مبادرة الكاوبوي لحل أزمة القتال الفصائلي

منوعات - مبادرة الكاوبوي

لعل الكثيرين شاهدوا زمن فترة أفلام الكاوبوي Cowboys وثقافة الغرب الأمريكي كيف كانت تُحسم الصراعات بين زعماء العصابات، عندما كانوا يتنازعون السيطرة على إحدى مناطق الغرب الأمريكي أو بعض موارِده (كالمناجِم والمعابر والمراعي …)، فحينما كانوا يصلون إلى قناعة بأنه لا يمكن لعصابة أي منهم أن تقضي على عصابة الآخر، يلجؤون حينها لطريقة مميزة يحسمون فيها معارِكهم بأقل الخسائر الممكنة من أفرادِ عصاباتِهم ومقدَّراتهم، عند تكافؤ القِوى وعدمِ توقُّع إمكانية الحسم السريع، حيث كان ذلك يتم بمبارزة بالمسدَّسات بين زعيمي العصابتين؛ حيث يتبارز الرجلان، بسلاحين متماثلين أو متكافئين، بطلقةٍ واحدةٍ غالبًا، بمحضرٍ من جماعةٍ من الأعيان والنبلاء، يتبارز الرجلان، مُثبتين رجوليَّتَهما، وشجاعتَهُما ليؤكِّدا بأنَّهما أهل لقيادة عصابة، فكل واحدٍ منهما قد يكون المقتولَ فداءً لكلِّ أفرادِ العصابة، والمنتصِر يتبعه تلقائيا أفراد عصابةِ المُنهزِم، ويكون بالفعل نجح في اختبار الرجولة والشجاعة والتحدي… وكذلك الأمر فيما يتعلَّق بالدفاع عن شرف العائلة أو الحزب أو الجماعة السياسية.
حقيقةً هذه المقدِّمة الطويلة مهدُّتُ بها للشباب الذين لم يسمعوا بمثل هذا، مهدتُّ بها لنعلم أنَّ كثيرًا من زعماء العصابات كان لديهم من النخوة والشجاعة أكثر بكثير من زعماء العصابات التي نراها في مناطقنا المحررة.
وهنا لعلَّ البعض يعترضُ معتبِرًا أن هذه الكلمة (عصابات) مُجحفة في حقِّ جماعات المجاهدين، وهذا مردودٌ طبعا، فحديثنا ليس عن المجاهدين الذين يحمُون الأعراض ويسدون الثغور أمام الكفَّار (النظام وروسيا وإيران)، حديثنا عن عبَّادِ القادة والأمراء وزعمائهم، فكل جماعةٍ متى فقدت القيمة الأخلاقية التي قامت من أجلها وغدا همها السيطرة والنفوذ وجمعَ الأموال وفرض الأتاوات والمكوس، تتحول تلقائيًا إلى عصابةٍ بالعرف القانوني…
متى كانت تلك الجماعات لا تراعي حُرمات البيوت، وحرمة الدماء، بل لا تراعي حتى الخصوصيات الشخصية للناس؛ (شهدهم الناس كيف يفتِّشون في جوالات الناس وأجهزتهم الخاصَّة، ويتبادلون قصف القرى والبلدات الآهِلة…) متى كانت الجماعة هكذا فهي عصابةٌ مسلَّحة لا أكثر، مهما حاول البعض أن يخلع عليها ألقاب الهيبة والاحترام والتقديس.
ونحن نرى الإصابات من المدنيين في قرى الريف المحرر، وقلوبنا تتفطر على الشباب الجاهل والعتاد المهدور، ومع قناعتنا بعدم إمكانية الحسم لأيٍّ من الفريقين، ومع تعنُّت كلٍّ منهما، ووجود جوقةٍ من المدبِّجين والمُرقِّعين ممن يبرِّر لهم ويؤزُّهم على الباطِل أزًا، ومع قناعة كاملة بأن أصل المشكلة شهوة السلطة والرياسة عند القيادات، وأنا أفكِّرُ في حلٍّ للخروج من هذا المأزِق، خطرت بذهني هذه المبادرة:
إن كان قادة الفصائل المتناحرة رجالًا حقا، فنحن ندعوهم لمبارزةٍ علنيَّة على طريقة القرون الوسطى وبنخوة أهل الجاهلية وحميِّة زعماء العصابات أصحاب المراجل الحقيقية (لكي لا نُهين الإسلام وأخلاقه وشرع الله وآدابه فقد تمت المتاجرةُ بهما لدرجةٍ تُخجِل الشياطين).
ندعوكم لمبارزة رجُلٍ إلى رجل على مرأى الناس، فعلام يُقتل أبناؤنا وكلٌّ منكم مختبئٌ في مغارته التي كدَّس فيها ملايين الدولارات وأوقف في مدخِلها أفخم السيارات، تفضلوا في ساحةٍ عامَّة وبشهادة الأعيان ولتتبارزوا بمسدساتكم، ومن يبقى منكم آخِرًا، ينظُر الشعبُ في أمره حينها… وبهذا نختصِر الوقت والدماء والعتاد.
ولذلك فأنا أدعوا الجميع، مجاهدين وقاعدين، ناشِطين وإعلاميين، إلى دفع أولئك المتزعِّمين إلى حلبة المبارزة، وليتنا نُخصِّص حَلبةً خاصة بمبارزات متصدِّري الثورة السورية، ليحلوا فيها مشاكِلهم، كما كان يفعل السياسيون في أمريكا إلى نهاية القرن التاسع عشر.
أمَّا إن لم يستطع الناس دفعهم إلى ذلك ولم يكن لديهم من الرجولة والشجاعة والجرأة ما يدفعهم إليه، فالحل ليس عندنا بل عند جنودِهم، وإن لم يكن لدى جنودِهم حل فلا أسَفَ علينا… ولكنِّي واثِق بأنَّ المفاجآت قادمة، وأن العاقبة للمتقين.

0

تقييم المستخدمون: 3.15 ( 1 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *