الأسد والصراع على الشرق الأوسط

كتب سياسية - الأسد والصراع على الشرق الأوسط

الأسد والصراع على الشرق الأوسط

الأسد والصراع على الشرق الأوسط
الكاتب والصحفي البريطاني باتريك سيل

تعريف بالكتاب والكاتِب:

باتريك سيل كاتب وصحفي بريطاني كان متخصصا في شؤون الشرق الأوسط، وحاصل على درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة أكسفورد، قضى طفولته في سوريا ( 15 عاما) ودرَسَ في مدارسها، تعلَّم لغتها، وتعرف على شعبها وعاداته وتقاليده وثقافته الاجتماعية والدينية، وعاد إليها مراسلا لصحيفة الأبزيرفر The_Observer البريطانية، وأكتسب خبرة أكاديمية عبر إعداده رسالته الجامعية عنها للتخصص بتاريخ الشرق الاوسط في جامعة أكسفورد البريطانية (كتاب الصراع على سوريا 1945- 1954م) والذي صدر عام 1965م وقد نشر باتريك سيل بعد كتابه “الصراع على سوريا” أربعة كتب أخرى، ليكون خامسها “الصراع على الشرق الأوسط” الصادر عام 1988م، والذي يقّدمه سيل بقوله “هذا الكتاب محاولة لتصوير العالم حسبما يُرى من موقع الحكم في دمشق”. أي من وجهة نظر نظام الأسد وتحديدا من وجهة نظر حافظ أسد.

وينوِّه “سيل” بعدها إلى أنّ الكتاب ليس سيرة رسمية لحافظ الأسد، لكنّ لأحاديثه معه على امتداد عدة سنوات دورًا أساسيًا في إنجازه.

ينقل الكتاب الكثير من المعلومات والمواقف التي رواها لباتريك سيل أشخاص بارزون في نظام الحكم الأسدي فترة الثمانينيات، منهم مصطفى طلاس وفاروق الشرع وبشرى وباسل الأسد، إضافة للمتحدث الأساسي حافظ الأسد.

ومن المؤكّد أنّ سيل كان مقرّباً من حافظ الأسد ومن أسرته عموماً. ويعتبَر كتابه نوعاً من المذكرات الشخصية غير الرسمية للأسد الأب، ومن المؤكّد أيضاً أن الرجل استطاع أن يقابل الأسد الأب ويعيش مع عائلته شهوراً طويلة أثناء تأليفه للكتاب، وهو ما لم يحصل عليه أيّ باحث أو صحافي آخر، وكانت النتيجة رسم صورة إيجابية للديكتاتور الذي أباد نحو خمسين ألفاً من مواطنيه، واعتقل وعذّب وأخفى قسرياً مئات الألوف من دون محاكمة ولا ذنب!!

هذا ويقع الكتاب في 800 صفحة مقسمة إلى قسمين أساسيّين: الثوري، والزعيم. وتقع بمجملها في 27 فصلًا.

في القسم الأول من الكتاب:

يستهل باتريك كتابه بالحديث عن تاريخ عائلة الأسد بدءًا من جده سليمان، وكيف تحوّل لقب العائلة من الوحش إلى الأسد، ولا يتطرَّق أبدا لنسب العائلة وأصلها الذي لا يعرفه أحد إلى اليوم، ثم يتحدَّث عن الحياة في الجبل وصعوبتها ومعاناة العلويين التي ألجأتهم إلى أعالي الجبال، لينتقل الحديث بعدها عن حافظ وعائلته، وإتاحة الظروف له للتعليم ومن ثم انخراطه في مجال السياسة وانتسابه لحزب البعث متأثرًا بشخصية زكي الأرسوزي ليدرس بعدها في الكلية الحربية.

وفي القسم الثاني من الكتاب:

يتناول باتريك “زعامة” حافظ الأسد، مع الظروف الدولية المحيطة به وعلاقاته الخارجية، كعلاقاته مع السادات وكيسنجر وكارتر، ومن ثم وقوفه بصف الثورة الإيرانية والخميني.

ويأتي الكتاب في فصل لاحق، تحت عنوان “العدو الداخلي”، على ذكر أحداث الثمانينيّات والانتفاضة الشعبية التي تصدَّرت قيادتها جماعة الإخوان المسلمين، تلك الانتفاضة التي يعبر عنها “سيل” بتمرُّد جماعة الإخوان المسلمين على السلطة، مع تناول “خجول” للمجازر التي وقعت فيها، حتى أُخمد أي صوت متمرِّد في سوريا.

وإذا أردنا أن نورد اقتباسًا يوضح منهج باتريك سيل في كتابه فسيكون: “لم تحظ سوريا في تاريخها بمثل هذه الأهمية وبأن تكون مركز ثقل سياسي إلا في العهد الأموي قبل اثني عشر قرنًا، ورغم هذا فإن منجزات الأسد لا تزال بادية الهشاشة، فأعباء التصدي للمصاعب إنما تقع كلها على كاهل رجل واحد وهو الأسد بالذات”.

وفي موضعٍ آخر يشير “سيل” نقلًا عن حافظ إلى أن سليمان الأسد قاتل ضد الفرنسيين، في حين نشرت الخارجية الفرنسية عام 2012 وثيقة محفوظة برقم 3547 وبتاريخ 15 حزيران 1936، أرسلها وجهاء علويون لرئيس الحكومة الفرنسية، ليون بلوم، يطلبون فيها استمرار الانتداب الفرنسي خشية ضياع حقوق الأقلية العلوية كما يزعمون!!

وفي الحقيقة فإنَّ قصَّة عدم حيادية باتريك سيل لا تتوقف عند الكتاب المخصّص للأسد الأب، فسيل، من خلال مقالاته ومحاضراته كرّس جزءاً كبيراً من وقته للدفاع عن الأسد الابن، وهو تشارك مع مواطنه الصحافي “روبرت فيسك” والأكاديمي الأمريكي “جوشوا لانديس” تقديمَ خدمات لبشار الأسد ونظام حكمه الذي قتل مئات الآلاف من أبناء شعبه، واعتقل أضعافهم وشرّد الملايين من السوريين خارج أوطانهم وبيوتهم، ودمّر البنية التحتية والاقتصاد والبنية المجتمعية والأخلاقية لسوريا.

ولا يقتصر هذا التوجه لباتريك سيل على سوريا أثناء الثورة، فقبل ذلك وفي عام 2005م تحديدًا، نشر سيل مقالة في “الغارديان” اللندنية برّأ فيها نظامَ الأسد من جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري!!

توفي باتريك سيل في 12/4/2014م، تاركً خلفه كمًا هائلا من الانتقادات، بسبب موقفه من نظام الأسد الأب والابن، وقد تناقضت آراء الناس في سبب ذلك وتراوحت بين من اعتبره عميلا للـ MI6 ( الفرع الخارجي للمخابرات البريطانية)، ومن اعتبره مأجورا يكتب مقابل المال، وبين من انكر عليه تمتعه بكفاءة اعلامية وقدرة تحليلية، ومن أشاد بقدراته التحليلية… وعلى كلٍّ نترككم مع كتابه الذي اخترناه في سلسة فهم جذور القضية السورية، ونعيد التذكير بأنَّ:
الكتاب بالمجمل مهمّ للباحثين والدارسين والمشتغلين بالسياسة والتاريخ السياسي، لدراسة فترة حكم الأسد الأب وشخصيته، رغم عدم حيادية الطرح، وما يحتويه من ميل واضح للأسد، وذكر الكتاب للأحداث حسب الرواية الرسمية لنظام الأسد الأب لها، ولكنَّه مرجعٌ لا يمكن للباحثين تجاهله في هذا الباب.

0

تقييم المستخدمون: 5 ( 2 أصوات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *