صفات المشروع الثوري الناجح

التوعية النوعية - المشروع الناجح

بقلم: د. أبو حمزة الشامي – أحرار الشام

أوّلًا: أهمية الفكرة:
إنَّ وجود مشروع ينْظِم المؤسساتِ الثوريةَ مدنيَّها وعسكريَّها هو حتم لازم لأن البديل سيكون إما
– الصوملة (٢٥عاماً من الفوضى)
– التقسيم ( بسيناريوهاته المحتملة )
– او عودة النظام العميل، بعد ان يلفظ الناس المؤسسات الفاشلة المتناحرة.

ثانياً: صفات المشروع الناجح:
1- الربانية:
* ربانية المصدر: – الوَحيان –
(قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ) [المائدة 15-16] *ربانية الوجهة والغاية :
(قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162)) [الأنعام 162]

2- مشروع وطني:
يَنْظِمُه أبناءُ الشام وفق ما تمليه مصالحهم الشرعية و الوطنية؛ لا يفرضه علينا غلاة العراق، و لا منافقو الغرب، ولا يشاركنا في صياغته داعم أو مستثمر.

3- الاستيعاب والانفتاح:
فديدننا قوله تعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) [المائدة 1] ومشروعنا ينبغي ألا يُقصي أحداً ممن انحاز عن خطه الأساس
يمنةً بإفراطٍ، أو يسرةً بتفريط؛ طالما أنَّه تجمعه معنا الثوابت والغايات المشتركة ( من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة … ) الحديث
وإن أي إقصاء لأي جهة ثورية فاعلة إنما هو كمثل بتر أعضاء الجسد الواحد، وفيه عرقلة للمشروع وتأخير النصر (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا) [النفال 46]

4- مشروع الكفاءات:
يُقدم فيه القويُ الأمين (يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26)) [القصص 26] الحفيظُ العليم (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55)) [يوسف 55] على القريب، والحبيب، وصاحب الجاه، والواسطة …

5- مشروع استراتيجي:
قائم على قراءةٍ صحيحة للواقع وتخطيط مكين للمستقبل (ومثال ذلك من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم هجرته إلى المدينة – توطيد دعائم دولة الإسلام أثناء صلح الحديبية – … )
مع الاستعداد لشتى السيناريوهات المُحتملة؛ فلا نتخبَط بردود أفعالٍ على ما يطرأ من مستجدات وأحداث وإنَّما هو مشروعٌ ثابت الخطى نحو الهدف المنشود.

6- الواقعية المقابلة للطوباوية:
فالواقع فيه كثير من المعوقات، فلا يظُنَنَّ أحدٌ أنَّ الدولة القادمة ستكون أنموذجاً في العدل والحريّة والمساواة؛ والطامَّة التي سنقع فيها ( وقد وقع فيها قَبلنا كثيرون ) تقييمُ التجارب والمشاريع في هذه الظروف الاستثنائية بمعايير الدول المستقرة !!!
• فمن الواقعية: ألا تستجلب نماذج في الحكم نشأت في غير بيئتنا وتأثرت وتأطَّرت بغير قيمنا وعقيدتنا، سواءً أكانت من أهل الشرق – دولة الغلو والخرافة -، أو من أهل الغرب -نماذج الحكم الغربية – …
• ومن الواقعية: الخضوع لسنَّةِ التدرُّج وهي سُنَّة كونية وشرعية فربُّنا خلق السماوات والأرض في ستة أيام ولو شاء لخلقها بكُنْ.
• ومن الواقعية كذلك: ألَّا نتجاوز القوى الإقليمية والدولية ومصالحها (تذكَّر: تحالف النبي صلى الله عليه وسلم مع خزاعة و الهدنة مع قريش و يهود) بل نعتبرها ونمضي في مشروعنا:
١- مع مَن يشاركنا من إخواننا.
٢- في مساحة المصالح المتقاطعة مع الدول الكبرى.
٣- في منطقة التناقضات الدولية والإقليمية.
• ومن الواقعية كذلك: ألا نعمد إلى فتاوى في السياسة الشرعية لعلماء في أزمان غابرة أو بلدان بعيدة فنجري لها (قص – لصق)،(past – cut) في زماننا !!!!
• ومن الواقعية أيضًا: أخذ أحوال الناس وبعدهم عن دينهم لقرون خلت بعين الاعتبار، ولنتذكَّر حديث النبي صلى الله عليه وسلم لأمِّنا عائشة – رضي الله عنها – عندما قال: “لولا حَداثة عهدِ قومِك بالكفر لنقضتُ الكعبةَ، ثم لَبَنَيْتُها على أساس إبراهيم” مسلم.

