.

٣- في حال حصول ضرر جزئي بالمأجور وأراد المستأجر أن يفسخ فله ذلك كما قلنا لكن بحضور المؤجر أو إخباره، أما في حال الانهدام الكلي أو قرار المختصين بلزوم الإزالة وعدم صلاحية المكان للانتفاع به فله الفسخ ولو بغير علم المؤجر وتسقط الأجرة.

ختاما
لا ننسى أن نذكر إخواننا بأن الأحكامَ الفقهيةَ المتعلّقةَ بالعقود إنّما جاءت لضمانِ حقوقِ النّاسِ ومنعِ الشّقاقِ والخلافِ بينهم..

ولكن معها أيضا شرع الله لعباده من الأخلاقِ ما تظهر به معادنهم الكريمة وأصولهم الطيبة، لا سيّما وقت الضّوائقِ والعسرِ والنّكبات، ومن تلك الأخلاق السّماحةُ في التعاملِ حيثُ دعا صلى الله عليه وسلم بالرّحمةِ لأهلِ السّماحةِ فقال: “رحم الله رجلا سَمحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى” رواه البخاري.

ونحن اليومَ أحوج ما نكون إلى رحمةِ الله، فلنجعل السماحة فيما بيننا سببا لنوال رحمته تعالى، وليُعِن بعضنا بعضا فيما نزل بنا من مصائب، وليسامح بعضنا بعضا ما أمكن، وليستشعر كل منا مصاب الآخر، ولينزل المستغني عما يستحقه من أخيه بما اغناه الله من فضله، فالكل مصاب… (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه).

هذا والله تعالى أعلم، والحمد لله رب العالمين.

0

تقييم المستخدمون: 3.48 ( 4 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *