سيد قطب … الشهيد الحي 29 آب 1966
سيد قطب
الشهيد الحي 29 آب 1966
«إن كلماتنا تظل عرائس من الشمع، حتى إذا متنا في سبيلها دبت فيها الروح و كتبت لها الحياة .. »
هكذا خطّت هذه الكلمات أسطرها في أُفق التاريخ، كما خَطَت قَدَما صاحبها رحلة المسير بثبات وعزّة وإباء نحو الشهادة ..
إنه سيد قطب .. ذلك المفكر الشهيد – بإذن الله – الذي علم سر جمال الوجود وسحر الحقيقة وكمالها، فاختار الله والدار الآخرة .. وعلم أن الحياة من أجل الفكرة أعظم بكثير من الحياة من أجل الذات المُنكفئة على نفسها ..
«عندما نعيش لذواتنا، تبدو الحياة قصيرة ضئيلة، تبدأ من حيث نعي، وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود .. أما عندما نعيش لغيرنا، أي عندما نعيش لفكرة، فإن الحياة تبدو طويلة .. عميقة ..
تبدأ من حيث بدأت الإنسانية وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض، إننا نربح أضغاف عمرنا الفردي في هذه الحالة .. نربحها حقيقة لا وَهْماً»
لقد علم قُطب رحمه الله الحكمة من القلم والرسالة للفكر في زمن الاستبداد والظلم، وعلم أن كل المعارك الدائرة في دواخلنا أو من محيطنا ولو تغيّرت مسمياتها وصفاتها، لتدور حول مسمى العقيدة .. العقيدة الصافية من كل أهواء ومظاهر العبودية لغير الله
«إنها لحكمة الله أن تقف العقيدة مجردة من الزينة والطلاء عاطلة من عوامل الإغراء، لا قربى من حاكم، ولا اعتزاز بسلطان، ولا هتاف بلذة، ولا دغدغة لغريزة ..
وإنما هو الجهد والمشقة والجهاد والاستشهاد ..»
وهكذا أقبل قُطب نحو حبل المشنقة عينه على الجنّة، ولسان حاله يقول : «ليست الحياة بعدد السنين ولكنها بعدد المشاعر .. لأن الحياة ليست شيئا آخر غير شعور الإنسان بالحياة» ..
وتخلّدت كلماته عابرة حدود الحكاية وشامخة في عقول العلماء والمفكرين زاهية على رفوف المكتبات ..
أما جلّاده .. فصار سُبة على مدار التاريخ ..
وأما صدى نداؤه فينا لازال يقول :
أخي .. هل تُراك سئمتَ الكفاح
و ألقيتَ عن كاهليك السلاح
فمن للضحايا يواسي الجراح
و يرفع راياتها من جديد ..