7- الجمع بين الثبات والمرونة: (الثبات على الأهداف والمرونة في الآليات)
الثبات على المبادئ ( و الله يا عم ! لو وضعوا الشمس عن يميني و القمر عن يساري على أن أترك هذا الأمر ، ما تركتُه ، حتى يُظهِرَه اللهُ ، أو أهلِكَ دونه )
و اللين و الرفق في التطبيق (لا يكون الرفق في شيء إلا زانه، و لا يُنزَع من شيء إلا شانه) مسلم

8- أخلاقي لا ميكافيللي:
الوسيلة فيه تحددها شريعتنا و قيمنا، ولا تبررها الغاية؛
فكما أطَّرته عقيدتنا ينبغي أن تزيِّنه أخلاقنا (إنَّما بُعِثتُ لأُتَمِّم مكارم الأخلاق) مسند البزار وصححه الألباني.

9- الوفاء :
فمشروعنا وفيّ
وفيٌّ .. للشهداء والجرحى، فلا يبيع دماءهم ..
وفيٌّ .. للنازحين و المهجرين، فلا ينسى حقوقَهم ..
وفيٌّ .. لكل من مدَّ لنا يد العون في إنفاذ مشروعنا وتطبيقه من دعاة ومقاتلين مهاجرين مِمَّن لم يخرجوا عن مشروعنا أو يمتطوه.
وكذا وفيٌّ .. لكلِّ من دعمنا بسلاح أو مال غير مُسَيَّس؛ (سياسةً تضرُّ بنا بشراء ذِمَم من يبيع مبادئه لإفساد مشروعنا)؛ فَـ ( من لا يشكرُ اللَّهَ، لا يشكر النَّاسَ) صحيحٌ رواه أحمد.

10- الوسطية:
فلا غلوَّ في الدين مُنفِّر، ولا إقصاء له ….. يطمس الهوية؛
بل وسطية كما وصفنا ربنا (( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً ))
وتقوية التيار الوسطي هو الطريق الأقصر والأنسب لقطع دابر الغلو والإفراط من جهة، ولجذب المُقصِّرين من أهل التفريط من الجهة الأخرى؛
و كذا لإعطاء الصورة الحقيقية الناصعة عن ديننا وشخصيتنا (بُعثتُ بالحنيفية السمْحة) صححه الألباني

11- مشروعٌ متوازن:
• فلا هو نخبوي صرف: يقوده أصحاب الكرافات و -الكنادر الملمعة – من مؤتمرات في فنادق فارهة؛ ولا يقوده نخبة من المقاتلين المنعزلين في شعف الجبال …
• ولا هو غوغائي ديماغوجي: يقوده عوامُ الناس لا حادِيَ لهم …
إنَّما تقوده نخبةٌ كفوءةٌ تخشى الله، وتستند في شرعيتها الى حاضنةٍ شعبيَّةٍ صابرةٍ متفاعلة.

12- التكامل و التوازي:
بين دعائم المشروع المتعددة (الجهادية، والسياسية، والدعوية، والاجتماعية)
• فليس هو مشروع جهادي صِرفٌ يُحقق انتصارات عسكرية على الأرض و يسوق الشباب نَحْو الشهادة؛ ثم يتنحّى إذا ما حان وقت العمل السياسي لقطف ثمار الجهاد، و استثمار النصر العسكري في العملية السياسية !!
• وليس هو كذلك حزبٌ سياسي فقط، يغامر في عالم السياسة… عالم الأقوياء المنافقين المصلحيين،
بلا سند و لا قوة ضاربة؛
قوةٍ .. تضرب على الأرض و تعطيه دفاعاً و ثقةً في المفاوضات، و تحمي مكتسباته إن تحصَّل على شيء منها.
• و ليس هو أيضاً جماعة دعوية لا تفقه سياسةً، و تتبرّأُ من الجهاد !!
• و لا هو جمعيةٌ إغاثيةٌ تُزوّدُ المسلمين بما يقيمُ أوَدَهُم، ليُذبحوا بسكاكين الطغاة !!
بل هو كُلٌّ متوازٍ، لا يُغفل جانباً، أو يقفز على ساقٍ واحدة.
فكما يحمي المشروعُ بيضَتَه بحدِّ الحسام، فهو ينخرط في عالم السياسة اللاأخلاقي، بحكمة السياسي المحنّك، و بأخلاقيات المسلم الفَطِن صاحب القيم؛
ولا ينسى رصيده وحاضنته من حسن إدارة شؤونهم ومراعاة معاشهم ومصالحهم؛
وهو – في كل ما سبق- يراعي نهج الرسول عليه الصلاة و السلام و سيرته،
فَهُو حريص على دعوة أبنائه إلى الله وتطبيق شرع الله على صعيد الفرد، وبين أبناء المجتمع، وعلى مستوى من تحمِّلَ مسؤولية ولاية أمور المسلمين.
و يؤطِّرُ كُلَّ ما أسلفنا بما أرسل اللهُ به نبيَّه (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107))[الأنبياء 107] ختاماً أسأل الله أن يُبصِّرَنا الحقَّ و يُعينَنا على اتباعه ابتغاء وجهه، وأن يُثبتنا عليه حتى يُظهرَه اللهُ أو نَهلِكَ دونه.
هذا و الله تعالى أعلم و أحكم.

0%

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *