من كانت الدنيا همه

خطبة الجمعة - لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا

من كانت الآخرة همه

من كانت الدنيا همه
من كانت الآخرة نيته وهمه

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كانت الدنيا همه؛ فرق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته؛ جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة».
حديث صحيح، أخرجه ابن ماجه وأحمد وغيرهما.

 

– – – – – – –

#الشيخ_أبو_معاذ_زيتون

عَن أنَسِ بنِ مالِكٍ، قال: قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ علَيهِ وسَلَّمَ: «مَن كانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِناهُ في قَلبِهِ وجَمَعَ لَهُ شَملَهُ وأتَتْهُ الدُّنيا وهِيَ راغِمَةٌ، وَمَن كانَتِ الدُّنيا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقرَهُ بَينَ عَينَيهِ وفَرّقَ عَلَيهِ شَملَهُ ولمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنيا إلّا مَا قُدِّرَ لَهُ». حديثٌ صحيح، رواه التِّرمِذيّ وغيره.

المعنى: خلقَنا ربُّنا تباركَ وتعالى لأجلِ الآخرةِ، وسخّرَ لنا ما في السّماواتِ وما في الأرضِ، وأسبغَ علينا نعمَهُ ظاهرةً وباطنةً، وتكفّلَ لنا بأرزاقِنا وأعطانا أعظمَ التّطميناتِ بأنّها لا شكَّ واصلةٌ إلينا حتّى لا نشقى في التّفكيرِ والتّدبير، ولكي نفرِّغَ قلوبَنا من الشّواغِل عند عبادتِه؛ لكنّ الشّيطانَ لا يبرحُ يُغرينا بدوامِ التّفكيرِ في متاعِ الدُّنيا ويخوّفُنا من الفقرِ والفاقةِ ليصرفَنا عن العبادةِ ويشغلَنا بكثرةِ الحوائج.

ولهذا المعنى جاءَ هذا التّوجيهُ النّبويُّ العظيمُ، أنّ من جعلَ همَّهُ الأكبرَ مركّزاً على ما يكونُ في آخرتِهِ من أهوالِ النّشورِ والعرضِ والحسابِ والجزاءِ والمرورِ على الصّراطِ، فَانشغلَ بالعَملِ للنّجاةِ في ذلكَ اليومِ العظيمَ، كافأهُ الله بطمأنينةِ القلبِ في الدّنيا، وجمع له أمرهُ فلا يتشتّت في وديانِ التّيهِ والهمومِ والضّياعِ، وَوَصلَهُ ما قُدّرَ له من الرّزقِ تاماً غيرَ منقوصٍ، ورزقه القناعةَ بذلكَ فعاشَ عزيزَ النّفسِ مرتاحَ البال.

بينَما من جعلَ كلَّ اهتماماتِهِ منصبّةً على تحصيلِ المنافعِ وجَمعِ الملذّاتِ الدّنيويةِ، وحالَ ذلكَ بينَهُ وبينَ إسعادِ قلبِهِ بلذّةِ الطّاعةِ والمناجاةِ، فإنّ الله يجعلُ عيشَهُ منكّداً مكدّراً، فهو لا ينفكُّ يستشعرُ الفقرَ على الدوامِ، ويجري في طلبِ الرّزقِ جريَ الهوام، ويُفني عمرَهُ لاهثاً وراءَ الشّهواتِ، ثمّ لا يحصّلُ منها فوقَ ما قدِّرَ له ولو شربةَ ماء، ولا هو بقليلٍ يقنعُ ولا بكثيرٍ يشبع.

طريقةٌ مقترحة للتّطبيق:

أخي وأختي: نظرةٌ واحدةٌ نحو المقابرِ بعينِ الاعتبار تكفينا.. إذ كل من في المقابر كانوا منهمِكين مثلَنا سعياً لتحصيلِ أكبرِ قدرٍ من متاعِ الدّنيا وملذّاتها، ثم ها هم قد ماتوا وبادوا، وانتقلت الدّنيا إلينا لتُفنيَنا وتُلحقَنا بهم.. فهل لنا فيهم من واعِظ؟!

خذ من الموتى العِظات… يا أسيرَ الغَفَلات
ربّما تُصبِحُ لكِن… في العَشيِّ يُقالُ مات

0

تقييم المستخدمون: 5 ( 2 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *